البريطاني ديفيد أتينبره يخاطب حكومات العالم من خلال برنامج «بلو بلانيت 2»

تناول الآثار الكارثية للنفايات البلاستيكية في المحيطات

السير ديفيد أتينبره
السير ديفيد أتينبره
TT

البريطاني ديفيد أتينبره يخاطب حكومات العالم من خلال برنامج «بلو بلانيت 2»

السير ديفيد أتينبره
السير ديفيد أتينبره

لم يكن البرنامج الأكثر مشاهدة في بريطانيا العام الماضي من برامج المسابقات الغنائية الشهيرة، أو أحد المسلسلات التاريخية، أو حتى برنامجاً من برامج الطهي. وإنما كان برنامجاً وثائقياً عن الطبيعة يدور حول الأسماك التي تغير جنسها، والدلافين التي تحب التزلج على الأمواج.
والبرنامج الوثائقي ذو الأجزاء السبعة الذي قدمته هيئة الإذاعة البريطانية، كان من تقديم عالم الطبيعة المحبوب الذي بلغ العقد التاسع من عمره. ركز البرنامج على الآثار الكارثية للنفايات البلاستيكية في محيطات العالم، وحض الحكومات على التعهد باتخاذ التدابير العلاجية.
جذب برنامج «بلو بلانيت 2» الكثير من المشاهدين في بريطانيا، وكان يشعل الحماس عبر وسائل التواصل الاجتماعي مساء الأحد من كل أسبوع مع اللحظات المفضلة من الحلقات الحديثة. وكانت السلسلة التي تم تصوريها بكل فخامة قد استغرقت 4 أعوام كاملة من العمل، مع رحلات صناع الفيلم إلى كل قارة ومحيط حول العالم.
وقال السير ديفيد أتينبره، نجم البرنامج الكبير، في مقابلة أجريت مؤخراً في مكتب هيئة الإذاعة البريطانية في وسط لندن: «لا بد أن اللحظة مواتية للغاية لتصوير فيلم وثائقي عن حالة المحيطات. فهناك أناس يتحدثون حول العالم بشأن ما نقوم به في البحار».
وربما يكون السير الوقور ديفيد أتينبره هو الرجل المناسب لنقل هذه الرسالة المهمة. فهو يعتبر، في عامه الـ91 الآن، من الكنوز الوطنية البريطانية – كمثل ما كان جاك كوستو، وكارل ساغان، وجين غودال من قبل.
وعلى نحو شخصي، فإن السيد أتينبره، الذي مُنح لقب فارس في عام 1985 وصار يُدعى سير ديفيد من قبل الزملاء في هيئة الإذاعة البريطانية، هو من كبار روائيي القصص. وهو يحظى بلمحة باهرة من الشعر الأبيض والعيون الزرقاء، ويتحدث بنفس الإيقاع المميز والثقة العظيمة بالنفس – سواء كان متحدثاً عن الغواصات المسربة أم زواحف السمندر العجيبة – تلك التي أذهلت المشاهدين البريطانيين لعقود.
وهو أيضاً مذيع بالسليقة؛ إذ يصطحبك صوته المخملي عبر لقطات للأسماك الرأسية وأسماك تريفالي العملاقة التي تتصيد الطيور من خارج الماء.
ولقد جذبت بعض من برامج سير أتينبره السابقة الانتقادات لتوجيه الكلمات القاسية حول التهديدات البشرية على البيئة. وقال مارتن هيوز غيمس، وهو منتج آخر في هيئة الإذاعة البريطانية، إنه في إحدى السلاسل السابقة، كان الفيلم مثيراً للذهول بشكل كبير، حتى أنه دفع المشاهدين إلى «حس زائف بالأمن».
غير أن سلسلة «بلو بلانيت 2»، وهي تكملة للسلسلة الأولى التي ظهرت عام 2001، تعتبر مختلفة تماماً. وهي تعرض أسماكاً برؤوس شفافة ومشهداً ظريفاً لمطاردة ممتعة بين سرطان البحر وثعبان البحر والأخطبوط تلك التي تجعلك تفكر مرتين قبل تجربتك المقبلة في البحار الضحلة. لكنها تعالج كذلك وبصورة مباشرة قضايا مهمة، مثل التلوث البلاستيكي والصيد المفرط وتغير المناخ.
ويصرّ سير أتينبره على أن هيئة الإذاعة البريطانية لم يكن رأيها راسخاً ومستقراً بشأن البرنامج الوثائقي. لكنها، كما قال: «إذا صادفت موقفاً كالذي واجهناه، لا يمكنك القول: حسناً، إننا لا يعجبنا ذلك لأنه لا يوحي بالارتياح أو بالحقيقة المجردة المحرجة».
إن هذا الأسلوب شديد اللهجة يبدو وأنه قد لمس وتراً حساساً في بريطانيا، حيث تُطلق الكثير من وسائل الإعلام الحملات الرامية إلى الحد من التلوث البلاستيكي البحري؛ إذ يقدر إلقاء نحو 9 ملايين طن من البلاستيك في البحار سنوياً. كما أن القضية قد ارتقت إلى قمة جدول الأعمال العالمي. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقّعت 193 دولة على قرار الأمم المتحدة الذي تعهدت فيه بوقف النفايات البلاستيكية التي تلقى في البحر.
وقال مايكل غوف، وزير البيئة البريطاني، إنه تأثر كثيراً ببرنامج «بلو بلانيت 2»، وإن وزارته تبحث الآن في إمكانات خطط استعادة الزجاجات البلاستيكية، وزيادة إمكانية الوصول لنوافير المياه، ووضع حوافز لتشجيع استخدام أقداح القهوة القابلة لإعادة الاستخدام. وتعمل بريطانيا على إعادة تدوير كميات من البلاستيك أقل بكثير من الكثير من الدول الأوروبية الأخرى، بما في ذلك النرويج وألمانيا.
ويشعر سير أتينبره، الذي يقول إنه استبدل شخصياً استخدام زجاجات المياه البلاستيكية بالقارورة الحافظة (Thermos)، بالتفاؤل بشأن إمكانية الوصول إلى حل لمشكلة التلوث البلاستيكي. ويقول: «إن كنا أذكياء بدرجة كافية تمكننا من اختراعه، فينبغي أن نكون أذكياء أيضاً للتفكير في سبل للتخلص منه»، قاصداً البلاستيك.
وإذا كان جزءاً من الحل، كما يقول الفيلم الوثائقي، هو الجهود العالمية المتضافرة، فما الذي يمكن للسير أتينبره أن يفعله إزاء قرار الرئيس دونالد ترمب الانسحاب من اتفاقية باريس المناخية؟
يقول سير أتينبره: «من السخيف القول إن القرار ليس له تأثير. إنها أقوى دولة على الأرض، وبالتالي فإن قرارها مهم للغاية».
لكن في الوقت نفسه، كما قال أيضاً: «إن ذلك القرار يأتي مضاداً للمصالح الإنسانية. وأعني الصين والهند تؤيدان الاتفاقية. بل إن العالم بأسره يدرك أهمية ذلك».
حقق «بلو بلانيت 2» نجاحاً مبهراً لدى النقاد الذين وصفوه بالمذهل، والرائع للغاية، والفيلم الذي يضرب على وتر حساس يختلف اختلافاً كبيراً عما يُعرض على شاشات التلفزيون في الولايات المتحدة الأميركية.
ظل سير أتينبره يعمل لدى هيئة الإذاعة البريطانية منذ عام 1950، من بينها 8 أعوام في وظيفة مراقب لشبكة «بي بي سي 2»، وفي حين أنه يُعرض تماماً عن اقتراح وصفه بالكنز الوطني البريطاني – قائلاً: «من قال بذلك؟ لم يصوّت أحد على هذا المقترح!» – فمن الحقائق الراسخة أنه اضطلع بدور كبير للغاية في تشجيع المشاهدين حول العالم للاهتمام بالعالم الطبيعي. (ومن الحقائق المعروفة أيضاً أن الناس صوّتوا فعلاً لأتينبره: عندما سئل المواطنون البريطانيون مؤخراً: أي «الرموز الأخلاقية» يرغبون في رؤيته على ورقة البنكنوت فئة 20 جنيهاً إسترلينياً؟... فكان اسم سير أتينبره أول الأسماء المختارة).
وفي سنين طفولته، كان يحب جمع الحفريات، ثم درس علوم الحيوان في جامعة كامبريدج. ثم التحق بهيئة الإذاعة البريطانية عندما بلغ 24 عاماً من عمره، على الرغم من أن ظهوره الأول على شاشات التلفزيون لم يلق نجاحاً كبيراً. وفي مذكراته التي هي بعنوان «الحياة على الهواء»، يتذكر المذيع المخضرم اكتشافه مذكرة خطّها أحد المنتجين بعد إذاعة أول برنامج له، قال فيها: يتميز أتينبره بالذكاء وهو فتى واعد، لكن لا يجب أن يظهر مرة أخرى على الهواء؛ لأن أسنانه كبيرة جداً.
ومن ثم انتقل إلى الكتابة وتقديم الكثير من الأفلام الوثائقية حول التاريخ الطبيعي التي نالت الجوائز، إلى جانب إلهامه للكثير من الأجيال من عشاق العلوم صناع أفلام الحياة البرية، بما في ذلك جيمس هونيبورن المنتج التنفيذي لبرنامج «بلو بلانيت 2».
ويصف هونيبورن، الذي عمل مع أتينبره لمدة 25 عاماً، أسلوب عمله بأنه «دقيق للغاية وعلمي للغاية، لكنه يرغب في الوقت نفسه في أن يحكي لك قصة ما؛ ولذلك سوف يصوغها في كلمات تساعد أسلوب رواية القصص الذي يتقنه».
وقال: «إن المشاهدين يجدون ذلك الأسلوب تفاعلياً ومشوقاً للغاية».
لم يعد سير أتينبره يرافق كل فريق تصوير في الميدان. وفي «بلو بلانيت 2»، يظهر فقط على الشاشة في حلقتين اثنتين فقط من السلسلة، بما في ذلك المقدمة التي صورت على متن سفينة قبالة سواحل فلوريدا – وهو يصف هذا المشهد ساخراً بقوله «مشهد السفينة تايتانيك». أما بالنسبة للتعليق على الفيلم، الذي تم تسجيله في الاستوديوهات في بريطانيا، فهو يحصل على الفيلم وعلى النص الذي يعيد صياغته بأسلوبه وكلماته الخاصة.
يعيش أتينبره في ضاحية ريتشموند المورقة في لندن، بصحبة كريمته سوزان؛ إذ توفيت قرينته جين عام 1997، وهو يعاني من عرج خفيف في مشيته، ورغم ذلك طاف العالم من أجل العمل، ويقول: إنه لا يخطط أبداً للتقاعد.
ويبرر ذلك بقوله: «لماذا أتقاعد؟ إنني أستمتع بعملي كثيراً، إنه ميزة عظيمة للغاية». كما أنه يستمتع أيضاً بلحظات حياته الجميلة، وباعتلائه الذروة في مجال عمله. وقال أيضاً: «كان بعضنا يستمرون في ذلك دونما توقف، ويقولون إن الطريقة التي تعاملنا بها مع المحيطات تتسم بالكثير من الإجرام. لقد ظللنا نثرثر حول هذا الأمر لعقود ممتدة من دون أي نتيجة تذكر. لكنها جريمة ذات أثر تراكمي خطير، ولقد جاءت لحظة النتيجة الحاسمة».

- خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ «الشرق الأوسط»


مقالات ذات صلة

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «مو دينغ» يُكثّف نجوميته (أ.ب)

أغنية رسمية بـ4 لغات لفرس النهر التايلاندي القزم «مو دينغ» (فيديو)

إذا لم تستطع رؤية فرس النهر التايلاندي القزم، «مو دينغ»، من كثب، فثمة الآن أغنية رسمية مميّزة له بعدما بات الحيوان المفضَّل لكثيرين على الإنترنت.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
يوميات الشرق عدد الفيلة في النوعين مجتمعين بلغ ما بين 415 ألف و540 ألف فيل حتى عام 2016 (رويترز)

انخفاض كبير في أعداد الأفيال الأفريقية خلال نصف قرن

واختفت الأفيال من بعض المواقع بينما زادت أعدادها في أماكن أخرى بفضل جهود الحفاظ عليها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».