اتهام النيابة المغربية بإخفاء تقرير حقوقي في قضية «احتجاجات الحسيمة»

TT

اتهام النيابة المغربية بإخفاء تقرير حقوقي في قضية «احتجاجات الحسيمة»

انتقد دفاع متهمي احتجاجات الحسيمة ارتكاز النيابة العامة على تدوينات «الواتساب» و«فيسبوك» في اتهاماتها لنشطاء الريف، واعتبار هذه التدوينات بمثابة تلبس في تهم المس بأمن الدولة الموجهة للمتهمين.
وقال عبد اللطيف وهبي أمس، خلال جلسة محاكمة النشطاء المعتقلين، إن مفهوم التلبس محدد في القانون، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي نص قانوني فيما يتعلق بالتدوينات المنشورة على شبكات التواصل الاجتماعية. وأضاف وهبي موجهاً كلامه للنيابة العامة: «لا تجتهدوا في خلق أسباب للزج بالناس في السجون في غياب نص تشريعي، واتركوا المجال للمشرع وللبرلمانيين ليقوموا بعملهم في هذا المجال».
واستشهد وهبي بحكم صادر عن محكمة النقض الفرنسي في واقعة تتعلق بخطأ الصراف الإلكتروني، التي برأت ساحة مواطن استفاد من المال المتحصل من هذا الخطأ لعدم وجود نص يجرم استغلال خطأ الصراف الآلي، وذلك بعد أن أدانته محكمة أدنى درجة. كما ساق وهبي أيضاً اجتهاداً للقضاء الفرنسي يعتبر أن الاتصالات على شبكات التواصل الاجتماعية بمثابة علاقات خاصة، وأنها لا ترقى إلى درجة وسائل الإثبات.
واتهم وهبي النيابة العامة بإخفاء تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي تضمن خبرة طبية حول تعرض المعتقلين للتعذيب، مشيراً إلى أنه «ليس من حق النيابة العامة إخفاء وسائل إثبات من شأنها أن تساعد في الوصول إلى الحقيقة»، وطالب بضم التقرير والخبرات الطبية التي ضمها إلى وثائق الملف لتطلع عليه المحكمة، وتقول فيه قرارها. وفي هذا السياق، أوضح وهبي أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أحال تقريره حول تعرض معتقلي احتجاجات الحسيمة للتعذيب على وزير العدل، غير أن هذا الأخير ارتكب «خطأ قانونياً فظيعاً»، على حد تعبيره، لأنه لم يفتح بحثاً حول ما جاء في التقرير، وأضاف أن الاستخفاف بهذا التقرير يمكن أن يستغل في الخارج لإطلاق متابعات جنائية، ويعرض مسؤولين مباشرين وغير مباشرين للاعتقال في بعض البلدان الأجنبية بتهم التورط في ممارسة التعذيب أو التغطية عليه.
كما أشار وهبي إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أحال تقريره حول معتقلي الحسيمة بعد ذلك إلى مؤسسة النيابة العامة، عندما تقرر استقلالها عن وزارة العدل قبل أشهر، كما أن التقرير أحيل على الوكيل العام للملك في الدار البيضاء.
وكانت النيابة العامة قد طلبت من المحكمة في جلسة سابقة عدم قبول طلب الدفاع بإدراج تقرير مجلس حقوق الإنسان ضمن وثائق القضية، معتبرة أن التقرير مجهول المصدر، وأن الخبرات المتضمنة فيه لم تتم تحت إشراف قضائي، وبالتالي لا يمكن أن تعتبر وسائل إثبات. ورد وهبي قائلاً: «ليس من حق أي كان، ومهما كان موقعه، أن يقول عن تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان إنه مجهول المصدر»، مذكراً أن المجلس يعتبر مؤسسة دستورية أسسها ظهير ملكي (مرسوم). والتمس وهبي من القاضي أن يرد الاعتبار لهذه المسؤولية، وأن يأخذ نتائج تقريرها بعين الاعتبار في قراره.
كما دافع وهبي عن عدم مشروعية إحالة معتقلي الحسيمة إلى محكمة الدار البيضاء بدل محكمة الحسيمة، باعتبارها الجهة القضائية المؤهلة ترابياً للنظر في هذا الملف، منتقداً إضفاء النيابة العامة الصبغة السياسية على الملف، وطالباً بحصر القضية في إطار سوء تفاهم حول مطالب اقتصادية واجتماعية. وفي رده على مرافعة محامي الطرف المدني، الذي صرح بأنه يمثل الدولة في هذه القضية، قال وهبي: «كلنا نمثل الدولة وندافع عنها. كما أن هناك نيابة عامة تقوم بدورها»، متسائلاً عن الهدف من الإيحاء بأن الدولة تقف ضد نشطاء احتجاجات الحسيمة. وأضاف أن محامي الطرف المدني يمثل الإدارة العامة للأمن الوطني، وبعض الضحايا من رجال الأمن وليس الدولة المغربية، التي تستوعب جميع أبنائها وتحميهم، على حد قوله.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».