احتدام السجال بين «الكتائب» و«الوطني الحر» على خلفية النفايات

مرشح للتفاقم مع انطلاق الحملات الانتخابية

TT

احتدام السجال بين «الكتائب» و«الوطني الحر» على خلفية النفايات

احتدم السجال بين «التيار الوطني الحر» وحزب «الكتائب اللبنانية» على خلفية ملف النفايات، وذلك على وقع السجالات المستمرة بين «الوطني الحر» وأحزاب أخرى بخصوص أزمة الكهرباء، مما يوحي بانطلاق الحملات الانتخابية قبل أقل من 4 أشهر على موعد الاستحقاق النيابي. ويصوّب رئيس حزب «الكتائب»، النائب سامي الجميل، على الملفات التي فشلت الحكومة بمعالجتها، وأبرزها ملفا النفايات والكهرباء، كما يوجه اتهامات بالفساد والمحاصصة بملف النفط، مما أدى إلى احتدام المواجهة بينه وبين وزير العدل سليم جريصاتي الذي دعاه للجوء إلى القضاء لتسليمه الأدلة والبراهين.
واعتبرت مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن النائب الجميل «يتمادى بخطاباته وحركاته الشعبوية، وهو يتحول من منظّر إلى مساهم بالإضرار بمصالح المواطنين»، مشددة على أنه «ما دام لم يتقدم للقضاء بما يثبت ادعاءاته عن فساد ومحاصصات بشتى الملفات، فسنُدرج كما اللبنانيون كل ما يقوله في خانة انطلاق حملاته الانتخابية المضللة».
ودعا الجميل يوم أمس خلال مشاركته في اجتماع للجان النيابية المشتركة لبحث ملف النفايات إلى «تشكيل لجنة تحقيق نيابية لمحاسبة السلطة السياسية على أدائها في هذا الملف، خصوصا أن الوعود التي أطلقتها بشأن إنشاء معامل المعالجة والفرز لم تبصر النور»، معتبرا أن «الدولة مسؤولة عن الوضع البيئي في لبنان وتحويل الشاطئ اللبناني إلى مزبلة».
ورد وزير البيئة طارق الخطيب، المحسوب على الفريق الوزاري لرئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» على الجميل، فشدد في بيان لمكتبه الإعلامي على أنه «لا يعير اهتمامه لمزايدات شعبوية عشية الانتخابات كسبا لأصوات على حساب النقاش الموضوعي والواقعي للمشكلات المطروحة»، لافتا إلى أن «قضية النفايات استعرت قبل فترة في الشوارع، بسبب السلوك الغوغائي للبعض، ومحاولة تنصله من موافقته على قرارات مجلس الوزراء السابقة حول موضوع مطمري الكوستا برافا وبرج حمود - الجديدة».
كما شنّ عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب سيمون أبي رميا، بعد اجتماع اللجان حملة شرسة على الجميل، فقال: «استمعنا إلى ما قاله الزميل سامي الجميل، وكأنه نسي أو تناسى أن وزراء الكتائب صوتوا على خطة النفايات والقرارات المتخذة، وآخرها في 12 مارس (آذار) 2016، فيما سجل في ذلك الحين اعتراض وحيد من قبل وزراء التيار الوطني الحر». واعتبر أبي رميا أنّه «جميل إطلاق النار بالمنظار والمزايدات بالمنظار، وأن نتعاطى بخطاب شعبوي بالمنظار، بينما من يريد تحمل المسؤولية ومعالجة هذه الأمور، عليه أن يجلس معنا إلى الطاولة»، لافتا إلى أن قرار الجميل سحب النائب إيلي ماروني، ممثل حزب «الكتائب»، من اللجنة الفرعية التي تدرس ملف النفايات «دليل على النية بالاستمرار بالمزايدات الشعوبية الرخيصة التي لا تعطي نتائج عملية وحلولا جذرية».
وقلل النائب في حزب «الكتائب»، فادي الهبر، من أهمية كلام أبي رميا، معتبرا أن «نوابا في (التيار الوطني الحر) وبالتحديد نواب المتن، سهلوا الوصول إلى الكارثة البيئية التي نحن بصددها من خلال تحويل الشواطئ إلى مزابل». وقال الهبر لـ«الشرق الأوسط»: «دفعت الدولة الملايين ليتم فرز النفايات ومعالجتها قبل طمرها، ولم نر خلال العامين الماضيين إلا مطامر عشوائية، مما أدّى إلى ارتفاع نسبة المصابين بمرض السرطان نتيجة التلوث البيئي المتمادي». ورد الهبر قرار سحب النائب ماروني من اللجنة الفرعية «لعدم رغبة (الكتائب) باعتباره حزبا معارضا أن يكون في لجنة واحدة مع أحزاب السلطة التي تتمادى بعقد الصفقات على حساب اللبنانيين وصحتهم».
واتهم النائب سيرج طورسركيسيان، وزير البيئة، بـ«عدم تحمل أي مسؤولية وبعدم معرفة مضمون الخطة التي تبحثها اللجنة الوزارية لحل أزمة النفايات». وتساءل بعد اجتماع اللجان المشتركة: «هل يجوز أن ندفع مائتي مليون دولار لإقامة (موقف) للنفايات من دون أي معالجة؟». ودعا طورسركيسيان رئيس الحكومة سعد الحريري، إلى «عقد جلسة لمجلس الوزراء للبت في هذا الموضوع بالسرعة القصوى، لأننا لم نعد نحتمل، وليس لدينا الوقت، ولن ننتظر الصيف والانتخابات لبت هذا الموضوع».
من جهته، تحدث رئيس لجنة البيئة النائب أكرم شهيب عن «اهتمام كبير من الاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدات للبنان، بما يتماشى مع واقع النفايات فيه، تمهيدا لتوزيعها على المناطق لمعالجة هذا الملف بطريقة مستدامة».
وكانت الحكومة اللبنانية قررت في عام 2016 إعادة فتح المطامر مؤقتا لمعالجة أزمة النفايات التي اجتاحت المناطق اللبنانية بوقتها، لكنّها أرفقت قرارها بالموافقة على إنشاء مركزين مؤقتين للمعالجة والطمر الصحي وتخصيص مبالغ مالية لتغطية مشاريع إنمائية في البلدات المحيطة بالمطامر، إلا أنه وبسبب عدم الاعتماد على المعالجة والفرز والانكباب على الطمر فقط بلغت المطامر سعتها القصوى قبل الموعد المحدد، مما جعل الحكومة تبحث بتوسيع المطامر من جديد.
وكشفت منظمة «هيومان رايتس ووتش» قبل شهرين عن وجود 617 مكبا للنفايات الصلبة البلدية في جميع أنحاء لبنان لا تخضع للرقابة، لافتة إلى أن أكثر من 150 منها تُحرَق أسبوعيا على الأقل.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».