فيلم توم كروز الجديد.. «حافة الغد» أو حافة السقوط؟

كلف الشركة المنتجة نحو 178 مليون دولار

من «حافة الغد» (أ.ب)
من «حافة الغد» (أ.ب)
TT

فيلم توم كروز الجديد.. «حافة الغد» أو حافة السقوط؟

من «حافة الغد» (أ.ب)
من «حافة الغد» (أ.ب)

بينما يستمتع معظم النقاد الأميركيين بفيلم توم كروز الجديد «حافة الغد»، يبقى التساؤل حول وضع الفيلم الجديد وبطله كروز بين الجمهور الأميركي ومدى تقبله لأي فيلم جديد يقوم ببطولته، حاضرا.
هذا التساؤل مبعثه أن أرقام اليومين السابقين (الجمعة والسبت) وضعت «حافة الغد» على حافة السقوط. فالفيلم الذي سطا على المركز الأول هو «الخطأ في نجومنا» (وهو عنوان يصلح لأن يكون مجازيا إذا ما قصد به نجوم الشاشة) الذي اقتطف نحو 26 مليون دولار من 3173 صالة في شمالي القارة الأميركية (الولايات المتحدة، كندا، المكسيك) في حين كاد «حافة الغد» يبلغ 11 مليونا في 3490 صالة لكنه لم يفعل بعد. إلى المركز الثالث لكن ليس بعيدا مطلقا عن «حافة الغد» يتدلى «ماليفسنت» التي قامت ببطولته أنجلينا جولي والذي جمع في أسبوعه الأول نحو مائة مليون دولار عن 3948 صالة.
خسارة توم كروز للمركز الأول، إذا ما برهن يوم الأحد على ذلك ببقاء الإيراد ضمن الضعيف والمتردد، لطمة للممثل الذي يشترك هنا في فيلم صيف نموذجي. فهو بمثابة هزيمة لنجم سبق وأن تعرضت بعض أفلامه الأخيرة لهزات أرضية لكن ليس من بينها ما يشابه هذه الهزة على مقياس ريختر. وهو أيضا لطمة في وجه فيلم من تلك التي تناسب جمهور الصيف كلف وورنر نحو 178 مليون دولار لصنعه أي أن المرجو هو تجاوزه 450 مليون دولار لاسترداد بعض الأرباح. هذا المبلغ يبدو سقفا عاليا وسط النزوح صوب فيلم «الخطأ في نجومنا». وما يزيد الطين بلة، أن «الخطأ في نجومنا» من إنتاج «فوكس» لم يتكلف أكثر من 12 مليون دولار لإنتاجه وقريب من هذا الرقم لتسويقه وترويجه، ما يعني أنه آيل لتحقيق أرباح بمجرد تجاوز الـ50 مليون دولار، وهو أمر محتمل في غضون عشرة أيام لا أكثر.
«الخطأ في نجومنا» فيلم عاطفي شعبي شبابي من إخراج جديد (جوش بون) وبطولة ممثلين حديثي العهد هما شالين وولي وأنسل إلغورت ومفاده قصة حب بين مراهقين يجدان أن ما يجمعهما هو أكثر مما يفرقهما بما في ذلك اشتراكهما في عوارض مرض السرطان. ليس تماما «قصة حب» الذي بهر المشاهدين سنة 1970 بحكاية الشاب الثري (رايان أونيل) والفتاة الفقيرة المصابة بالسرطان (آلي ماكغرو)، لأنه أذكى بقدر كاف من أن يقع في الميلودراميات العاطفية المتباكية.
أداء متعوب عليه
لكن «حافة الغد» ليس فيلما صيفيا فارغا. بالتأكيد أفضل مما وفرته سلسلة «ترانسفورمرز» من الجزء الثاني وإلى اليوم ومن المحتمل جدا طالما أن تركيبة صانعي «ترانسفورمرز» هي على حالها تقريبا أنها ستتغير في الفيلم المقبل. إنه فيلم موقع بمهارة وحرفة جيدة من قبل المخرج دوغ ليمان، من بين أعماله فيلمان من سلسلة «بورن» الجاسوسية لجانب «مستر ومسز سميث» مع براد بت وأنجلينا جولي. في «حافة الغد» يؤدي توم كروز دور مقاتل لم يكن يسعى للاشتراك في حرب كونية حتى وإن كانت دفاعا عن الأرض ضد غزاة من الكوكب الآخر، لكنه يمتثل ويقتل بعد قليل من بداية الفيلم. ثم يولد من جديد في نفس الموقعة. يحارب من جديد ويقتل، ثم يولد من جديد ويحارب ويقتل وهكذا دواليك. لقد علق ويليام كايج (كروز) في تلك الدائرة مثل فأر اختبار لا يستطيع فكاكا.
شيء من هذا شاهدناه في فيلم «غراوندهوغ داي» قبل 20 سنة. الفارق أن بيل موراي لم يكن محاربا هناك بل كان مذيع نشرة الطقس وأن الفيلم، كما أخرجه هارولد راميس، كان كوميديا.
لن يواجه المشاهد اجترار الأحداث ذاتها. صحيح أن كايج سيجد نفسه يعاود حضور الفعل ذاته، لكن المخرج ليمان أذكى من أن يوقع الفيلم ومشاهديه في فعل متكرر طوال الوقت ويسميه فيلما. ما يميزه، إلى جانب توليف جيد وعين على ميكانيكية مشاهد الأكشن، أداء متعوب عليه من قبل توم كروز وهذا ليس جديدا عليه، ولو أن أجواء فيلمه الأخير «نسيان» الغامضة هي التي حدت من إظهار الجانب الدرامي من الفيلم وممثله الأول في المقام الأول.
توم كروز (51 سنة) لم يعد غريبا عن سينما الخيال العلمي منذ أن لعب «تقرير الأقلية» Minority Report سنة 2002. قبل ذلك، لم نشاهده في هذا النوع من الأفلام. بدايته كانت متوهجة بأفلام استفادت من ملامحه الشابة إذ كان في الـ19 من عمره عندما لعب دورا محدودا في فيلم فرانكو زيفيرللي «حب بلا نهاية» سنة 1981. بعده مباشرة في أدوار بطولة تحت إدارة مجموعة من المخرجين الذين لم نعد نرى لهم أفلاما ومنهم، للأسف، فرنسيس فورد كوبولا في «الغرباء» The Outsiders‪ ‬كروز في أفلام ترفيه محضة في «عمل خطر» Risky Business لبول بركمان و«خسارتها» لكيرتس هانسن و«كل الخطى الصحيحة» لمايكل تشابمان وكلها في عام 1983. لكن في «الغرباء» وجد كروز نفسه واحدا من مجموعة من المواهب الشابة مثله يتماوجون في دراما حول عصبتين من الشبان واحدة من فقراء المدينة والأخرى من أغنيائها تتصارعان على فرض سيطرة كل منهما على الأخرى. كروز كان من العصبة الغنية كما حال روب لاو وباتريك سوايزي في حين واجههم كل من مات ديلون ورالف ماكيو وس. توماس هاول وإميليو استيفيز، وهو وحيد كروز في تلك الفترة الذي بقي حيا كأي عمل جدير به أن يبقى في حين تبعثرت الأفلام الأخرى بمجرد انتهاء رواجها.
إضافة مهنية لكنها كانت منصة إطلاق قوية لتوم
بعدها دخل في عصبة للأخوين ريدلي وتوني سكوت. للأول قاد بطولة الفيلم الفانتازي الداكن «أسطورة» وللثاني مثل «توب غن» (1986) الذي كان ثاني فيلم ذي طابع عسكري بعد «نياشين» لهارولد بيكر (1981) إلى جانب شون بن وتيموثي هاتون تحت إمرة الجنرال جورج س. سكوت، وبعده مثل «أيام الرعد»، الفيلم الذي تعرف خلاله على الممثلة نيكول كيدمان وارتبط بها سنة 1990.
بعد «توب غن»، الذي دارت أحداثه في كلية للطيران وحمل الوله بتقديم أبطاله الشبان في الجد واللعب والحب، شاهدناه يميل إلى الدراما تحت جناح المخرج مارتن سكورسيزي في «لون المال» (1986) ثم في دراما اجتماعية لروجر دونالدسون في «كوكتيل» (1988). في العام ذاته حفر لنفسه حضورا جادا عبر فيلم باري ليفنسون «رجل المطر» أمام دستين هوفمن، ثم مال إلى الدراما الموجعة أكثر وأكثر في «ولد في الرابع من يوليو» لأوليفر ستون (1989).‬مثل فيلمه الوسترن الوحيد، «ناء وبعيد»Far and Away لرون هوارد مع نيكول كيدمان مباشرة بعد «أيام الرعد»، ثم لعب دور المحامي أمام هال هولبروك وجين هاكمن في «المؤسسة» المأخوذ عن واحدة من روايات جون غريشم التي تجمع ما بين الحكاية البوليسية والقضايا القانونية كونه كان محاميا سابقا.
نيل جوردان استقطبه في «مقابلة مع مصاص دماء» لجانب براد بت وكرستيان سلاتر (دور مساند) العام 1994، سنتان من بعد أن أطلق في وجه جاك نيكولسون عبارته الشهيرة «أنت لا تستطيع مواجهة الحقيقة» في «بضعة رجال جيدين» فيلمه الثالث ذي الطبعة العسكرية (إخراج روب راينر).
سنة 1996 كانت مفصلا مهما. كان توم كروز قد استوى منذ أكثر من عشر سنوات كنجم أول في إيرادات الأفلام وبين أكثر الوجوه نجاحا أميركيا وعالميا. في ذلك العام قرر توسيع رقعة اشتراكه في العمل السينمائي عبر إضافة وظيفة «المنتج» إلى التمثيل. والفيلم الأول له في هذا المضمار كان «المهمة: مستحيلة» الذي جاء بالمخرج برايان دي بالما (من رعيل كوبولا) لإخراجه. هذا الفيلم حقق نجاحا كبيرا بل الأكبر من بين كل أفلامه حتى ذلك الحين إذ جمع 452 مليون دولار عالميا أيام ما كانت التذكرة ما زالت دون العشر دولارات، أي ما يوازي 700 مليون دولار في أيامنا الحالية.
نجاح الفيلم أدى إلى السلسة التي تعاقب عليها المخرجون جو وو (الجزء الثاني - 2000) وج. ج. أبرامز (الثالث - 2006) وبراد بيرد (الثالث - 2011) وهو الفيلم الذي جرى تصوير بحر من مشاهده في مدينة دبي. هي سلسلة جاسوسية منقولة من مسلسل تلفزيوني في الستينات والسبعينات حول ذلك الفريق الذي تعهد إليه مهام مستحيلة. في مطلع كل حلقة هناك أمر شفهي مسجل على شريط «كاسيت» عندما ينتهي يحترق الشريط. الفريق الآن مسؤول وحده عن النتائج. لم يكن في تلك السلسلة ما هو واقعي (لكنها كانت سياسية تواكب تلك التي لدى صانعي القرار في البيت الأبيض والبنتاغون) ولم يكن من المنتظر أن تكون واقعية عندما انتقلت إلى الشاشة. لكن الجديد هنا هو أن العدو بات أكثر غموضا مما كان عليه الأمر عندما كانت السياسة عبارة عن ملفين أساسيين واحد أبيض (يمثل المصالح الغربية) والآخر أسود (المصالح الشيوعية). في «المهمة: مستحيلة» الأول ضمن كتابه (ثلاثة من أمهر العاملين هم ديفيد كووب وستيفن زايليان وروبرت تاون) المتغيرات التي تلت انهيار النظام الشيوعي. فجأة بات القتال مفتوحا والأوراق مختلطة والعدو ربما كان في الداخل.
غزو فضائي
لابد من ذكر أعمال كروز الأخرى خلال تلك الفترة مثل «ماغنوليا» لبول توماس أندرسن (1996) و«جيري ماغواير» لكاميرون كراو (1996) و«عينان مغمضتان باتساع» لستانلي كوبريك (فيلمه الأخير - 1999) و«فانيلا سكاي» لكاميرون كراو (2001) و«الساموراي الأخير» لإدوارد زويك (2003) و«مكمل» Collateral لمايكل مان (2004). لم تكن كل هذه الأفلام ناجحة بل شهد كروز بوادر هوانه عبر بعضها («فانيلا سكاي» و«الساموراي الأخير». لكن المنحى صوب سينما من الخيال - العلمي تأسس خلال تلك الحقبة وبنجاح. المخرج ستيفن سبيلبرغ رغب بالعمل مع توم كروز بعدما قام ستانلي كوبريك بإسناد بطولة «عينان مغلقتان باتساع» (وهو الفيلم الأخير بين كروز وكيدمان اللذين افترقا على أثره) وقام بإسناد بطولة فيلمه حول الحياة المقبلة تبعا لحالة حصار أمني مهيمن تقودها مؤسسة يعمل لها كروز قبل أن يجد نفسه وقد بات مطاردا من قبلها. الفيلم هو «تقرير الأقلية» الذي بات له اليوم صدى أكثر واقعية ضمن هيمنة التكنولوجيا بين يدي المؤسسات الأمنية الأميركية وسواها. حينها قال المخرج سبيلبرغ لهذا الناقد: «بعد كارثة 2001 يمكن لنا أن نتوقع عالما مختلفا كذلك الذي في هذا الفيلم. لا أحد فيه بمنأى عن الملاحقة إذا ما قررت المؤسسة ذلك سواء بالقصد أو عبر خطأ معلوماتي أو حتى تقني».
في عام 2006 وبعدما أخرج سبيلبرغ فيلمين مع توم هانكس هما «أقبض علي إذا استطعت» و«ذ ترمينال» (2002 و2004 على التوالي)، وضع كروز في بطولة فيلمه الخيالي العلمي الثاني وهو «حرب عالمين» المأخوذ عن فيلم من الخمسينات حول غزو فضائي من العالم الآخر يقابله صد من لدن أهل الأرض.. تماما كما الحال في «حافة الغد».
«حافة الغد»، بالنتيجة قد يكون حافة الفشل بالنسبة لكروز. لا يحدث ذلك لأول مرة بل وقع سابقا عندما لعب كروز بطولة فيلم من ملفات الحرب العالمية الثانية هو «فالكيري». إلى جانب أن العنوان يشبه اسم «ماركة» لصنع الأجبان، فشل ذلك الفيلم ومخرجه (برايان سينجر) في التعامل مع المادة فلا هو تشويقي ولا هو حربي ولا هو سيرة ذاتية للضابط الذي حاول اغتيال هتلر.
لكن كروز دائما ما يثب واقفا. هو ممثل جيد أحاط به صيت رسم هالات داكنة حول شخصيته لدى الجمهور. ساعة هو مثلي متخف يلاحق الصحف التي تنشر المقالات والصور حول ذلك، وساعة هو متسلط يسيء معاملة زوجته وأطفاله تبعا لإيمانه بالكنيسة السيانتولوجية ذات السمعة السيئة بدورها. مدى تأثير هذا الصيت على حب الجمهور الأميركي له أمر تقرره الأفلام وهو الآن جمهور أقل شغفا به مما كان عليه جيل الثمانينات والتسعينات. لكن هذا هو أيضا الحال مع جوني دب وويل سميث وجيم كاري من دون غبار يذكر على حياتهم الشخصية. إلى ذلك، وفي سن الحادية والخمسين حاليا، فإن جمهور الشبيبة لن يجد في كروز سوى ممثل أكشن متقدم ومهدد بأن يتحول إلى مثيل لسلفستر ستالون أو ستيفن سيغال أو أرنولد شوارتزنيغر: نجوم من الأمس كبروا على ما يقومون به لكنهم ما زالوا يقومون به.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».