مجلات: «عالم الأديان» الفرنسية تخصص ملفها للإسلام

مجلات: «عالم الأديان» الفرنسية تخصص ملفها للإسلام
TT

مجلات: «عالم الأديان» الفرنسية تخصص ملفها للإسلام

مجلات: «عالم الأديان» الفرنسية تخصص ملفها للإسلام

خصصت مجلة «عالم الأديان» الفرنسية في عددها الجديد (رقم 87) لشهر يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2018 ملفاً كاملاً حول الإسلام، لكن هذه المرة بلمسة تفاؤلية، وذلك ما نلمسه بمجرد قراءة العنوان الكبير للغلاف، وهو: «إعادة المكانة للإسلام». كما جاء الغلاف أيضاً بعنوان فرعي هو: «Les voies du renouveau»، أي «سبل التجديد».
ونلمس هذا التفاؤل أيضاً في افتتاحية رئيسة تحرير المجلة دوفيرجيني لاروس، وهي خريجة مدرسة اللوفر المهتمة بالفن القديم، إذ تقول إنها سابقاً حينما كانت تسمع بالإسلام، تستحضر مباشرة الأشياء المبهجة، كالخط العربي والأباريق المصنوعة من الكريستال والسيراميك ذات الألوان الذهبية والعسلية، وتتذكر الشعر ورحلات ابن بطوطة والرقص الصوفي، كما تستدعي بيت الحكمة في بغداد وحدائق قرطبة، لكنها وبشكل مذهل تتفاجأ في السنوات الأخيرة «كيف أصبحت الديانة الإسلامية مرادفاً للتعصب والعنف والإرهاب، فهي كديانة لم تعد تسر كثيراً، وتقلق بالنا في الغالب، فالشرق قد تبعثرت توجهاته، وبعثر معه الغرب أيضاً، الذي له يد في ذلك دون شك، إذ ساهم بشكل أو آخر في إفقاده بوصلته بسبب الحروب والاستعمار وطغيان العولمة».
هذا السياق المؤسف دفع بها إلى إعلان مفاده أن «تحديث الإسلام» قد أصبح ضرورة ملحة، ولن يتأتى ذلك، من وجهة نظرها، من دون «إعادة إنارة النجوم»، خصوصاً من المسلمين الذين أخذوا على عاتقهم تجديد الخطاب الديني.
ملف العدد الجديد من مجلة «عالم الأديان» يسترجع إشعاع الإسلام المفقود وبريقه الضائع، الذي شوهته بعض التيارات المتطرفة، لهذا ينطلق الملف من الأسئلة الموجهة الآتية: من هم رواد وطلائع العالم الإسلامي؟ هل يمكن إعادة التفكير في الخطاب الديني؟ كيف يمكن للسياسة أن تعيد تشكيل هذا الخطاب؟ وأسئلة أخرى متعلقة بالحق والروحانية والفلسفة والفن.
وقصد الإجابة عن هذه الأسئلة، تم استدعاء مجموعة باحثين من الغرب والعرب، ومن مشارب بحثية متباينة، منهم الشاعر والفيلسوف والعالم والفنان والمثقف. ومن أسماء الباحثين المسلمين المشاركين: عياض بن عاشور، ومحمد طالب، ويوسف صديق. كما نجد مقالات عن بعض الشخصيات المسلمة المؤثرة، منهم «مالك شابل»، بعنوان: «إسلام الأنوار.. ضداً عن إسلام الظلمات»، وجودت سعيد بمقال بعنوان: «غاندي سوريا»، إضافة إلى أسماء أخرى.
ونقرأ في المجلة حواراً مع المحامي القانوني التونسي عياض بن عاشور، وهو عضو لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
إن الأسئلة الأساسية التي حاول بن عاشور الرد عليها هي: لماذا بعد كل تقدم نحس به في التربة الإسلامية يكون هناك دوماً تراجع؟ لماذا حينما تظهر يقظة إنسانية وعقلية يتم إجهاضها في الحين؟ لماذا يسيطر علينا الإحساس بأن بنية التفكير الإسلامي لا تبرح مكانها؟ ولماذا الحرية لا تجد لنفسها طريقاً رغم كل الحركات الإصلاحية؟ يرد بن عاشور بأنه لا يتوفر على جواب قطعي، ولكن لديه افتراض يحتاج إلى أن يتصدى له المؤرخون قصد إثباته أو نفيه، هذا الافتراض يكمن في الأساس المدني للدين الإسلامي، فهو معمم، ولا يتوفر على «كنيسة» تعد بمثابة الجسم الوسيط بين الشعب والله، فالإسلام له «كنيسة» وحيدة متوفرة هي «الرأي العام». إن الدين الإسلامي ذو الطابع المدني يخلق تسييساً مفرطاً للدين، وهو ما يقود دوماً إلى الهاوية.
وفي سؤال آخر حول حقوق الإنسان في الإسلام، يجيب بن عاشور بأنه «لدينا في القرآن تأصيل رائع لها في سورة الإسراء، ينبغي فقط الترويج له»، وهو يسمي هذه السورة «الفاتحة الثانية»، وهي التسمية التي يقول إنها جلبت له كثيراً من المتاعب، ويضيف: «إن سورة الإسراء، خصوصاً من الآية 23 إلى الآية 37، مليئة بمبادئ للحقوق الإنسانية، إنها بحق دفعة أخلاقية صالحة لكل زمان ومكان، ومقبولة من طرف الجميع. فمن خلال هذه الخمس عشرة آية، يمكنك أن تستنبط النسخة الإسلامية لحقوق الإنسان، إذ تجد فيها الدعوة لحق الحياة، وحب القريب، والأجنبي أيضاً، دون نسيان حق اليتامى وحق الآباء».


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

«مطلق العنان»... مذّكرات بوريس جونسون في السلطة

بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
TT

«مطلق العنان»... مذّكرات بوريس جونسون في السلطة

بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب

تفترض بالطبع عندما تقدم على شراء نسخة من مذكرات رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون الصادرة حديثاً فيما يقرب من 800 صفحة بأنّك حصلت لتوّك على سِفر ثمين من الحكمة السياسيّة وخبرة الإدارة في المنصب التنفيذي الأهم في إحدى دول العالم العظمى، لا سيما أن الرجل جاء إلى فضاء السلطة من الصحافة كاتباً ورئيس تحرير لمجلّة سبيكتاتور الأسبوعيّة العريقة، ومؤرخاً نشر عدّة كتب مهمة - بما فيها سيرة لملهمه وينستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية - قبل أن يُنتخب عمدة للعاصمة لندن ثم رئيساً للوزراء وزعيماً لحزب المحافظين. ولعل مما يرفع وتيرة التوقعات أيضاً أنّه كان في موقع التأثير واتخاذ القرار في مراحل مفصليّة في تاريخ بلاده المعاصر، سواء الأشهر الأخيرة من عصر الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، أو خروج المملكة المتحدة من عضويّة الاتحاد الأوروبي، أو وباء «كوفيد 19». أو الحرب في أوكرانيا، ناهيك عن شهرته عبر العالم كنسخة من دونالد ترمب على الجهة الأخرى من المحيط الأطلسي، حتى أنّه ربما يكون السياسي البريطاني الوحيد الذي يعرفه سكان هذا العالم باسمه الأول (بوريس). لكن الحقيقة أن المذكرات ورغم تضمنها مقاطع مهمة هنا وهناك ولحظات صاعقة من الصراحة، فإنها في المحصلة أقرب إلى موجة جارفة من التبرير المقعّر، والإعجاب النرجسي بالذات، وتصفية الحسابات السياسيّة ولوم للجميع لأنهم أضاعوه، ويا ويلهم أي فتى أضاعوا؟

ومع ذلك، فإن «مطلق العنان» قراءة سهلة، يتم سردها بلغة قريبة من لغة الحوار اليومي أكثر منها لغة متعجرفة كما يتوقع من خريجي المدرسة النخبوية في إيتون وجامعة أكسفورد، مع كثير من علامات التعجب، والأصوات الشارعيّة المكتوبة بحروف كبيرة، والصفات المرصوفة كجمل طويلة، والإهانات الشخصيّة لمنافسيه، والأسئلة البلاغيّة عديمة الفائدة، فيما غلب عليها مزاج من السخريّة والهزل حتى في التعاطي مع القضايا التي يفترض أنّه جاد بشأنها.

هذا النّفس الذي اختاره جونسون لسرد مذكراته (والتي قد تدر عليه دخلاً سيتجاوز الثلاثة ملايين جنيه إسترليني وفق تقديرات صناعة النشر) أفقد الكتاب كثيراً من قيمته المتوقعة كوثيقة تاريخيّة، وبدت أجزاء كبيرة منه روايات ربما يتمنى كاتبها لو كانت الحقيقة، أو ربما أعتقد بالفعل أنها كانت الحقيقة كجزء مما يسميه جونسون نفسه التنافر المعرفي الذي يصيب الساسة المغمسين في وظيفتهم القياديّة لدرجة أنهم يصابون بالعمى عن المشاكل السياسية الهائلة التي تتراكم خارج مكاتبهم. هذا سوى بعض الأخطاء التفصيليّة في تسجيل الأحداث أيضاً والتي لا يفترض أن تمرّ على مؤرخ معتّق أو على ناشره المرموق (يقول مثلاً إن حكومة حزب العمال في أسكوتلندا أطلقت سراح الليبي المتهم بتفجيرات لوكربي، فيما الواقع أنها كانت حكومة الحزب القومي الأسكوتلندي).

من الناحية الإيجابيّة فإن جونسون يضمِّن كتابه تعليقات ذكيّة حول مسائل استراتيجيّة تبدو في ميزان اليوم أفضل من أدائه الفعلي رئيساً للوزراء كما مثلاً في رؤيته لأسباب اللامساواة الاقتصاديّة بين الأجيال، وتفسيره للانقسام الاقتصادي العميق بين العاصمة لندن الكبرى وبقيّة المملكة المتحدة، وتصوّراته حول رفع سويّة الأجزاء الأقل حظاً منها من خلال برامج تحديث البنية التحتية وتكنولوجيا الاتصال والاستفادة من أموال الخزينة العامّة لجذب استثمارات القطاع الخاص، وكذلك تحوّله من منكر لتحولات المناخ إلى منذر من مخاطرها ومفسّر للحجج الأخلاقيّة والاقتصاديّة الدّاعية إلى التصدي لجذورها من أجل مصلحة الأجيال المقبلة.

أثناء زيارة لمكتبه في عام 2017 طلب منه نتنياهو استخدام المرحاض بعد ذلك، وجدت أجهزة الأمن جهاز تنصت تم زرعه هناك

يفشل بوريس في تقديم مرافعة كانت متوقعة منه بشأن دوره فيما يعرف بـ«بريكست»، أو القرار بتخلي بريطانيا عن عضوية الاتحاد الأوروبيّ. وهو يعترف بأنّه كان مشتتاً وقتها بين اعتقاده بضرورة أن تتخلص بلاده من سلطة بروكسل عليها (مقر الاتحاد الأوروبي) من ناحية، وتفهمه لمشاعر كثيرين من عائلته وأصدقائه الذين أرادوا منه دعم حملة البقاء في النادي الأوروبيّ، ويقرّ بأنه في المساء الذي أعلن فيه قراره بدعم التوجه إلى الخروج من الاتحاد، كتب نسختين من المقال نفسه، واحدة (مع) وواحدة (ضد) كي يمكنه اختبار حنكة حججه، ليجد في النهاية أن حملة تأييد البقاء افتقدت إلى الحماس، ولم تمتلك أي رسالة إيجابيّة واضحة لتقولها. في المقابل، فإن جونسون يبدو في هذه المذكرات ليس مفتقراً فحسب لأي شعور بالمسؤولية عن الفوضى التي أعقبت التصويت على المغادرة، والإدارة السيئة للمفاوضات التي قادتها حكومات المحافظين وهو فيها مع الاتحاد الأوروبي، بل يبدو غاضباً حتى على مجرد اقتراح مساءلته من حيث المبدأ متسائلاً: «وماذا بحق الجحيم كان من المفترض علينا أن نفعل؟»، بينما يقفز للعب دور البطولة منفرداً فيما يتعلق برد حكومة المملكة المتحدة على حالات التسمم النووي التي نسبت لروسيا في سالزبوري عام 2018. في وقت صار فيه من المعلوم أن تيريزا ماي، رئيسة الوزراء حينها، هي من كانت وراء ذلك الموقف الحازم. ويخلص جونسون للقول إن حزب المحافظين كان سيفوز في انتخابات هذا العام لو بقي على رأس السلطة ولم يتعرّض للخيانة من رفاقه، وهي مسألة يكاد معظم المراقبين يتفقون على استحالتها بالنظر إلى تراكم سلسلة الفضائح وسوء الإدارة وهزالة الطرح الآيديولوجي لحكومات حزب المحافظين خلال الخمسة عشر عاماً الماضية على نحو تسبب للحزب النخبوي بأقسى هزيمة له في مجمل تاريخه العريق. في المذكرات يكتب جونسون عن زيارة قام بها بنيامين نتنياهو إلى مكتبه في عام 2017، طلب خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي استخدام المرحاض. بعد ذلك، وجدت أجهزة الأمن جهاز تنصت قد تم زرعه هناك. وقال جونسون إنه على وفاق مع نتنياهو وإن القراء يجب ألا يستخلصوا استنتاجات أوسع حول الزعيم الإسرائيلي من تلك الحكاية!