أكثر من مائة قتيل لحلفاء النظام بضربات للتحالف

مصدر كردي اعتبرها تحذيراً لروسيا من خرق قواعد الاشتباك

أكثر من مائة قتيل لحلفاء النظام بضربات للتحالف
TT

أكثر من مائة قتيل لحلفاء النظام بضربات للتحالف

أكثر من مائة قتيل لحلفاء النظام بضربات للتحالف

استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن ليل الأربعاء- الخميس مقاتلين موالين للنظام السوري غالبيتهم من العشائر العربية، في محافظة دير الزور في شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل العشرات، بعدما شن النظام هجوماً على مقر «قوات سوريا الديمقراطية» الذي يقوم المستشارون الأميركيون بتدريبهم. وفيما رأت الخارجية السورية أن الضربة تمثل «جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية ودعما مباشرا للإرهاب»، قال مصدر كردي بارز لـ«الشرق الأوسط» بأن الضربة تمثل «إنذاراً لروسيا كي لا تقوم بخرق قواعد الاشتباك الموضوعة بين الجانبين الأميركي والروسي في سوريا».
ونقل موقع فرات بوست المحسوب على المعارضة السورية والمتخصص في نقل أخبار المنطقة الشرقية عن مصدر طبي من داخل المستشفى العسكري في مدينة دير الزور، ومصدر آخر ميداني من القوات الحكومية أن «عدد العناصر التي قتلت جراء استهداف طيران التحالف لرتل تابع للنظام والقوات الموالية له شرق دير الزور ليلة أمس الأربعاء وفجر اليوم الخميس ارتفع إلى 137 قتيلاً، والرقم مرشح للارتفاع بسبب وجود عدد من الإصابات الخطرة».

وأفاد بأن «القتلى من مقاتلي لواء فاطميون وزينبيون ومقاتلين شيعة سوريين من بلدة حطلة، إضافة إلى عدد من ضباط الحرس الثوري الإيراني وعناصر من قوات النظام».
وكان ناشطون في دير الزور حذروا أول من أمس من تحشيدات للنظام في الجهة المقابلة لمناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على الضفة الشرقية لنهر الفرات، بهدف التمدد شرقاً للسيطرة على أربع قرى هي الصبحة وجديدة بكارة وجديد عكيدات ودحلة الخاضعة لسيطرة الفصائل العربية العاملة ضمن «قوات سوريا الديمقراطية».
وقال مصدر سوري معارض في دير الزور لـ«الشرق الأوسط»، بأن النظام أطلق هجومه بالفعل ليل الأربعاء – الخميس، وبدأ بقصف مدفعي استهدف جديد عكيدات ومناطق حولها، ما خلف موجة نزوح من المنطقة. وأضاف: «عندها، بدأت القوات العربية المقاتلة في صفوف «قوات سوريا الديمقراطي» بالتصدي لهجوم النظام، قبل أن يتدخل التحالف الذي نفذ ضربات جوية استهدفت آليات وتجمعات عسكرية للنظام، لمنعه من التقدم، وهو ما أجبره على التراجع إلى مناطق سيطرته في الصالحية والقرى المحيطة بها».
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن «التحالف بدأ قصفه بعد استهداف قوات النظام مواقع لقوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات بينها قرية جديد عكيدات وحقل كونيكو النفطي الذي تتواجد قوات من التحالف في محيطه»، متحدثاً عن مقتل 45 عنصراً من القوات العشائرية التابعة للنظام ولواء فاطميون الأفغاني والمسلحين الموالين لقوات النظام.
وأعلن التحالف الدولي فجر الخميس أن «قوات موالية للنظام شنّت في السابع من فبراير (شباط) هجوماً لا مبرر له» ضد مركز لقوات سوريا الديمقراطية شرق نهر الفرات في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق. وأوضح التحالف أن عناصر من قواته في مهمة «استشارة ودعم ومرافقة» كانت متمركزة مع قوات سوريا الديمقراطية حين وقع الهجوم. وأضاف أن «التحالف شن غارات على القوات المهاجمة لصد العمل العدائي» ضد عناصر من قواته وقوات سوريا الديمقراطية، في «إطار الدفاع المشروع عن النفس».
وقدر مسؤول عسكري أميركي «مقتل أكثر من مائة عنصر من القوات الموالية للنظام، في وقت كانت هذه القوات تشتبك مع قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف».
وقال الكولونيل توماس فييل من قوة العمليات المشتركة (وهي القيادة التي تشرف على المعركة ضد داعش في العراق وسوريا) للصحافيين مساء الأربعاء، بأن هجوم القوات السورية قد أدى إلى جرح جندي من قوات سوريا الديمقراطية، وأن القوات السورية التابعة للنظام قامت بإسقاط ما بين 20 إلى 30 طلقة مدفعية ومن الدبابات على بعد 500 متر من موقع مقر قوات سوريا الديمقراطية، وقامت قوات سوريا الديمقراطية مدعومة بقوات التحالف في اتخاذ هذا الإجراء دفاعا عن النفس.
وأشار الكولونيل فييل أنه من المحتمل أن القوات الموالية للنظام السوري كانت تحاول الاستيلاء على حقول النفط في خوشام التي تم تحريرها من سيطرة داعش في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ورفض مسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية تقديم تفاصيل حول الأصول العسكرية التي تم استخدامها في الهجوم الأميركي ضد القوات السورية المهاجمة، أو تسمية الدول التي شاركت في الهجمة.
وشن النظام أمس هجوماً دبلوماسيا على التحالف، معتبراً في رسالة وجهتها وزارة الخارجية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي أن «هذا العدوان الجديد الذي يمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية ودعما مباشرا وموصوفا للإرهاب يؤكد طبيعة النوايا الأميركية الدنيئة ضد سيادة سوريا ووحدة أرضها وشعبها»، بحسب وصفها. وجددت «الحكومة السورية المطالبة بحل هذا التحالف غير الشرعي بوصفه قوة حماية ومساندة ودعم للإرهاب».
وقال مصدر كردي سوري لـ«الشرق الأوسط»، بأن واشنطن وضعت «خطاً أحمر أمام تقدم أي قوات إلى مناطق يسيطر عليها حلفاؤها»، مشدداً على أن التحالف «يؤكد مرة أخرى دفاعه عن حلفائه، وأنه لا يسمح لأي طرف بأي يسيطر على مناطق ساهم التحالف الدولي بتحريرها من الإرهاب». وقال إن الضربة تمثل «إنذاراً لروسيا كي لا تقوم بخرق قواعد الاشتباك الموضوعة بين الجانبين الأميركي والروسي في سوريا».
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن القصف الأميركي «الجوي وبصواريخ أرض أرض» من جهته أسفر عن مقتل 45 عنصراً غالبيتهم من مقاتلي العشائر الذين يقاتلون إلى جانب قوات النظام، فضلاً عن آخرين أفغان، مشيراً إلى أنه تسبب أيضاً بتدمير أسلحة ثقيلة من دبابات ومدافع وآليات. وأفاد الإعلام الرسمي السوري أن التحالف الدولي استهدف مقاتلين موالين للقوات الحكومية، واصفاً القصف بـ«العدوان الجديد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.