«مجزرة فلوريدا» تطرح تساؤلات... ما الذي يمنع الحكومة من السيطرة على السلاح؟

150 حادثة قتل جماعي في أميركا على مدار 50 عاماً... و1077 قتيلاً

أحد الطلاب يشارك في جنازة زميلته قتيلة المجزرة التي راح ضحيتها 17 طالباً من مدرسة في فلوريدا (أ.ف.ب)
أحد الطلاب يشارك في جنازة زميلته قتيلة المجزرة التي راح ضحيتها 17 طالباً من مدرسة في فلوريدا (أ.ف.ب)
TT

«مجزرة فلوريدا» تطرح تساؤلات... ما الذي يمنع الحكومة من السيطرة على السلاح؟

أحد الطلاب يشارك في جنازة زميلته قتيلة المجزرة التي راح ضحيتها 17 طالباً من مدرسة في فلوريدا (أ.ف.ب)
أحد الطلاب يشارك في جنازة زميلته قتيلة المجزرة التي راح ضحيتها 17 طالباً من مدرسة في فلوريدا (أ.ف.ب)

أدت حادثة القتل الجماعي التي هزت المجتمع الأميركي في ولاية فلوريدا إلى طرح السؤال مجدداً عن نظام السيطرة على السلاح، ووقف القتل الجماعي في أميركا، إذ انصبت أنظار المجتمع ووسائل الإعلام على أعضاء الكونغرس الأميركي والبيت الأبيض، ودورهم في حل هذه المعضلة، ووقف المذابح الجماعية المتكررة، ليأتي السؤال الأبرز في هذه الحالة: ما الذي يمنع الحكومة الأميركية من السيطرة على السلاح؟
وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فإن عدد قتلى السلاح بسبب المجازر الجماعية في أميركا بلغ 1077 شخصاً خلال 50 عاماً. فمن عام 1966 حتى عام 2018، بلغ عدد حوادث القتل الجماعية 150 حادثة، وعدد مرتكبي تلك الحوادث بلغ 153 شخصاً، من 41 ولاية، وتم استخدام 292 قطعة سلاح، تنوعت بين مسدسات ورشاشات وبنادق نارية. وما بين مؤيد ومعارض، انقسم الأعضاء النواب في الكونغرس حول سياسة حيازة السلاح والسيطرة عليه، كما أثار بعضٌ من أعضاء مجلس النواب، أول من أمس، مطالبات بالسيطرة على السلاح مجدداً. فتحت قبة الكونغرس، نادى مايك تومسون، النائب الديمقراطي من كاليفورنيا، أول من أمس (الخميس)، رئيس مجلس النواب بإنهاء هذه الأزمة، متسائلاً: «متى سيتم التصويت على هذا القرار؟».
وبدورها، شجعت النائبة نانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، زميلها مايك تومسون على ذلك، وقالت إن مناقشة قانون السيطرة على السلاح ومنع حمله يعد أكثر أهمية لديها من الفوز بمقعدها في الانتخابات التشريعية، مضيفة: «لقد قلت ذلك مراراً وتكراراً: أفضل أن أساهم في إصدار تشريعات لحمل السلاح من الفوز في الانتخابات التشريعية لأن الناس يموتون من هذا».
وعلى الرغم من أن كثير من المجتمع الأميركي يعقد اللوم على مجلسي النواب والشيوخ في فشلهما للتوصل إلى قانون للسيطرة على السلاح، وسيطرة لوبي الأسلحة على المشهد، أدى زعماء مجلس الشيوخ لحظة صمت للضحايا المقتولين في حادثة المدرسة الثانوية بفلوريدا، دون النقاش في تشريع القانون، إذ يؤمن البعض ممن ينتمون إلى لوبي الأسلحة بحقوق امتلاك السلاح، وعدم وضع قيود عليها بسبب أخطاء فردية لا تمثل المجتمع كافة. وعلى العكس من ذلك، طالبوا بتكثيف الحماية على المدارس والجامعات، للحد من العوامل التي تهدد أمنهم واستقرارهم.
وكعادته، فإن قانون السيطرة على السلاح، الذي طرح للنقاش في الكونغرس الخريف الماضي، باء بالفشل، ولم يتخذ أعضاء الكونغرس أي قرار في ذلك، إذ عزا كثير من الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ عجزهم في إقرار القانون إلى الحزب الجمهوري، مشيرين إلى أنهم يحاولون تمرير تشريع السلاح لسنوات كثيرة في الولايات المتحدة، ولكن إحباط التصويت عليه يأتي من قبل الأغلبية الجمهورية المسيطرة، فيما نشرت مؤسسة «بيو» للأبحاث والدراسات، أخيراً، دراسة استطلاعية عن توجهات الشعب الأميركي في حمل السلاح. ومنذ أول استطلاع أجرته المؤسسة، قبل 25 عاماً، في عام 1993، كانت أراء الشعب الأميركي كالتالي: 35 في المائة من الشعب يؤيدون حقوق امتلاك السلاح، فيما طالب 57 في المائة منهم بضرورة تقييد امتلاك السلاح عبر قانون تشريعي. وفي المسح الأخير عام 2017، ذهب 47 في المائة من الشعب الأميركي مع حماية حقوق امتلاك السلاح، لتزيد النسبة المؤيدة عن أول مرة بـ12 في المائة، فيما انخفضت نسبة المطالبين بفرض قانون السلاح لتصل إلى 51 في المائة. وأوضحت المؤسسة أن الزيادة في أولئك الذين يعتقدون بأحقية امتلاك حقوق السلاح، وأن ذلك أكثر أهمية من السيطرة عليه، هم في الغالب من الجمهوريين بنسبة 81 في المائة، فيما تمثل نسبة المؤيدين من الديمقراطيين 19 في المائة.
بدوره، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عبر حسابه على موقع «تويتر»، إنه مغادر إلى فلوريدا أمس «للقاء بعض من أشجع الناس على وجه الأرض، الذين تم تحطيم حياتهم تماماً، وأنا أعمل أيضاً مع الكونغرس على كثير من الجبهات».
وفي خطاب نشره البيت الأبيض أمس، قال الرئيس ترمب إن «أمتنا تحزن مع أولئك الذين فقدوا أحبائهم في إطلاق النار على مدرسة مارجوري ستونيمان دوغلاس الثانوية، في باركلاند بفلوريدا. وكدليل على الاحترام الرسمي لضحايا أعمال العنف، ووفقاً للسلطة الممنوحة لي بصفتي رئيساً للولايات المتحدة بموجب دستور الولايات المتحدة الأميركية وقوانينها، أطالب بتنكيس علم الولايات المتحدة إلى النصف في البيت الأبيض، وفي جميع المباني والأراضي العامة، وفي جميع المواقع العسكرية والمحطات البحرية، وعلى جميع السفن البحرية التابعة للحكومة الاتحادية في مقاطعة كولومبيا، وفي جميع أنحاء البلد والولايات المتحدة وأقاليمها وممتلكاتها حتى غروب شمس يوم 19 فبراير (شباط) 2018».
وأضاف: «أوجه أيضاً بأن يتم تنكيس العلم إلى النصف للمدة نفسها في جميع سفارات الولايات المتحدة، والمرابطات والمكاتب القنصلية، وغيرها من المرافق في الخارج، بما في ذلك جميع المرافق العسكرية والسفن والمحطات البحرية».


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.