واشنطن: غوانتانامو جاهز لاستقبال نزلاء جدد

مدخل المعسكر الأول في غوانتانامو («الشرق الأوسط»)
مدخل المعسكر الأول في غوانتانامو («الشرق الأوسط»)
TT

واشنطن: غوانتانامو جاهز لاستقبال نزلاء جدد

مدخل المعسكر الأول في غوانتانامو («الشرق الأوسط»)
مدخل المعسكر الأول في غوانتانامو («الشرق الأوسط»)

قال مسؤول عسكري أميركي، أول من أمس، إن سجن غوانتانامو (في القاعدة العسكرية الأميركية في كوبا) «جاهز» لاستقبال سجناء جدد. وقالت مصادر إخبارية أميركية إن الرئيس دونالد ترمب، بعد أن أمر بتكثيف الحرب ضد تنظيم طالبان في أفغانستان، ووضع التنظيم في قائمة الإرهاب الذي لا بد من القضاء عليه، يريد توسيع سجن غوانتانامو لاستقبال، ليس فقط مقاتلي تنظيم داعش الذين يعتقلون، ولكن، أيضا، قادة من طالبان يتوقع اعتقالهم في أفغانستان أو باكستان. هذا بالإضافة إلى استمرار اعتقال مقاتلين من تنظيم القاعدة، وتنظيم الشباب الصومالي، ومعتقلين في الحرب ضد الإرهاب في الصحراء الكبرى وغرب أفريقيا.
نقلت وكالة الصحافة الفرنسية قول الأدميرال كورت تيد، قائد القيادة الجنوبية، التي تشمل سجن غوانتانامو: «لدينا 41 معتقلا الآن. ونحن جاهزون لاستقبال المزيد إذا أرسلوا إلينا».
وأضاف: «حتى اليوم، لم نتلق أمرا عسكريا بأن معتقلين جددا في طريقهم إلينا. لكن من مسؤولياتنا استقبالهم، ودمجهم بشكل فعال».
وأشار الأدميرال إلى خطاب الرئيس ترمب في الشهر الماضي أمام الكونغرس، وقول ترمب إنه «في كثير من الحالات»، سيكون غوانتانامو مكان اعتقال «الإرهابيين»، من دون أن يشير إلى تنظيم معين.
توقع مسؤولون أميركيون في الأسبوع الماضي، نقل الداعشيين البريطانيين، اللذين اعتقلتهما قوات كردية موالية للأميركيين في شرق سوريا، إلى سجن غوانتانامو ليكونا أول من يدخل السجن في عهد الرئيس ترمب.
في ذلك الوقت، قالت وكالة «رويترز» إن مسؤولين عسكريين أميركيين أكدوا اعتقال البريطانيين اللذين سحبت بريطانيا جنسيتهما: الغاني الأصل ألكسندر كوتي (34 عاما)، والسوداني الأصل الشفيع راشد الشيخ (29 عاما). وقال المسؤولون الأميركيون إن القوات الأميركية بصدد تسلمهما من الجيش السوري الديمقراطي، الذي يتحالف مع الولايات المتحدة، ويشكل الأكراد أكثره، وإن الرجلين «معروفان بدورهما في تعذيب وقتل رهائن غربيين».
يوم الثلاثاء الماضي، قالت الوكالة إن وزير الدفاع البريطاني، جافين ويليامسون، قال إن بريطانيا سحبت جنسيتها من الداعشيين.
وفي الجانب الآخر، قال جيم ماتيس، وزير الدفاع الأميركي، بعد نهاية اجتماع وزراء دفاع الدول الحليفة ضد «داعش» الذي كان عقد في روما، وحضره ويليامسون، إن الاجتماع لم يصل إلى اتفاق نهائي حول مصير الداعشيين. وكرر دعوته للدول التي سافر مواطنوها إلى سوريا والعراق، وانضموا إلى «داعش»، وهم الآن معتقلون، لأن يقبلوا مواطنيهم. وأضاف: «هذه مسؤولية قانونية ودولية. كيف تنفذ هذه الدول هذه المسؤولية؟ توجد كثير من الخيارات العسكرية والدبلوماسية، وخيارات أخرى، كما أعتقد».
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في اليوم نفسه، إن الحكومة الأميركية ليست حريصة على إرسال كل «داعشي» تعتقله إلى غوانتانامو، وإنها تفضل أن تقبل كل دولة الداعشيين المعتقلين الذين ينتمون إليها. وقال ستيفن غولدشتاين، وكيل وزارة الخارجية للشؤون العامة: «نعمل مع شركاء التحالف لتحديد ما يجب القيام به بالنسبة لمقاتلي (داعش) الذين تحتجزهم قوات الدفاع الذاتي (الكردية الحليفة مع الولايات المتحدة)».
وأضاف، ردا على سؤال عن الداعشيين البريطانيين: «يوجد واحد من الاحتمالات، وهو عودة المواطنين البريطانيين السابقين إلى بريطانيا. ويوجد احتمال آخر ندرسه، وهو إرسال هؤلاء المقاتلين الإرهابيين في خليج غوانتانامو».
بعد أن حاول الرئيس السابق باراك أوباما إغلاق السجن. ثم أمر بتخفيض عدد المعتقلين فيه، وفعلا، انخفض العدد إلى 41 معتقلا، أصدر ترمب أمرا تنفيذيا بعدم إغلاق السجن، وبإعداده لمزيد من المعتقلين. وكان ترمب وعد بذلك خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة. وكرر الحديث عن «ملء غوانتانامو برجال أشرار».


مقالات ذات صلة

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

الولايات المتحدة​ البوابة الرئيسية لسجن «غوانتانامو» في القاعدة البحرية الأميركية (أرشيفية - أ.ف.ب)

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

أفاد قاضٍ عسكري في غوانتانامو بأنه سيواصل قبول إقرارات الذنب من ثلاثة متهمين مقابل أحكام بالسجن المؤبد.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إسكالييه التي كانت آنذاك عميدة في الجيش الأميركي تتحدث خلال تدريب القيادة القانونية الاحتياطية للجيش عام 2019 (نيويورك تايمز)

من هي وكيلة العقارات التي حسمت قضية 11 سبتمبر؟

أثارت موافقة سوزان إسكالييه على صفقة الإقرار بالذنب، وهو واحد من أهم القرارات في تاريخ محكمة الحرب في خليج غوانتانامو.

كارول روزنبرغ
آسيا عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)

بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

بعد سنوات طويلة من المرض ونقص الرعاية الصحية، توفي عبد الرحيم غلام رباني، مواطن باكستاني أمضى 18 عاماً بسجن غوانتانامو في كراتشي، مسقط رأسه.

عمر فاروق (إسلام آباد )
خاص معتقلون في «معسكر إكس» الشديد الحراسة ضمن «معتقل غوانتانامو» (غيتي) play-circle 02:16

خاص ذكرى 11 سبتمبر وإغلاق «معتقل غوانتانامو»... وعود متجددة دونها عراقيل

اليوم وفي الذكرى الـ23 لهجمات 11 سبتمبر لا يزال «معتقل غوانتنامو» مفتوحاً رغم كل الوعود والتعهدات بإغلاقه لطي صفحة لطخت سمعة أميركا في العالم.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

هل ألغى وزير الدفاع الأميركي صفقة الإقرار بالذنب في قضية «11 سبتمبر»؟

أحدث قراران دراماتيكيان صدمة في إطار قضية 11 سبتمبر (أيلول): إبرام صفقة الإقرار بالذنب مقابل إسقاط عقوبة الإعدام واستبدال السجن مدى الحياة بها، ثم التراجع عنها.

كارول روزنبرغ (واشنطن*)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.