أدت حادثة القتل الجماعي التي هزت المجتمع الأميركي في ولاية فلوريدا إلى طرح السؤال مجدداً عن نظام السيطرة على السلاح، ووقف القتل الجماعي في أميركا، إذ انصبت أنظار المجتمع ووسائل الإعلام على أعضاء الكونغرس الأميركي والبيت الأبيض، ودورهم في حل هذه المعضلة، ووقف المذابح الجماعية المتكررة، ليأتي السؤال الأبرز في هذه الحالة: ما الذي يمنع الحكومة الأميركية من السيطرة على السلاح؟
وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فإن عدد قتلى السلاح بسبب المجازر الجماعية في أميركا بلغ 1077 شخصاً خلال 50 عاماً. فمن عام 1966 حتى عام 2018، بلغ عدد حوادث القتل الجماعية 150 حادثة، وعدد مرتكبي تلك الحوادث بلغ 153 شخصاً، من 41 ولاية، وتم استخدام 292 قطعة سلاح، تنوعت بين مسدسات ورشاشات وبنادق نارية. وما بين مؤيد ومعارض، انقسم الأعضاء النواب في الكونغرس حول سياسة حيازة السلاح والسيطرة عليه، كما أثار بعضٌ من أعضاء مجلس النواب، أول من أمس، مطالبات بالسيطرة على السلاح مجدداً. فتحت قبة الكونغرس، نادى مايك تومسون، النائب الديمقراطي من كاليفورنيا، أول من أمس (الخميس)، رئيس مجلس النواب بإنهاء هذه الأزمة، متسائلاً: «متى سيتم التصويت على هذا القرار؟».
وبدورها، شجعت النائبة نانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، زميلها مايك تومسون على ذلك، وقالت إن مناقشة قانون السيطرة على السلاح ومنع حمله يعد أكثر أهمية لديها من الفوز بمقعدها في الانتخابات التشريعية، مضيفة: «لقد قلت ذلك مراراً وتكراراً: أفضل أن أساهم في إصدار تشريعات لحمل السلاح من الفوز في الانتخابات التشريعية لأن الناس يموتون من هذا».
وعلى الرغم من أن كثير من المجتمع الأميركي يعقد اللوم على مجلسي النواب والشيوخ في فشلهما للتوصل إلى قانون للسيطرة على السلاح، وسيطرة لوبي الأسلحة على المشهد، أدى زعماء مجلس الشيوخ لحظة صمت للضحايا المقتولين في حادثة المدرسة الثانوية بفلوريدا، دون النقاش في تشريع القانون، إذ يؤمن البعض ممن ينتمون إلى لوبي الأسلحة بحقوق امتلاك السلاح، وعدم وضع قيود عليها بسبب أخطاء فردية لا تمثل المجتمع كافة. وعلى العكس من ذلك، طالبوا بتكثيف الحماية على المدارس والجامعات، للحد من العوامل التي تهدد أمنهم واستقرارهم.
وكعادته، فإن قانون السيطرة على السلاح، الذي طرح للنقاش في الكونغرس الخريف الماضي، باء بالفشل، ولم يتخذ أعضاء الكونغرس أي قرار في ذلك، إذ عزا كثير من الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ عجزهم في إقرار القانون إلى الحزب الجمهوري، مشيرين إلى أنهم يحاولون تمرير تشريع السلاح لسنوات كثيرة في الولايات المتحدة، ولكن إحباط التصويت عليه يأتي من قبل الأغلبية الجمهورية المسيطرة، فيما نشرت مؤسسة «بيو» للأبحاث والدراسات، أخيراً، دراسة استطلاعية عن توجهات الشعب الأميركي في حمل السلاح. ومنذ أول استطلاع أجرته المؤسسة، قبل 25 عاماً، في عام 1993، كانت أراء الشعب الأميركي كالتالي: 35 في المائة من الشعب يؤيدون حقوق امتلاك السلاح، فيما طالب 57 في المائة منهم بضرورة تقييد امتلاك السلاح عبر قانون تشريعي. وفي المسح الأخير عام 2017، ذهب 47 في المائة من الشعب الأميركي مع حماية حقوق امتلاك السلاح، لتزيد النسبة المؤيدة عن أول مرة بـ12 في المائة، فيما انخفضت نسبة المطالبين بفرض قانون السلاح لتصل إلى 51 في المائة. وأوضحت المؤسسة أن الزيادة في أولئك الذين يعتقدون بأحقية امتلاك حقوق السلاح، وأن ذلك أكثر أهمية من السيطرة عليه، هم في الغالب من الجمهوريين بنسبة 81 في المائة، فيما تمثل نسبة المؤيدين من الديمقراطيين 19 في المائة.
بدوره، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عبر حسابه على موقع «تويتر»، إنه مغادر إلى فلوريدا أمس «للقاء بعض من أشجع الناس على وجه الأرض، الذين تم تحطيم حياتهم تماماً، وأنا أعمل أيضاً مع الكونغرس على كثير من الجبهات».
وفي خطاب نشره البيت الأبيض أمس، قال الرئيس ترمب إن «أمتنا تحزن مع أولئك الذين فقدوا أحبائهم في إطلاق النار على مدرسة مارجوري ستونيمان دوغلاس الثانوية، في باركلاند بفلوريدا. وكدليل على الاحترام الرسمي لضحايا أعمال العنف، ووفقاً للسلطة الممنوحة لي بصفتي رئيساً للولايات المتحدة بموجب دستور الولايات المتحدة الأميركية وقوانينها، أطالب بتنكيس علم الولايات المتحدة إلى النصف في البيت الأبيض، وفي جميع المباني والأراضي العامة، وفي جميع المواقع العسكرية والمحطات البحرية، وعلى جميع السفن البحرية التابعة للحكومة الاتحادية في مقاطعة كولومبيا، وفي جميع أنحاء البلد والولايات المتحدة وأقاليمها وممتلكاتها حتى غروب شمس يوم 19 فبراير (شباط) 2018».
وأضاف: «أوجه أيضاً بأن يتم تنكيس العلم إلى النصف للمدة نفسها في جميع سفارات الولايات المتحدة، والمرابطات والمكاتب القنصلية، وغيرها من المرافق في الخارج، بما في ذلك جميع المرافق العسكرية والسفن والمحطات البحرية».
«مجزرة فلوريدا» تطرح تساؤلات... ما الذي يمنع الحكومة من السيطرة على السلاح؟
150 حادثة قتل جماعي في أميركا على مدار 50 عاماً... و1077 قتيلاً
«مجزرة فلوريدا» تطرح تساؤلات... ما الذي يمنع الحكومة من السيطرة على السلاح؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة