مساع لرأب الصدع بين العبادي والصدر... والعامري يوضح أسباب الانسحاب

قيادي في {التيار الصدري} اعتبر التحالف بينهما صعباً «بعد فقدان الثقة»

نازحون من الحويجة يعودون لمدينتهم في شمال العراق أمس (أ.ف.ب)
نازحون من الحويجة يعودون لمدينتهم في شمال العراق أمس (أ.ف.ب)
TT

مساع لرأب الصدع بين العبادي والصدر... والعامري يوضح أسباب الانسحاب

نازحون من الحويجة يعودون لمدينتهم في شمال العراق أمس (أ.ف.ب)
نازحون من الحويجة يعودون لمدينتهم في شمال العراق أمس (أ.ف.ب)

بدأت ماكينة التسريبات والتسريبات المضادة تنشط في مختلف الأوساط السياسية والنخبوية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في العراق عقب انهيار «تحالف النصر» بين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والفصائل المنضوية في «الحشد الشعبي» في إطار «ائتلاف الفتح» بعد ساعات من قيامه.
وبينما أكد قيادي بارز في «ائتلاف الفتح» أن لا طموح لهذا التحالف في الوصول إلى رئاسة الوزراء، فإن سياسيا مستقلا بارزا ومرشحا سابقا لرئاسة الحكومة العراقية أكد أن الانسحاب لمصلحة العبادي لأنه حرره من الضغوط الدولية التي كان يمكن أن تخسره رئاسة الحكومة لدورة ثانية حتى لو كسب الانتخابات.
في غضون ذلك، أعلنت مفوضية الانتخابات عن مصادقتها على 27 تحالفاً سياسياً ستشارك في الانتخابات المقررة في 12 مايو (أيار) المقبل. وقال رئيس الإدارة الانتخابية في المفوضية رياض البدران في بيان له أمس الثلاثاء إن «مجلس المفوضين صادق على طلبات التحالفات الانتخابية بعد دراستها من قبل المجلس». وأضاف البدران أن «عدد التحالفات الانتخابية المصادق عليها بلغ 27 تحالفاً انتخابياً» لافتا إلى أن «عدد الأحزاب المنضوية في تلك التحالفات بلغ 143 حزبا سياسيا». وأشار إلى أن «الأحزاب التي لم تدخل في التحالفات الانتخابية بإمكانها المشاركة في الانتخابات بشكل منفرد»، داعياً «الأحزاب السياسية والتحالفات لتقديم قوائم المرشحين إلى المفوضية ضمن المدة المحددة التي بدأت في 4 – 1 - 2018 وتنتهي في 10 - 2 - 2018».
يأتي هذا الإعلان بعد نحو 5 أيام من إعلان المفوضية غلق باب التسجيل للكيانات والائتلافات الخميس الماضي.
وكان انهيار «تحالف النصر» قد فتح الباب أمام شتى التأويلات بشأن الخطوات المقبلة لكل طرف من أطرافه، بالإضافة إلى إمكانية إعادة الاصطفافات مرة أخرى حتى بين الخصوم مثل العبادي والمالكي، رغم إعلان حزبهما «الدعوة» انسحابه من المشاركة في الانتخابات، أو بين حلفاء سابقين محتملين مثل العبادي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي استغرب تحالف الأول مع «الحشد» قبل أن ينسحب الأخير.
القنوات السرية بين الصدر والعبادي، طبقا لما يراه مراقبون سياسيون متابعون، استأنفت اتصالاتها لرأب الصدع بين الطرفين، وذلك استنادا لمبادرة يقودها القيادي البارز في حزب الدعوة عبد الحليم الزهيري دون أن تتبلور نتيجة واضحة بشأن هذه الجهود حتى الآن.
من جهته، أكد «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي أن مشروع الأغلبية السياسية شرط أساسي لجميع تحالفات الائتلاف مع القوى السياسية. وقال مدير المكتب الإعلامي للمالكي هشام الركابي في تصريحات إن «تحالفاتنا الانتخابية واضحة، وشرطنا الأساسي للتحالف هو الاتفاق مع مشروع المالكي المتمثل بالأغلبية السياسية»، مؤكدا أن «من يتفق مع ذلك المشروع، فسيكون حليفنا وشريكنا». ودافع الركابي عن مشروع الأغلبية السياسية، عادّاً إياه «مناهضا للمحاصصة وكل القضايا التي كانت تعرقل عملية بناء الدولة». وبين الركابي أن «الخريطة السياسية الحالية لا تزال غير واضحة، والتحالفات غير مستقرة»، لافتا إلى أن «التحالفات الأهم ستكون بعد الانتخابات».
في الوقت نفسه، أكد أحمد الأسدي، عضو البرلمان والقيادي البارز في «تحالف الفتح»، لـ«الشرق الأوسط» أن «مشروعنا خدمي وليس من أجل الوصول إلى رئاسة الوزراء، ولا نطمح بذلك». وأضاف الأسدي أن «العلاقة مع العبادي وتحالفه ممتازة، وبالإمكان الائتلاف معه بعد ظهور نتائج الانتخابات، لأننا نطمح بالتغيير الذي ينشده المواطن العراقي على مستوى الخدمات والاستقرار».
وكان زعيم «منظمة بدر» هادي العامري وأحد الأركان الرئيسية لـ«تحالف الفتح» أكد في بيان له أن «الانسحاب من (تحالف النصر) كان لأسباب فنية». وعبر العامري عن الاستعداد «للتحالف مع العبادي بعد الانتخابات». ونفى ما أشيع عن أن «أسباب الانسحاب تعود لدخول (تيار الحكمة) بزعامة عمار الحكيم، ذلك أن دعوته مع المالكي والصدر للتحالف كانت بتنسيق معنا».
بدوره، عدّ قيادي في التيار الصدري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بات من الصعب إحياء تحالف جديد بين السيد الصدر والعبادي، لأن الصدر فقد ثقته بالعبادي». لكن عضو البرلمان العراقي جبار العبادي، وهو مقرب من رئيس الوزراء، أكد من جهته لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمور تتجه الآن نحو الأفضل بين السيد الصدر ورئيس الوزراء حيدر العبادي باتجاه تحقيق تقدم قد يقود إلى تحالف». وحسب القيادي في التيار الصدري، فإن «أمر التحالف مع العبادي كان مطروحا منذ فترة طويلة، وقد قطعنا أشواطا جيدة، غير أننا رفضنا الدخول بسبب دخول الجماعة (الحشد)، وبالتالي أصبح الأمر صعبا». لكن جبار العبادي يقول إن «الموقف الأخير الذي عبر عنه السيد الصدر بعد إعلان تحالف (النصر) مع (الفتح) بدا مستغربا، لأنه كان على علم بمراحل الاتفاق، ومع ذلك هناك مساع لرأب الصدع، والأمور تتجه نحو الأفضل».
إلى ذلك، قال السياسي المستقل الدكتور نديم الجابري، وهو أحد المرشحين السابقين لرئاسة الحكومة العراقية، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «انسحاب (تحالف الفتح) من (النصر) جاء لمصلحة العبادي، لأنه في هذه الحالة سيكسب الانتخابات، لكنه يخسر رئاسة الحكومة»، عازيا ذلك إلى أن «العبادي لو استمر في تحالفه مع (الفتح) وحقق الأغلبية التي قد تؤهله لتشكيل الحكومة، فسوف يواجه ضغوطا دولية وإقليمية بشأن تحالفه مع فصائل (الحشد)». وأضاف الجابري أن «المسألة الأخرى المهمة أن تشكيل الحكومة لا يرتبط بمجرد تشكيل كتلة أكبر، بل هناك موازنات صعبة مع كتل وكيانات ومكونات لا بد منها». ولم يستبعد الجابري عودة هذه الأطراف إلى «الاصطفافات والتقوقع الطائفي، لأن هذه ورغم كل الحديث عن الكتل العابرة، تحولت إلى منظومة ثابتة من الصعب تخطيها»، مبينا أن «عملية تشكيل الحكومة خلال الانتخابات المقبلة سوف تكون صعبة بسبب التقارب النسبي بين الكتل؛ حيث لن تكون هناك كتلة كبيرة في الغالب».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.