مصر تواصل البحث عن ابنة نفرتيتي

حواس لـ «الشرق الأوسط»: بشائر قوية حول موقع مقبرة زوجة توت عنخ آمون

نفرتيتي
نفرتيتي
TT

مصر تواصل البحث عن ابنة نفرتيتي

نفرتيتي
نفرتيتي

تواصل مصر رحلة البحث عن زوجة الملك «توت عنخ آمون»، المُلقب بالفرعون الذهبي، في وادي الملوك بمحافظة الأقصر جنوب مصر. وأعلن الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار المصري الأسبق، عن بدء التنقيب في وادي الملوك بحثاً عن قبر «عنخ إس أمون» ابنة «نفرتيتي» وزوجة «توت عنخ آمون»، وقال حواس في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس، إن «هناك بشائر قوية حول موقع مقبرة وكنوز زوجة (توت عنخ آمون) التي تزوجت بعد وفاته من حاكم مدني غير ملكي في العصر الفرعوني الملك (آي) من الأسرة 18، وقرب العثور عليه»، مشيراً إلى أنّه «قد عثر شخصياً في حفائر سابقة في نفس المكان بوادي القرود عام 2010 على 5 ودائع أثرية تؤشر على موقع المقبرة»، موضحاً أنّ «الكشف عن المقبرة قد يكون في أي وقت».
ووادي القرود يوجد في وادي الملوك، ومعروف باسم الوادي الغربي؛ لكن أطلق عليه أهالي المنطقة اسم وادي القرود، نظراً إلى الرسومات الموجودة على أحد جدران مقبرة الملك «آي» التي تصور الساعة الأولى من كتاب «الإيمى دوات» والتي يظهر بها 12 قرداً.
كان حواس قد قال في مدونته على الإنترنت، إنه بدأ مع فريقه بالحفريات الخاصة، في يناير (كانون الثاني) الجاري، وتتركز أعمال التنقيب في وادي القرود الواقع في الجزء الغربي من وادي الملوك، مؤكداً أنّ الخبراء يقومون بعمليات التنقيب في محيط قبر الفرعون «آي» وريث «توت عنخ آمون»، حيث أشارت صور الرادار إلى إمكانية وجود مدخل إلى القبر على عمق 5 أمتار تقريباً تحت الأرض.
وتعتبر الملكة «عنخ إس إن آمون» من الملكات الجميلات في عصر العمارنة المشهورات والمؤثرات في تاريخ الأسرة والفترة بقوة، ويعنى اسمها «التي تحيا لآمون»، وكان اسمها قبل التحول عن ديانة أبيها الملك «إخناتون»، الديانة الآتونية، «عنخ إس إن با آتون» بمعنى «التي تحيا للآتون»، وهي الابنة الثالثة من البنات الست لـ«إخناتون» و«نفرتيتي»... وظهرت في طفولتها وصباها في مناظر عدة مع والديها، اتخذت عدداً من الألقاب الملكية مثل «ابنة الملك من جسده»، و«الزوجة الملكية الكبرى»، و«سيدة الأرضين».
ويعد الفرعون «أمنحتب» وزوجته «نفرتيتي» وابنه «توت عنخ آمون» من ألمع حكام مصر القديمة وأكثرهم إثارة للاهتمام، حيث كان «أمنحتب» أول من أجرى إصلاحات دينية في تاريخ كوكب الأرض، في محاولة منه لإحلال عبادة الشمس التي ترمز إلى ذاته بديلاً للآلهة الكلاسيكيين والكهنة المؤثرين في مصر... وكانت زوجته «نفرتيتي» نموذجاً للجمال في العصر البرونزي، وبقي ابنهما «توت عنخ آمون» لغزاً يحير العلماء والناس بوفاته الغامضة في سن العشرين.
والمعروف تاريخياً أنّ «توت عنخ آمون» قد مثل فترة انتقالية في تاريخ مصر القديمة، حيث أتى بعد «إخناتون» الذي حاول توحيد آلهة مصر القديمة في شكل الإله الواحد؛ لكن في عهد «توت عنخ آمون» أُعيدت عبادة آلهة مصر القديمة المتعددة. وقد اكتشفت مقبرته عام 1922 على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، عندما كان يحفر عند مدخل النفق المؤدي إلى قبر الملك «رمسيس الرابع» في وادي الملوك... وأحدث الاكتشاف وقتها ضجة إعلامية واسعة في العالم.
ويشار إلى أنّه إضافة إلى أسباب وتاريخ وفاة «توت عنخ آمون»، يتجادل علماء الآثار والمختصون بدراسة التاريخ المصري، في شأن مكان قبر زوجته «عنخ إس آمون»... ويعتقد العلماء أنّ الملكة دُفنت بشكل منفصل عن زوجها في قبر آخر في وادي الملوك، حيث لم يُعثر على مومياء لها، ولا يزال الجدل في ذلك مستمراً حتى يومنا هذا.
وخلال العام الماضي، أعلن زاهي حواس وفريقه عن اكتشاف المدخل المفترض إلى قبر «عنخ إس آمون» الذي يقع تحت أعماق الأرض بالقرب من مدفن «آي»، ووعد بأن يقود شخصياً عمليات التنقيب كي يثبت ذلك. إلا أنّ العلماء المصريين الآخرين نظروا بعين الشك إلى فرضية حواس، وطلبوا منه الانتظار ريثما يصدر بيان عن وزارة الآثار المصرية التي تشرف على أعمال التنقيب في كل أنحاء البلاد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».