تعزيزات أمنية في شمال سيناء تمهّد لعملية واسعة

«داعش» يستجدي دعم الأهالي مع اقتراب انتهاء مهلة السيسي

طوارئ طبية في شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
طوارئ طبية في شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
TT

تعزيزات أمنية في شمال سيناء تمهّد لعملية واسعة

طوارئ طبية في شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
طوارئ طبية في شمال سيناء («الشرق الأوسط»)

تواصلت التعزيزات الأمنية لقوات الجيش والشرطة في محافظة شمال سيناء بمصر، في تأكيد لترجيحات مصادر أمنية وقبلية بتنفيذ «عمليات عسكرية كبرى» في أنحاء عدة بالمحافظة التي تشهد وجوداً لعناصر ما يُعرف بـ«ولاية سيناء» التابعة لتنظيم داعش.
ووصف شهود تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» تلك التعزيزات بأنها «غير مسبوقة»، كما أكدوا أنهم سمعوا دوي القذائف المدفعية بشكل شبه مستمر على مدار الـ72 ساعة الأخيرة، خاصة في مناطق جنوب العريش، التي تعتبرها قوات الأمن «مخابئ للعناصر الإرهابية».
ورصد شهود ما وصفوه بـ«حال استنفار أمني قصوى» في كمائن مراقبة الطرق عند مداخل المحافظة الغربية والجنوبية، وإجراء تدقيقات مشددة أثناء تفتيش المارة والسيارات.
وتأتي تلك التحضيرات قبل أسابيع من انتهاء مهلة حددها الرئيس عبد الفتاح السيسي في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إذ وجه رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الفريق محمد فريد، ووزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، قائلاً: «أُلزم رئيس الأركان أمام شعب مصر، بالمسؤولية خلال 3 أشهر باستعادة الأمن والاستقرار في سيناء، واستخدام كل القوة الغاشمة من قبل القوات المسلحة والشرطة ضد الإرهاب، حتى اقتلاعه من جذوره».
وجاء كلام الرئيس المصري بعد أيام من هجوم أسفر عن مقتل 311 شخصاً كانوا يؤدون شعائر صلاة الجمعة في مسجد الروضة بمركز بئر العبد، فيما عرف بـ«مذبحة المصلين» التي يُشتبه في أن «داعش» نفذها.
ودفعت قوات الأمن بمزيد من القوات والآليات الحربية إلى مناطق التوتر في العريش والشيخ زويد ورفح، خلافا للتعزيزات التي تتمركز في وسط سيناء، مع إغلاق تام للطريق الدائري جنوب العريش.
وتشمل العمليات الأمنية انطلاق أرتال المدرعات نحو منطقة «نجع شيبانة» جنوب رفح، حيث تم التمهيد لدخول المدرعات والدبابات بقصف جوي، كما نشطت التحركات الأمنية في طرق مركز الشيخ زويد مشمولة بقصف مدفعي موجه جنوب المدينة.
وبدا لافتاً توزيع عناصر تنظيم «داعش سيناء» منشوراً في منطقة ميدان الفالح بالعريش، يدعو المواطنين إلى «التعاون» مع التنظيم، بداعي أنه «يحمل لواء الخلافة» المزعومة، ما اعتبر «محاولة غير معتادة لاستجداء الأهالي، رغم أنه وجه تحذيراً لهم في الوقت نفسه، بعدم التعاون مع قوات الجيش والشرطة».
من جهة أخرى، استمرت عمليات إنشاء منطقة «الحرم الآمن» حول مطار العريش الجوي، وهو الحرم الذي تحدث عنه الرئيس السيسي الشهر الماضي.
وأفادت مصادر محلية بأن «أهالي المنطقة المحيطة بالمطار بدأوا عمليات نزوح، فيما تم الدفع بجرافات مصفحة تحت حماية المدرعات وعربات الكشف عن المفرقعات للقيام بأعمال توسعة حرم المطار لمسافة تبلغ « كلم في جميع الاتجاهات عدا الجهة الشمالية للمطار التي تم تحديدها بنحو كيلومتر ونصف كيلومتر فقط»، وفقا لتصريحات اللواء عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء.
وقال مصدر أمني بشمال سيناء إن قوات «إنفاذ القانون عازمة تماماً على تطهير سيناء من الإرهاب، من خلال خطط أمنية وقوات ذات جاهزية عالية، مع تحصين النقاط الأمنية في المناطق الصحراوية وتعزيز قدرتها على رصد المدقات الجبلية، ومنع العناصر الفارة من الوصول إلى مرتفعات جبل الحلال بوسط سيناء أو التسلل إلى خارج المحافظة»، لافتاً إلى منع كمائن التفتيش في مداخل المحافظة وصول أي أشخاص لا يحملون إقامة في مراكز شمال سيناء أو ليس لديهم ارتباط بأعمال مختلفة في شكل ثابت فيها».
وفى سياق ذي صلة، أكد مصدر طبي في مستشفى العريش العام أن «تعليمات وصلت إلى المستشفى من مديرية الصحة، برفع حالة الطوارئ في جميع أقسام المستشفى خاصة في أقسام الاستقبال والطوارئ، ومنع الإجازات، مع وجود جميع الكوادر الطبية البشرية في مواقعها، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية وأكياس الدم بجميع المستشفيات التابعة للمديرية بنطاق المحافظة».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.