معرض القاهرة للكتاب يبحث عن عناوين جديدة

بمشاركة 848 ناشراً عربياً وأجنبياً... والجزائر ضيف شرف

جانب من الدورة السابقة
جانب من الدورة السابقة
TT

معرض القاهرة للكتاب يبحث عن عناوين جديدة

جانب من الدورة السابقة
جانب من الدورة السابقة

تحت شعار «القوى الناعمة» ووسط إجراءات أمنية مكثفة وبرنامج ثقافي طموح تنطلق يوم 26 يناير (كانون الثاني) الجاري فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ(49)، وتحل الجزائر ضيف شرف هذه الدورة، بينما يمثل اسم الكاتب المصري الراحل عبد الرحمن الشرقاوي شخصية المعرض.
ينظم المعرض الذي سيستمر على مدار نحو أسبوعين الهيئة المصرية للكتاب، ويأمل مسؤولوه أن تكسر هذه الدورة الصخب الكرنفالي الذي ارتفعت وتيرته في الدورات السابقة، بينما يبحث الكتاب والمثقفون عما يحمله المعرض هذا العام من عناوين جديدة في شتى مناحي الإبداع والمعرفة، وأن يشكل عتبة حقيقية لسوق النشر المفتوح بحيوية على شتى الرؤى والأفكار ومغامرات التجديد في دروب الأدب والفن، بعيدا عن سياسة المصادرة التي لم تعد ذات جدوى بعد نشر الكتب المصادرة على شبكة الإنترنت.
يشارك في هذه الدورة 27 دولة منها 15 دولة عربية ودولتان من أفريقيا و10 دول أجنبية و848 ناشرا منهم 367 ناشرا عربيا و10 أجانب، ودولتان من أفريقيا.
حول تفاصيل المعرض عقد د. هيثم الحاج علي رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب مؤتمرا صحافيا حضره فريد دحمان نائب سفير الجزائر بالقاهرة، وعادل المصري رئيس اتحاد الناشرين المصريين.
اعتبر هيثم الحاج اختيار الجزائر ضيف الشرف امتدادا لمشهد ثقافي به الكثير من الملامح والرؤى المشتركة، مشيرا إلى أن مصر كانت ضيف شرف على معرض الجزائر العام الماضي، الأمر الذي يعزز من فكرة التبادل الثقافي بين البلدين ويجعلها مفتوحة على آفاق أرحب ثقافيا وإنسانيا، خاصة أن المشهد الجزائري أحد المشاهد الضخمة والمعبرة.
وقال: اخترنا عبد الرحمن الشرقاوي شخصية المعرض لأنه نموذج دال للقوى الناعمة، وله عدد من الأعمال المسرحية التي جسدت الجهاد الجزائري ضد الاستعمار، منها قصة المناضلة جميلة بوحريد. ويهمنا أن يكون ضيف الشرف متعدد المواهب، لأن لدينا نحو سبعة محاور مختلفة عن الشرقاوي، فهو أديب وصحافي ومحامٍ وكاتب مسرحي ومجدد وهذا هو الجديد الذي سنركز عليه خلال فعاليات المعرض.
وأضاف هيثم الحاج: القوى الناعمة هي التي تصنع المحددات الثقافية للتواصل مع العالم، والمعرض إحدى النوافذ المهمة في هذا الصدد، لافتا إلى أن المعرض هذا العام يمثل بانوراما مهمة للتعاون بين المؤسسات الثقافية بالوزارة، فتعاون قطاع الفنون التشكيلية بعمل «البوستر» الخاص به، وكذلك هيئة قصور الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة، اللذان يشاركان بمعارض للكتب والأنشطة الثقافية أيضا.
ولأول مرة في تاريخ المعرض يتم تشكيل لجنة وزارية بقرار من مجلس الوزراء تضم ممثلين عن عدد من الوزارات المعنية بالمعرض حتى تضمن الدولة نجاحه وتذليل كافة العقبات أمامه واشتراك أكبر عدد من الوزارات في تنظيمه بدلا من أن يقتصر الأمر على وزارة الثقافة فقط كما كان يحدث في كل عام.
وحول دور الشباب في المعرض قال هيثم الحاج: «لقد وضعنا محوراً خاصاً بالشباب سنناقش خلاله جميع المبادرات الشبابية التي صنعها الشباب على الأرض وكيفية تفعيلها وتنميتها وهو جزء من القوى الناعمة».
وأضاف: «خصصنا العام الماضي أنشطة الطفل في جناح واحد، هذا العام خاطبنا اتحاد الناشرين للمشاركة في أنشطة جناح الطفل وتخصيص مكان لبيع كتب ومستلزمات الطفل، ونحن نصممه كأنه معرض مصغر لأنشطة وكتب الطفل داخل المعرض الكبير، وكذلك محور المرأة، وهو أيضا انعكاس لما يحدث».
وحول الجديد في البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض، قال رئيس هيئة الكتاب: هناك مجموعة من البرامج المميزة منها، كاتب ومشوار، وديوان الشعراء، وندوات نقدية تغطي الجديد في ساحة الإبداع من رواية وشعر ومجموعات قصصية وكتب فكرية. كما سيقام مؤتمر داخل المعرض عن العلاقات المصرية الروسية بالتعاون مع دار الكتب.
من جانبه، أكد نذير العرباوي سفير الجزائر لدى مصر، في تصريحات صحافية عقب لقائه وزير الثقافة المصري مؤخرا، أن وزارة الثقافة الجزائرية أعدت برنامجا ضخما للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، يشمل جناحا يضم أكثر من 3500 عنوانا، إضافة إلى مشاركة وفد رفيع يضم كوكبة من أكبر المثقفين والمفكرين الجزائريين والمشهورين بكتاباتهم لدى القارئ المصري والعربي من ضمنهم الكاتبة والروائية الكبيرة أحلام مستغانمي.
وأشار العرباوي إلى أن وزارة الثقافة الجزائرية، ستكرم خلال فعاليات المعرض عددا من القامات الثقافية والفنية والأدبية المصرية، التي قدمت جهودا للجزائر خلال فترة الاستعمار وبعد الاستقلال، إضافة إلى عدد من الفعاليات الثقافية والفنية المصاحبة.


مقالات ذات صلة

علي بن تميم: لا بدّ من الريادة في التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي

ثقافة وفنون جانب من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024

علي بن تميم: لا بدّ من الريادة في التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي

في حوار «الشرق الأوسط» مع الدكتور علي بن تميم، رئيس «مركز أبوظبي للغة العربية»، في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، الذي يتبع له مشروع «كلمة» للترجمة....

ميرزا الخويلدي (الشارقة)
ثقافة وفنون مائة عام على صدور كتاب الريحاني «ملوك العرب» (دارة الملك عبد العزيز)

الرياض تحتفي بالريحاني وبكتابه «ملوك العرب» في مئويته الأولى

استعرض المشاركون في الندوة إسهامات الريحاني بوصفه كاتباً متعدد المجالات وأكدوا أهمية توثيق تاريخ المنطقة ومجتمعاتها.

عمر البدوي (الرياض)
ثقافة وفنون أمين الريحاني

«ملوك العرب» في مئويّته: مُعاصرنا أمين الريحاني

قيمة كتاب «ملوك العرب» كامنة في معاصرتها لحياتنا ولبعض أسئلتنا الحارقة رغم صدوره قبل قرن. ولربّما كانت قيمة الريحاني الأولى أنه لا يزال قادراً على أن يعاصرنا.

حازم صاغيّة
كتب مختبر فلسطين... قنابل يدوية بدل البرتقالات

مختبر فلسطين... قنابل يدوية بدل البرتقالات

يتجاوز الصحافي أنتوني لونشتاين، الخطوط المحلية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في كتابه الاستقصائي «مختبر فلسطين: كيف تُصَدِّر إسرائيل تقنيات الاحتلال إلى العالم»

عبد الرحمن مظهر الهلّوش (دمشق)
كتب سردية ما بعد الثورات

سردية ما بعد الثورات

لا تؤجل الثورات الإفصاح عن نكباتها، هي جزء من حاضرها، وتوقها إلى التحقق، وتلافي تكرار ما جرى، بيد أنها سرعان ما تصطنع مآسيها الخاصة، المأخوذة برغبة الثأر

شرف الدين ماجدولين

جيناتنا العظيمة

عبد الله القصيمي
عبد الله القصيمي
TT

جيناتنا العظيمة

عبد الله القصيمي
عبد الله القصيمي

ثمة فرق بين النقد الثقافي الساعي لإصلاح حال أمة ما وتسليط الأضواء على الأخطاء التي تعيق التطور من جهة، وجلد الذات الذي يصبح إدماناً، من جهة أخرى. هذا ما خطر ببالي وأنا أعيد قراءة كتاب الفيلسوف السعودي عبد الله العلي القصيمي «العرب ظاهرة صوتية». من وجهة نظره، العرب مُصوّتون فقط في حين لا يكتفي الآخرون بإصدار الأصوات، بل يتكلمون ويفكرون ويخططون وهم أيضاً خلاقون قاموا بإبداع الحضارات والقوة والفكر وتجاوزوا الطبيعة وفهموها وقاموا بتفسيرها قراءة فهم وتغيير وبحث عن التخطي والتفوق.

مثل هذا النقد مدمر لأنه يبشر بسقوط يستحيل النهوض منه لأن المشكلة في الجينات، والجينات لا يمكن إصلاحها. «العرب ظاهرة صوتية»، شعار رفعه العديد من الكتاب وأصبحت «كليشة» مكرورة ومملة، ولا يمكن أن يكون هذا التوجه نافعاً لأنه لا يضع خطة عمل، بل يرمي العربي في حفرة من الإحباط. مع أن هناك الكثير مما نراه من إنجازات دولنا في الجوانب النهضوية وأفرادنا على الصعيد العلمي ما يدعو إلى التفاؤل، لا الإحباط.

ما الذي خرج به جلد الذات الذي يمارسه المثقفون العرب على أنفسهم وثقافتهم بعد كل هذه العقود المتتابعة؟ بطبيعة الحال، ليس هذا موقف الجميع، إلا أن الأصوات المتطرفة توصلت إلى أن العرب لديهم مشكلة جينية، تمنعهم من مواكبة قطار الحداثة وإصلاح مشكلاتهم والانتقال إلى نظام الحياة المدنية المتحضرة. لا خلاف على تطوير أنظمة الحياة وتطبيق فلسفة المنفعة العامة للمجتمع وإعلاء قيمة حقوق الإنسان والحرية، وإنما الخلاف هو في هذا الوهم الذي يُخيل لبعض المثقفين أن المشكلة ضربة لازب وأنه لا حل، وهذا ما يجعل خطابهم جزءاً من المشكلة لا الحل، لأن هذا الخطاب أسس لخطاب مضاد، لأغراض دفاعية، يتجاهل وجود المشكلة وينكرها.

لا فائدة على الإطلاق في أن ننقسم إلى فريقين، فريق التمجيد والتقديس للثقافة العربية وفريق مشكلة الجينات. وأصحاب الرؤية التقديسية هم أيضاً يشكلون جزءاً كبيراً من المشكلة، لأنهم لا يرغبون في تحريك شيء، وذلك لأنهم يؤمنون بأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان، وإن دخلت معهم في نقاش فتحوا لك صفحة الماضي المجيد والانتصارات العسكرية وغزو العالم في العصر الوسيط يوم كان العرب حقاً متفوقين، وكان المثقف الأوروبي يتباهى على أقرانه بأنه يتحدث العربية ويفهم فلسفة ابن رشد.

يخطئ الإسلاميون، وهم من يرفع شعار التقديس، عندما يتخيلون أن تجربتهم هي التمثيل الأوحد للديانة الإسلامية، فالنص حمَّال أوجه وفي باطنه آلاف التفاسير، والناجح حقاً هو من يستطيع أن يتخلى عن قراءاته القديمة التي ثبت فشلها ولم تحل مشكلات الشعوب التي تتوق إلى الحياة الكريمة. يخطئ من يتصور أن بإمكانه أن يسحق الأقليات ويحكم بالحديد والنار، وها هي تجربة صدام حسين وبشار الأسد ماثلة أمام عيوننا.

لقد بدأت مشكلتنا منذ زمن قديم، فالأمة العربية الإسلامية أدارت ظهرها للعلم في لحظته المفصلية في قرون الثورة العلمية والاكتشافات، ولهذا تراجعت عن المكانة العظيمة التي كانت للحضارة العربية الإسلامية يوم كانت أقوى إمبراطورية على وجه الأرض. دخلت حقاً في عصور الانحطاط عندما رفضت مبدأ السببية الذي قام عليه كل العلم بقضه وقضيضه، وولجت في عوالم من الدروشة والتخلف، ليس فقط على صعيد العلوم المادية، بل على الصعيد الأخلاقي أيضاً، وأصبحت صورة العربي في الذاكرة الجمعية تشير إلى شخص لا يمكن أن يؤتمن ولا أن يصدّق فيما يقول. هذا ما يجعله ضيفاً ثقيلاً من وجهة نظر بعض المجتمعات الغربية التي لجأ إليها العرب للعيش فيها.

لقد عاش العربي في دول تقوم على فرق ومذاهب متباغضة متكارهة قامت على تهميش الأقليات التي تحولت بدورها إلى قنابل موقوتة. هذا المشهد تكرر في كل الأمم وليس خاصاً بالعرب، فنحن نعلم أن أوروبا عاشت حروباً دينية دموية اختلط فيها الديني بالسياسي وأزهقت بسببها مئات الآلاف من الأرواح، لكنهم بطريقة ما استطاعوا أن يداووا هذا الجرح، بسبب الجهود العظيمة لفلاسفة التنوير ودعاة التسامح والتمدن والتعامل الإنساني الحضاري، ولم يعد في أوروبا حروب دينية كالتي لا زالت تقع بين العرب المسلمين والأقليات التي تعيش في أكنافهم. العرب بحاجة إلى مثل هذا التجاوز الذي لا يمكن أن يحصل إلا في ضفاف تكاثر الدول المدنية في عالمنا، وأعني بالمدنية الدولة التي تعرف قيمة حقوق الإنسان، لا الدول التي ترفع شعار العلمانية ثم تعود وتضرب شعوبها بالأسلحة الكيماوية.

الدولة المدنية، دولة الحقوق والواجبات هي الحل، ومشكلة العرب ثقافية فكرية وليست جينية على الإطلاق. ثقافتنا التي تراكمت عبر العقود هي جهد بشري أسس لأنظمة أخلاقية وأنماط للحياة، وهذه الأنظمة والأنماط بحاجة إلى مراجعة مستمرة يديرها مشرط التصحيح والتقويم والنقد الصادق، لا لنصبح نسخة أخرى من الثقافة الغربية، وإنما لنحقق سعادة المواطن العربي وحفظ كرامته.