عشائر دير الزور تتهم الأكراد بسحب قواتها مقابل تحشيدات النظام

«سوريا الديمقراطية» تنفي أي صفقات مع النظام

عشائر دير الزور تتهم الأكراد بسحب قواتها مقابل تحشيدات النظام
TT

عشائر دير الزور تتهم الأكراد بسحب قواتها مقابل تحشيدات النظام

عشائر دير الزور تتهم الأكراد بسحب قواتها مقابل تحشيدات النظام

كشف معارضون سوريون في دير الزور أن قوات النظام تحشد قواتها في الجهة المقابلة لمناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على الضفة الشرقية لنهر الفرات، بهدف التمدد شرقاً، متهمة القوات الكردية بسحب عناصرها مع أسلحتها الثقيلة من المنطقة ضمن اتفاق مع النظام والجيش الروسي، وهو ما نفته الناطقة باسم «حملة دير الزور»، قائلة إن «سوريا الديمقراطية سترد على أي اعتداء»، وإنه «لا اتفاقات مع النظام حول دير الزور ولا عفرين».
وقال مدير شبكة «الخابور الإعلامي» في دير الزور إبراهيم الحبش، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام بدأ من الثلاثاء بحشد قواته تحت غطاء روسي على الضفة الشرقية لدير الزور بهدف السيطرة على أربع قرى هي الصبحة وجديدة بكارة وجديد عكيدات ودحلة الخاضعة للفصائل العربية العاملة ضمن «قوات سوريا الديمقراطية». ونقل عن قائد عسكري في تلك القوات قوله، إن المقاتلين العشائريين «أبلغوا قوات التحالف بالتحشيدات، وكان الرد أن التحالف يفضل عدم الاصطدام بهم بالنظر إلى عدم توازن القوة بين الطرفين، وأن الأفضل هو الانسحاب». وقال إن القوات الكردية العاملة ضمن «سوريا الديمقراطية» في دير الزور «سحبت الأسلحة الثقيلة وسحبت المقاتلين، وتركت القوات العشائرية العربية بمواجهة هجوم النظام إذا حصل».
لكن الناطقة الرسمية باسم حملة دير الزور ليلى العبد الله، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في المنطقة المقابلة لوجود النظام في دير الزور «هادئ نسبياً»، مؤكدة أنه «إذا حصل أي اعتداء فلنا الحق بالرد والدفاع عن النفس». وإذ أشارت إلى أنه «بيننا وبين قوات النظام خطوط تماس، ونحن ننتشر على مسافات قريبة جدا»، أكدت «استحالة انسحابنا من المناطق التي حررناها من (داعش)، فنحن لا نفرط في دماء شهدائنا، ولا نزال نلقى الدعم الكامل من التحالف».
وتوجد قوات من التحالف في مناطق تبعد نحو 10 كيلومترات عن مناطق سيطرة النظام في المنطقة، قرب آبار النفط في شرق مدينة دير الزور، بحسب ما أفادت موسكو في وقت سابق. وتقول مصادر عشائرية في دير الزور لـ«الشرق الأوسط»، إنه في حال حاولت قوات النظام التقدم في المنطقة، فإن المخطط لا يبدو أنه سيشمل آبار النفط، استنادا إلى أن المقاتلين الأكراد التابعين لـ«سوريا الديمقراطية» يوجدون في تلك المنشآت النفطية ويوفرون الحماية لها.
وعن سحب المعدات الثقيلة، لم تنفِ العبد الله أنه «تم سحب أسلحة ثقيلة إلى خطوط المواجهة الأمامية مع (داعش)، طالما أن، هذه المنطقة هادئة نسبياً، مقابل مواقع سيطرة النظام حيث لا داعي لانتشار السلاح الثقيل»، مشيرة إلى أن المناطق الداخلية في الجبهات الخلفية «يوجد فيها مسلحون يحمونها بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة». ونفت العبد الله «كل الشائعات عن اتفاقيات مع النظام»، مشددة على أن «التحالف لا يزال يدعمنا لمواجهة الإرهاب في دير الزور»، مشيرة إلى أن «كل المعلومات عن نقل الأسلحة الثقيلة إلى عفرين، هو تقديرات خاطئة، لأن منبج وعفرين تمتلكان من السلاح ما يدفعهما لمواجهة الجيش التركي».
وكان الحبش نقل عن مصدر خاص من قوات العشائر العاملة ضمن «سوريا الديمقراطية» في دير الزور، قوله إن «هناك اتفاقاً كردياً مع النظام والروس يقضي بالانسحاب من قرى في الضفة الشرقية لدير الزور، مقابل منح الأكراد امتيازات في عفرين»، بينها تعزيزات بالسلاح أو السماح بنقل مقاتلين. وقال الحبش لـ«الشرق الأوسط» إن أحد القادة العسكريين اتهم الأكراد بأنهم «باعوا مقاتلي العشائر للنظام والروس»، مشيراً إلى أن الموقف المبدئي للعشائر هو «المواجهة في حال حاول النظام التقدم في المنطقة».
ويتحفّظ الأكراد على أي معلومات مرتبطة باتصالات مع النظام حول عفرين، لكن بالمجمل «هناك قنوات حوار غير مباشرة لم تنقطع للتنسيق حول أمور إنسانية»، كما قال مصدر كردي لـ«الشرق الأوسط»، نافياً في الوقت نفسه أية معلومات تتحدث عن محادثات لإدخال أسلحة وخلافها إلى عفرين. وقال المصدر: «الإدارة الذاتية وجهت للنظام دعوة علنية لحماية أراضيها، ونحن لا نعترض على خطوات تتخذها دمشق لحماية أراضيها من التوغل التركي»، لكنه أكد في الوقت نفسه أن «عفرين ترفض كل مساعي النظام لإعادة المؤسسات النظامية والأجهزة الأمنية»، مشدداً على أن «مطلبنا واضح، وهو أن ندير أنفسنا ضمن إطار الدولة السورية».



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.