«رئاسية مصر»: مرشح «الدقائق الأخيرة» يُوقف جدل «منافسة السيسي»

رئيس «الغد» أكد جدية سعيه إلى الفوز

TT

«رئاسية مصر»: مرشح «الدقائق الأخيرة» يُوقف جدل «منافسة السيسي»

تغير مسار إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر من طريقة «المرشح المنفرد» والتي كانت سائدة حتى منتصف نهار أمس، ويمثلها الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، إلى مواجهة بين مرشحين، وذلك بعد أن تقدم رئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى، بأوراق ترشحه قبل خمس عشرة دقيقة فقط من إغلاق باب المنافسة المفتوح منذ عشرة أيام.
وتابع المصريون حتى ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، حالة من التضارب بين تصريحات لسياسيين وقيادات في أحزاب مختلفة، بشأن دفعهم بمرشحين لمواجهة الرئيس الحالي، وبدأت بطرح اسم النائب البرلماني ومؤسس «حزب المحافظين» أكمل قرطام، والذي سرعان ما نفى الأمر في بيان رسمي، ثم أعلن «حزب السلام الديمقراطي» التقدم باسم رئيسه أحمد الفضالي، فضلاً عن تأكيد قياديين في «حزب الغد» اعتزامهم ترشيح مؤسسه موسى مصطفى موسى، وأعلن الثاني والثالث اعتزامهما مواجهة السيسي، لكن الفضالي تراجع عن موقفه صباح، أمس، وتقدم موسى بأوراق ترشحه مصحوبة بتأييد 20 نائباً برلمانياً.
ويحق لنحو 60 مليون مصري المشاركة في التصويت خلال الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في نهاية مارس (آذار) المقبل، غير أن نسب المشاركة في الاستحقاقات السابقة لم تتجاوز 51 في المائة في أعلى نسبة مشاركة خلال انتخابات الإعادة عام 2012.
ويرى مراقبون أن ترشح موسى لا يُشكل خطورة حقيقية أمام السيسي الذي يرجح على نطاق واسع فوزه بولاية ثانية لأربع سنوات مقبلة، فضلاً عن أن المرشح الأحدث على «رئاسية مصر» أسس بنفسه قبل شهور حملة تحت شعار «مؤيدون» والتي أعلنت دعمها ترشح السيسي لفترة جديدة، ونظمت عدة فعاليات، حتى أيام قليلة مضت، حثت خلالها الناخبين على توقيع توكيلات تأييد للرئيس الحالي.
وشهد مقر «الهيئة الوطنية للانتخابات» بوسط القاهرة أمس، تقدم ممثل قانوني عن موسى بأوراق ترشح موكله الذي حصل، أمس، على إفادة طبية ملزمة بصلاحيته للترشح، ووصل المرشح إلى مقر الهيئة بعد إغلاق أبوابها رسمياً، أمام المتقدمين الجدد في الثانية من ظهر أمس بتوقيت القاهرة، وسمحت له إدارة الهيئة باستكمال أوراقه نظراً لتقدم ممثل قانوني عنه قبل الموعد الرسمي لوقف تلقي طلبات الترشح.
وقال موسى خلال مؤتمر صحافي مساء أمس، «سنخوض الانتخابات بجدية وشرف وسعي حقيقي للفوز بها»، وأضاف أن «لديه برنامجا يلبي طموحات المصريين».وقال محمود موسى نائب رئيس حزب الغد إن موسى حصل على تزكية 27 نائبا في البرلمان وتوكيلات من أكثر من 47 ألف مواطن.
وينص قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية الذي أقر عام 2014 على ضرورة أن يحصل الراغب في الترشح على تزكية 20 عضوا على الأقل من أعضاء مجلس النواب حتى تقبل أوراق ترشحه، أو أن يؤيده ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها. وجاء ترشح موسى بعد سلسلة من إعلان النوايا لخوض السباق الرئاسي والتراجع عنها، والتي بدأت برئيس الوزراء الأسبق لمصر أحمد شفيق، ثم النائب البرلماني السابق أنور السادات، وكذلك فعل المحامي خالد علي، ورئيس «حزب الوفد» السيد البدوي الذي رفض حزبه ترشحه وأعلن تأييد السيسي، فضلاً عن خروج رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق سامي عنان من الساحة بعد اتهامه رسمياً بـ«تزوير أوراق ترشحه، والتهرب من الاستدعاء العسكري، والتحريض على الجيش».
من جهة أخرى، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، أنه ستجرى «فحص أوراق الترشيح المقدمة، تمهيدا لإعلان القائمة المبدئية للمرشحين في موعدها المقرر لها غداً (الأربعاء)».
في المقابل، تعقد أحزاب وحركات سياسية متحالفة تحت شعار «الحركة المدنية الديمقراطية»، اليوم (الثلاثاء) مؤتمراً صحافياً لإعلان موقفها بشأن المشاركة في الانتخابات، وذلك بعد يومين من دعوة سياسيين من بينهم المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، والنائب البرلماني السابق أنور السادات، إلى «وقف الانتخابات واعتبارها فقدت الحد الأدنى من شرعيتها».
على صعيد آخر، قررت النيابة العامة في مصر، حبس 3 متهمين بالاعتداء على الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، ووجهت النيابة لهم ارتكاب جرائم «الضرب، والبلطجة، والسرقة بالإكراه، وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.