نجح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أصعب اختبار له في عام 2017، بعد أن قاد حزبه «بهاراتيا جاناتا» في واحدة من أصعب الانتخابات التي أُجرِيت في ولايته الأصلية غوجرات. وعلى الرغم من أن حزب بهاراتيا جاناتا تمكَّن من الاحتفاظ بالسلطة في الولاية، إلا أن عدد المقاعد التي حصل عليها انخفض، في حين حقق الخصم السياسي المعارض حزب المؤتمر تقدماً، بحصوله على 20 مقعداً في الانتخابات الأخيرة.
وُصفت انتخابات ولاية غوجرات بمثابة اختبار حقيقي لنجل عائلة نهرو غاندي، راهول غاندي، الذي تولى مؤخراً قيادة حزب المؤتمر الذي تم تأسيسه قبل 132 عاماً. وقد أخفق حزب المؤتمر في التغلُّب على حزب بهاراتيا جاناتا، غير أن الأداء الجيد الذي حققه حزب المؤتمر في مسقط رأس ناريندرا مودي يعطي دفعة قوية لرئيس الحزب المنتخب حديثاً راهول غاندي، الذي اعتبر لفترة طويلة سياسياً غير متمرس. وكان غاندي، البالغ من العمر 47 عاماً، هو من قاد حملة الحزب في الولاية.
وكتب الصحافي شيفام فيج قائلاً: «إن المميز في أداء حزب المؤتمر الجيد الأخير هو أنه تحقق حينما كان أعظم نتاج لحزب بهاراتيا جاناتا في غوجرات هو تولي ناريندرا مودي رئاسة وزراء الهند. وليس بالإنجاز الهين تحقيق أداء مميز في مسقط رأس مودي، في الوقت الذي حقق فيه الثنائي ناريندرا مودي وأميت شاه وهما من ولاية غوجرات في الأصل فوزاً في ولاية تلو الأخرى».
ويعد أداء حزب المؤتمر في هذه الولاية نجاحاً كبيراً، لأنه أخفق في الفوز حتى بمقعد واحد في الانتخابات البرلمانية التي أُجرِيت بولاية غوجرات في عام 2014، في حين حقق حزب بهاراتيا جاناتا انتصاراً كاسحاً في جميع الدوائر الانتخابية الـ26.
وكان من المتوقع إلى حد كبير أن يكون انتصار حزب بهاراتيا جاناتا في ولاية غوجرات سهلاً. أولاً، لأن مودي عزز من مؤهلاته كمسؤول وقائد ذي توجه إنمائي في هذه الولاية، فقد حكم فيها كرئيس للوزراء بين عامي 2001 و2014 دون أن يخسر في الانتخابات. وكانت فتراته الثلاث المتعاقبة كرئيس للوزراء في الولاية - التي تعد ثالث أكثر تصنيعاً ورابع أكثر تحضّراً في الهند - محورية في مسيرته السياسية.
مع الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في عام 2019. ماذا يعني أداء حزبي بهاراتيا جاناتا والمؤتمر بالنسبة لمودي وراهول، إذ يُعد أحدهما راسخاً على المستوى الوطني، بينما يُجرى اختبار الآخر في دوره الجديد كرئيس لحزب المؤتمر؟
سيكون غاندي هو المرشح لمنصب رئيس الوزراء عن حزب المؤتمر، حيث سيأخذ فرصة أخرى للتغلُّب على رئيس الوزراء ناريندرا مودي. إنه تنافس يحدده صراع الشخصية، لأنه بصرف النظر عن درجتي البكالوريوس اللتين حصلا عليهما، يعد هذان الرجلان متناقضين.
ومنذ حملة الانتخابات الوطنية التي أُجرِيت في عام 2014، صوَّر حزب بهاراتيا جاناتا، ناريندرا مودي، على أنه رجل شقّ طريقه بنفسه، مستغلاً خلفيته كابن لبائع شاي رسم طريقه للصعود لأعلى المناصب. في الوقت ذاته، وُلِد راهول غاندي لأبرز عائلة سياسية في الهند. وهو ابن حفيد جواهر لال نهرو، وحفيد أنديرا غاندي، وابن راجيف وسونيا غاندي.
وفي حين أن حزب بهاراتيا جاناتا زرع صورة «المواطن العادي» لمودي ليلقى استحساناً لدى الجماهير، أشار مودي بنفسه إلى راهول غاندي بأنه «شيهزادا» (أمير)، منتقداً خلفيته والسياسات السلالية لحزب المؤتمر.
ويبدو أن شعبية مودي، البالغ من العمر 67 عاماً، لم تتضاءل حتى وهو يدخل العام الأخير لفترة ولايته كرئيس للوزراء في الهند. ولا يزال هو الشخصية البارزة في معظم الانتخابات، بما في ذلك الحملة الجارية في ولاية غوجرات، حيث يصبح القادة المحليون غالباً مهمّشين. كانت مسيرة راهول غاندي، البالغ من العمر 47 عاماً، مختلفة تماماً. إنه سياسي متردد، أقحم نفسه في العمل السياسي متأخراً إلى حد ما، وظل يكافح لفترة طويلة للتخلص من وسم «الأمير» الذي أُطلِق عليه. ولم تكن مخاطبة الجماهير أبداً موطن قوة بالنسبة له، وقد اعترف علناً في أكثر من مناسبة بأن مودي يملك قدرات خطابية أفضل منه. ومع ذلك، تحسَّن جوهر خطاباته في الآونة الأخيرة، مع مزيد من الهجمات المدعومة بالحقائق ضد الحكومة. وأضفى مزاحه البارع على وسائط التواصل الاجتماعي ميزة إضافية لشخصيته السياسية.
وقال ن. شاندرا مولي الرئيس التنفيذي لشركة «تي آر إيه للأبحاث» إنه حتى وقت قريب، كان يُنظر إلى راهول غاندي على أنه ابن فاشل لعائلة حاكمة. والآن، تمكَّن من إثارة إعجاب الجماهير. وبتحوله من الضعف السياسي إلى منافس قوي، أصبح غاندي ورقة رابحة، ضد كل التوقعات والاستخفافات.
وقال محللون سياسيون إنه رغم صعوبة فوز حزب المؤتمر في ولاية غوجرات، إلا أن النتائج أظهرت أن ولاية مودي الأصلية لم تعد «حصناً لحزب بهاراتيا جاناتا» لا يمكن اختراقه. وقالت ميردولا موخرجي، الأستاذة في جامعة جواهر لال نهرو سابقاً، إن غوجرات بيَّنت أن راهول يبرز ببطء كمنافس سياسي حقيقي.
وأضافت موخرجي أن قرار راهول المنافسة في غوجرات جاء بمثابة تشجيع لحزب المؤتمر، لكنه طرح دروساً حيوية أيضاً له. ويحتاج راهول للبدء مبكراً وبناء تحالفات على المستويين الإقليمي والوطني للوقوف في وجه مودي في الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في عام 2019. يجب عليه البدء من الآن، واستمالة الجميع نحوه، ووضع بديل يتسم بالمصداقية، وإضفاء رؤية جديدة، والإلمام بكل التفاصيل، حيث يبدأ الناس حينئذٍ في رؤية بديل شعبي.
ومن المفارقات أن حزب المؤتمر هو صاحب السلطة الآن في أربع ولايات فقط هي بنجاب وكارناتاكا وميغالايا وميزورام، وإقليم بودوتشيري الاتحادي. وباستثناء بنجاب، من المقرر أن تشهد الولايات الثلاث الأخرى انتخابات في عام 2018.
وعلَّق الصحافي سيبو ك. تريباثي قائلاً إن راهول لطالما اختفى ببساطة من الساحة السياسية في الأوقات الحاسمة. وأوضح: «عندما يطالبه الجمهور بإثارة مشاكلهم وعرضها على الساحة الوطنية، فإنه يختفي. وفي عام 2015، اختفى في (إجازة) لمدة 57 يوماً، تاركاً الحزب في طريق مسدود، لا سيما عندما كان رئيس الوزراء ناريندرا مودي يحشد البلاد حول سياساته».
وتابع: «حان الوقت لأن يدرك راهول أنه هو المسؤول الوحيد عن رفع الروح المعنوية التي بُعثت حديثاً في نفوس أعضاء الحزب، الذين كانوا يعانون من الإحباط والسأم من الهزائم الساحقة على يد حزب بهاراتيا جاناتا. حان الوقت لأن يدرك أنه الركيزة لبناء معارضة قوية لكن بنّاءة، بالتحول من النهج الدفاعي إلى نهج أكثر هجومية». وقد أشاد الناخبون براهول غاندي في موسم الانتخابات الأخير لرصانته وسلوكه الهادئ، ورده المحسوب على كل تحدٍ واجهه. ساعدت مساعيه على وسائط التواصل الاجتماعي إلى حدٍ ما في إعادة تشكيل شخصيته كفرد أكثر انفتاحاً وأكثر مرونة.
مودي يواجه خطر صعود غاندي المفاجئ
الزعيمان الشعبيان يواجهان تحدي الموسم الانتخابي في 4 ولايات
مودي يواجه خطر صعود غاندي المفاجئ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة