فيتو روسي على «تفاهم» عفرين... وفجوة أميركية ـ تركية حول منبج

اجتماع ثلاثي في حلب ضم ممثلي «الوحدات» الكردية والجيش الروسي وقوات النظام

فيتو روسي على «تفاهم» عفرين... وفجوة أميركية ـ تركية حول منبج
TT

فيتو روسي على «تفاهم» عفرين... وفجوة أميركية ـ تركية حول منبج

فيتو روسي على «تفاهم» عفرين... وفجوة أميركية ـ تركية حول منبج

عقد في حلب اجتماع ثلاثي ضم ممثلي «وحدات حماية الشعب» الكردية، وقوات الحكومة السورية، والجيش الروسي، لبحث ترتيبات متعلقة بعفرين شمال غربي حلب، في وقت جرت فيه اجتماعات بين مسؤولين في الجيشين الأميركي والتركي لبحث ترتيبات تتعلق بمدينة منبج شمال شرقي حلب.
الاجتماع الثلاثي في حلب، ضم قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية سبان حمو، ورئيس اللجنة الأمنية في قوات الحكومة السورية العميد مالك عليا، وقائد مركز المصالحة في الجيش الروسي شمال سوريا. وبحسب المعلومات المتوفرة لـ«الشرق الأوسط»، عرض الجانب الكردي نص الاتفاق الذي توصل إليه مع دمشق، ونص على 3 بنود: «أولا، التنسيق والتعاون الميداني بين الجيش السوري ووحدات حماية الشعب. ثانياً، العمل لصد الهجوم التركي. ثالثاً، العمل سوية لتحرير المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي وفصائل مدعومة منه شمال عفرين وقرب الحدود».
الاتفاق بين «الوحدات» ودمشق، هو خلاصة جولات من التفاوض والتسويات. كانت دمشق تريد «العودة في شكل كامل إلى عفرين والسيطرة عليها كما يحصل في أي منطقة أخرى»، فيما كانت «الوحدات» تقترح «وجوداً رمزياً» بل جرى تداول اقتراح بأن «يرتدي عناصر الوحدات لباس الجيش السوري لإعطاء البعد الرمزي لوجود الجيش، بحيث يتحول أي هجوم على هؤلاء إلى أزمة بين أنقرة ودمشق وحلفائهما».
لم يتطرق الاتفاق إلى تفاصيل القوات والذخيرة والانتشار، بل اكتفى بالمبادئ العامة التي تمكن الجانبان من الاتفاق عليها. لكن المفاجأة، في الاجتماع الثلاثي، كانت موقف ممثل الجيش الروسي؛ إذ إنه قال إنه «ليست لديه تعليمات من القيادة في موسكو» وإن قواته التي انسحبت من عفرين إلى ريفها قبل بدء عملية «غضن الزيتون» الشهر الماضي «لن تدعم الاتفاق، بل إن تنفيذ هذا الاتفاق خطوة خطرة جداً».
هذا الموقف، أكد لقادة «الوحدات» ما كان سمعه حمو لدى لقائه رئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف في موسكو عشية بدء عملية «غضن الزيتون» الشهر الماضي من أن لتركيا «الحق بالدفاع عن أمنها القومي» وأن الجيش الروسي «لن يعرقل استخدام الطائرات التركية في الهجوم على عفرين» على ان تدخل سابقاً ضمن مناطق «خفض التصعيد» بموجب عملية آستانة.
ممثل دمشق في الاجتماع الثلاثي «تأكد من موقف موسكو الرافض للتفاهم مع (الوحدات) في عفرين». لذلك، فإن الإعلام الرسمي بدأ يتحدث عن «قوات شعبية» موالية للحكومة وليست نظامية ستذهب من حلب إلى عفرين لـ«دعم صمود أهلها». وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن «انخراط القوات الشعبية في مقاومة العدوان التركي يأتي في إطار دعم الأهالي والدفاع عن وحدة أراضي سوريا وسيادتها». كما بثت التلفزيون الرسمي مشاهد حية من ريف حلب لتحرك «القوات الشعبية» مع الإشارة إلى أنها «ليست نظامية». وفسر مراقبون ذلك بأنه لـ«الضغط على موسكو وإعطاء الانطباع الإعلامي بالتحرك إلى عفرين».
وكان حمو قال: «ليست لدينا مشكلة بدخول قوات الجيش السوري للدفاع عن عفرين وعن حدود عفرين في وجه الاحتلال التركي». لكن التحذير جاء من وزير الخارجية التركي الاثنين خلال زيارة إلى عمان، لدى قوله: «إن كانت قوات النظام تدخل عفرين لطرد مقاتلي حزب العمال الكردستاني و(وحدات حماية الشعب) الكردية، فإذن لا مشكلة. لكن إن كانت ستدخل لحماية (وحدات حماية الشعب) الكردية، فلن يستطيع أحد إيقافنا أو إيقاف الجنود الأتراك».
واستدعى تحرك «القوات الشعبية» والاتفاق الكردي مع دمشق اتصالات بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان الذي قاله إن الحكومة السورية «ستواجه عواقب إذا أبرمت اتفاقا مع (وحدات حماية الشعب) الكردية»، بحسب أنقرة، التي أضافت أنه أبلغ بوتين أن عملية «غضن الزيتون» ستستمر وفق المخطط له.
تزامن ذلك مع محادثات أميركية - تركية حول منبج بموجب اتفاق أنجز خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى أنقرة نهاية الأسبوع. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الاجتماعات التي شارك فيها ممثلو الجيش والاستخبارات لبحث ترتيبات تتعلق بمنبج التي تضم مركزا للجيش الأميركي، وآخر في عريما للجيش الروسي، علما بأن إردوغان حذر بأن عملية «غصن الزيتون» ستصل إلى منبج لإخراج «الوحدات» الكردية.
وبحسب المعلومات، هناك على الطاولة التفاوضية اقتراح أميركي بانتشار الجيشين التركي والأميركي في منبج وقبول واشنطن بتقليص دور «الوحدات» مقابل رفع دور الفصائل العربية في «قوات سوريا الديمقراطية» في المدينة التي تحررت من «داعش»، إضافة إلى تطعيم المجلس المحلي لمنبج بحيث يتم تعظيم الدور العربي فيه وفي «المجلس العسكري لمنبج».
لكن الاقتراح - المطلب التركي أوسع من ذلك بكثير، وتضمن إخراج «الوحدات» وهم نحو 300 مقاتل إلى شرق نهر الفرات وتفكيك المجلس المشكل في هذه الفترة و«إعطاء المدينة لأصحابها»، إضافة إلى انتشار القوات العربية وفصائل سورية معارضة تدعمها أنقرة على الحدود التركية وخطوط التماس مع مناطق «درع الفرات» التي شكلتها تركيا بين جرابلس وحلب بمساحة قدرها نحو 2100 كيلومتر مربع، ضمن خطة تركية لبحث إقامة شريط أمني لعزل تركيا عن مناطق تحت سيطرة «الوحدات». ويستند موقف أنقرة إلى البيان الأميركي - التركي الاستراتيجي برفض «أي تغيير ديموغرافي» وضرورة «الحفاظ على وحدة سوريا».
لا تقتصر العلاقة بين صفقتي منبج وعفرين على التزامن بين المحادثات الثلاثية في حلب والثنائية في تركيا، بل تصل إلى البحث عن ترتيبات عسكرية لتوزيع شمال سوريا على الدول الخارجية النافذة هناك. وقالت مصادر: «أنقرة تحاول الإفادة بإيجاد منافسة بين عرضي واشنطن وموسكو للحصول على أفضل عرضين لمنبج وعفرين بالنسبة للمصالح التركية».



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».