عندما أعلن «ستيف غوبز» عن أول هاتف «آيفون» في عام 2007 كان هدفه أن يصل منتجه إلى كل بيت في المعمورة وقد تحقق له ما أراد، فلا يكاد يخلو بيت الآن من هاتف «آيفون» أو جهاز «آيباد» أو لابتوب «ماك» أو أي عتاد آخر علامته التجارية تلك التفاحة المقضومة. وبعد هذا النجاح الذي فاق كل التوقعات، تجد «آبل» نفسها الآن مطالبة بأن تجد حلاً لإدمان الناس على منتجاتها. والغريب أن هذا الطلب أتى من أكبر المستثمرين فيها.
ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال» فقد طالبت كل من شركة «جانا بارتنرز»، وهيئة نظام تقاعد معلمي ولاية كاليفورنيا اللذين يسيطران معاً على أسهم في «آبل» تقدر قيمتها بنحو ملياري دولار، «آبل» ببحث أثر الاستخدام المفرط للهواتف الذكية على الصحة العقلية بالإضافة إلى تطوير برنامج يسمح للآباء والأمهات بالحد من استخدام أبنائهم لأجهزة الشركة.
يقول توني فاديل، الذي عمل في شركة «آبل» كنائب الرئيس الأول لأجهزة «آيبود» وأحد المساهمين الرئيسيين في تصميم أجهزة «آيفون» وآيباد، إننا نحتاج لدراسة ومعرفة العواقب - غير المقصودة - التي يسببها إدمان التقنية، وتحديد سبل للتخفيف منها، وإيجاد طريقة جديدة لإدماجها في حياتنا.
ولا يقتصر هذا الأمر على شركة «آبل» فقط، فكما تقول مخترعة زر الإعجاب (Like Button) «لييا بيرلمان»، والذي يعتبر أحد أكثر الأسباب التي أدت إلى إدمان العديد من المستخدمين على موقع «فيسبوك»، أنها رغم فخرها بهذا الاختراع، فإنها تتحمل جزءاً من مسؤولية هذا الإدمان.
قضية إدمان التقنية ليست مشكلة شركة معينة فحسب، فشركة مثل «آبل» ليست الوحيدة المسؤولة عن إيجاد حل لهذه المعضلة، إنما هي مسؤولية جميع الشركات الكبرى كشركة «فيسبوك»، «تويتر» و«غوغل» وغيرها من الشركات العملاقة. لربما يكون السبب الرئيسي لتوجيه الأنظار لشركة «آبل» كونها شركة سباقة في كل مجالات التقنية، ولا شك أن اهتمامها بحل مشكلة الإدمان التقني وخصوصا عند الأطفال من شأنه أن يحرك الشركات الأخرى في الاتجاه نفسه، وهذا ما يأمله كل شخص يستعمل هذه الأدوات التقنية التي سيطرت على حياتنا وعقولنا.
التغلب على الإدمان
كيف تستطيع «آبل» المساعدة في التغلب على الإدمان؟ يعتمد نموذج الأعمال الخاص بشركة «آبل» على بيع منتجات ذات جودة عالية ذات هامش ربحي كبير، ولذا فهي لا تعتمد على إدمان التقنية لتسويق منتجاتها عكس الشركات التي تعمد على إبقاء المستخدم لأكبر فترة ممكنة على موقعها كـ«فيسبوك» و«تويتر» مثلا للزيادة من نسبة ظهور الإعلانات التي تدر أرباحا تقدر بالملايين يوميا. وهناك بعض الميزات التي نتمنى أن نراها في التحديثات المقبلة لنظام «آي أو إس»:
* الحد من الإشعارات. لربما يفضل الكثيرون أن تصلهم الإشعارات أولا بأول، ولكن ما لا تعلمه أن هذه التنبيهات المتكررة الصادرة من هاتفك ستجعلك تفعل أشياءَ لم تخطط لها في بداية يومك. لذا، سيكون من المفيد لو استطاعت «آبل» أن تحد من كمية الإشعارات والتنبيهات التي يصدرها كل تطبيق خلال اليوم.
* الحد من الإعلانات. ربما يكون هذا الحل أصعب مما تتخيل، فالعديد من الشركات تعتمد أساسا على الإعلانات كمصدر للربح، ولكن نتمنى أن نرى هذه الميزة متوفرة في هواتف «آيفون» وأجهزة الآيباد بحيث تمنح المستخدم خيار إبطال الإعلانات لو أراد.
* تطبيق لحساب الوقت التي تقضيه مع هاتفك. ماذا لو استطاعت «آبل» تطوير تطبيق يرسل لك تقريرا يوميا عن عدد الساعات التي قضيتها وأنت تستعمل هاتفك؟ ألن يكون ذلك مفيدا لك كمستخدم لتفكر جديا في إمكانية تقليل هذه الساعات؟ أيضا سيكون من المفيد أن تشجعنا «آبل» على ترك الهاتف عن طريق رسائل توجيهية توعوية من خلال هذا التطبيق. وعلى سبيل المثال، يصلك تقرير يفيد بأنك أمضيت أكثر من 6 ساعات أمام شاشة هاتفك، ثم يتفاعل معك التقرير ويسألك: «ألم يكن من الأفضل أن تمارس رياضة المشي بدل استعمال هاتفك طوال هذه الوقت؟» أو «ألا تعلم أن التحديق في شاشة الهاتف لمدة طويلة من الممكن أن يؤثر سلباً على سلامة عينيك؟».
الأطفال والإلكترونيات
أوصت «الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال» (American Academy of Pediatrics) بألا تتعدى فترة استعمال الأطفال للهواتف المحمولة عن الساعة الواحدة يوميا بالنسبة للأطفال ما بين سنتين إلى خمس سنوات، كما نصحت بأن يكون المحتوى الذي يشاهده الأطفال ذا قيمة علمية وليس للتسلية فقط.
وقد أعلنت «غوغل» في العام الماضي عن تطويرها لتطبيق «غوغل فاميلي لينك» (Google Family Link) الذي لاقى استحسانا كبيرا، حيث يسمح للآباء بمراقبة أجهزة أبنائهم، وتحديد فترة زمنية للاستعمال، كما يمكنّهم من إعطاء ومنع صلاحيات عديدة حسب الطلب. بدورها، طورت شركة «أمازون» تطبيقا أسمته «أمازون فري تايم» (Amazon Free Time) متوافقا مع أجهزة أمازون وآندرويد يسمح للآباء بالتحكم في المحتوى الذي يستطيع أبناؤهم مشاهدته، بالإضافة إلى تحديد وقت معين للاستخدام. من هنا استجابت «آبل» وأكدت في بيان لها أنها تولي اهتماماً كبيراً بالأطفال، وتسعى جاهدة لتصنيع منتجات من شأنها أن تلهم وترفه وتعلم الأطفال مع مساعدة الآباء والأمهات على حمايتهم من مخاطر الإنترنت عن طريق تقديم هذه الميزات في نظام التشغيل كميزتي «ريستريكشن» Restriction و«غايديد أكسس» Guided Access.
تطبيقات مفيدة للأطفال
وحول التطبيقات والبرامج المفيدة لتقنين استعمال الأطفال للهواتف فإن متجر «آب ستور» (App Store) يعج بالعديد من التطبيقات التي من الممكن أن تساعدك في مراقبة استعمال أطفالك لأجهزة الـ«آيفون» والآيباد، يمكنك الاعتماد عليها إلى حين أن تطور «آبل» هذه الميزات في منتجاتها الجديدة.
* نورتون فاميلي بريمير (Norton Family Premier). يعتبر أحد أفضل البرامج المتكاملة التي توفر للآباء والأمهات كل ما يحتاجونه لمراقبة أبنائهم.
بعد تنصيب التطبيق في أجهزة الأطفال تستطيع التحكم بما يشاهده أبناؤك وأي مواقع يمكنهم تصفحها ومتابعة تحركاتهم أينما ذهبوا من خلال واجهة واحدة من شاشة الكومبيوتر الخاص بك.
* كوستوديو (Questodio). ما يميز برنامج «كوستوديو» أنه متوافق مع معظم أنظمة التشغيل المتوفرة حاليا، حيث تستطيع تنصيبه على أجهزة «آبل»، آندرويد، «كيندل» و«نوك»، بالإضافة إلى «ويندوز» و«ماك». تستطيع من خلال لوحة التحكم أن ترى ما هي المواقع التي يزورها أطفالك، ما المدة التي يقضونها في استخدام لعبة معينة، كيف يستعملون الشبكات الاجتماعية، ومع من يتواصلون بالرسائل والمكالمات، بالإضافة إلى تحديد مكانهم الجغرافي والعديد من المزايا الأخرى.
* كيد لوجر (Kid Logger). كلا البرنامجين المذكورين سابقا يتطلبان اشتراكا سنويا للاستفادة من خدماتهما، فإذا كنت تبحث عن برنامج مجاني فألق نظرة على برنامج «كيد لوجر» الذي يوفر خدمة مجانية محدودة لمراقبة الأبناء.
يوجد بالبرنامج العديد من المميزات كمراقبة التطبيقات والمواقع الإلكترونية، بالإضافة إلى التقاط صور لشاشة الهاتف (Screenshot) أتوماتيكيا لتكون على دراية كاملة بما يفعله أطفالك.