أمين رابطة العالم الإسلامي: الأفكار الواعية تحترم حق غيرها في الوجود والعيش بكرامة

مؤتمر واشنطن للتحالف بين أتباع الأديان ومحبي السلام ينشئ مجلساً دولياً لدعم الوساطات والمصالحات العالمية

الدكتور العيسى يلقي كلمته في المؤتمر
الدكتور العيسى يلقي كلمته في المؤتمر
TT

أمين رابطة العالم الإسلامي: الأفكار الواعية تحترم حق غيرها في الوجود والعيش بكرامة

الدكتور العيسى يلقي كلمته في المؤتمر
الدكتور العيسى يلقي كلمته في المؤتمر

دعا الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، إلى ضرورة أن يلتزم الجميع بالحوار الفعال الكفيل بنشر الوئام والسلام بين جميع البشر في مختلف مجتمعات العالم.
جاء ذلك في كلمته خلال مؤتمر واشنطن للتحالف بين أتباع الأديان ومحبي السلام الذي نظّمه منتدى تعزيز السلم في واشنطن بحضور 400 شخصية دينية وسياسية واجتماعية وفكرية وحكومية من مختلف دول العالم.
وأوضح الدكتور العيسى أن العالم اليوم يشكو ضعف استيعاب سنة الخالق في التنوع الديني والفكري والثقافي والحضاري، وكذلك عدم استيعاب البعض لأهمية التعايش بين الجميع، باعتبارها قاعدة أساسية لتحقيق السلام والوئام بين البشر.
واستذكر التاريخ الإنساني المليء بالأحداث والعظات، من خلال استعراض موجز لتفسيره في شأن الأديان والمذاهب والمدارس الفكرية والفلسفية، وما نتج عن بعضها من كيانات سياسية وغير سياسية، فقد وُجدَ أن هناك حقيقة لا يمكن لأي مستنير أن يتجاهلها، وهي أن السجال الديني والمذهبي والفكري المفضي للصدام والصراع بما يحمله من كراهية وحقد وازدراء، لم يكن يوماً من الأيام في صالح طرف على حساب طرف؛ فالكاسب في الظاهر ليس منتصراً حقيقة، وإنما يُهَيْمِنُ بقوته المادية فحسب، وهو في واقع حاله خاسر لقيمه، مسيءٌ لقضيته، ولا كاسب مطلقاً في صراع الكراهية والأحقاد المتبادلة، فالكل خاسر.
وأشار الشيخ العيسى إلى خطورة غياب منطق الحوار والحكمة، وازدياد عتمة التاريخ بفعل فصوله المظلمة، نتيجة عتهٍ بشري استغل الأديان ووظفها لصالح مشروعه الخاص، فكانت الأديانُ وقودَهُ وضحيتَهُ.
وشدد على أن الأهواء والمطامع الشخصية أدت إلى استمرار مشهد الأمس بسياق تاريخي مؤلم، فضلاً عن تأثير المصالح السياسية، وغياب تكامل القدرات التأهيلية لعدد من المرجعيات الدينية، وضعف التواصل والحوار الفعال والمثمر، وعدم استثمار المشتركات وبخاصة تلك المتعلقة بمنظومة القيم والتعايش، مما كان له أثر ملموس على واقعنا اليوم.
ولفت العيسى إلى أن الصراع الديني والفكري وما ينتج عنه من تطرف وتطرف مضاد لا يتحمل مسؤوليتَهُ المختطفون فكرياً وحدهم؛ فهم مجرد قطيع تائه في عهدة الذئاب، بل يتحمله أيضاً من وضع أرضية تلك الصراعات والصدامات، وأسس لنظريات الكره والحقد والعداء لكل مخالف له في الدين والفكر والثقافة.
وأكد أن التنوع الديني والفكري والثقافي يجب ألا يتجاوز القناعة إلى حالة الفرض والإكراه والإقصاء والصدام، لأن كل شيء يمكن فرضه بالقوة ما عدا الأفكارَ والمعتقدات.
واعتبر أن النظرة المنطقية تكشف عن أن الأفكار والآراء تكون أقرب وعياً وتحضراً عندما تَحْترم حق غيرها في الوجود والعيش بكرامة، مع محبة الخير للجميع، والتعاوُنِ معهم للصالح المشترك، وصالح الإنسانية جمعاء.
وقال إن بمقابل هذا همجية سادت طويلاً ولا تزال يُذْكِيها في عالم اليوم من حين لآخر نازيون جدد بصيغ أخرى، وقد ساعدهم على إشعال العداوة والصراع بعضُ حاملي علم الأديان دون فقه ولا وعي ولا حكمة، فما أسهل جمع النصوص وحفظها، وما أقل فهمها، وأندرَ رجالها.
وأوضح أن الأديان عبر تاريخها قد عانت من حَفَظَة النصوص المتصدرين لساحاتها العلمية والفكرية دون استيعاب ولا وعي، فكانوا وبالاً على الأديان وأنفسهم قبل غيرهم.
وأشار إلى أن للخالق تدبيراً كونياً لا بد للجميع من فهمه والعملِ على ضوئه، ومع إشكالية الغفلة والجهل فإن ثمة مشكلة أكبرَ من ذلك وهي التجاهل والمكابرة لهذه السنة، ومن ثم السيرُ على خلافها بما يعاكس شرط سلام عالمنا.
وطالب بمعالجة ازدراء أتباع الأديان، والتصدي الحكيم لفوبيا الأديان، والدعوة للحوار الفعال، والتفرقة بين التفهم والقناعة؛ فالأول يُقر بسنة الخالق في الاختلاف والتنوع والتعددية، والثاني يُقر بأن العقائدَ والقناعاتِ لا تُفرض، وأن عدم قبولها لا يعني المواجهة بينها والإكراه عليها، مع التحذير من توظيف الدين لأي غرض مادي، ومن الإساءة للعواطف الدينية بما يصرف بعضها عن مسارها الطبيعي، والتأكيد على عقد اللقاءات الدورية للتذكير والمذاكرة حول المشتركات بين الأديان والثقافات، ومن ثم الانفتاح والتعاون والتعايش على ضوئها، مع التعزيز المستمر لجميع أساليب فهم الآخر.
ورأى أن النصوص الدينية كالنصوص الدستورية والقانونية يستطيع كل فاسد أن يتلاعب بتأويلها ويتعسف في دلالاتها لصالح مطامعه، لكن صوت الحق والعدل والحرية سيقف أمامه بكل شجاعة وقوة.
وأكد العيسى أن كل عنف باسم الدين يوجد خلفه تقاعس وإهمال من حكماء وعقلاء الدين، سواء في تموضعهم الديني أو في نشاطهم، وعلى قدر عزم الكبار تكون الأفعال، وتُبنى صروح المحبة والسلام.
ونبّه إلى أهمية أن تكون البرامج الدينية والتربوية منصبة أكثر على ترسيخ القيم السلوكية والأخلاقية، واحترام الآخرين، وتفهم سنة الخالق في التعدد والتنوع، وتعزيز قيم السلام والمحبة الإنسانية، والتعاون على ضوئها وفي مشتركاتها المتعددة.
وكان الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة قد ألقى كلمة في المؤتمر أكد فيها ضرورة تحويل جميع النتائج الإيجابية في اللقاءات المماثلة إلى عمل دائم، يكون نموذجاً لكل أتباع الديانات والفلسفات، ويُظهِر الدين على شكله الحقيقي باعتباره قوة سلام وعامل جذب بين المختلفين، وليس سبباً في الحروب ونشر الكراهية.
ودعا الشيخ بن بيه إلى ترسيخ مبدأ التعارف والصداقة بين الجميع، والتشجيع على المبادرة بالأعمال الإنسانية ومساعدة المرضى والمحتاجين، بما يُمليه الموروث الديني وتدعو له الأخلاق الإنسانية.
وانتهى المؤتمر إلى عدد من التوصيات والمقررات من بينها الدعوة لإنشاء مؤسسة تعنى بتطوير وتفعيل مبادئ ومقاصد «إعلان واشنطن»، وإطلاق حملة إنسانية لإطعام مليار جائع على مستوى العالم، وتكوين مجلس دولي متعدد الديانات يضم قيادات بارزة من رجال الدين لدعم الوساطات والمصالحات والتدخل السريع لإطفاء حرائق الحروب والفتن الأهلية استلهاماً للقيم المشتركة التي عليها تتأسس جهود تعزيز السلم في العالم.
الجدير بالذكر أن المؤتمر حظي بحضور كبير لشخصيات حكومية وأهلية حول العالم علاوة على قيادات دينية بارزة من مختلف الأديان والمذاهب، كما حضره مفكرون وإعلاميون عالميون.



اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

ناصر بوريطة مستقبلاً جاسم البديوي في الرباط (مجلس التعاون)
ناصر بوريطة مستقبلاً جاسم البديوي في الرباط (مجلس التعاون)
TT

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

ناصر بوريطة مستقبلاً جاسم البديوي في الرباط (مجلس التعاون)
ناصر بوريطة مستقبلاً جاسم البديوي في الرباط (مجلس التعاون)

وجّهت أمانة مجلس التعاون الخليجي، الخميس، دعوة رسمية لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة لحضور اجتماع مع نظرائه الخليجيين يوم 6 مارس (آذار) 2025 في السعودية؛ لبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وفق توجيهات القادة.

جاء ذلك خلال استقبال الوزير بوريطة، لجاسم البديوي أمين عام المجلس، الذي يقوم بزيارة رسمية للرباط في إطار تعزيز العلاقات الخليجية - المغربية، حيث استعرضا آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.

بوريطة والبديوي ناقشا الموضوعات ذات الاهتمام المشترك (مجلس التعاون)

وناقش الجانبان الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، أبرزها بحث مسيرة التعاون المثمر بين المجلس والمغرب في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية ضمن خطة العمل المشتركة، وسبل تطويرها والارتقاء بها إلى المستوى المنشود.

وثمّن البديوي اهتمام العاهل المغربي الملك محمد السادس بالعلاقات الأخوية والاستراتيجية التي تربط بلاده بالخليج على المستويات والأصعدة كافة، مؤكداً على ما تضمنه بيان القمة الخليجية الـ45، من أهمية الشراكة الاستراتيجية الخاصة.

ناصر بوريطة وجاسم البديوي خلال مؤتمر صحافي في الرباط (مجلس التعاون)

وأضاف أمين عام المجلس، خلال مؤتمر صحافي، أن الشراكة الخليجية - المغربية انبثقت عنها خطة طموحة للعمل المشترك في كثير من المجالات، وتعمل على تنفيذها لجنة من الجانبين.

وشدّد على مواقف دول المجلس وقراراتها الثابتة الداعمة لمغربية الصحراء، والحفاظ على أمن واستقرار المغرب ووحدة أراضيه، وقرار مجلس الأمن 2756 بتاريخ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بشأن الصحراء المغربية.