هل يغني الوجه الأصفر الضاحك عن الكلمات؟

ظهرت الرسوم التعبيرية للمرة الأولى في اليابان عام 1999  وسرعان ما أصبحت جزءاً مهماً من وسائل التواصل في العالم الرقمي (أ.ب)
ظهرت الرسوم التعبيرية للمرة الأولى في اليابان عام 1999 وسرعان ما أصبحت جزءاً مهماً من وسائل التواصل في العالم الرقمي (أ.ب)
TT

هل يغني الوجه الأصفر الضاحك عن الكلمات؟

ظهرت الرسوم التعبيرية للمرة الأولى في اليابان عام 1999  وسرعان ما أصبحت جزءاً مهماً من وسائل التواصل في العالم الرقمي (أ.ب)
ظهرت الرسوم التعبيرية للمرة الأولى في اليابان عام 1999 وسرعان ما أصبحت جزءاً مهماً من وسائل التواصل في العالم الرقمي (أ.ب)

تحولت الوجوه التعبيرية (إيموجي) إلى بديل في كثير من الأحيان للتعبير عن المشاعر، فهي لغة يعتمدها مستخدمو الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بكثافة، ولكن هل يغني الوجه الأصفر الضاحك عن الكلمات؟
يستكشف تقرير لوكالة الأنباء الألمانية تأثير استخدام لغة «الإيموجي» عبر شخص مطور هذه اللغة التعبيرية. وبالنسبة لرجل يؤثر على شكل مليارات الرسائل على شتى وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«واتساب» وغيرهما، يعتبر مارك ديفيس غير معروف نسبيا.
غير أن مهندس البرمجيات هذا يمكن أن يطلق عليه لقب سيد الوجوه والرسوم التعبيرية التي تعرف باسم «سمايلي» و«إيموجي».
ويقرر ديفيس وفريقه في منظمة «يونيكود» أشكال تعبيرات الوجه الجديدة، وكذلك الرسوم والرموز التي سوف تظهر داخل الرسائل في مختلف أنحاء العالم خلال العام المقبل. وفي مكتبه بمدينة زيوريخ السويسرية، أزاح خبير البرمجيات الأميركي ذو اللحية البيضاء النقاب مؤخرا عن قائمة الرموز الجديدة الجاري إعدادها، لتصبح في مارس (آذار) المقبل جزءا من تشكيلة الوجوه والرسوم التعبيرية القياسية في العالم.
ومن بين الرسوم المرشحة للانضمام إلى القائمة صور لكنغر وبعوضة ووجه ضاحك يتصبب عرقا ولفة ورق تواليت.
وهناك أيضا بعض الإضافات ذات الطابع الثقافي مثل «النازار»، وهي أيقونة تركية زرقاء اللون على شكل عين، ويعتقد أنها تحمي من الحسد، وكذلك «الظرف الأحمر» الذي يستخدم للإشارة إلى الهدايا النقدية في العديد من الدول الآسيوية.
وشارك ديفيس في تأسيس منظمة «يونيكود» التي يتولى رئاستها، وهي منظمة غير ربحية ترسي القواعد التي نتواصل بها في العالم الرقمي. وتعتبر الوجوه التعبيرية جزءا صغيرا من نشاط «يونيكود». وتقوم المنظمة بتخصيص الرموز الرقمية للحروف والعلامات في كل لغة، بحيث تظهر بشكل صحيح على الشاشات الرقمية في مختلف أنحاء العالم.
وبالنسبة لديفيس، فإن رئاسة منظمة «يونيكود» هي منصب تطوعي، أما مصدر دخله الحقيقي فيأتي من عمله في فرع شركة «غوغل» الأميركية العملاقة لخدمات الإنترنت في سويسرا.
وظهرت الرسوم التعبيرية للمرة الأولى في اليابان عام 1999، وسرعان ما أصبحت جزءا مهما من وسائل التواصل في العالم الرقمي.
وتتكون كلمة «إيموجي» في اللغة اليابانية من جزأين الأول هو «إي» ويعني الصورة، والثاني هو «موجي» ويقصد به الشخصية.
وعندما أرادت شركة «غوغل» إدخال خدمة بريدها الإلكتروني إلى اليابان في عام 2006، سرعان ما اتضح لها أن ذلك لن يكون ممكنا من دون إضافة الرسوم التعبيرية إلى الخدمة. وبدأت «يونيكود» إدخال هذه الرموز ضمن معاييرها القياسية اعتبارا من عام 2010.
ويقول ديفيس: «لقد كنا نظن في البداية أنها ستكون موضة عابرة». غير أن الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي ساعدت في الترويج لفكرة اختصار الرسالة عن طريق استخدام صور صغيرة بدلا من توصيل المعنى بكلمات كثيرة. فالشخص الذي يريد أن يبعث بتهنئة بمناسبة عيد الميلاد يمكنه ببساطة أن يختار صورة كعكة عيد ميلاد، بينما يستطيع الشخص الذي تلقى الرسالة أن يرد بصورة يدين منطوتين في تعبير عن الشكر. وهناك قواعد واضحة لاختيار أشكال الرسوم التعبيرية التي يتم طرحها كل عام.
ويتعين أن تستند أي إضافات على قائمة «يونيكود» للرسوم التعبيرية إلى كلمات تظهر كثيرا في محركات البحث على الإنترنت أو على منصات عرض مقاطع الفيديو، كما يتعين ألا تكون الأشكال الجديدة قريبة الشبه بالرسوم المستخدمة بالفعل.
واقترح ماريوس سبيكس، وهو مطور برمجيات ألماني من مدينة كولونيا، شكلين تعبيريين جديدين، وهما حقيبة سفر وقطعة من البيتزا. ويقول سبيكس (24 عاما) إن «قطعة البيتزا لها عدة معان بالنسبة لي... فهي من ناحية ترمز للوحدة، حيث إنها جزء من كل، ومن ناحية أخرى، فهي تعبر عن الشيء المركب أو المخادع». وأضاف: «في الرسالة النصية، يكون من الصعب أن تستشف مشاعر الطرف الآخر، ولهذا فإن الرسوم التعبيرية تسمح لنا بالتعبير عن مشاعرنا بالكتابة». ويعرف سبيكس هذه الفكرة التي يتحدث عنها جيدا، حيث إنه مصاب بمتلازمة «أسبرجر»، وهي نوع من الاضطراب النفسي على شكل درجة مخففة من مرض التوحد.
ويقول سبيكس: «كثيرا ما يكون من الصعب للمصاب بمتلازمة أسبرجر أن يفهم السخرية، وبالتالي فإن وجود رسم وجه له عين تغمز هو أمر له قيمة كبيرة بالنسبة لي»، مضيفا: «أحيانا يقول الشكل التعبيري أكثر مما تقوله ألف كلمة... مثل فنجان قهوة على سبيل المثال».
ويعتبر ديفيس مستخدما نهما للرسوم التعبيرية، ويقول إن «الوجه صاحب الحواجب المرتفعة هو رائع بصفة خاصة» في إشارة إلى صورة وجه يعبر عن التشكك. وهناك الآن أكثر من 2300 رسم تعبيري يتم استخدامها بما في ذلك صورة لكتلة فضلات بنية اللون مبتسمة للتعبير عن الحظ في الثقافة اليابانية. ويعرض الموقع الإلكتروني emojitracker.com الرسوم التعبيرية الأكثر استخداما في أي وقت من الأوقات. وبحسب تصنيف الموقع، فقد يبدو العالم كما لو كان مكانا سعيدا، حيث يأتي الوجه الذي يبكي من شدة الضحك على رأس قائمة الرموز الأكثر استخداما في توقيت كتابة هذا التحقيق، يليه صورة قلب أحمر ثم صورة وجه في حالة حب.
وجدير بالذكر أن أكثر من نصف مليارات الرسائل التي يتم إرسالها كل يوم تحتوي على رسوم تعبيرية.
غير أن ديفيس لا يشعر بالقلق من احتمال أن يأتي اليوم الذي نتوقف فيه عن التواصل بالكلمات. ويقول: «ليس عليك سوى أن تأخذ الجملة الأولى من أي رواية ثم تحاول التعبير عنها بالرسوم، وعندئذ سوف يتبين لك على الفور أوجه القصور».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».