تعاني والدة روبرتو بيوندي، البالغة من العمر 89 عاماً، من مرض ألزهايمر، وهي قعيدة البيت ولم تعد تتعرف على ابنها، كما أنها في الوقت نفسه عائل الأسرة، فمعاشها البالغ 800 يورو (990 دولاراً) يغطي نفقاتها ونفقات ابنها روبرتو وحفيدها العاطلَين عن العمل، ولا أمل لهما في العثور على وظيفة في جنوب إيطاليا الذي تخلفت فيه خطوات التنمية.
وقال روبرتو (53 عاماً)، في أثناء شراء الطعام في مدينة هركيولانيوم الساحلية التي يطل عليها جبل فيزوفيوس: «ليس لديّ فكرة كيف سأتأقلم عندما تموت»، وأضاف لـ«رويترز»: «أنا فقير. ولا أخجل من الاعتراف بذلك. في إيطاليا ملايين مثلي. البلد معطل».
وتُجري إيطاليا انتخابات عامة 4 مارس (آذار)، ورغم أن جانباً كبيراً من حملات الدعاية يتركز على قضية الهجرة الخلافية، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الناخبين أشد قلقاً بشأن الاقتصاد الذي لم يتخلص حتى الآن من آثار أزمة 2008 المالية.
وتصر الحكومة على أن أسوأ ما جلبته الأزمة قد انقضى، مشيرة إلى تحقيق نمو فصلي للمرة الرابعة عشرة على التوالي. غير أن كثيرين من الإيطاليين لم يشعروا بعد بفوائد هذا التحسن، الأمر الذي يسهم في تفسير سبب تراجع الحزب الديمقراطي الحاكم الذي يمثل يسار الوسط في استطلاعات الرأي.
ولا يزال حجم الاقتصاد الإيطالي أقل بنسبة 6% مما كان عليه في بداية عام 2008، وذلك بفعل مجموعة من المشكلات القديمة، مثل جبل الدَّين العام الضخم، والبطء المزمن الذي يعاني منه النظام القضائي، والبيروقراطية الخانقة.
وفي المقابل، نما الناتج في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة بنسبة 5% خلال فترة السنوات العشر نفسها.
ودفع هذا الأداء الاقتصادي الضعيف بملايين الإيطاليين إلى صفوف الفقر، وغذّى الاستياء الاجتماعي وصعود الأحزاب الشعبوية المناهضة لمؤسسات الحكم مثل الرابطة اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة وحركة النجوم الخمسة.
ويبدو أن حركة النجوم الخمسة ستبرز كأكبر حزب في البلاد الشهر المقبل، وتقول إنها ستطبق الدخل الأساسي العام للفقراء إذا ما وصلت للسلطة. وتَعِد أحزاب أخرى بإنفاق المليارات على إنعاش الاقتصاد... ويقول المحللون إن البلاد لا تملك هذه الأموال، حسب «رويترز».
وارتفع عدد الإيطاليين المعرضين للفقر بأكثر من 3 ملايين شخص منذ عام 2008، حسب بيانات وكالة الإحصاءات الأوروبية (يوروستات)، فيما يمثل أكبر زيادة في أي من دول الاتحاد الأوروبي. وعلى النقيض، تحسنت أحوال 3.3 مليون بولندي وخرجوا من صفوف الفقراء.
وتبين أحدث بيانات مكتب الإحصاءات الإيطالي (إستات) أن عدد الإيطاليين الذين يعيشون في فقر مدقع ارتفع إلى 4.7 مليون إيطالي في عام 2016، أي أنه ارتفع إلى 3 أمثاله في 10 سنوات. وتعرّف الدولة «الفقر المدقع» بأنه عدم امتلاك ما يكفي من المال لشراء مجموعة معينة مع السلع والخدمات.
ويقول روبرتو إن الفقر «أخطر مشكلة تواجه إيطاليا اليوم».
ويبلغ معدل البطالة في إيطاليا 10.8% بزيادة 4 نقاط مئوية عنه في 2008، في حين يرتفع في الجنوب إلى نحو 18.3% بزيادة قدرها 7.2 نقطة في 10 سنوات. ويزيد معدل البطالة بين الشبان في الجنوب إلى 46.6%، بزيادة 13 نقطة عنه في 2008.
وأدى ازدياد الفقر ونقص الفرص الاقتصادية إلى ارتفاع الهجرة للخارج. فبين عامي 2006 و2017 ارتفع عدد الإيطاليين المقيمين في الخارج رسمياً بنسبة 60%، من 3 ملايين إلى نحو 5 ملايين إيطالي. بينما تعتقد مؤسسة المهاجرين التي تراقب حركة الهجرة أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير.
وانعكس انعدام الثقة في المستقبل في انخفاض نسبة المواليد في إيطاليا بشدة. ويبين أحدث الإحصاءات أن عدد المولودين في 2016 بلغ نحو 373 ألف طفل، بانخفاض 22% عن عام 2008.
ولا تقدم إيطاليا رعاية اجتماعية تذكر للشبان، إذ تنفق 4% فقط من حجم الإنفاق الاجتماعي على من هم دون سن الأربعين، و77.2% على من تزيد أعمارهم على 65 عاماً... ولهذا السبب يلعب أصحاب معاشات التقاعد في كثير من الأحيان دوراً حيوياً في الإنفاق على الأسر.
لكن هذا ليس مضموناً في كل الأحوال. فإنجيلا غروسي تبلغ من العمر 48 عاماً وعاطلة عن العمل. وهي تحصل على معونة مالية من والدتها المسنة؛ لكنها لا تكفي لدفع إيجار المسكن، ولذلك اضطرت هي وابناها منذ 4 سنوات إلى الإقامة بشكل غير قانوني مع 60 أسرة أخرى في مبنى خالٍ في روما.
وفي أغسطس (آب) الماضي طُردوا من هذا السكن، واضطرت هي وابناها (12 و14 عاماً) إلى الإقامة في خيمة تحت مدخل كنيسة مكشوف على بُعد ما يزيد قليلاً على كيلومتر من البرلمان الإيطالي.
8:18 دقيقة
في إيطاليا... حكومة متفائلة بالانتعاش الاقتصادي وملايين يطحنهم الفقر
https://aawsat.com/home/article/1182936/%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%88%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D8%B7%D8%AD%D9%86%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D8%B1
في إيطاليا... حكومة متفائلة بالانتعاش الاقتصادي وملايين يطحنهم الفقر
الهجرة زادت 60%... وتقلص الثقة بالمستقبل يخفض المواليد
في إيطاليا... حكومة متفائلة بالانتعاش الاقتصادي وملايين يطحنهم الفقر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة