النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية... يعيدان الصحة للقلب

دراسة جديدة: الآثار الضارة الناجمة عن حياة الخمول يمكن إزالتها

النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية... يعيدان الصحة للقلب
TT

النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية... يعيدان الصحة للقلب

النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية... يعيدان الصحة للقلب

قدمت دراسة حديثة لمجموعة من الباحثين الأميركيين والأستراليين أملاً جديداً في إمكانية استعادة حيوية ونشاط قوة القلب من خلال الحرص على ممارسة التمارين الرياضية بشكل يومي روتيني. ووفق ما تم نشره ضمن عدد 8 يناير (كانون الثاني) الحالي لمجلة «الدورة الدموية» Journal Circulation، لسان حال «رابطة القلب الأميركية» AHA، فإن التأثيرات القلبية السلبية التي تنتج عن عيش حياة الخمول والكسل البدني وكثرة الجلوس، هي تأثيرات سلبية بالإمكان عكسها، وإزالتها عن القلب، الأمر الذي سيُؤدي إلى تقليل احتمالات خطورة الإصابة بضعف القلب Heart Failure في مراحل تالية من العمر.
- تيبّس القلب
وبين الباحثون أن الوسيلة التي تحقق هذه النتائج الإيجابية هي البدء بالحرص على زيادة النشاط البدني، عبر ممارسة تمارين الإيروبيك الهوائية Aerobic Exercise، والابتعاد عن كثرة الجلوس والخمول البدني. وكان العنوان الذي وضعته «رابطة القلب الأميركية» لخبر نشر هذه الدراسة قد لخص الأمر برمته، والذي كان: «الآثار الضارة بالقلب لكثرة الجلوس يُمكن إزالتها»، وأضافت الرابطة قائلة في عرضها الإخباري: «ومعلوم أن الذين يعيشون حياة الكسل البدني Sedentary People، مثل أولئك الذين يقضون ساعات من الجلوس الطويل في أماكن العمل أو الجلوس والاستلقاء على الأريكة أثناء مشاهدة التلفزيون، هم أكثر عُرضة لخطر الإصابة بتيبّس عضلة القلب وتصلبها، خصوصا تصلب أو تيبّس البطين الأيسر Left Ventricular Stiffness، وهو ما يحصل بالتدرج في أواخر مرحلة متوسط العمر، ويرفع من احتمالات الإصابة بفشل القلب مع مرور الوقت».
ليس من المعلوم طبيا، كما قالت «رابطة القلب الأميركية» في تعليقها الإخباري على الدراسة، ما إذا كان من الممكن وقف أو إزالة هذا التيبّس والتصلب الذي يعتري عضلة القلب نتيجة الكسل والخمول البدني، وهو ما حاول الباحثون معرفته في هذه الدراسة عبر المتابعة لمدة سنتين.
وتعد هذه الدراسة لفريق الباحثين من جامعة تكساس في دالاس و«معهد بيكر للقلب والسكري» في ملبورن بأستراليا وجامعة ستانفورد بكاليفورنيا وجامعة كولورادو، واحدة من الدراسات الطبية المهمة، نظراً لفوائدها العملية التي سيستفيد منها غالبية الأصحاء من متوسطي العمر في تحسين مستوى صحة القلب لديهم خلال المراحل التالية من عمرهم عند تقدمهم في السن.
ووفق التعريف الطبي، فإن مرحلة متوسط العمر هي ما بين عمر 45 و65 سنة.
وتطرح الدراسة في نتائجها تطبيقياً عملياً لإمكانية إزالة الخلل الوظيفي الذي يعتري القلب بوصفه أحد الآثار السلبية لعيش حياة الكسل والخمول البدني لفترات طويلة، وهو ما يُمثل أملاً لعموم الأصحاء في إمكانية تحقيق تنشيط للقلب واستعادته حيويته متى ما تم البدء بالاهتمام بتطبيق السلوكيات الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، التي من أهمها ممارسة الرياضة البدنية والحرص على الاستمرار في ذلك.
- فحص التغيرات الإيجابية
واعتمد فريق الباحثين نهجاً بحثياً دقيقاً في قياس مدى تحقيق تلك الإمكانية في تحسين صحة القلب، وذلك من خلال إجراء فحوصات قلبية متقدمة لرصد التغيرات الإيجابية الناتجة عن الحرص على ممارسة التمارين الرياضية المنشطة للقلب والدورة الدموية والرئتين، ومن ثم التأكد من تحقيق مكاسب صحية على واقع عمل القلب ونشاطه الوظيفي.
وأوضحت نتائج الدراسة إمكانية حصول تلك التغيرات الإيجابية في أحد أنواع حالات ضعف القلب المثيرة للجدل العلمي، وهي حالة ضعف القلب مع «احتفاظ القلب بقوة طبيعية في ضخ الدم» Preserved Ejection Fraction. وهو ما قال الباحثون عنه في مقدمة الدراسة: «إن تدني مستوى اللياقة البدنية، خصوصاً في فترة منتصف العمر، هو عامل يرفع من خطورة الإصابة بفشل القلب، خصوصاً نوعية فشل القلب الذي تكون فيه قوة ضخ الدم طبيعية.
ومن المحتمل حصول فشل القلب مع احتفاظ القلب بقوة ضخ طبيعية وذلك عبر نشوء حالة من التصلب المتزايد في بنية عضلة البطين الأيسر من القلب، وهو ما ينتج عن عيش حياة الكسل والخمول البدني».
وشمل الباحثون في دراستهم مجموعة من متوسطي العمر الأصحاء، الذين كان متوسط أعمارهم 53 سنة، والذين هم بالأصل يعيشون حياة الكسل والخمول البدني، أي لا يُمارسون الرياضة البدنية بشكل روتيني في غالبية أيام الأسبوع. وتم تقسيمهم إلى مجموعتين، المجموعة الأولى طُلب منهم ممارسة تمارين الإيروبيك الهوائية الرياضية، كالهرولة أو ركوب الدراجة الهوائية أو السباحة، وفق برنامج محدد المواصفات كما سيأتي، وذلك في 4 من أيام الأسبوع على أقل تقدير.
والمجموعة الأخرى طُلب منها ممارسة برنامج من تمارين اليوغا وتمارين التوازن وتمارين القوة للعضلات في 3 أيام من أيام الأسبوع.
- تماريت الإيروبيك
وكان الجهد البدني المطلوب ممارسته في برنامج تمارين الإيروبيك الهوائية، مكونا من مرحلتين متعاقبتين باستمرار لتمارين متوسطة الشدة وتمارين عالية الشدة، وذلك في كل حصة تدريبية لأربعة من أيام الأسبوع. وبشيء من التفصيل، طُلب من كل مشارك ممارسة 4 دقائق من التمارين الرياضية الشديدة التي ترفع نبض القلب للوصول إلى حد 95 في المائة من الحد الأقصى لمعدل نبض القلب Maximum Heart Rate، ثم بعد ذلك خفض مستوى الإجهاد البدني للتمرين الرياضي لمدة 3 دقائق بما يُحقق الوصول إلى ما بين 60 و75 في المائة من الحد الأقصى لمعدل نبض القلب لديهم.
ويُمكن لأي إنسان حساب «الحد الأقصى لمعدل ضربات القلب» من خلال الخطوات الحسابية التالية: أولا، طرح مقدار العمر من الرقم 220، ثم حساب نسبة 95 في المائة ونسبة 75 في المائة منها. وكمثال لشخص بعمر خمسين سنة، الحد الأقصى لمعدل نبض القلب لديه هو 170 نبضة في الدقيقة، ونسبة 95 في المائة من ذلك هي 161 نبضة في الدقيقة، ونسبة 75 في المائة هي 127 نبضة في الدقيقة. وقام الباحثون بإجراء تقييم متقدم ومعقّد من خلال قسطرة الجزء الأيمن من القلب Right Heart Catheterization وباستخدام تصوير القلب بالأشعة فوق الصوتية ثلاثية الأبعاد3 - Dimensional Echocardiography، اللذين من خلالهما تم تحديد العلاقات بين حجم وضغط نهاية الانبساط للبطين الأيسر LV End - Diastolic و«منحنيات فرنك ستارلينغ» Frank - Starling Curves، ومن ثمّ تم حساب مستوى التطور في صلابة البطين الأيسر مع المنحنى التناسبي للضغط والحجم الانبساطي في حجم البطين الأيسر، مع قياس المدى الأقصى لامتصاص الأكسجين Maximal Oxygen Uptake لقياس التغيرات في مستوى الكفاءة واللياقة البدنية.
- تحسن القلب
ووجد الباحثون في نتائج دراسة المتابعة أن الأشخاص الذين التزموا بممارسة برنامج التمارين الهوائية الرياضية حصل لديهم تحسن كبير في كيفية استهلاك أجسامهم للأكسجين وحصل لديهم أيضاً انخفاض في مستوى صلابة عضلة القلب، وهما علامتان من العلامات التي تدل على ارتفاع مستوى صحة القلب، وفق ما علقت به «رابطة القلب الأميركية». وبالمقابل، فإن الأشخاص الذين شاركوا في برنامج اليوغا وتمارين التوازن والقوة، لم تتغير لديهم صلابة القلب ولم يطرأ لديهم تغير ملموس في استهلاك أجسامهم للأكسجين.
وقال الباحثون في محصلة الدراسة: «لدى الأشخاص الذين تعودوا على حياة الخمول والكسل البدني، فإن ممارسة التمارين الرياضية الهوائية لمدة سنتين يُؤدي إلى تحسين استهلاك الجسم للأكسجين ويُقلل من تيبّس عضلة القلب، كما أن ممارسة التدريبات الرياضية بانتظام يُوفر حماية ضد المخاطر المستقبلية لفشل القلب مع حفظ قوة ضخ القلب للدم وتقليل تيبّس عضلة القلب الذي يتسبب به الكسل والخمول البدني».
وعلق الدكتور بنيامين ليفين، الباحث الرئيسي في الدراسة ومدير ومؤسس «معهد التدريب والطب البيئي» والطبيب بـ«مركز ساوثويست الطبي» بجامعة تكساس، بقوله: «وجدنا ما نعتقد أنه الجرعة المثالية من النوع المناسب للتمارين الرياضية، التي هي 4 أو 5 مرات في الأسبوع»، وأضاف قائلاً ما ملخصه أن الجميل في الأمر بشأن التوقيت هو جدوى وفائدة البدء بممارسة التمارين الرياضية في أواخر مرحلة متوسط العمر، وهو الوقت الذي ترتفع فيه احتمالات ظهور مخاطر لسابق عيش حياة الكسل والخمول في السنوات الماضية، ولذا فإن البدء آنذاك بممارسة التمارين الرياضية ليس بالفعل متأخرا، بل يمكن من خلاله إعادة تحسين مستوى صحة القلب وإزالة الآثار السلبية التي تراكمت على القلب بفعل الكسل لسنوات عن ممارسة التمارين الرياضة. وأضاف الدكتور ليفين أنه ينصح بجعل ممارسة التمارين الرياضية جزءاً منتظماً من الروتين الشخصي في الحياة اليومية لإنسان. وأضاف أن البرنامج الأسبوعي الأمثل يشمل مدة ساعة واحدة على الأقل، أي 60 دقيقة، من التمارين الرياضية مثل التنس وركوب الدراجات والجري أو المشي السريع، وفيها تتم ممارسة تمارين إيروبيك هوائية معتدلة ومتوسطة الشدة، مع ممارسة تمارين تقوية العضلات وحفظ التوازن مرة واحدة في الأسبوع على أقل تقدير.


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

العيش بالقرب من المطارات يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
TT

العيش بالقرب من المطارات يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المطارات قد يكونون أكثر عُرضة لخطر ضعف صحة القلب.

وحسب الدراسة، التي نقلتها صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فإن التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات في أثناء الإقلاع أو الهبوط، قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية، والاضطرابات في ضربات القلب المهدِّدة للحياة، والسكتات الدماغية.

وقد بحثت الدراسة في بيانات تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية لـ3635 شخصاً يعيشون بالقرب من مطارات هيثرو أو غاتويك أو برمنغهام أو مانشستر. وقارن الباحثون هذه البيانات بتلك الخاصة بأشخاص يعيشون في مناطق ذات ضوضاء طائرات أقل.

وحسب النتائج، كان لدى الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات ضوضاء أعلى عضلات قلب أكثر تصلباً وسماكة، تتقلص وتتمدد بصعوبة، وكانت أقل كفاءة في ضخ الدم في جميع أنحاء الجسم.

كان هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة إلى أولئك المعرَّضين لضوضاء الطائرات العالية في الليل، وهو الأمر الذي يعتقد الباحثون أنه قد يكون بسبب تأثير الضوضاء سلباً على نومهم.

وقال كبير المؤلفين الدكتور غابي كابتور، من معهد علوم القلب والأوعية الدموية في جامعة لندن واستشاري أمراض القلب في مستشفى «رويال فري» في لندن: «نتائجنا تضيف إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على أن ضوضاء الطائرات يمكن أن تؤثر سلباً على صحتنا بشكل عام، وعلى صحة القلب بشكل خاص».

وقد ربطت دراسات سابقة التعرض لمستويات عالية من ضوضاء الطائرات بارتفاع ضغط الدم والسمنة.

وأكد فريق الدراسة الجديدة الحاجة إلى مزيد من البحث للتحقيق في الآثار الأطول أمداً لضوضاء الطائرات على صحة أولئك الذين يتعرضون لأعلى قدر من التعرض.