أين كنت في 14 فبراير... وكيف بُلّغت خبر اغتيال رفيق الحريري؟

في الذكرى الثالثة عشرة لرحيله... شخصيات لبنانية تستذكر هذا اليوم

موقع تفجير موكب رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ببيروت في 14 فبراير 2005 (غيتي)
موقع تفجير موكب رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ببيروت في 14 فبراير 2005 (غيتي)
TT

أين كنت في 14 فبراير... وكيف بُلّغت خبر اغتيال رفيق الحريري؟

موقع تفجير موكب رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ببيروت في 14 فبراير 2005 (غيتي)
موقع تفجير موكب رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ببيروت في 14 فبراير 2005 (غيتي)

في الذكرى الثالثة عشرة لرحيل رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري الذي وصفه المخرج السوري عمر أميرالاي بـ«الرجل ذي الأصبع الذهبية»، اغتيالا في مدينته بيروت، تستعيد بعض الشخصيات اللبنانية التي عرفت بعلاقتها الوطيدة مع الحريري، ومنهم من رافقه في يومه الأخير، مع «الشرق الأوسط»، اللحظات أو الساعات القليلة منذ وقوع الانفجار إلى الإعلان عن الشخصية المستهدفة في مرحلة سياسية دقيقة وبعد سلسلة من الأحداث ترافقت مع تهديدات وصلت إليه شخصيا لكنه كان دائما يستبعد تنفيذها.

رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان: أدركت فوراً أن فتنة كبيرة تخطط للبنان
كان رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان يتولى قيادة الجيش في ذلك الوقت. وفي ظهر يوم 14 فبراير (شباط) من عام 2005 بالتحديد، كان يستعد لتناول طعام الغداء في المنزل المخصص لقائد الجيش في منطقة اليرزة، لكن وقوع الانفجار جعله يعود فورا إلى مقر القيادة العامة مصدرا الأوامر بتجهيز الوحدات والخبراء للقيام بمهامهم، كما باشر بالاتصالات الضرورية وتابع المعلومات والتطورات على الأرض.
ومنذ تلك اللحظة التي استدعت استنفارا أمنيا على كل المستويات: «عملت جاهداً للحفاظ على ديمقراطية المظاهرات، فكانت الأوامر واضحة بأن يمنع الجيش الاحتكاك بين المتظاهرين محافظاً على الأمن والحرية في آن، ما أدى إلى السماح للمتظاهرين بالتعبير عن مشاعرهم بكل حرية خلافاً لرغبة السلطة السياسية وقتذاك، تمهيداً ليوم 14 فبراير المليوني الشهير الذي أدى بشكل أساسي إلى انسحاب الجيش السوري في 26 أبريل (نيسان) من العام نفسه».
ويضيف: «أدركت فوراً أن فتنة كبيرة تخطط للبنان بعد اغتيال شخصية بحجم رفيق الحريري، لكن الأوامر كانت واضحة للجيش بضرورة منع الفتنة وحفظ الأمن بالإضافة إلى موقف عائلة الشهيد المتقدّم والداعي إلى وأد الفتنة وتحويل الجريمة الفظيعة إلى شرارة انطلاق مسار السيادة في لبنان».

النائب والوزير السابق غازي العريضي: لبنان بات في مكان آخر
يوم الأحد الذي سبق جريمة الاثنين 14 فبراير، ذهب العريضي للقاء الحريري 4 مرات في يوم واحد، آخرها عند الساعة الثانية عشرة إلا الربع قبل منتصف الليل: «كانت هناك محاولة منا لتوسيع مروحة المعارضة»، بحسب ما يقول النائب في «اللقاء الديمقراطي». ويضيف: «لكن في يوم الاثنين كان من المقرر أن يحضر النائبان محمد الصفدي ومصباح الأحدب للغداء مع رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط في منزله، وكنت مدعوا معهم. وقد وضعت الرئيس الحريري في أجواء اللقاء المنتظر، وكان مرحبا جدا، فطلب مني أن أنتهي من اللقاء وأذهب إليه فورا».
لذلك عندما خرج الرئيس الحريري من جلسة مجلس النواب الشهيرة في اليوم التالي، غمز لي بعينه، قائلا: «تعال معي، لنذهب للغداء»، فأجبته مذكرا بموعدي، فأومأ لي قائلا: «خلص واتبعني إلى منزلي».
«بعد الجلسة ذهبت إلى منزل وليد بك، ففوجئت به جالسا يقص أوراق الصحف كعادته عندما يختار مقالا يعجبه لقراءته لاحقا، ولم تكن ثمة طاولة غداء. بادرني الرئيس جنبلاط قائلا: لقد ألغيا الموعد، قد يكونان تعرضا لضغوطات من الأجهزة (الأمنية). وقبل أن نكمل حديثنا، فوجئنا بدوي انفجار هائل ثم موجة من الغبار وصلت إلينا، نظر إلي وليد بك، فبادرته على الفور: إنه الرئيس. أرسل البيك بعض مرافقيه، فعادوا إلينا بالخبر المؤلم».
بعد ذلك، يروي العريضي: «ذهبنا (مع النائب جنبلاط) فورا إلى مستشفى الجامعة الأميركية القريب، مشيا، وهناك قابلت مسؤول أمن الجامعة الضابط سعد شلق، وهو زميل دراسة، فانتحى بي جانبا وقال لي: «إنه الرئيس (الحريري)... وكل شيء انتهى. ذهبنا بعدها مع نجل الرئيس الحريري بهاء إلى المنزل وعملنا الترتيبات، وهذا ما كان».
بعد 13 سنة، يرى النائب العريضي أن لبنان بات في مكان آخر منذ اغتيال الرئيس الحريري، نتيجة خطأ التقدير في إدارة المعركة، مشيرا إلى اجتماع قوى المعارضة الشهير مساء يوم الاغتيال، عندما سقط اقتراح الضغط لإسقاط رئيس الجمهورية إميل لحود، وأضاف: «أخطاء كبيرة ارتكبت من قوى المعارضة آنذاك، فكنا أمام أنبل قضية أسيئ لها، ولهذا نحتاج إلى مراجعة نقدية لتحديد سبب وصولنا إلى ما نحن عليه، وكيفية مواجهة المرحلة».

الصحافي فيصل سلمان: جلسة المقهى التي استبقت الانفجار
كان صباح يوم 14 فبراير من عام 2005 كبداية أي أسبوع يلتقي فيها الحريري مع بعض أصدقائه السياسيين والصحافيين، وبينهم فيصل سلمان، الذي جاءه تأكيد الموعد عبر اتصال تلقاه من مسؤول فريق حماية رئيس الحكومة السابق يحيى العرب، ليكون هو ومجموعة من الشخصيات بانتظاره في المقهى مقابل مجلس النواب بعد مشاركته لوقت قصير في الجلسة. في القهوة جلس سلمان متوسطا الحريري والوزير الراحل باسل فليحان، وأخبره الأخير أنه جاء إلى لبنان تاركا عائلته في لندن ليحاول إقناع الحريري بالمغادرة بعدما أعلمه مسؤول مخابرات بريطاني بضرورة هذا الأمر، بعد رصد القاعدة البريطانية في قبرص اتصالات تشير إلى محاولة اغتيال للحريري، وطلب من سلمان مساعدته بالمهمة. لكن تبادل الحديث الخاص مع الرئيس الراحل في ذلك الوقت لم يكن متاحا بسبب وجود عدد من الأشخاص في الجلسة التي غادرها الحريري برفقة فليحان بعد وقت قصير، وهزّ صوت الانفجار بعد عشرات الدقائق المنطقة بأكملها.
في تلك اللحظة ساد الهرج والمرج في محيط مجلس النواب وخرجت منه النائبة بهية الحريري، شقيقة الراحل، وهي تفرك بيديها متضرعة إلى الله وكأنها كانت تشعر أن مكروها أصابه، بحسب سلمان الذي رافقها في سيارة واحدة إلى مستشفى الجامعة الأميركية بناء على طلبها. في المستشفى الذي ضج بالناس، كانت الحقيقة الصادمة على لسان طبيب الحريري الخاص، جابر صوايا. «بعد ذلك، طلبت من الدكتور محمود شقير السماح لي برؤية الجثة وسمح لي بذلك»، يقول سلمان ويتابع: «لا أزال أذكر وجهه كما لو أنه أمس. كان كما هو لا يشوبه شيء إلا بعض البقع السوداء».
منذ 13 عاما حتى الآن، يعتبر سلمان أنه «لم يعد هناك بلد اسمه لبنان بمفهومه وبعده الوطني. فاغتيال شخصية مثل الحريري، أنجزت كثيرا لإعادة أعمار لبنان، اغتيل معها مستقبل وأمل كنا نتطلّع إليه بعد الحرب». ويضيف: «أنا الذي عايشت الحرب ورافقت الحريري في جزء كبير من مسيرته وجهوده وعلاقاته، لمست عن قرب كيف كان البعض يواجهه ويضع في طريقه العقبات والمشكلات لعدم إكمال مسيرته». ويختم: «إضافة إلى الطائفية والفساد المستشري، يمكن اختصار تأثير رحيل الحريري على لبنان بحجم الديون التي كانت في عام 1998 نحو 15 مليار دولار ووصلت اليوم إلى 80 مليار دولار، هذا من دون احتساب الفوائد».

النائب والوزير السابق بطرس حرب: قوة الانفجار دلت إلى الضحية
كغيره من النواب كان حرب حاضرا الجلسة في قاعة البرلمان قبل أن يدوّي صوت انفجار قوي عند الساعة الثانية عشرة ويؤدي إلى تحطّم بعض الزجاج. «قوّة الصوت جعلتنا ندرك أن حجم التفجير، وكما عدد كبير من زملائي النواب كان أوّل من تبادر إلى أذهاننا في ظل الأجواء السياسية التي كنا نعيشها، الرئيس الحريري، فالأجواء كانت واضحة تشير إلى أنه في خطر نتيجة صدامه مع النظام السوري وحلفائه».
يتابع حرب: «رفع عندها رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة وبدأ بإجراء اتصالاته مع القيادات الأمنية، وتأكد لنا أنه كان المستهدف والتهديدات التي كانت تصله قد نفذّت»، ويضيف: «علما بأنني كنت قد التقيته قبل شهر في باريس وحذّرته، لكنه قال لي: عندي ضمانات دولية».
ويؤكد حرب: «كنا ندرك تماما أن اغتيال الحريري هو زلزال أصاب لبنان ولن يمرّ مرور الكرام، ومن أجل ذلك كانت (جنازة الحريري الشعبية) وكان (حدث 14 آذار) الذي ساهم في إخراج النظام السوري من لبنان». أما الآن وبعد 13 عاما، يبدي حرب خوفه من أن تكون القضية التي استشهد الحريري ورفاقه والشخصيات التي لاقت المصير نفسه من أجلها، ذهبت هباء.

الوزير والنائب السابق فارس بويز: تصريح على الهواء أنقذني
يختصر مشهد الوزير والنائب السابق فارس بويز متحدثا أمام الكاميرات ليقاطعه فجأة ذلك الصوت الذي اهتزت معه جدران مجلس النواب، وحالة الإرباك التي سيطرت على الأجواء اللبنانية، يوم 14 فبراير عام 2005. يروي بويز الذي يعتبر أنه نجا بقدرة إلهية من التفجير، قائلا: «طلبي الكلام وتحديد موعد لي في الجلسة النيابية كان سبب نجاتي، إذ إنني وبعدما رفضت بسببها تلبية دعوة للغداء في مطعم على مقربة من موقع الانفجار التقيت بالحريري صدفة على درج مجلس النواب ودعاني للجلوس معه في المقهى المجاور لكنني اعتذرت منه، فنظر إلى السماء وتوجّه لي قائلا: قانون الانتخاب بات واقعا ولا نتيجة من مناقشته، ثم طلب مني الانضمام إليه على طاولة الغداء في قصر قريطم، مضيفا: إذا خرجت باكرا فسأكون موجودا مع الشباب في المقهى نذهب معا وإذا تأخرت فسأكون بانتظارك في المنزل».
لكن تأخر بويز في المجلس فرض عليه عدم مجالسة الشباب وليكون لحظة الانفجار في بث مباشر على الهواء بعدما طلب منه الصحافيون الإدلاء بتصريح، وهنا يقول: «في هذه اللحظة بقيت أسيرا لوقع الانفجار وللكاميرات المثبتة أمامي في بثها المباشر لدقائق قبل أن يأتي أحد الصحافيين مسرعا ويبلغنا بوقوع انفجار في وسط بيروت».
ويضيف: «في هذه اللحظة أول من حضر إلى ذهني الرئيس الحريري فاتصلت فورا بمنزله ليرد عامل الهاتف ويسألني، هل تريد التحدث إليه؟ إجابته منحتني نوعا من الارتياح معتبرا أنها تعني وصول الحريري إلى منزله، وقلت للمجيب: «لا الأمر ليس مهما»، وهو ما أبلغته أيضا إلى النائب فريد مكاري الذي التقيته صدفة وقام بالاتصال نفسه ليلقى الإجابة عينها... لكن اطمئنان بويز لم يستمر إلا عشرات الدقائق، فهو قرّر الذهاب نحو موقع الانفجار حيث «لم تكن الصورة واضحة بالنسبة إلي خاصة مع الازدحام الذي نتج عن التفجير وعدم قدرة سيارتي على الوصول إلى المكان فاعتقدت أنه ناتج عن شاحنة مازوت، فقررت عندها تلبية دعوة الغداء لدى الحريري متوجها إلى قريطم، لكن وفي طريقي التقيت بالصحافي فيصل سلمان الذي كان يملك الخبر المؤلم ويبلغني باغتيال الحريري». «وهذا الخبر كان قد وصل إلى منزل الحريري حيث رأيت مئات الشباب يهتفون ضد سوريا ورئيسها فأدركت حينها أن ما قاله سلمان كان حقيقيا وأن عامل السنترال كان يعتقد أن الحريري وصل في موعده إلى منزله».
منذ ذلك اليوم، يعتبر بويز أن لبنان لا يزال يتخبط بتداعيات استشهاد الحريري وما لحق به من عمليات اغتيال أخرى نتج عنها اصطفاف طائفي خطير بات يتحكم بالبلاد وانعكس على العلاقات فيما بين الأفرقاء اللبنانيين كما مع سوريا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.