سجال بين وزيري الخارجية والمال

TT

سجال بين وزيري الخارجية والمال

تفاقم الخلاف بين حركة «أمل»، و«التيار الوطني الحر» لينفجر سجالاً مباشراً بين وزير الخارجية جبران باسيل، ووزير المال علي حسن خليل.
ونبّه باسيل خلال مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع الهيئة السياسية للتيار، إلى أن هناك «من يحاول وضع اللبنانيين في حالة عداء، بعضهم تجاه البعض الآخر، وفي حالات انقسام»، مشدداً على أن «لبنان بلد لا يقوم إلا على التوازنات التي نحن قادرون على تطويرها نحو الدولة المدنية». وأضاف: «هذا هو طرحنا وسيبقى طرحنا لأنّه برأينا ليس هناك ما يصنع الاستقرار سوى الدولة المدنية. ولكن من الواضح أن الأكثرية ليست جاهزة بعد لها».
وشدد باسيل على أن «الشراكة هي التي تحقق التوازن وفق المقتضيات التي تُشعر الجميع بأنهم شركاء»، متحدثاً عن «محاولة عزل وإبعاد ومس بهذه الشراكة التي كنا شرعنا في استعادتها». وقال: «اليوم لدينا دستور هو حاكم حياتنا الوطنية بين بعضنا وبعض، ونحن متمسكون بهذا الدستور لأنه ليس لأحد نية في الانقلاب عليه، لا من حيث الممارسة، ولا بأي تصرف آخر غير التصرف الديمقراطي»، معتبراً أن «الاتهام بالانقلاب على الدستور يكون للناس الذي يخلقون أعرافاً جديدة، وليس للملتزمين بالأعراف القائمة».
وشدد باسيل على أن «أول أمر قائم وواضح في الدستور هو عدم تخصيص أي وظيفة لأي طائفة، لكن يجري اليوم الحديث عن تخصيص وزارات لطوائف، وهذه هي مخالفة الدستور».
وردّ علي حسن خليل، على باسيل معتبراً أن «الشراكة لا تُختصر في أن يكون نسيبي في هذا الموقع، أو أن ينتظر اللبنانيون سنة واثنتين وثلاثاً لملء الموقع»، لافتاً إلى أنّ «الدستور ضمانتنا، لكن هذا الدستور لا يتكيف وفق الأهواء السياسية، وهو ليس وجهة نظر، ولا يخضع لتفسير من غير صاحب الحق بالتفسير».
وقال خليل في مؤتمر صحافي: «لا طائفة قائدة في البلد كما يقول الرئيس بري. ونحن طوائف متساوية بالحقوق والواجبات والالتزامات السياسية. لقد سمعت أحد المسؤولين اليوم يتحدث عن تفسير المادة 95 من الدستور وهو تفسير يعيدنا 27 سنة إلى الوراء». وشدد على أنه «لا يمكن تفسير الدستور على طريقة المفتين الجدد الذين هم في موقع مسؤولية اليوم وقد ورطوا العهد. ولا نستطيع الحديث عن دولة مدنية بينما نذهب إلى تجاوز الكفاءة، ونلغي دور مجلس الخدمة، علماً بأننا أول مَن طرح الدولة المدنية ونرحب بها».
وأضاف خليل: «ليخبرونا أين قلنا إن هذا التوقيع شيعي أو غير شيعي؟ نحن قلنا إن التوقيع الضروري على مرسوم الأقدمية هو توقيع وزير المال، ونأسف لإدخال رئيس الجمهورية بهذه المسألة». وختم: «لا يفكرنّ أحد أنه يستطيع أن يمرر من ورائنا أو أن يمرر علينا ما هو مخالف للدستور، ونحن لسنا في معركة مع باسيل ولا مع تياره، بل نحن في معركة تكريس الإصلاح الحقيقي في البلد».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».