سعيد الماروق موقوف في براغ حتى إشعار آخر

مساع واتصالات لبنانية رفيعة المستوى تجري من أجل إخراجه

TT

سعيد الماروق موقوف في براغ حتى إشعار آخر

ينشغل الرأي العام اللبناني حالياً بقضية المخرج سعيد الماروق، إثر الإعلان عن توقيفه في مطار براغ (التشيك) بموجب مذكرة للإنتربول صادرة بحقه عن دولة الإمارات. وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع زوجته، أكدت جيهان الماروق أن زوجها موقوف بالفعل في براغ منذ نحو 4 أيام، وأن اتصالات رفيعة على المستوى اللبناني تجري من أجل إخراجه من هناك. وحسب الزوجة، فإنّ المذكرة الصادرة بحقه من قبل المدعوة رباب عطوي لا يمكن أخذها بعين الاعتبار، كون زوجها مرفوعة عليه دعوى قضائية في بلده لبنان، وهو يتابعها ويحضر جميع جلساتها من دون أي تغيب.
وقالت خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لا يحق للإنتربول إصدار مذكرة جلب بحق سعيد بموجب ادعاء إماراتي، فهو مواطن لبناني يتابع دعواه في لبنان، فكيف ترفع عليه الشكوى نفسها في بلد ثان؟»، وأضافت: «الجميع يعلم بأنّ هناك نزاعاً قضائياً بين زوجي والمدعية عليه رباب عطوي النعيمي، وقد أوكل محاميان بهذا الصدد (كامل صفا وسناء علم الدين) لمتابعته، وهو لم يغب عن أي جلسة قضائية تتعلق بهذا الموضوع».
تجدر الإشارة إلى أن قضية قانونية عالقة بين سعيد الماروق واللبنانية رباب عطوي النعيمي، المتزوجة من رجل أعمال إماراتي منذ أكثر من 5 سنوات، على خلفية اتهامها له باختلاس مبلغ منها يفوق الـ4 ملايين دولار أميركي. وقد أوقف على أساسها الماروق لنحو الشهر في أحد سجون بيروت، وخرج منه لقاء كفالة مالية قدرها 100 مليون ليرة. وما زالت الدعوى قيد النظر، ولم يتم الفصل فيها حتى الآن. وعليه، لا تجوز ملاحقة الماروق بالفعل نفسه أكثر من مرة.
وتتابع جيهان الماروق التي لم تستطع التواصل مع زوجها منذ توقيفه حتى الساعة في سياق حديثها: «هناك اتصالات تجري، وعلى مستوى رفيع، لإخراج سعيد من هذا المأزق. ويبذل كل من وزير الداخلية نهاد المشنوق (الوحيد الذي استطاع التكلم معه منذ توقيفه) ووزير الخارجية جبران باسيل والوزير السابق إلياس المر (رئيس مؤسسة الإنتربول) جهوداً لإخراجه من هناك بموجب إجراءات رسمية وأوراق ثبوتية، تفيد بأنّ سعيد لا يمكن أن يسلم لدولة الإمارات العربية كونه يحاكم بالدعوى نفسها في بلده لبنان».
وعبرت جيهان الماروق عن استهجانها لعدم صدور قرار بإخراج زوجها من السجن التشيكي، والتأخر في وصول الأوراق الرسمية المعتمدة التي تساهم في ذلك إلى السلطات هناك، وقالت: «زوجي مريض، ولديه ملف مفصل عن حالته الصحية، وهو لا يمكنه أن يحتمل هذا الوضع، وقد خسر حتى الآن 4 كيلوغرامات من وزنه، وهو ما يساهم في تدهور حالته الصحية، كما أفادنا الأطباء. وقد توجه إلى براغ لتصوير كليب غنائي للمطرب ماجد المهندس، وسبق أن سافر أكثر من مرة خارج لبنان للقيام بعمله مع فنانين آخرين، أمثال ملحم زين، فلماذا لم يتم القبض عليه حينها؟
وناشدت زوجة الماروق السلطات اللبنانية بضرورة التحرك بسرعة في هذا الملف، خصوصاً من الناحية الإنسانية، كون زوجها مريضاً (يعاني من السرطان)، وأنّ الأوراق الضرورية لإخراجه ينتظر الجميع صدورها منذ 4 أيام، على الرغم من أنّه كان من المفروض وصولها إلى السلطات التشيكية خلال يومين فقط.
من ناحية ثانية، فقد صدر بيان رسمي عن مكتب محامي سعيد الماروق، كامل صفا، بصفته وكيله، يتألف من 4 نقاط، يذكر فيه حقيقة ما حصل مع الماروق في مطار براغ، ويطالب من خلاله وسائل الإعلام بالتواصل معه قبل نشر أي خبر يتعلق بموكله حرصاً على توخي الدقة. كما ناشد الدولة اللبنانية مجتمعة بالعمل والتحرك سريعاً للطلب من السلطات التشيكية إطلاق سراح المخرج سعيد الماروق، ووقف الظلم الذي يلحق به.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».