ليبيا: وساطة مصرية بين حفتر وعقيلة... وحكومة الثني تقر حزمة إجراءات أمنية

مجسّم للاجئ يعاني من الرق في ليبيا قبيل افتتاح مهرجان «إثنين الورود» السنوي في مدينة دوسلدورف الألمانية أمس (إ.ب.أ)
مجسّم للاجئ يعاني من الرق في ليبيا قبيل افتتاح مهرجان «إثنين الورود» السنوي في مدينة دوسلدورف الألمانية أمس (إ.ب.أ)
TT

ليبيا: وساطة مصرية بين حفتر وعقيلة... وحكومة الثني تقر حزمة إجراءات أمنية

مجسّم للاجئ يعاني من الرق في ليبيا قبيل افتتاح مهرجان «إثنين الورود» السنوي في مدينة دوسلدورف الألمانية أمس (إ.ب.أ)
مجسّم للاجئ يعاني من الرق في ليبيا قبيل افتتاح مهرجان «إثنين الورود» السنوي في مدينة دوسلدورف الألمانية أمس (إ.ب.أ)

كشفت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» عن جهود وساطة مصرية غير معلنة لتقريب وجهات النظر بين المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، بينما أقرت الحكومة الموالية للمجلس ما وصفته بـ«حزمة إجراءات أمنية لمواجهة التهديدات الإرهابية» في مدينة بنغازي شرق البلاد.
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الذي اختتم أمس زيارة سريعة للقاهرة التقى خلالها مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري، أن الولايات المتحدة تدعم إجراء انتخابات ذات مصداقية وشفافة في مصر وليبيا. وأضاف: «لطالما دعمنا إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، ليس في مصر فقط وإنما في أي بلد». وقال تيلرسون إن الولايات المتحدة ومصر تدعمان خطة عمل الأمم المتحدة في ليبيا من أجل إجراء انتخابات موثوقة وسلمية، معتبرا أن هذا من شأنه أن يعزز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه لليبيا واقتصادها للمساعدة في الازدهار. وكرر تأييد بلاده لإعلان مجلس الأمن الصادر في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بشأن اتفاق السلام المبرم نهاية عام 2015 برعاية أممية في منتجع الصخيرات بالمغرب، وقال إن «الاتفاق السياسي الليبي في رأينا يجب أن يظل إطاراً لحل سياسي طيلة الفترة الانتقالية في ليبيا».
وأقر عقيلة صالح، رئيس البرلمان المعترف به دولياً ويتخذ من مدينة طبرق مقراً له، بوجود تباين في وجهات النظر مع المشير حفتر في بعض الأشياء التي تتعلق بـ«أين تكمن مصلحة الوطن»، لكنه شدد في المقابل على أنه «لا يوجد خلاف مع المؤسسة العسكرية». ودافع صالح في حوار بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، مساء أول من أمس، عن علاقته مع حفتر، قائلاً إن «العلاقة بيننا على المستوى الشخصي، هي علاقة معروفة وقديمة منذ فترة الدراسة، وتظهر أيضاً في دعمنا لعملية الكرامة التي قادها، ودعمنا للجيش». وبعدما نفى وجود أي خلاف بينهما، قال صالح: «كنا السبب في إعادة تطوير الجيش الليبي وفي مقدمة الداعمين له».
لكن مصادر مقربة من المشير حفتر قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه جرت محاولة وساطة مصرية بين صالح وحفتر اللذين يوجدان في نفس التوقيت في القاهرة، مشيرة إلى أن أعضاء في مجلس النواب الليبي حاولوا أيضاً عقد اجتماع بين الطرفين لحسم الخلافات العالقة بينهما.
وهذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها خلاف علني بين صالح وحفتر على السطح، كما وقعت في السابق خلافات مكتومة بين حفتر وعبد الله الثني رئيس الحكومة المؤقتة الموالية لمجلس النواب.
ووصل صالح إلى القاهرة قبل يومين للمشاركة في المؤتمر الثالث للبرلمان العربي، بينما يقوم حفتر منذ مساء الأربعاء الماضي بزيارة غير معلنة للعاصمة المصرية، حيث التقى بوزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، كما عقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين عسكريين وأمنيين.
من جهتها، أعلنت حكومة الثني في بيان أمس أن مجلس الوزراء وقادة بنغازي الأمنيين والتنفيذيين أقروا إجراءات أمنية مشددة لمنع وقوع اختراقات إرهابية في المدينة، خلال اجتماع طارئ عقدوه مع الثني.
واعتبر الثني أن انتصارات قوات الجيش الوطني الليبي والقوات المساندة له بمدينة بنغازي، لن يكون لها قيمة إلا بتحقيق الأمن من خلال العمل الأمني، لافتاً إلى أن «العدو يستخدم العمليات الانتحارية» لأجل زعزعة الوضع الأمني في المدينة.
ونقل البيان عن الثني تأكيده إصداره تعليمات لتركيب كاميرات ومنظومات مراقبة في مساجد المدينة وربطها بالغرفة الأمنية الرئيسة التابعة لوزارة الداخلية، مشيراً إلى أنه سيتم تركيب بوابات إلكترونية، بالإضافة إلى الاستعانة بآليات كاشفة للمتفجرات بقيمة 12 مليون دولار أميركي، وتركيب 700 كاميرا على مستوى المدينة حتى شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، بالتزامن مع استخدام منظومات لتشويش الاتصالات في المساجد.
وتضمنت الإجراءات الجديدة، بحسب ما أعلنه الثني، تعليمات بشأن فتح المساجد لصلاة الجمعة قبل الآذان بنصف ساعة على أن تغلق بعد الصلاة بـ10 دقائق، فضلاً عن إحكام إغلاق جميع أبواب المساجد الداخلية والخارجية، وتركيب حماية لجميع الأبواب والشبابيك الخاصة بالمسجد، وتركيب أجهزة قطع تغطية شبكات الاتصالات داخلها، مع إقامة حواجز أمام المساجد لمنع وقوف السيارات بالقرب منها، مع منع ركن الشاحنات. وأوضح أنه تم أيضا الاتفاق على إعادة تأهيل أفراد الشرطة وتفعيل قوات المشاة، والتعاقد مع إحدى الشركات المختصة في استجلاب كلاب تتبع الأثر.
وقررت أمس الغرفة الأمنية المركزية في بنغازي إغلاق المدارس فيها «لأسباب فنية»، نافية أن يكون قرارها عائداً إلى مخاوف من حدوث عمل إرهابي في إحدى المدارس. وأكدت، في بيان، أن يوم أمس هو عطلة رسمية للطلاب بناء على قرار من وزارة التعليم بالحكومة لتفادي التزاحم الذي قد يحدث جراء فتح المصارف وتوفير السيولة، مشيرة إلى أنها تشرف بشكل منتظم وبكامل إمكانياتها على تأمين كل الفروع المصرفية لمدينة بنغازي.
وتأتي هذه الإجراءات غير المسبوقة في المدينة بعدما شهدت خلال أقل من شهر واحد عمليتين إرهابيتين، آخرهما خلال صلاة يوم الجمعة الماضي، عندما قتل شخصان وأصيب 143 بينهم أطفال بجروح بانفجار في مسجد. وفي الشهر الماضي، وقع تفجير مزدوج بسيارتين مفخختين أمام مسجد في حي السلماني أثناء خروج المصلين من صلاة العشاء، مما تسبب في مقتل 34 شخصاً.
من جهتها، أعلنت حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج وتحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة في طرابلس، أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قدم 17 مليون دولار لتمويل مشروعات صغرى في بعض البلديات الليبية. وجاء الإعلان عقب اجتماع بين مسؤولين من وزارة الحكم المحلي بحكومة السراج بالعاصمة ومنسق مشروع القدرات ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا صالح الشيباني. وقالت الوزارة، في بيان، إن «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قدم 23 مليون دينار (17 مليون دولار) لتمويل مجموعة من المشاريع الصغرى في بعض البلديات»، من دون أن تفصح عن مزيد من التفاصيل.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.