تحالفات البقاع الشمالي تعيد إحياء اصطفافات 8 و14 آذار

TT

تحالفات البقاع الشمالي تعيد إحياء اصطفافات 8 و14 آذار

تدخل منطقة البقاع الشمالي التي تضم بعلبك والهرمل التجربة الانتخابية الفعلية للمرة الأولى، انطلاقا من القانون الجديد الذي يعتمد على النسبية لانتخاب عشرة نواب، ستة من الشيعة واثنان من السنة وواحد كاثوليكي وآخر ماروني.
وما كان محسوما بالنسبة إلى «الثنائي الشيعي» («حزب الله» وحركة أمل) الذي يرى في دائرة «البقاع الثالثة» «خزان المقاومة والشهداء» بات اليوم مشكوكا به عبر إمكانية دخول «تيار المستقبل» و«حزب القوات اللبنانية» والمعارضين الشيعة إلى المعركة، معتمدين بشكل أساسي على ناخبي الطائفة السنية الذين يشكّلون نحو 13 في المائة من نسبة الأصوات وما يقاربها من الطائفة المسيحية. وإذا كانت الاصطفافات السياسية المرتبطة بفريقي «14 و8 آذار» سقطت في بعض المناطق فإنها ستشكّل أساس التحالفات الانتخابية والمواجهة بينهما في «بعلبك الهرمل»، بعدما أعلن «حزب الله» و«حركة أمل» تحالفهما الثابت، وحسم «تيار المستقبل» قراره الرافض للاجتماع في أي لائحة مع «حزب الله».
وفي هذا الإطار، قال النائب في «التيار الوطني الحر»، إميل رحمة، إنّ «التيار» لن يتحالف في منطقة بعلبك - الهرمل لا مع حزب «القوات اللبنانية» ولا مع «تيار المستقبل»، وهو لن يفكّر مجرّد التفكير أن يقف بوجه «حزب الله». ويبلغ عدد الناخبين في البقاع الشمالي 308 آلاف و997 شخصا، يشكّل الشيعة نحو 74 في المائة منهم، والسنة نحو 13 في المائة، والموارنة 7.3 في المائة، والكاثوليك 5.3 في المائة.
وإذا كان ترشيح «(حزب الله) وحركة أمل» للشخصيات الشيعية ينطلق بشكل أساسي من انتمائهم الحزبي فإن اختيارهم للمرشحين المسيحيين والسنة ينطلق من التحالف السياسي وموقع الشخصيات الاجتماعية والشعبية على حد سواء، وهو ما يشير إليه مصدر في «8 آذار» لـ«الشرق الأوسط»، مرجحا الإبقاء على ترشيح النائب الحالي عن المقعد الماروني إميل رحمة، الذي كان قد حصل على أكبر نسبة من الأصوات في انتخابات عام 2009. في حين تشير المعلومات إلى أن التحالف في الموقع الكاثوليكي سيكون من حصة «الحزب القومي السوري». أما فيما يتعلّق بالمقعدين السنّيين اللذين يشغلهما اليوم في كتلة «حزب الله» النائبان الوليد سكرية وكامل الرفاعي، فإن أسماءهما لا تزال قيد البحث. ويقول المصدر إن «التحالف في هذه الدائرة وفق هذا القانون الذي بات الخرق متوقعا فيه، يجب أن يتم فيه اختيار الشخصيات وفق تمثيلها الشعبي لضمان أكبر نسبة من الأصوات»، في حين تشير بعض المعلومات إلى أن «حزب الله» يتّجه لترشيح شخصية سنية من منطقة عرسال التي تشكّل الثقل الأكبر للصوت السني في الدائرة. ويضيف: «الاعتماد فقط على التحالف بين الثنائي الشيعي غير كاف، خصوصا أننا لا نستبعد إمكانية الخرق وفق القانون الجديد إذا كانت التحالفات غير متينة».
وعلى جبهة «14 آذار» حيث عمد «حزب القوات اللبنانية» إلى الإعلان عن مرشحّه في المنطقة بدعمه الدكتور أنطوان حبشي، من دون أن تكتمل صورة تحالفاته، فإن «تيار المستقبل» لا يزال يدرس خياره الانتخابي، ترشيحا وانتخابا في منطقة بات يضمن حصوله فيها على الأقل مقعدا سنيا، وفق القانون النسبي الجديد، بحسب ما يقول مصدر في «تيار المستقبل» لـ«الشرق الأوسط». ويشير إلى أن «لتيار المستقبل حضورا في هذه الدائرة والثابت الوحيد الذي يمكن حسمه لغاية اليوم، أن معركتنا ستكون في مواجهة تحالف 8 آذار ولا يمكن التحالف مع (حزب الله) في هذه الدائرة كما غيرها»، مؤكدا أنه «وفق الأرقام التي تفرزها الورقة والقلم فإن خوضنا هذه الانتخابات لن تكون نتائجه بأقل من نائب واحد».
ومن خارج الاصطفافات التقليدية بين «8 و14 آذار»، فإن الحراك الانتخابي على خط المعارضة الشيعية، إضافة إلى أن رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني يبحث أيضا عن طريق له لخوض معركة «بعلبك - الهرمل»، من دون اتخاذ القرار النهائي بشأن التحالفات التي يستمر البحث بشأنها، وهو يتراوح بحسب المعلومات بين الانضمام إلى لائحة «14 آذار» أو تشكيل لائحة مستقلة. مع العلم، أنه ووفق التقديرات، فإن تحالف «المستقبل» و«القوات» مع الشخصيات الشيعية المعارضة قد يؤدي إلى إحداث خرق بما لا يقل عن مقعدين، وتحديدا في المقاعد السنية والمسيحية.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.