«أوبك» تتوقع زيادة الطلب العالمي وتأخر التوازن بسبب الإنتاج الأميركي

ارتفاع مستوى الالتزام باتفاق النفط

أحد حقول النفط في مقاطعة ميد لاند بولاية تكساس الأميركية (غيتي)
أحد حقول النفط في مقاطعة ميد لاند بولاية تكساس الأميركية (غيتي)
TT

«أوبك» تتوقع زيادة الطلب العالمي وتأخر التوازن بسبب الإنتاج الأميركي

أحد حقول النفط في مقاطعة ميد لاند بولاية تكساس الأميركية (غيتي)
أحد حقول النفط في مقاطعة ميد لاند بولاية تكساس الأميركية (غيتي)

قالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أمس إن الطلب العالمي على النفط سينمو بوتيرة أسرع من المتوقع في 2018 بسبب متانة الاقتصاد العالمي، ليضيف بذلك دعما إلى جهود المنظمة الرامية إلى التخلص من تخمة المعروض من الخام في الأسواق العالمية عبر خفض الإمدادات.. لكن المنظمة قالت في تقريرها الشهري إن سوق النفط لن تتوازن مجددا إلا قرب نهاية 2018، لأن الأسعار الأعلى تشجع الولايات المتحدة ومنتجين آخرين غير أعضاء على ضخ المزيد.
وقالت أوبك إن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بمقدار 1.59 مليون برميل يوميا هذا العام، بزيادة 60 ألف برميل يوميا عن التوقعات السابقة. وأردفت المنظمة التي تتخذ من فيينا مقرا قائلة في التقرير أن «التطورات الاقتصادية الصحية والمستقرة خلال الآونة الأخيرة في مراكز طلب النفط العالمية الكبرى كانت المحرك الرئيسي وراء نمو الطلب النفطي القوي». وأضافت أن «هذه الصلة الوثيقة بين النمو الاقتصادي والطلب النفطي من المتوقع أن تستمر، على الأقل في الأجل القصير».
وأشارت المنظمة إلى أن الوقود المستخدم في وسائل النقل مثل البنزين ووقود الطائرات والديزل سيشكلون الجزء الأكبر من تنامي الطلب على النفط عام 2018، مدفوعين بثبات مبيعات المركبات في الولايات المتحدة والصين والهند. وسيشكل كذلك التوسع الذي يشهده قطاع المشاريع البتروكيماوية في الولايات المتحدة وبقدر أقل في الصين عاملا مساهما آخر في زيادة الطلب على النفط.
وسجلت أسعار النفط تغيرا طفيفا بعد نشر التقرير، محافظة بذلك على المكاسب التي حققتها في الآونة الأخيرة ليجري تداولها دون 64 دولارا للبرميل. وتجاوزت الأسعار 70 دولارا للبرميل هذا العام للمرة الأولى منذ أواخر 2014.
وفي مقابل توقعات الطلب القوي، قالت أوبك إن المنتجين غير الأعضاء سيزيدون المعروض بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا هذا العام. وهذه زيادة مقدارها 250 ألف برميل يوميا عن الشهر السابق، وهي الثالثة على التوالي من توقع كان يبلغ 870 ألف برميل يوميا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وقال تقرير أوبك: «تعافي سعر النفط المطرد منذ صيف 2017، وتجدد الاهتمام بفرص النمو، أفضى إلى قيام شركات النفط الكبرى بتعويض تأخرها على صعيد أنشطة التنقيب هذا العام؛ سواء في قطاع النفط الصخري أو أعمال المياه العميقة»، مشيرة إلى أنه «من غير المتوقع أن تستعيد السوق توازنها إلا قرب نهاية العام الحالي».
والموعد الذي تتوقع أوبك أن تعود سوق النفط فيه إلى التوازن ليس بأقرب من التوقعات السابقة، على الرغم من الطلب الأعلى وانخفاض المخزونات ومستوى الامتثال القوي باتفاق خفض الإمدادات.
وقبل عام، بدأت أوبك وروسيا ومنتجون آخرون من خارج المنظمة خفض الإمدادات في مسعى للتخلص من تخمة في المعروض من الخام تكونت منذ 2014، ومدد المنتجون الاتفاق حتى نهاية عام 2018.
وبالأمس، نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قوله إن الخروج من اتفاق خفض إنتاج النفط العالمي بين أوبك والدول غير الأعضاء سيستغرق من شهرين إلى خمسة أشهر في حالة اتخاذ قرار كهذا. ونسبت الوكالة إلى نوفاك قوله إن الاتفاق حقق ثلثي الهدف منه.
وقال التقرير إن إنتاج أوبك انخفض في يناير (كانون الثاني) الماضي، استنادا إلى البيانات التي تجمعها المنظمة من مصادر ثانوية، بواقع ثمانية آلاف برميل يوميا، إلى 32.302 مليون برميل يوميا.
وارتفع مستوى التزام الإحدى عشرة دولة من أعضاء أوبك المشاركة في الاتفاق بمستويات الإنتاج المستهدفة إلى 137 في المائة وفق حسابات رويترز التي استندت إلى بيانات أوبك، مقارنة مع 129 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) استنادا إلى تقرير الشهر الماضي.


مقالات ذات صلة

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

الاقتصاد خزانات تخزين النفط الخام في منشأة «إينبريدج» في شيروود بارك في أفق مدينة إدمونتون في كندا (رويترز)

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

انخفضت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، يوم الخميس، بعد زيادة كبيرة في مخزونات الوقود في الولايات المتحدة أكبر مستخدم للنفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شعار «شل» خلال المؤتمر والمعرض الأوروبي لطيران رجال الأعمال في جنيف (رويترز)

«شل» تحذر من ضعف تداول الغاز الطبيعي المسال والنفط في الربع الأخير من العام

قلّصت شركة شل توقعاتها لإنتاج الغاز الطبيعي المُسال للربع الأخير وقالت إن نتائج تداول النفط والغاز من المتوقع أن تكون أقل بكثير من الأشهر الـ3 الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

النفط يرتفع بدعم تراجع المخزونات الأميركية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الأربعاء، مع تقلص الإمدادات من روسيا وأعضاء منظمة «أوبك»، وبعد أن أشار تقرير إلى انخفاض آخر بمخزونات النفط الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد ضباط تفتيش الهجرة يرتدون بدلات واقية يتفقدون ناقلة تحمل النفط الخام المستورد في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين (أرشيفية - رويترز)

أسعار النفط ترتفع وسط مخاوف متزايدة من تعطل الإمدادات

عكست أسعار النفط الانخفاضات المبكرة يوم الثلاثاء، مدعومةً بمخاوف من تقلص الإمدادات الروسية والإيرانية في مواجهة العقوبات الغربية المتصاعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في المحيط الهادئ في سيل بيتش بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

أسعار النفط تواصل التراجع في ظل توقعات وفرة المعروض وقوة الدولار

واصلت أسعار النفط خسائرها للجلسة الثانية على التوالي يوم الثلاثاء بفعل تصحيح فني بعد صعود الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.