«زواج المقايضة» في اليمن... قنبلة موقوتة

مآسيه تنتشر في أعماق المجتمع... و94 % من الحالات تنتهي بالفشل وكوارث إنسانية

«زواج المقايضة» في اليمن... قنبلة موقوتة
TT

«زواج المقايضة» في اليمن... قنبلة موقوتة

«زواج المقايضة» في اليمن... قنبلة موقوتة

قبل 22 عاماً، أجبرت فاطمة على الزواج من شخص لا تعرفه حين كانت في التاسعة عشرة، من عمرها مقابل اقتران شقيقها بأخت عريسها، في سياق ما يطلق عليه زواج «الشغار» أو «المقايضة».
لم يؤخذ رأي فاطمة في تلك الزيجة في محافظة ريمة (200 كلم جنوب غربي العاصمة صنعاء)، ولم تكن الفتاة تملك قرار الموافقة أو الرفض؛ فوالدها وشقيقها يقرران مصيرها ومستقبلها المجهول. إذ أجبراها على الزواج من شخص اختير ضمن تقليد ريفي؛ ليوفر لشقيقها زوجة مقابلها، وكأنها سلعة للمبادلة دون ثمن.
زواج «الشغار» مشكلة أزلية تتغلغل في أعماق المجتمع اليمني رغم تبعاته التي لا تتوقف عند حد إجبار الزوجين على الانفصال، بل تمتد إلى إلحاق الضرر البالغ بالأبناء. ويتعارض هذا النوع من الزواج، المسمّى «الشغار» أو «الزقار» باللهجة العامية، مع النصوص الدينية. ومع ذلك لا يزال قائماً في مجتمع يعد من أكثر المجتمعات العربية تديناً.
زواج يبدأ بالتوافق بين رجلين على منح كل منهما ابنته أو أخته للآخر دون مهر، لينتهي غالباً بإجبار أحد الطرفين على الطلاق، كنتيجة حتمية لفشل زواج الطرف الآخر، دون أي اعتبار لمشاعر الزوجين أو الأثر السلبي للطلاق على الأبناء.
ويفرض الذكور هذه «المقايضة» في غالبية محافظات اليمن من خلال التحايل على قانون الأحوال الشخصية - الذي يشترط دفع مهر للعروس - مستغلّين عدم وجود نص قانوني يعاقب المخالفين وتجاهل السلطات لعواقبه. واستمرت فاطمة في منزل الزوجية 17 عاماً، أنجبت خلالها خمسة أبناء (ثلاثة ذكور وطفلتان). تقول: «مع الأيام تكيفت مع الوضع الجديد، ورضيت بنصيبي، فعشت مع زوجي حياة طبيعية. ولم تكن تحدث بيننا أي مشكلات، وكنت سعيدة جداً مع أولادي، وأعد الأيام والشهور كي أراهم كباراً». لكن حلمها تبدّد فجأة. مثابرة فاطمة اليومية في رعاية الأبناء أوقفت إجبارياً، لتتحول من ربة منزل إلى امرأة معلقة من دون ذنب – لا مطلقة ولا متزوجة. «طلّق شقيقي زوجته، وكرد فعل انتقامي هجرني زوجي وأخذ أولادي» منذ خمس سنوات.
لكنّها لم تستسلم: «رفعت الآن دعوى أمام محكمة غرب الأمانة ضد زوجي للمطالبة بالطلاق منه، واسترجاع أطفالي الذين لم أرهم منذ عودتي لمنزل أسرتي».
فاطمة التي تنتظر حكم القضاء تنتمي لشريحة تضم آلاف الفتيات اليمنيات اللاتي يجبرن على زواج «الشغار»؛ ما يؤدي إلى اختزال طفولتهن، حرمانهن من التعليم وكذلك من المهر، وإجبارهن لاحقاً على الطلاق مع خسارة رعاية أبنائهن أو رؤيتهم.

* مشاريع قران فاشلة
مسح ميداني أجراه معد التحقيق على 50 قراناً على مدى خمسة أشهر (38 رجلاً و12 امرأة) في خمس محافظات من أصل 22 محافظة يمنية، أظهر أن 94 في المائة من زيجات «الشغار» تنتهي بالفشل. فمقابل ثلاث زيجات فقط من عينة المسح لا تزال مستمرة، تفكّكت 47 أسرة؛ نصفها بالطلاق الإجباري، وتشتت 77 طفلاً وطفلة أنجبتهم العائلات المنهارة.
ووفقاً لنتائج المسح الذي تم خلال الفترة بين مايو (أيار) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2017، فإن المدى الزمني المتوسط لعمر هذا النوع من الزيجات لا يتجاوز أربع سنوات ونصف السنة؛ ما يدمر حياة الفتيات بدرجة رئيسية. أظهر المسح أيضاً، أن 53 في المائة من العينة يحملون شهادة الثانوية العامة، 26 في المائة لديهم شهادة إعدادية، 18 في المائة لا يحملون أي شهادة، و3 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية. وتوزعت عينة المسح على محافظة إب بنسبة 26 في المائة، تليها محافظة صنعاء 23 في المائة، ومحافظة الحديدة 19 في المائة، ومحافظة ذمار 17 في المائة، وأخيراً محافظة حجّة 15 في المائة.

* المأساة واحدة
في أطراف محافظة حجّة الشمالية، وتحديداً في مدينة عبس (250 كيلومتراً) شمال العاصمة صنعاء، أجبرت عائشة (19 عاماً) قبل ثلاثة أعوام على الزواج من ابن خالها الكفيف أحمد (26 عاماً) مقابل زواج شقيقها بأخته. اليوم تعيش حياة قاسية بعد أن استلب منها زواج «الشغار» سعادتها وتركها كومة بشرية محطّمة جل أحلامها العودة إلى مسار الحياة الطبيعية. عائشة تحدثت إلى معد التحقيق بعد التزامه بعدم تسجيل صوتها أو إظهارها في الفيديو. تقول: «وقع والدي تحت ضغط قرض حصل عليه من خالي. وكنت بين خيارين كل منهما أسوأ من الآخر. فإما أقبل بالزواج وأنسف حياتي وكل أحلامي، أو أترك والدي لتعصف به مشاكل القرض مع خالي». بيد أنها سرعان ما حسمت الأمر ضد مصلحتها: «وافقت على الزواج وأنا مجبرة، وكنت أتمنى الموت. في ليلة الدخلة شعرت بأنه وحش وليس شريك حياة، وكنت أبكي بحرقة، وفكرت في الانتحار، لكني تراجعت عن ذلك».
قران عائشة من بين الحالات النادرة التي لا تزال قائمة: «رغم انفصال الشق الثاني من الزواج، فإنني أعيش مع زوجي حياة عادية خالية من المشاعر، لكن الطفل الذي أنجبته يهوّن على مصيبتي، ويجعلني سعيدة إلى حد ما».
في مديرية زبيد محافظة الحديدة (266 كيلومتراً) غرب العاصمة صنعاء، تزوج عبيد سعيد محبوب (51 عاماً) بالطريقة ذاتها (قبل 27 عاماً)، في حين زوّجت شقيقته وهي في الـ13 من العمر من شقيق زوجته. لكن بعد عشرة أشهر، انفصلت شقيقة عبيد عن زوجها الذي يكبرها 11 عاماً، على وقع خلافات كانت تنتهي غالباً بتعرضها للضرب والتحقير.
بعد أيام تفاجأ عبيد بأهل زوجته يطلبون طلاقها. ورغم رفضه ذلك، فإنه طلّق زوجته مرغماً، بعد أن اعتدى عليه أهلها بالضرب أكثر من مرة. ومن ثمّ منعوا الزوجة من الذهاب لمنزل زوجها لأكثر من عامين، وصادروا جميع مجوهراتها.
عبيد يؤكد لمعد التحقيق أنه يحب زوجته وأنها كانت تبادله المشاعر ذاتها، ولم تكن ترغب في الطلاق منه. حاول الرجال إيفاد وساطات من أعيان المنطقة إلى أهل زوجته إلا أنهم رفضوا أي وساطة.

* خطأ واحد لا يكفي
يستسهل الكثير من الشباب زواج «الشغار»، لكنهم يدركون لاحقاً حجم الخطأ الذي وقعوا فيه وهم يجبرون على الطلاق بدواعي المماثلة. غير أن (ع. م) الذي يسكن العاصمة صنعاء لم يتعظ وخاض هذه التجربة مرتين. هذا الرجل البالغ من العمر الآن 65 عاماً، تزوج في المرة الأولى عام 1970 بشقيقة زوج أخته تحت ضغط والده. يقول: «عشت مع زوجتي حياة مستقرة وسعيدة لعامين كاملين، وكنت أحبها كثيراً، وأنتظر أن يرزقني الله منها بالأولاد».
إلا أن شقيقته اختلفت مع زوجها، وعادت إلى منزل والدها لتطلب الطلاق، وبذلك انهارت حياتها الزوجية. «أيام قليلة مضت فإذا بوالد زوجتي يرسل وساطة قبلية لتقنعني بطلاق زوجتي، باعتبار أنني تزوجتها مقابل زواج أختي من ابنه، واحدة بواحدة»، حسبما يستذكر (ع. م). «لا أعرف ما حل بزوجتي السابقة، لكني أتمنى لها السعادة مع زوجها وأولادها إن كانت قد تزوجت وأنجبت».
ورغم تجربته القاسية، فإن (ع. م) لم يتعظ، فتزوج بالطريقة ذاتها بعد أقل من عام. إذ وافق والده على زواج ابنته من شخص آخر، بشرط الموافقة على زواج شقيقته بابنه.
ويؤكد (ع. م) أنه «عاش مع زوجته الجديدة عاماً واحداً، قبل أن تبدأ المشاكل بينهما، ووصلت حد الطلاق؛ ما دفع والده للمطالبة بطلاق ابنته أيضاً».
ورغم رفض زوجها الطلاق، وتقديمه للمبررات، وأنه غير مسؤول عن فشل زواج شقيقته، فإن ضغوط الوسطاء التي استمرت لأشهر أجبرته أخيراً على الطلاق وفقاَ لمبدأ «واحدة بواحدة».

* عوامل اقتصادية واجتماعية
الشاب اليمني يقع فريسة البطالة وارتفاع المهور إلى معدل مليون ونصف المليون ريال (5 آلاف دولار أميركي)، في بلد تعصف به الحروب، حيث يقدر معدل دخل الفرد فيه بـ1250 دولاراً سنوياً، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2012؛ لذا فإن الكثير من الأسر تلجأ إلى هذا التقليد. ويقول (ع.م): إن التجربة كشفت «فشل الكثير من الزيجات التي تمت تحت هذا المسمى، (الشغار)»، وأكد أن انتشار زواج البدل في المجتمعات الريفية بفعل الأمية وتدني مكانة المرأة، وارتفاع مستوى الفقر وانعدام استقلالية الشباب في اتخاذ القرار والجهل بتعارضه مع الدين الإسلامي.
محامي الأحوال الشخصية حميد الحجيلي يعدّد عيوب «الشغار» وفشله، ويشبه الوضع بمثابة لغم مؤقت قد ينفجر في أي وقت ليطيح بعلاقات الزواج المتشابكة، فيدمر أسراً سعيدة هانئة ذنبها أنها أحد أطراف هذا الزواج».
يقول الدكتور عبد الكريم غانم، الباحث في علم الاجتماع: إن «(الشغار) يضع المرأة في موضع السلعة التي يمكن مقايضتها بسلعة أخرى. والأخطر أن مستقبل نجاح إحدى الزيجتين يظل مرهوناً بنجاح الأخرى، خصوصاً في السنوات الأولى من الزواج». كل ذلك «يهدّد كيان الأسرة بالانفصال وينسف الاستقرار الذي يحتاج إليه الأطفال في السنوات الأولى من عمرهم من أجل اكتمال نموهم النفسي والبدني على النحو المطلوب».

* جهود مجتمعية
منظمات يمنية، في مقدمتها اتحاد نساء اليمن واللجنة الوطنية للمرأة كهيئة حكومية، سعت للحد من زواج «الشغار» إلا أنها اصطدمت بمجتمع عنيد لا يتنازل عن عاداته بسهولة. المسؤولة القانونية لاتحاد نساء اليمن، نجلاء اللساني، تعدّد عواقب «الشغار»، في مقدمتها تفكّك الأسر والتأثير السلبي على الأطفال.
 


* قصور قانوني
يخلو القانون اليمني من أي نص يمنع زواج «الشغار»، لكنه يلزم بتسمية المهر وتسجيله أثناء عقد الزواج، وفق الفقرة الأولى من المادة (33) من قانون الأحوال الشخصية رقم 20 لعام 1992 وتعديلاته. «يلزم المهر المعقود بها بعقد صحيح، وهو ما حصل عليه التراضي معيناً مالاً أو منفعة، فإذا لم يسم تسمية صحيحة أو نسي ما سمى بحيث لم يعرف وجب مهر المثل». وتؤكد الفقرة الثانية، أن «المهر ملك للمرأة تتصرف فيه كيفما شاءت ولا يعتد بأي شرط مخالف». غير أن الكثير من الأسر اليمنية في زواج «الشغار» تتجاوز الاشتراط القانوني، بتسمية مهر وهمي في العقد؛ ما يجنبها الوقوع تحت الطائلة القانونية.
وتجيز المادة (39) من القانون ذاته للمرأة الامتناع عن «الدخول إلى زوجها إلى أن يسمّي لها مهراً ويسلم ما لم يؤجل منه، فإذا أجّل لمدة معلومة أو بحسب ما جرى عليه العرف فليس لها الامتناع قبل حلول الأجل». إلا أن المرأة اليمنية تعجز عن اتخاذ مثل هذا القرار؛ كونها تعيش وسط مجتمع ذكوري يرفض أي إرادة حرة لها، فضلاً عن الأمية وغياب الوعي القانوني لدى معظم النساء.
محامي الأحوال الشخصية حميد الحجيلي يأسف لعدم وجود نص قانوني يجرّم هذه الظاهرة ويعاقب مرتكبيها. ويطالب الحجيلي بإضافة مواد إلى قانون الأحوال الشخصية تمنع هذا النوع من الزواج وتتضمن عقوبات صريحة بحق المخالفين، سواء بشكل مباشر أو بالتحايل، من خلال قيام طرفي الزواج بمنح العروسين مبلغاً زهيداً بصفته مهراً؛ حتى لا يكون الزواج «شغاراً». كما يدعو إلى إضافة نص قانوني يحدد ضوابط صارمة تمنع طلاق الزوجة كإجراء مماثل لانفصال من فشلت حياتهما الزوجية، وتتضمن عقوبات تعزيرية ومالية بحق من يقوم بذلك.
ويؤكد المحامي الحجيلي عدم وصول مثل هذه القضايا إلى القضاء إلا في حالات نادرة واستثنائية. ويوافقه في الرأي المحامي أكرم نعمان «أغلب القضايا التي تصل القضاء هي قضايا فسخ أو طلاق أو مطالبة بميراث، ليظهر فيما بعد أنها في الأساس كانت قضايا زواج بدل».
رغم استمرار هذه الظاهرة، فإن وزارة العدل اليمنية المعنية بتوثيق عقود الزواج تنفي وصول عقود «الشغار» إليها، حسبما يقول القاضي إسماعيل المتوكل، كبير مراقبي عقود الزواج في الوزارة.

رغم التحريم الديني والمشكلات الاجتماعية الخطيرة لزواج «الشغار»، فإن غياب دور المؤسسات، وعدم تعاطيها الجاد مع هذه القضية يساعد على استمرار هذا النوع من الزواج في مجتمع يغض الطرف عن تحريمه وعواقبه عمداً أو جهلاً. مجتمع لا يكترث للتداعيات الخطيرة لهذه الزيجات، التي تحول المرأة إلى سلعة بتاريخ صلاحية يحدّده أحد الطرفين، لينسف معه زيجة الطرف الآخر، فيحيل ألفة الزواج إلى خصومة وعداء يفكّك الأسر ويقضي على مستقبل الأبناء الذين يمزقّهم الطلاق بين الأب والأم.
  * تم إنجاز هذا التحقيق بدعم من شبكة «إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية» وبإشراف الزميل خالد الهروجي

مقارنة مع دولة عربية
هذه الظاهرة ليست يمنية خالصة. يستذكر رجال ونساء في مقتبل العمر أن هذه الظاهرة كانت منتشرة في المجتمع الأردني ذات الطبيعة العشائرية المشابهة لليمن قبل... عاماً. لكنها تلاشت بحكم سرعة تطور مؤسسات المجتمع ولا سيما الأسرة، ومستوى التعليم عموماً والانتقال من البادية والريف نحو الحضر بحسب الدكتور حسين محادين قسم علم الاجتماع - جامعة مؤتة.
كما ساهم في تراجع هذه الظاهرة الروابط العشائرية وحملات التوعية الإعلامية، وتعمق سيادة القانون، وبروز الاستقلال الاقتصادي للنساء (وبخاصة الزوجات) مع دخول المرأة سوق العمل، والتنوع السكاني نتيجة الهجرات التي استقبلها المجتمع الأردني..

الموقف الشرعي
يحرّم الدين الإسلامي زواج «البدل» في الحديث الوارد في صحيح مسلم: «لا شغار في الإسلام». وفي المرجع ذاته عَنْ أَبِي هُرَيْرَة، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ الشِّغَارِ». وزَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ: «وَالشِّغَارُ أَنْ يَقُولَ الرجل لِلرجل: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وَأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي، أَوْ زَوِّجْنِي أُخْتَكَ وَأُزَوِّجُكَ أُخْتِي».
وأما علة فساده، فذكرها جمع من العلماء، ومنهم الشوكاني في نيل الأوطار، وهي خلو بضع كل منهما من الصداق، وليس المقتضي للبطلان عندهم مجرد ترك ذكر الصداق؛ لأن النكاح يصح من دون تسميته، بل المقتضي لذلك جعل البضع صداقاً.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ديون 25 عاماً من الأسئلة العراقية

عراقيون يسيرون أمام جدارية ضخمة لصدام حسين في بغداد عام 1991 (غيتي)
عراقيون يسيرون أمام جدارية ضخمة لصدام حسين في بغداد عام 1991 (غيتي)
TT

ديون 25 عاماً من الأسئلة العراقية

عراقيون يسيرون أمام جدارية ضخمة لصدام حسين في بغداد عام 1991 (غيتي)
عراقيون يسيرون أمام جدارية ضخمة لصدام حسين في بغداد عام 1991 (غيتي)

يسأل كثيرون في العراق بحكم عادة الإحباط: ماذا لو كان صدّام حسين يحكم حتى اليوم؟ يستسهل كثيرون أجوبة «فانتازية»، لكن أيام صدّام نفسها كانت لتجيب: عراق معزول، بحصار أو حرب يشنها هو، أو تُشن عليه.

يشكك عراقيون في أن «التحولات» قد تحققت بالفعل منذ الغزو الأميركي للعراق، الذي أطاح بالنسخة العراقية من حزب «البعث»، ورئيسها الذي أُعدم في ديسمبر (كانون الأول) 2006، لتتراكم لاحقاً أسئلةٌ يفشل الجميع في الإجابة عنها.

بعد ربع قرن، يبدو العراق بلداً يجمع الأسئلة. يطويها ويمضي، هادئاً أو صاخباً، من دون أجوبة. في أفضل الأحوال يراجع نفسه فيعود إلى لحظة أبريل (نيسان) 2003. يفتح أسئلة جديدة عن الحرب الأهلية (2005)، والبدائل المسلحة (2007)، و«داعش» (2014) والاحتجاج (2019)، والنفوذ الإيراني (على طول الخط)، كلها أسئلة مطروحة على العراق، لا يجيب عنها العراقيون.

سؤال صدّام والبديل

زلزلت هجمات سبتمبر (أيلول) 2001 أميركا والعالم. ارتعدت بغداد. كان صدّام حسين ذلك العام قد «نشر» ما زُعِم أنها رواية هو مَن كتبها، «القلعة الحصينة». في شارع المتنبي، معقل الكتّاب والكُتبيين، وسط بغداد، كان روادٌ يقتنون سراً رواية أخرى، لكنها ممنوعة، للسوري حيدر حيدر «وليمة لأعشاب البحر». والكتب الممنوعة تُباع بأغلفة «مستعارة»، مرة بغلاف كتاب «أم كلثوم... حياتها وأغانيها»، أو بغلاف كتاب آخر كان يقدم صدّام حسين «قائداً مفكراً».

في الرواية الأولى، كان بطلها «صباح حسن» الجندي في الجيش العراقي. تأسره إيران جريحاً فيهرب عائداً لصيانة «قلعة الأمة العربية». في الثانية يهرب بطلها «مهدي جواد»، الشيوعي العراقي، من بغداد إلى الجزائر، ليلقي نفسه في البحر، بعد قصة حب «منبوذة»، وليمةً في البحر.

كأن صدّام «المرعب» والعراقيين «المرعوبين» ينسجون قصصاً عن الهرب من العراق وإليه، في رحلة بين السؤال واللاجواب. في تلك السنة، وحين اتُّهم النظام بأنه طرف في هجمات «عالمية» لها صلة بتنظيم «القاعدة»، «انتُخب» -هكذا ورد الفعل في أدبيات «البعث»- قصي صدّام لعضوية لجنة قيادية في حزب البعث، وانطلقت تكهنات عن «التغيير» عبر التوريث بوصفه جواباً عن سؤال البديل، وكان بشار الأسد يومها قد أمضى مورَّثاً، عاماً على رأس البعث السوري، وبعد عامين غزت الولايات المتحدة بغداد، ووُلد عراق صار اليوم «كبيراً» بربع قرن، ولم ينضج بعد.

قبل 20 عاماً، في ظهيرة 9 أبريل 2003، لفَّ جندي من «المارينز» رأس تمثال صدّام بعلم أميركي. سأل عراقيون: لماذا لم تتركوا لنا هذه الصورة الأيقونية، بعَلم عراقي؟

جندي من «المارينز» يلفّ رأس تمثال صدام حسين وسط بغداد بعلم أميركي (رويترز)

سؤال بغداد وجواب واشنطن

حين يرصد عراقيون الزلزال السوري هذه الأيام، لا يستطيعون فهم كيف حدث «التغيير» السريع من دون دبابات أميركية وقاذفات «بي 52»، ولماذا يصر السوريون على الاحتفال كل يوم بـ«الحرية» من دون «أجنبي»، حتى مع الظلال التركية الناعمة، كما تصيبهم الدهشة من مزاحمة السوريين لـ«أبو محمد الجولاني» الذي لم يختفِ بعد، و«أحمد الشرع» الذي لم تكتمل ولادته، على أجوبة البديل، من دون حمَّام دم، حتى الآن.

لأن العراقيين يحكمون على العالم من ذكرياتهم، ويقيّمون الآخر من أسئلتهم التي لا يجيبون عنها. تفيد وقائع ربع قرن بأنهم ينتظرون من الآخر الإجابات.

تقول ذكريات العراقيين في أغسطس (آب) 2003، بعد 4 أشهر من احتلال العراق، إن السفارة الأردنية هوجمت بالقنابل، ومقر الأمم المتحدة بمركبة ملغومة قتلت موظفين من بينهم رئيس البعثة سيرجيو دي ميلو، واعتقل الأميركيون علي حسن المجيد، «الكيماوي»، ابن عم صدّام، كما قُتل 125 شخصاً في انفجار بالنجف من بينهم رجل الدين الشيعي محمد باقر الحكيم.

في ذلك الشهر الدامي، مثالاً، سأل العراقيون عن الأمن، ونسوا بديل صدّام والديمقراطية والنموذج الغربي الموعود، لتثبت الوقائع اللاحقة أن الجواب عن سؤال الأمن كان احتيالاً للتهرب من سؤال العدالة الانتقالية.

سيرجيو دي ميلو (يمين) وبول بريمر (الثاني من اليمين) يحضران الاجتماع الافتتاحي لمجلس الحكم العراقي في بغداد 13 يوليو 2003 (غيتي)

سؤال الحرب الأهلية

حين اصطحب بول بريمر، حاكم العراق الأميركي، أربعة من المعارضين إلى زنزانة صدّام حسين، انهالوا عليه بالأسئلة: «لماذا غزوت الكويت؟»، قال عدنان الباججي (دبلوماسي مخضرم)، و«لماذا قتلت الكرد في مجزرة الأنفال؟»، قال عادل عبد المهدي (رئيس وزراء أسبق)، و«لماذا قتلت رفاقك من البعثيين؟»، يسأل موفق الربيعي، مستشار الأمن القومي السابق، فيما لعنه أحمد الجلبي، فجفل صدّام، وابتسم.

خرج بريمر متخيلاً «هتلر في صدّام» كما وصف في مذكراته «عامي في العراق». خرج المعارضون الأربعة بأجوبة كان من المفترض أن تُعينهم على إدارة «العدالة الانتقالية»، ولم يفعل أحد. كان هذا أواخر ديسمبر 2003.

في العام التالي، سلَّمت واشنطن إياد علاوي حكومة مؤقتة محدودة الصلاحيات، لتتفرغ هي بصلاحية مفتوحة لمعركتين طاحنتين، في النجف ضد «جيش المهدي» بزعامة مقتدى الصدر، وأخرى ضد جماعات مسلحة في الفلوجة، من «مقاومين» و«أصوليين».

انشغل المعارضون في «مجلس الحكم الانتقالي» -هيئة مؤقتة شكَّلها بريمر على أساس المحاصصة في يوليو (تموز) 2003- بترتيب أوراق أعدها الأميركيون للحكم، وكتبوا مسودات عن خرائط الشيعة والسنة والكرد، محمولة على ظهر أسئلة تاريخية عن الأغلبية والأقلية، وحكم «المظلومين» من بعد «الظالمين».

على الأرض، كان حي الغزالية (غربي بغداد) المختلط يستعد لأول فرز طائفي، بالدم. تلك الليلة، شتاء 2005، نُحرت عائلة داخل حمّام المنزل، فأعاد المنتقمون رضيعاً إلى أهله، مخنوقاً. على الفور رُسمت حدود فاصلة بين السُّنة والشيعة، وتحولت سوق شعبية، تقسم المدينة إلى نصفين، إلى خط تماس. تبادل «جيشان» جديدان الهاونات و«الآر بي جي»، والكثير من الضحايا.

كتب المعارضون في مجلس الحكم، داخل المنطقة الخضراء، مسودة الحكم الانتقالي. صوَّت 8 ملايين عراقي لإنشاء «جمعية وطنية» في يناير (كانون الثاني) 2005، ولم يُعرف إذا كانوا قد قرروا استبدال أمراء الطوائف بصدّام، لكنهم اتفقوا في الغزالية على كتابة «رخصة عبور» للسنة والشيعة، من المهجَّرين والمهاجرين، لاجتياز خط التماس، وفرز المدينة.

تناسلت «جيوش» في بغداد، وباتت الصحافة ترقم الأخبار: من السبت إلى السبت، أيام دامية. وخلال عامين ضغط الأميركيون على بغداد لتثبيت الأمن. كان شارع «حيفا» المختلط، وسط بغداد، مسرحاً دموياً على مدار الساعة، مسكه «الجيش الرسمي»، فانفلتت جيوش أخرى في محيط الشارع ومنه إلى كل بغداد: نقاط تفتيش وهمية، وملثمون حقيقيون، بأسلحة الطوائف، و«الدماء إلى الركب».

تلك الأيام بدت جواباً على سؤال البديل، لكن مَن سأله ومَن أجاب عنه؟

عام 2006، ولأن إبراهيم الجعفري (أول رئيس وزراء منتخب) بات منبوذاً من الداخل والخارج، ذهب العراق فوراً إلى عصر نوري المالكي دون أن يجيب عن الأسئلة السابقة. قال المالكي ما معناه المجازي والحرفي: أنا دولة القانون. رأى العراقيون ذلك جواباً عن «الدولة» و«القانون»، وغضّوا الطرف عن الـ«أنا» في «منيفستو» المالكي الشهير.

نوري المالكي (غيتي)

سؤال المالكي

أُعجب الأميركيون بالمالكي. كان ديك تشيني (نائب الرئيس الأميركي 2001 - 2009) يتندر بالتزامه بـ«إنجاز استقرار العراق»، لكنه قبل ذلك كان قد أرسل جيمس ستيل (ضابط أميركي متهم بإدارة الحروب القذرة في السلفادور منتصف الثمانينات) إلى بغداد لمواجهة «التمرد السني»، بإنشاء «فرق الموت» الشيعية. كان ستيل يمشي في ظل أحمد كاظم، وكيل وزير الداخلية يومها، وفي ظله هو يسير أمراء حرب جدد.

في 2006، زُلزلت العملية السياسية العراقية بتفجير مرقد «العسكريين» في سامراء. انطلقت أسئلة عن «ضرورة» رسم الخرائط الجديدة، بتقاطعات حادة؛ إذ برَّأ المرجع علي السيستاني، في فبراير (شباط) 2007، «أهل السنة» من التفجير، لكنَّ المالكي نفى ضلوع طهران رداً على اتهام أميركي، في يوليو 2013.

يومها كانت «أنا» المالكي تتضخم، وفِرق ستيل المميتة تتناسل في شوارع العراق.

سؤال إيران... و«داعش»

حاول المالكي إنقاذ نفسه مع سقوط المدن تباعاً في يد «داعش»، رغم أنه «المنتصر» على إياد علاوي في انتخابات 2010 برصاصة رحمة «قانونية».

يوم 9 يونيو (حزيران) 2014، وكان التنظيم يخوض معارك في الموصل، اجتمع المالكي مع شيوخ قبائل ووجهاء سُنة بناءً على نصيحة كان قد أهملها لتدارك الأمر. قيل إنه وعدهم بما لا يريد، فسقط ثُلث العراق في يد «داعش»، وأفتى السيستاني بـ«الجهاد»، وتبيَّن لاحقاً أن الفتوى ليست لإنقاذ رئيس الوزراء.

رحل المالكي، ووصل قاسم سليماني. وتعلم رؤساء الوزارة اللاحقون كيف يرزحون تحت ضغط طهران، حتى حينما كان يتناوب جهاز «الإطلاعات» و«الحرس الثوري» على مكاتب الحكومة بوصفتَي عطار مختلفتين.

ما زرعه جيمس ستيل، جناه قاسم سليماني. ومع عام 2017 صارت الفصائل المسلحة قوة مهيمنة في العراق، تدور حولها فصائل أخرى، تلعب أحياناً أدوار «التمرد» و«المقاومة»، مع الحكومة وضدها.

يومها، وبعد 14 عاماً، أرست إيران أركان ما يجوز وصفها الآن بـ"حديقة المقاومة"، التي تفيض فصائل مسلحة وميزانيات مالية ضخمة.

متظاهرون في ساحة التحرير وسط بغداد أكتوبر 2019 (أ.ف.ب)

سؤال «تشرين»

لم يُجِب العراقيون عن سؤال «داعش»، وعادت الفصائل من معارك التحرير «منتصرة». وتجاهل كثيرون «جواب» السيستاني على سؤال «الحشد الشعبي» بوصفه «النجفي» قوة لـ«حماية العراق»، وليس الشيعة وحدهم، فاختنق الشارع بسؤال: ماذا بعد؟ جاءت حكومة عادل عبد المهدي، في أكتوبر 2018، بديون متراكمة من الأسئلة المعلقة. بعد عام، في أكتوبر 2019، خرج آلاف من الشباب يحتجون على احتيالات السؤال الأول، بأثر رجعي.

تلقى المحتجون جواباً بالرصاص الحي، قُتل المئات، وخُطف آخرون وأُسكت البقية. قدم عبد المهدي للقاتل هدية «التبرئة» بوصفه «طرفاً ثالثاً»، ورحل. لاحقاً ملك سياسيون عراقيون شيئاً من شجاعة الاعتراف، وأزاحوا لثام الطرف الثالث عن وجه الفصائل الموالية.

حيلة «الطرف الثالث» طرحت سؤالاً عن الحد الفاصل بين الفصائل والحشد الشعبي، ومر دون اكتراث جواب حامد الخفاف، ممثل السيستاني في 12 سبتمبر 2019: «المرجع ينتظر تنفيذ قانون وأمر ديواني، بفك ارتباط منتسبي (الحشد) عن الأطر الحزبية، وهيكلة هذه القوة».

تشكلت حكومة مصطفى الكاظمي في مايو (أيار) 2020، بوصفها حلاً وسطاً بين سؤال البديل وجواب الطرف الثالث، لم تصمد تسوياته، ولم ينجُ به «رقصه مع الأفاعي»، فرحل هو الآخر، كما نزل مقتدى الصدر من المسرح، بعد دراما عنيفة في قلب المنطقة الخضراء.

عام 2022، غادر الجميع، وبقيت إيران تتوج نفسها في العراق، بوضع اليد على كل شيء؛ من الدولار إلى السلاح.

سؤال ما بعد الأسد

بعد ربع قرن من احتيال صدّام حسين وبدلائه على الأسئلة الكبرى، هرب بشار الأسد من دمشق. وبدا أن النخبة السياسية تتوجس من هذه المفارقة، رغم أنها تطفو على بِركة من الأسئلة. مع ذلك تحاصر كل من يسأل عن عراق ما بعد الأسد بالريبة والشك، لأن عراق ما بعد صدّام محسوم من دون حسم.

برتبك العراق -دولةً ونظاماً- في هذه اللحظة. مواجهة السؤال السوري تكشف عن الارتباك: هل ننتظر طهران لتتعامل مع أحمد الشرع، أم نسأل الجولاني عن ذكرياته في العراق؟

ذكريات العراقيين تحكم، أكثر من الدستور والحياة الحزبية والبرلمان والمجتمع المدني، لأنهم مثقلون بسداد ديون الأسئلة التي لا يجيبون عنها، وإذ يسألون: ماذا لو لم نكن في «محور المقاومة»؟ يستسهل كثيرون أجوبة فانتازية، فيما أيام العراق نفسها كانت لتجيب: عراق محاور، ينتظر حرباً، أو يشارك في رسم خرائطها.