الأكراد يرفضون عرضاً بتسليم عفرين لدمشق لتجنب الهجوم التركي

في اجتماع عقد قبل يومين من بدء الهجوم في قاعدة حميميم

تنظيف موقع في كيليس جنوب تركيا سقطت عليه قذائف يعتقد أنها انطلقت من قوات الحماية الكردية
تنظيف موقع في كيليس جنوب تركيا سقطت عليه قذائف يعتقد أنها انطلقت من قوات الحماية الكردية
TT
20

الأكراد يرفضون عرضاً بتسليم عفرين لدمشق لتجنب الهجوم التركي

تنظيف موقع في كيليس جنوب تركيا سقطت عليه قذائف يعتقد أنها انطلقت من قوات الحماية الكردية
تنظيف موقع في كيليس جنوب تركيا سقطت عليه قذائف يعتقد أنها انطلقت من قوات الحماية الكردية

حمّل أكراد سوريا، روسيا، مسؤولية الهجوم العسكري الذي تنفذه أنقرة وقوات سورية موالية لها على عفرين، كاشفين عن عرض رفضوه من قبل روسيا والنظام قبل ثلاثة أيام، قضى بتسليم عفرين للنظام السوري، وهو ما دفع روسيا لمنح تركيا غطاء سياسياً للتوغل إلى ثالث مقاطعة فيدرالية شمال سوريا الكردية.
وكشف القيادي في «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي إبراهيم إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماعاً عقد قبل يومين من بدء الهجوم التركي على عفرين في قاعدة حميميم العسكرية، ضم مسؤولين أكراداً وآخرين من النظام السوري برعاية روسية، تلقى خلاله الأكراد عرضاً بتسليم عفرين إلى النظام، لتجنيبهم معركة تركية في عفرين.
وقال إبراهيم الذي يشغل موقع «عضو الهيئة الإعلامية» في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ومسؤوله الإعلامي في أوروبا: «رفضنا الموضوع بالمطلق؛ لأن روسيا أرادت ابتزاز الإدارة الذاتية والضغط عليها للقبول بتسليم عفرين لقوات النظام السوري، وأن يعود النظام كاملاً إلى المنطقة»، مؤكداً: «إننا رفضنا قطعياً هذه الصفقة؛ لأننا دفعنا الكثير لحماية عفرين، ومستحيل أن يعود النظام إلى منطقتنا حتى لو دمرت عفرين». وأضاف: «بعد رفضنا، أعطى الروس لتركيا ضوءاً أخضر لإطلاق عمليتهم ضد عفرين».
واعتبر إبراهيم أن التوغل التركي في عفرين «هو عدوان روسي قبل أن يكون تركياً»، مضيفاً: «نحمل روسيا مسؤولية مباشرة عما يجري في عفرين». وتلتزم روسيا حماية عفرين منذ أكثر من عام، بعد التدخل التركي في الشمال السوري، عبر عملية «درع الفرات» التي انطلقت في أغسطس (آب) 2016، وأفضت لسيطرة القوات الحليفة لتركيا على جرابلس ومدينة الباب.
ولم تنفِ مصادر كردية في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، أن الروس أبلغوهم آنذاك بالالتزام بحماية المنطقة من أي خطوة تركية كانت تهدد بالدخول إلى عفرين. وأنشأ الروس لهذه الغاية قاعدة عسكرية على الأقل في ريف حلب الشمالي قرب عفرين، في وقت تعززت العلاقات فيه بين النظام والأكراد عبر روسيا، وظهر ذلك في الخطوط المفتوحة بين أحياء واسعة يسيطر عليها الأكراد في مدينة حلب، بينها الشيخ مقصود، مع عفرين، عبر مناطق سيطرة النظام.
وتعتبر عفرين، الضلع الثالث من مقاطعات فيدرالية شمال سوريا، يحاول الأكراد تثبيتها في شمال سوريا. وتتشكل، إضافة إلى عفرين، من مقاطعة الجزيرة ومقاطعة كوباني. ومثل الدخول التركي إلى مدينة الباب في وقت سابق، خطوة مهمة لقطع اتصال مقاطعتي الحسكة وكوباني مع عفرين، ما عرقل قيام فيدرالية شمال سوريا. وتقع مقاطعتا الجزيرة وكوباني، اللتان تمتدان على مساحة محافظة الحسكة والرقة وجزء من حلب، وصولاً إلى منبج غرب نهر الفرات، تحت الحماية الأميركية. ويمثل هذا الواقع عاملاً معرقلاً لتوسيع أي عملية تركية، رغم تهديد تركيا المستمر بالهجوم على مناطق سيطرة الأكراد في غرب نهر الفرات على الأقل، كان آخرها تلويح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس، بأن العملية ستمتد إلى منبج في وقت لاحق.
من جهته، قال المقدم أحمد خليل، نائب قائد الفرقة الثانية الموالية لتركيا التي تشارك في عملية عفرين: «استطعنا السيطرة على قرية على الحدود من تركيا»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن «العمل مستمر، وسنحرك محوراً آخر على جبهة جبل الوصاية باتجاه عفرين». وأضاف أن هناك عملاً عسكرياً آخر «لن نتحدث عنه الآن»، مشيراً إلى أن «هناك قوات رديفة ترابط على محور منبج، منعاً لحدوث أي هجوم من قبل (قوات سوريا الديمقراطية) باتجاه جرابلس ومدينة الباب»، مشدداً على أن «هدفنا الآن عفرين، أما منبج فستكون في عملية قريبة».
غير أن توسيع العملية إلى منبج، تترتب عليه تحديات كبيرة، أبرزها مواجهة سياسية محتملة بين واشنطن وأنقرة، على ضوء رفض أميركي صريح بأن يدخل أي طرف إلى المناطق التي ساهم الأميركيون في طرد «داعش» منها والسيطرة عليها.
وقال مصدر كردي تحفظ على ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن مسؤولين أميركيين أبلغوا الأكراد في وقت سابق إثر تهديدات تركية بالدخول إلى منبج أو تل أبيض الحدودية مع تركيا، بأن «واشنطن لن تسمح لأي طرف بالدخول إلى مناطق ساهمت بتحريرها من (داعش)»، مستشهدا بالخطوات الأميركية التي تمثلت برفع أعلام أميركية وتعزيز قواتها في المنطقة الفاصلة بين منبج وجرابلس قرب نهر الصاخور وفي منبج: «ما شكل رسالة رادعة لتركيا بالتمدد إلى منبج آنذاك».
ورأى الباحث السياسي السوري عبد الرحمن الحاج، أنه «لا تبدو هناك مصلحة أميركية بالمواجهة مع الأتراك؛ لأن ارتباط الطرفين يتخطى الساحة السورية، وهي متصلة بحلف (الناتو) الذي تعتبر تركيا عضواً فيه»؛ لكنه لم يستبعد عملية تركية في منبج «رغم أن واشنطن تستطيع أن تعقدها». وقال إن الثغرة الأهم التي تستطيع أن تستثمرها تركيا في الدخول إلى منبج «تتمثل في أن هناك معارضة عربية قوية للأكراد في منبج، وتعتبر أن القوات الكردية محتلة للقرى العربية، ما يساهم في ظهور مقاومة محلية للأكراد تساند أي خطوة تركية وحامية لها، بالنظر إلى مناهضتها للأكراد».
يُشار إلى أن تركيا، وإثر إطلاق عملية «درع الفرات» في أغسطس 2016، تحدثت عن سعيها لإقامة منطقة بعمق آمن يمتد إلى 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، قبل أن تتوقف عند حدود منطقة الباب. والآن، تكرر الحديث التركي عن هذه المنطقة.



«الفارس الخشن» تستنزف قدرات الحوثيين... والعليمي يطلب تحالفاً دولياً

الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT
20

«الفارس الخشن» تستنزف قدرات الحوثيين... والعليمي يطلب تحالفاً دولياً

الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي أفاد بتنفيذ 800 ضربة على الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس الماضي (أ.ف.ب)

أكد الجيش الأميركي تكبيد الحوثيين خسائر ضخمة جراء عملية «الفارس الخشن» المتصاعدة للأسبوع السابع، واتهم إيران بمواصلة دعم الجماعة، بينما أوقعت إحدى الضربات عشرات القتلى والجرحى، بعد أن أصابت مركز احتجاز للمهاجرين الأفارقة في صعدة.

وإذ يتمسك مجلس القيادة الرئاسي اليمني بتشكيل تحالف دولي واسع مع قواته على الأرض لإنهاء تهديد الحوثيين للملاحة، استهدفت الحملة الأميركية، ليل الأحد وفجر الاثنين، مواقع مفترضة للجماعة في صنعاء وعمران والجوف وصعدة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أمر ببدء حملة ضد الحوثيين في 15 مارس (آذار)، وتوعَّدهم بـ«القوة المميتة»، في سياق سعيه لإرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

ووفق الإعلام الحوثي، استهدفت ضربات أميركية مركز إيواء المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين في مدينة صعدة، حيث معقل الجماعة الرئيسي، وأدت إلى مقتل 68 شخصاً، وإصابة 47 آخرين، وفق حصيلة غير نهائية.

رجل يعاين الأضرار عقب ضربة أميركية في صنعاء استهدفت موقعاً مفترَضاً للحوثيين (أ.ف.ب)
رجل يعاين الأضرار عقب ضربة أميركية في صنعاء استهدفت موقعاً مفترَضاً للحوثيين (أ.ف.ب)

ولم يعلق الجيش الأميركي على الواقعة التي جاءت بعد ساعات من استهداف موقع في منطقة ثقبان في مديرية بني الحارث شمال صنعاء، التي قال إعلام الحوثيين إنها أدت إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة آخرين بعد أن استهدفت 3 منازل.

ويُتهم الحوثيون على مدار سنوات الحرب التي أشعلوها بأنهم يتخذون من المدنيين دروعاً بشرية، ويخبئون الأسلحة وسط الأحياء السكنية، وفق ما تقوله الحكومة الشرعية.

إضافة إلى ذلك، أقرت الجماعة بتلقي 4 غارات في مديرية برط العنان في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء)، كما أقرت بثلاث غارات ضربت مواقع في مديرية كتاف في صعدة، و6 غارات ضربت مواقع محصنة في منطقة الجبل الأسود، حيث مديرية حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء.

ولم يتطرق الحوثيون إلى تفاصيل عن طبيعة الأهداف المقصوفة، إلا أن مراقبين يتكهنون بأن الغارات واصلت ضرب المخابئ المحصنة للأسلحة ومراكز القيادة فضلاً عن أماكن اختباء المسؤولين عن إطلاق الصواريخ والمسيَّرات.

800 ضربة

وضمن البيانات النادرة التي يصدرها الجيش الأميركي منذ بدء حملة ترمب ضد الحوثيين، أفادت القيادة المركزية، الاثنين، بأن قواتها نفذت 800 ضربة ضد الحوثيين، وأنها تتحفظ على نشر تفاصيل عملياتها السابقة واللاحقة لأسباب تتعلق بالسرية.

ووفق البيان المنشور على منصة «إكس»، نفذت القوات الأميركية منذ منتصف مارس حملة مكثفة ومستمرة استهدفت تنظيم الحوثيين الإرهابي في اليمن، بهدف استعادة حرية الملاحة.

وتم تنفيذ هذه العمليات - وفق البيان - بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة وشاملة لضمان تأثيرات قاتلة ضد الحوثيين مع تقليل المخاطر على المدنيين إلى الحد الأدنى.

وللحفاظ على سرية العمليات، قالت القيادة المركزية الأميركية إنها تعمدت تقليص الكشف عن تفاصيل عملياتها الجارية أو المستقبلية. وأضافت: «نحن نتبع نهجاً مدروساً للغاية في عملياتنا، لكننا لن نكشف عن تفاصيل ما قمنا به أو ما سنقوم به لاحقاً».

وتعهد البيان الأميركي بمواصلة تصعيد الضغط، والعمل على تفكيك قدرات الحوثيين بشكل أكبر ما داموا مستمرين في عرقلة حرية الملاحة، مؤكداً تنفيذ 800 ضربة من بدء العملية التي أُطْلِق عليها «الفارس الخشن».

وتسببت هذه الضربات - وفق البيان - في مقتل المئات من مقاتلي الحوثيين وعدد كبير من قادتهم، بمن في ذلك مسؤولون كبار عن الصواريخ والطائرات المسيَّرة. كما دمرت الضربات منشآت عدة للقيادة والسيطرة، وأنظمة دفاع جوي، ومرافق تصنيع أسلحة متقدمة، ومستودعات تخزين للأسلحة المتطورة.

وكانت هذه المستودعات - كما جاء في البيان - تحتوي على أسلحة تقليدية متطورة، بما في ذلك صواريخ باليستية وصواريخ «كروز» مضادة للسفن، وأنظمة جوية مسيّرة، وزوارق سطحية مسيّرة، استُخدمت في هجمات الحوثيين الإرهابية على الممرات البحرية الدولية.

وعلى الرغم من استمرار الهجمات الحوثية، فإن البيان قال إن عمليات الجيش الأميركي أضعفت وتيرة وفاعلية هجمات الجماعة، إذ انخفضت عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية بنسبة 69 في المائة، كما انخفضت هجمات الطائرات الانتحارية من دون طيار بنسبة 55 في المائة.

وأشار البيان الأميركي إلى تدمير قدرة ميناء رأس عيسى على استقبال الوقود، وقال إن ذلك سيؤثر في قدرة الحوثيين ليس فقط في تنفيذ العمليات العسكرية، بل أيضاً على جمع ملايين الدولارات لتمويل أنشطتهم الإرهابية.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية أن عملياتها ضد الحوثيين نُفذت بواسطة مجموعة كبيرة من القوات، بما في ذلك مجموعتا حاملة الطائرات «هاري إس ترومان» و«كارل فينسون».

واتهم الجيش الأميركي إيران بمواصلة تقديم الدعم للحوثيين، وقال: «لا يمكن للحوثيين مواصلة هجماتهم ضد قواتنا لولا دعم النظام الإيراني لهم». وأكد أنه سيواصل «تصعيد الضغط» حتى تحقيق الهدف، وهو استعادة حرية الملاحة، وتعزيز الردع الأميركي في المنطقة».

تحالف دولي يمني

وفي اتجاه متصل بموقف مجلس القيادة الرئاسي اليمني، التقى رئيس المجلس رشاد العليمي السفير الأميركي لدى بلاده ستيفن فاغن، ونقل الإعلام الرسمي أن اللقاء تَطَرَّق للجهود الجارية لحماية الممرات المائية، «وردع هجمات الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني على خطوط الملاحة الدولية، وسفن الشحن البحري».

ووفق وكالة «سبأ» الحكومية، جدد العليمي تأكيد الحاجة الملحة إلى شراكة استراتيجية إقليمية ودولية مع الحكومة اليمنية لتأمين الممرات المائية، ومواجهة التحديات المشتركة على جميع المستويات.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في الرياض مستقبلاً السفير الأميركي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في الرياض مستقبلاً السفير الأميركي (سبأ)

واعترف زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه بتلقي 1200 غارة جوية وقصف بحري خلال 6 أسابيع من حملة ترمب، لكنه زعم أن الضربات لم تؤثر في قدرات جماعته العسكرية، بخلاف تقارير أميركية تحدثت عن مقتل المئات، وتدمير مستودعات أسلحة محصنة وثكنات.

وأطلق الحوثيون 16 صاروخاً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون تأثير عسكري إلى جانب إطلاق عدد من المسيَّرات.

وكانت الجماعة منذ أن انخرطت في الصراع البحري والإقليمي بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أطلقت نحو 200 صاروخ ومسيَّرة باتجاه إسرائيل، وتسببت هجماتها البحرية في غرق سفينتين، وقرصنة ثالثة.