«فرانكنشتاين» وعصرنا... من يعيد الجني إلى القارورة؟

200 عام على صدور رواية ماري شِلي

«فرانكنشتاين» وعصرنا... من يعيد الجني إلى القارورة؟
TT

«فرانكنشتاين» وعصرنا... من يعيد الجني إلى القارورة؟

«فرانكنشتاين» وعصرنا... من يعيد الجني إلى القارورة؟

اءت رواية فرانكنشتاين في لحظة تاريخية مهمة كان الغرب يمر بها، فهناك من جانب صعود الفكر العلمي الذي رسخه مفكرو عصر التنوير خلال القرن الثامن عشر والذي بفضله اكتسبت العلوم التطبيقية منهجية قائمة على التجربة والاختبار؛ أي سيادة العقل على العاطفة، ومن جانب آخر بروز الحركة الرومانتيكية منذ أوائل القرن التاسع عشر والتي كانت تنادي بالعودة إلى الطبيعة وبضرورة تحقيق الإنسان لرغباته وقدراته من دون معوقات خارجية؛ أي سيادة العاطفة على العقل. وكان للشعراء الإنجليز مثل برسي شِلي واللورد بايرون وجون كيتس دور مهم في ترسيخ ملامحها عبر أشعارهم وعبر خياراتهم الحياتية. ولم تكن ماري بعيدة عن هذا الجو، فزوجها الشاعر شِلي كان منغمرا بمشروع كتابة مسرحية تحمل عنوان مسرحية المؤلف الإغريقي أسخيلوس المفقودة: «بروميثيوس طليقا»، وفيها جسد روح التمرد لدى هذه الشخصية الأسطورية التي سرقت النار من المجمرة الإلهية ومنحتها للإنسان فعوقبت على يد كبير الآلهة الإغريقية زيوس بشده على صخرة وهجوم نسر عليه كل يوم ليلتهم كبده المتجدد عقابا على تمرده. وحسب تأويل شِلي في مسرحيته الشعرية هذه، فإن لبروميثيوس القوة الكافية لمجابهة زيوس، بدلا من إيجاد نوع من المصالحة معه والتنازل له كما أشارت بعض الكتابات القديمة عن مسرحية أسخيلوس الأصلية.
صدرت الطبعة الأولى من رواية «فرانكنشتاين» قبل 200 عام، وبالضبط في يناير (كانون الثاني) من عام 1818 من دون الإشارة إلى اسم المؤلفة التي لم يتجاوز عمرها العشرين، في وقت ما زال شكل الرواية الكلاسيكي الذي أرساه الرواد الكبار مثل بلزاك وستاندال وفلوبير وديكنز لم يتحدد بعد، فلا أحد منهم كان نشر أي رواية حتى ذلك الوقت.
ولذلك فإن الحبكة التي استندت إليها ماري شلي تعتمد على تقليد شهرزاد في سرد حكاياتها واحدة بعد الأخرى، فهناك الشاب القبطان روبرت والتون الذي يسعى إلى تحقيق اكتشاف طريق بحري ينقله من القطب الشمالي إلى منطقة دافئة، وخلال رحلته يتواصل مع أخته عبر المراسلة، ثم هناك فرانكنشتاين الذي ينقذه بحارة هذه السفينة فيبدأ بسرد حكايته مع مخلوقه المسخ لقبطان السفينة والتون، وخلال ذلك القص نسمع حكاية المسخ فيما عاناه من البشر على لسانه، ليعود صوت القبطان لاحقا في تواصله مع أخته.
في الرواية هناك إشارة لقصص السندباد البحري، وهذا ما يجعل فكرة خروج الجني من قارورة الصياد ثيمة أساسية في الرواية، بعد تمويهها بإطار العلم والتكنولوجيا اللذين بدآ يرسمان ملامح عصر البخار، جنبا إلى جنب مع بروز النظريات الأولية عن الكهرباء المكتشفة للتو، وعن قدراتها التي ما زالت غامضة في عقول العلماء والباحثين. غير أن عدم معرفة ماري شلي بالأسس العلمية التي يمكن معها تحقيق ترقيع أجزاء تعود لجثث عديدة، لخلق كائن جديد ثم بث الحياة في الكائن، جعلها تختصر كل هذه العملية بالفصل الرابع من الرواية، بشكل غامض، ومن دون تقديم أي آلية أو مبررات مقنعة، فبعد صفحات قليلة نرى هذا الكائن واقفا بجانب خالقه الطالب الجامعي فرانكنشتاين فيهرب الأخير منه.
ما يترتب على الحكاية هو قتل المسخ لأخي فرانكنشتاين الأصغر وعروسه انتقاما على خلقه إياه بعد أن لاقى نفورا ورفضا كاملين من الناس جعلاه يعاني من الوحدة، عدا عن الإساءات التي كانت تلحق به من قبلهم مقابل مساعدته لهم.
لن ينجح فرانكنشتاين في التخلص من المسخ الذي خلقه لأن قدرات الأخير الجسدية في الركض وقطع البراري والبحار من دون واسطة نقل تجعله أقرب لسوبرمان منفلت العقال في شروره، ولن يهلك هذا المسخ إلا بعد وفاة فرانكنشتاين تحت وطأة الندم واليأس.
لم تلق رواية فرانكنشتاين نجاحا كبيرا عند صدورها، فالرواية الواقعية الصاعدة جذبت أوسع القراء إليها، حيث شكلت المتعة الشعبية الأولى آنذاك، ولعل ذلك كان وراء عدم الإعلان عن اسم مؤلفتها حتى في الطبعة الثانية ولم يتم الكشف عن اسم ماري شلي إلا في الطبعة الثالثة عام 1838.
بشكل عام، لم تحظ ماري شلي بالشهرة والنجاح الكبيرين اللذين تمتعت به الكاتبات آنذاك على قلتهن مثل الأخوات برونتي وجورج إليوت على الرغم من إصدارها سبع روايات أخرى.
غير أن حظوظ النجاح انقلبت لروايتها البكر بعد مرور أكثر من قرن، وبعد ظهور السينما فكان إنتاج أول فيلم صامت مقتبس من فرانكنشتاين عام 1910.
ومنذ ذلك التاريخ والأفلام السينمائية المقتبسة عن رواية فرانكنشتاين تتوالى، إذ بلغت حتى عام 2005 عددا يربو على 75 فيلما، ناهيك عن عدد لا محدود من العروض المسرحية والموسيقية وكتب الروايات المصورة والألعاب.
غير أن تأثير الرواية تجاوز كثيرا حضورها الكبير في السينما والمجالات الفنية الأخرى، فهي كانت حجر الأساس الذي تأسس عليه صنف أدب الخيال العلمي منذ أوائل القرن العشرين.
وما منح الرواية، التي تغلغلت في مخيلة الفتاة ماري شِلي في البدء ككابوس، تلك القوة على التأثير بعد مرور أكثر من قرن هو التماثل المجازي بين علماء القرن العشرين والعالم المُتخيَّل فرانكنشتاين، فهم يشبهونه في ذلك الطموح باختراق المجهول ظنا منهم أنهم سيخدمون البشرية، وهم في جهودهم المضنية تمكنوا من اكتشاف الذرة أولا، ثم مضوا خطوة أبعد بالتمكن من إطلاق ما بداخلها من أشعة قاتلة بعد تفجير نواتها، فكانت هناك كوارث هورشيما وناكازاكي وتشيرنوبل التي راح ضحيتها عشرات الألوف من البشر. وفي مجال علم الوراثة ساعد الكشف عن الحمض النووي والجينات على بروز الهندسة الوراثية كحقل خصب يساعد على تحسين شروط العيش، لكنه في الوقت نفسه قابل للاستغلال وإطلاق مسوخ كثيرة تتجاوز بمسافة بعيدة مسخ فرانكنشتاين، إذ ما عادت هناك ضرورة لتكرار محاولات بطل رواية ماري شلي الساذجة في تجميع أجزاء الجسم البشري وتخييط بعضها ببعض بل بالإمكان تحقيق ذلك من خلال التلاعب بجينات بويضة مخصبة أو حتى بخلية عادية كما هو الحال في الاستنساخ الوراثي الذي بدأ باستنساخ نعجة أطلِق عليها اسم دولي عام 1996.
وعلى الرغم من كثرة وتنوع روايات وأفلام الخيال العلمي فإننا نجد أن معظمها يكرر العقدة الأساس والجوهرية في رواية فرانكنشتاين، وهذه تتمثل في تورط علماء الفضاء أو الوراثة أو الذرة بالمضي خطوات بعيدة في اكتشافاتهم النظرية، ثم انتقالهم إلى تطبيقها على أرض الواقع دون معرفة نتائجها على الأمد البعيد، وهذا تحت تأثير إغراء المال أو سطوة فضول مهووس أو هيمنة وهم ما بأن الاختراع سيصب في خدمة البشرية، ثم تأتي النتائج عكس ما كان يتوقعه هؤلاء العلماء.
لعلي أجد في ماري شِلي شهرزاد أخرى عاشت عصراً قريباً لنا: عصراً بلغ به الإنسان مفترق طرق: بين العلوم والتكنولوجية المقنِّنة لحرية الإنسان ونوازعه، وبين ما تمنحه من قدرات للإنسان في تغيير قدره وقدر ملايين البشر من حوله.
ولعلي أجد في رواية فرانكنشتاين حكاية أخرى من حكايات شهرزاد بصيغة أحدث: إنها حكاية صياد السمك الذي وقعت في شبكته قارورة مختومة وحين فتحها خرج منها جني عملاق أراد قتله. لكن صيادنا أقدر من فرانكنشتاين في النجاة عبر الحيلة حين شكك بحقيقة خروج الجني من القارورة فما كان من الأخير إلا أن عاد إلى القارورة، ليثبت صحة دعواه، فأسرع الصياد بإغلاق غطائها. فهل بالإمكان إعادة الديناصورات إلى حمضها النووي وإعادة الطاقة النووية إلى ذراتها؟



كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.