أدان الفلسطينيون، وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس، أمس، قرار المجلس المركزي لحزب الليكود الحاكم، توصية قادة الحزب بسن قانون يضمن ضم المستعمرات القائمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، واعتبروه «عدوانا جديدا على الشعب الفلسطيني، يستمد قوته من الدعم اللا محدود لهم من الإدارة الأميركية». واستغلت قوى المعارضة الفلسطينية هذا القرار، لتطالب بإلغاء اتفاقيات أوسلو وقطع أي اتصال مع إسرائيل أو الولايات المتحدة. فيما هاجمت المعارضة الإسرائيلية القرار وعدّته «حلقة أخرى من الصراعات بين قوى اليمين تؤدي إلى المقامرة بالسلام».
وكان أعضاء مركز الليكود، الذين اجتمعوا من دون رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، صوتوا بالإجماع، الليلة قبل الماضية (الأحد - الاثنين)، على قرار يلزم أعضاء الحزب بالعمل من أجل ضم الضفة الغربية. وجرى التصويت على نص جاء فيه، أنه «في الذكرى السنوية الخمسين لتحرير أراضي (يهودا والسامرة) (الضفة الغربية)، بما فيها القدس، عاصمتنا الأبدية، تدعو اللجنة المركزية لليكود مسؤولي الليكود المنتخبين، إلى العمل من أجل السماح بالبناء الحر، وتطبيق قوانين دولة إسرائيل وسيادتها على جميع مناطق الاستيطان المحررة في يهودا والسامرة».
وشارك في الاجتماع، الذي عقد في قاعة «أفينيو» بالقرب من مطار بن غوريون، نحو ألف ناشط ليكودي، كان من بينهم الوزير السابق غدعون ساعر، الذي ألقى خطابا قال فيه، إن «الليكود قاد كل الخطوات التاريخية. مهمة جيلنا هي إزالة كل علامة استفهام على مستقبل المستوطنات». وقالت نائبة الوزير تسيبي حوطوبيلي في كلمتها، إن «الليكود يدعم السيادة، الليكود يسجل فصلا رائعا في التاريخ. بعد القدس وهضبة الجولان، حان الوقت للسيادة في يهودا والسامرة». وقال الوزير حاييم كاتس، إن «مركز الليكود يصادق اليوم على تصويت تاريخي بفرض السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة والقدس الكبرى». وقال وزير الأمن الداخلي والشؤون الاستراتيجية، غلعاد إردان: «إن الليكود هو الذي فرض السيادة على عاصمة إسرائيل، وهو الذي طبق السيادة على مرتفعات الجولان، وهو الذي سيطبق السيادة على يهودا والسامرة. حقنا على أرض إسرائيل يبدأ في القدس، في الحرم الإبراهيمي وفي شيلو. لن نطبق السيادة بحكم القوة وإنما بالحق التاريخي والديني والأخلاقي والتوراتي، وسنفعل ذلك».
ولفت النظر ما قاله وزير البيئة، أوفير أكونيس، في الاجتماع: «البند الأول في دستور الليكود، هو أن حق إسرائيل أعطى للشعب اليهودي. فكرة الدولتين لشعبين هي تصور زال من العالم، ولسعادتي فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يجلس في البيت الأبيض حاليا، هو أيضا لا يقبل هذا الفهم الخاطئ». وقال رئيس الكنيست يولي إدلشتاين، إن الوقت قد حان لفرض السيادة، والآن كل شيء يعتمد علينا، والخطوة الأولى لإعلان ترمب سيتم ضم مستوطنة معالية أدوميم إلى القدس». وقال إدلشتاين «إن إعلان الرئيس ترمب فتح عهدا جديدا لدولة إسرائيل في القدس والضفة الغربية». وأعلن حزب «إسرائيل بيتنا»، بزعامة وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، وحزب «البيت اليهودي» بزعامة وزير المعارف نفتالي بينت، عن دعمهما للقرار عندما يحين موعد التصويت عليه في الكنيست.
وباشر نواب ووزراء الليكود أمس، مسار التشريع في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) لتطبيق توصية مركز الليكود عمليا. وبالاتفاق مع وزيرة القضاء إييلت شكيد، أصدر المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت، توجيهات جديدة، تنص على أن أي مشروع قانون حكومي سيلزم، أيضا، على النظر في إمكانية تطبيقه على اليهود المستوطنين في المناطق. وقال وزير السياحة، ياريف لفين، إن التشريعات الجديدة لا يمكن أن تتجاهل 400 ألف إسرائيلي يعيشون في المستوطنات.
وقد رد الفلسطينيون برفض هذا القرار بالإجماع. وقال الرئيس الفلسطيني، عباس، إن قرار الليكود إنهاء عام 2017 بوضع استراتيجية سياسية لعام 2018، تقضي بإنهاء الوجود الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، وفرض مشروع إسرائيل الكبرى على فلسطين التاريخية، هو بمثابة عدوان غاشم على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته. وأشار إلى أن إسرائيل ما كانت لتتخذ مثل هذا القرار الخطير، لولا الدعم المطلق من الإدارة الأميركية التي رفضت إدانة المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية، وجرائم الاحتلال المنهجية التي يرتكبها ضد شعب فلسطين. وطالب عباس المجتمع الدولي بالتحرك الفوري، لوقف هذا العدوان على الحقوق الفلسطينية، وعلى قرارات الشرعية الدولية. وأضاف: «يجب أن يكون هذا التصويت بمثابة تذكير للمجتمع الدولي بأن الحكومة الإسرائيلية، وبدعم كامل من الإدارة الأميركية، تواجه السلام العادل والدائم، وتسعى بشكل منظم لتوطيد نظام الفصل العنصري في كل فلسطين التاريخية». وختم الرئيس الفلسطيني بالقول: «لم يقبل أي شعب في العالم على نفسه أن يعيش كالعبيد، وإن الشعب العربي الفلسطيني لن يكون أول من يفعل ذلك، ولذلك فنحن بصدد اتخاذ قرارات هامة خلال عام 2018، بما في ذلك الذهاب إلى المحاكم الدولية، والانضمام إلى المنظمات الدولية، واتخاذ جميع الوسائل القانونية من أجل حماية حقوق شعبنا ومساءلة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على انتهاكاتها الجسيمة والمنهجية للقانون الدولي، وإعادة النظر في الاتفاقات الموقعة.
وأكدت حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية على فظاعة وخطورة ما أقدم عليه حزب الليكود. وقال المتحدث الرسمي باسمها، يوسف المحمود، على أن التصعيد الاحتلالي ضد أرضنا وشعبنا يسير في هذه المرحلة بشكل متسارع وخطير.
وقالت حركة «فتح» في بيان لها، إن هذه الخطوة هي بمثابة نسف لكل الاتفاقات الموقعة، واستفزاز لا يمكن السكوت عنه، كما أنه يشكل انتهاكاً صارخاً لقرارات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، التي كان آخرها القرار رقم (2334)، الذي أكد أن الضفة الغربية بما فيها القدس هي أراض محتلة. وأضاف البيان، إن إسرائيل بهذا القرار أنهت، ومن جانب واحد، كل ما يمكن تسميته ببقايا عملية السلام، وإنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن تبعات هذا القرار الخطير والمرفوض، وعلى المجتمع الدولي التحرك الفوري لكبح جماح هذا الاستهتار بل الجنون الإسرائيلي.
وفي المعارضة الفلسطينية قالت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، إن تصويت مركز حزب «الليكود» يأتي استكمالا للمشروع الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة الاحتلال، وبمثابة إعلان حرب على الأراضي الفلسطينية. وتابعت الجبهة أن الرد الحقيقي على قرارات الاحتلال العنصرية تتطلب سرعة التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، والانضمام إلى المواثيق والمنظمات الدولية كافة، فالاستيطان جريمة حرب يجب أن تعاقب حكومة الاحتلال عليه.
وقال خالد منصور، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، إن الرد الفلسطيني المطلوب على قرار الليكود، هو مغادرة مربع أوسلو ووقف الرهان على المفاوضات الثنائية والرعاية الأميركية، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني الأخير بالفكاك من الالتزامات التي نص عليها أوسلو.
من جهتها، قالت حركة حماس، إن مشروع القانون المطروح من الليكود «إمعان في سياسة الاعتداء على الحق الفلسطيني استغلالا للمواقف الأميركية». وأكدت حماس أن «هذا سيجعلنا أكثر تمسكا بحقوق الشعب الفلسطيني وبخيار المقاومة، لمواجهة هذه المشاريع وإفشالها وحماية حقوقنا والدفاع عنها مهما بلغت التضحيات».
وفي إسرائيل أيضا رفضت المعارضة قرار الليكود، وقال رئيس كتلها في الكنيست، يتسحاق هيرتسوغ، إن القرار يشكل استفزازا زائدا يلحق الضرر بإسرائيل أولا ويؤدي إلى عزلتها.
الفلسطينيون يعتبرون قرار ضم المستوطنات «عدواناً خطيراً»
يرسخ الاحتلال في 60 % من الضفة الغربية
الفلسطينيون يعتبرون قرار ضم المستوطنات «عدواناً خطيراً»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة