يبدو أن المضاربين على عقود النفط الآجلة أصبحوا أكثر تفاؤلاً بمستقبل الأسعار، مما جعلهم يزيدون من كمية العقود التي يتمسكون بها لفترات أطول، حسب ما أظهرته بيانات بورصتَي لندن ونيويورك للسلع، الصادرة يوم الجمعة الماضي.
وتسود أجواء إيجابية بين التجار والمضاربين وكبار صناديق التحوط، إذ ارتفعت أسعار النفط يوم الجمعة، آخر تعاملات الأسبوع، بعد أن سجلت في الجلسة السابقة أعلى مستوياتها في 3 سنوات، مع استمرار حصولها على دعم من ضعف الدولار الأميركي، لتُنهي الأسبوع على مكاسب.
وحصلت أسعار النفط على دعم من مؤتمر «دافوس»، حيث ساهمت تصريحات أبرز الشخصيات في منظمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك) في إضافة المزيد من الإيجابية للمستثمرين والمضاربين.
ولم تؤثر المخاوف من زيادة إنتاج النفط في الولايات المتحدة في أسعار النفط الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت الأسعار على الرغم من أن الحفارات النفطية في الولايات المتحدة سجلت أعلى زيادة أسبوعية منذ مارس (آذار) العام الماضي، وسط تزايد الإنتاج إلى مستويات لم تشهدها أميركا منذ أكثر من 40 عاماً.
وسجلت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق عند التسوية 70.52 دولار للبرميل، مرتفعة 10 سنتات أو 0.14%. وفي جلسة يوم الخميس قفزت عقود برنت إلى 71.28 دولار، وهو أعلى مستوى لها منذ ديسمبر (كانون الأول) 2014. وصعدت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط 63 سنتاً، أو 0.96%، لتبلغ عند التسوية 66.14 دولار للبرميل. وفي جلسة يوم الخميس سجل الخام الأميركي أيضاً أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2014، عند 66.66 دولار. وأنهي برنت الأسبوع على مكاسب تبلغ نحو 3% بينما صعد الخام الأميركي 4%.
وتتلخص أبرز التطورات الفنية والأساسية في السوق النفطية خلال الأسبوع الماضي، في 4 نقاط:
> زيادة الإنتاج الأميركي: قال معهد البترول الأميركي إن إنتاج الولايات المتحدة في ديسمبر الماضي بلغ 9.75 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى يصل له منذ عام 1971، وبزيادة 11% عما تم إنتاجه في نفس الشهر من عام 2016، وتطابقت أرقام المعهد مع الأرقام الأولية لإدارة معلومات الطاقة الأميركية والتي أظهرت نفس الأرقام لديسمبر.
وجاءت هذه الأرقام تزامناً مع بيانات الحفارات الأميركية، حيث أضافت شركات الطاقة الأميركية 12 حفاراً نفطياً الأسبوع الماضي لتصل إلى 759 حفاراً، وهي أكبر زيادة أسبوعية منذ مارس، مع تداول أسعار الخام قرب أعلى مستوياتها منذ 2014، حسب أرقام تقرير «بيكر هيوز»، الذي صدر يوم الجمعة الماضي.
> المضاربات النفطية: أظهرت بيانات بورصة «أيس» للسلع في لندن، أن صناديق التحوط زادت من صافي المراكز طويلة الأجل على خام برنت (وهو الفرق بين العقود المضاربة على ارتفاع أسعار النفط وبين المضاربة على هبوطها) بنحو 2.4% الأسبوع الماضي لتصل إلى 585 ألف عقد، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله منذ عام 2011، بعد أن زادت المراكز طويلة الأجل، وانخفضت المراكز القصيرة بنحو 12%، مما يظهر أن المضاربين يتوقعون تحسناً في أسعار النفط على المدى البعيد. وفي بورصة نيويورك، ارتفع صافي المراكز الطويلة الأجل على خام غرب تكساس الوسيط، الأسبوع الماضي، بنحو 2.9% إلى 496 ألف عقد، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2006، ولا يزال أغلب الزيادات في المراكز طويلة الأجل هذا العام تحدث في أسعار خام غرب تكساس في نيويورك.
> تصريحات «دافوس»: قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، يوم الأربعاء الماضي، إن منظمة «أوبك» وحلفاءها من المنتجين غير الأعضاء في المنظمة سيخرجون من تخفيضات الإنتاج بشكل تدريجي وسلس جداً بهدف عدم إحداث صدمة للأسواق في أوائل 2019، عندما يتباطأ الطلب بفعل عوامل موسمية. وأضاف الفالح أنه من غير المرجَّح للغاية أن يكون الخروج من التخفيضات في يونيو (حزيران) عندما تعقد «أوبك» اجتماعها القادم، مضيفاً أنه قد يجري فقط تعديلها في مرحلة ما. وقال أيضاً إن «أوبك» قد تعدّل مستوى المخزونات الذي تستهدفه تخفيضاتها الإنتاجية.
من جهة أخرى قال الأمين العام للمنظمة محمد باركيندو، في حوار مع قناة «بلومبيرغ»، إن السوق النفطية سوف تتوازن العام الجاري، متوقعاً نمواً قوياً في الطلب هذا العام.
- ضعف الدولار الأميركي: يسهم ضعف الدولار في تحول المستثمرين والمضاربين إلى السلع بدلاً من المضاربة على العملة، كما يساعد المستهلكين على تخفيف تكلفة استيراد النفط، نظراً إلى أنه يباع ويشترى بالدولار. ولهذا فإن أي انخفاض للدولار يسهم في تحسين الطلب وفي نفس الوقت كذلك في زيادة المضاربات على أسعار النفط وزيادة عقوده الآجلة.
وظل الدولار ضعيفاً أمام سلة من العملات يوم الجمعة، وسجل أكبر خسارة أسبوعية منذ يونيو الماضي، مع تضرره من تعليقات أدلى بها مسؤولون أميركيون كبار الأسبوع الماضي. وتراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة العملة الأميركية مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، 0.37% إلى 89.063 في ختام جلسة التداول بالسوق الأميركية، منهياً الأسبوع على هبوط قدره 1.6%.
وفشلت تعليقات للرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الخميس الماضي، بأنه يريد أن يرى الدولار «قوياً»، في إقالة العملة الأميركية من عثرتها، وذلك بعد يوم من تصريحات وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين، بقوله إن تراجع العملة سيساعد ميزان التجارة الأميركي في الأجل القصير.
وصعد اليورو 0.19% مقابل العملة الأميركية إلى 1.2419 دولار، بعد أن سجل يوم الخميس الماضي أعلى مستوى في أكثر من 3 أعوام عند 1.2536 دولار. وهبط الدولار إلى أدنى مستوى في 4 أشهر ونصف الشهر أمام العملة اليابانية بعد أن قال هاروهيكو كورودا محافظ بنك اليابان المركزي، إن البنك يتوقع أن يواصل الاقتصاد النمو بوتيرة معتدلة، وأن ترتفع توقعات التضخم قليلاً هذا العام.