بوتين وعباس يبحثان دفع التسوية السياسية في المنطقة

الرئيس الروسي هاتف ترمب... والملك عبد الله الثاني إلى موسكو الخميس

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

بوتين وعباس يبحثان دفع التسوية السياسية في المنطقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جولة محادثات في الكرملين أمس، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ركزت على آليات دفع عملية السلام في المنطقة وإخراجها من المأزق الراهن. وطالب الجانب الفلسطيني موسكو بلعب دور نشط في إنضاج آليات جديدة لرعاية عملية السلام، في إطار السعي إلى «كسر هيمنة الولايات المتحدة عليها بعدما أثبتت واشنطن أنها ليست وسيطا نزيها». وكانت المحادثات بين الرئيسين مقررة في سوتشي، لكن حادث تحطم طائرة ركاب روسية أول من أمس، دفع بوتين إلى إدخال تعديل على تحركاته لمتابعة التحقيقات عن قرب.
وقال الرئيس الروسي في ختام المحادثات، إنه بحث مع الرئيس الفلسطيني الوضع في المنطقة بالتفصيل، خصوصا على صعيد التسوية السياسية. ووصف الوضع الحالي بأنه «بعيد عما نود أن يكون عليه». وكان لافتا إعلان بوتين بعد المحادثات، أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بحث خلاله ملف التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، من دون أن يعلن تفاصيل المناقشات، التي رجح دبلوماسي روسي تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، أن تكون ركزت على أهمية «عدم تشجيع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على القيام بخطوات أحادية من شأنها تعقيد الموقف أكثر»، في إشارة إلى الأفكار الإسرائيلية المتعلقة بإعلان فرض السيطرة على مستوطنات الضفة الغربية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بوتين قوله: «تحدثت للتو إلى الرئيس الأميركي ترمب. تحدثنا بالتأكيد عن النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني».
بينما شدد الرئيس الفلسطيني في تعليق موجز بعد المحادثات، على أن «فلسطين ترفض التعاون مع الولايات المتحدة كوسيط وحيد في المفاوضات مع إسرائيل».
وكان الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، استبق اللقاء بالإشارة إلى الأهمية التي توليها موسكو لمواصلة التنسيق مع الجانب الفلسطيني في الظروف المعقدة التي تحيط بالمنطقة، خصوصا في ملف التسوية الفلسطينية الإسرائيلية.
في المقابل، أعلن مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، نبيل شعث، قبل المحادثات، أن الجانب الفلسطيني يعمل «مع الشركاء الدوليين خصوصا روسيا، لوضع صيغة متعددة تكسر هيمنة واشنطن على رعاية العملية السياسية»، مشيرا إلى ترحيب القيادة الفلسطينية بأي مبادرات يمكن أن تصدر عن موسكو، بما في ذلك الدعوة لمؤتمر دولي حول السلام في الشرق الأوسط في موسكو.
وزاد أنه «سيتم بحث خيارات أخرى لكسر احتكار الولايات المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط على المدى البعيد»، موضحا أن «الحديث يدور الآن، عن صيغة دولية، تستند إلى القانون والتوافق الدوليين بخصوص فلسطين، بدلا من الهيمنة الأميركية الوحيدة في إدارة عملية السلام في الشرق الأوسط».
وكان مصدر دبلوماسي روسي أبلغ «الشرق الأوسط» قبل الزيارة، أن موسكو «تدرك طبيعة المطالب الفلسطينية وتعمل على تأييد التحركات الفلسطينية في مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها، لكنها لا ترى الظروف مهيأة حاليا لإطلاق مبادرات جديدة، وهذا موقف الأوروبيين أيضا».
وكان وزير الخارجية سيرغي لافروف، أعلن في وقت سابق، أن موسكو تؤيد تنشيط «اللجنة الرباعية» وضم عدد من الأطراف الدولية والإقليمية إليها، مستبعدا الحديث في الوقت الراهن عن «مبادرات جديدة».
إلى ذلك، أكد الكرملين أن الرئيس الروسي سيعقد الخميس المقبل جولة محادثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي سيقوم بزيارة رسمية إلى روسيا.
وبالإضافة إلى ملف التسوية في الشرق الأوسط، والتطورات الأخيرة بعد قرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ينتظر أن يركز البحث بين الزعيمين على العلاقات الثنائية والوضع في المنطقة عموما وفي سوريا بشكل خاص.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.