كان خروج منتخب الكويت من منافسات خليجي 23 عقب خسارتين متتاليتين على يد الأخضر السعودي والأحمر العماني بمثابة الخبر الحزين للبطولة قبل الجماهير الكويتية التي آزرت فريقها الأزرق وساندته بعد انتهاء محنته الطويلة، حيث الإيقاف الدولي الذي تضررت منه أجيال كروية متعددة في البلاد.
ويمكن القول إن الشارع الرياضي الكويتي تقبل خروج منتخب الأزرق إذ لم يقدم هذا الفريق الوطني ما يشفع له في الوصول إلى الدور نصف النهائي، متأثرا بفترة ابتعاده الطويلة عن المباريات القارية والدولية منذ الـ15 أكتوبر (تشرين الأول) 2015 بسبب قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم بإيقاف النشاط الرياضي الكويتي، قبل أن يتم رفع الإيقاف قبل بداية البطولة بأسبوعين، كما أن فترة الإعداد التي سبقت البطولة لم تكن كافية لخوض هذا المعترك الخليجي.
وحققت الكويت أربعة ألقاب الأولى على التوالي، وعشرة ألقاب طوال تاريخ البطولة، وهو الرقم الذي لن يكون بمقدرة أي من المنتخبات الخليجية كسره حتى لو هيمن على اللقب في السنوات الـ16 سنة القادمة.
هذا الوداع الباكر لم يكن ليليق بمنتخب ارتبط اسمه ببطولات الخليج وكان المرشح الدائم بالظفر باللقب، إلى جانب أنه خسر للمرة الأولى في تاريخه في دورات الخليج من المنتخبين السعودي والعماني على أرضه وبين جماهيره، مما جعل منه أول المودعين لهذه الدورة.
البطولة الخليجية التي عشقت الكويتيين على مدار 47 عاما منذ انطلاقها وبادلها أبناء الكويت العشق، تسيدوا فيها المشهد الخليجي الرياضي بعدد الانتصارات، وأكثر المنتخبات تسجيلاً للأهداف، وأقلها خسارة، وقبولاً للأهداف، بيد أن السنوات الأخيرة تبدل العشق إلى جفاء، بسبب أخطاء متكررة على صعيد الإدارة الرياضية الكويتية.
إشادة الكويتيين سواء من متابعين أو نقاد أو لاعبين قدماء وحتى الجماهير بمنتخب بلادهم على الرغم من الخسائر المتكررة والخروج المر من على أرضه وبين جماهيره، وثناؤهم على ما قدمه اللاعبون في مواجهة السعودية وعمان، دليل على تفهمهم لظروف التي أحاطت برياضة بلادهم، قبل رفع الإيقاف الذي كان بمثابة عودة الحياة من جديد لرياضة الوطن التي خسرت الكثير في عامين وعشرة أشهر تسببت في فقدان الكثير من المكتسبات، وابتعاد الأزرق عن خوض المواجهات القارية والدولية وحتى المباريات التجريبية.
وبرأ الرياضيون ساحة الاتحاد الكويتي لكرة القدم ورئيسه الشيخ أحمد اليوسف الصباح الذي لم يسعفه الوقت لتجهيز المنتخب الوطني لهذا التحدي الجديد بعد سنوات طويلة من توقف المشاركات، وجددوا الثقة باتحاد كرة القدم وقدرته على إعادة هيكلة الرياضة من جديد لتعود الكرة الكويتية كما كانت سواءً على مستوى المنتخب الوطني أو الأندية الملحية التي فقدت أبرز نجومها في السنوات العشر الأخيرة بسبب هجرتهم للدول المجاورة التي تطبق الاحتراف.
ولم يكن منطقيا تحميل المدرب بونياك مسؤولية الخروج كون أيام عمله لهذه البطولة لم تتجاوز الـ10 أيام؛ إذ لم يكن عارفا بقدرات اللاعبين رغم أنه تشارك في اختيار غالبيتهم بناء على نظرات سريعة لمستوياتهم الفنية؛ إذ إن المنطق يذهب إلى أن هذا الخروج لا يجب أن يحمل أكثر مما يحتمل في ظل الظروف التي سبقت انطلاق البطولة بأسبوعين فقط.
ويعول الكويتيون كثيراً على أن يكون هذا الخروج من بطولتهم المحببة هي الخطوة الأولى نحو تجديد الدماء في الرياضة الكويتية والاستعانة بالخبراء في هذا المجال، لبناء قاعدة تعتمد على الاحترافية في العمل، وبناء جيل جديد من اللاعبين المحترفين، لعودة المارد الأزرق الذي كان أول ممثل للمنتخبات الخليجية في نهائيات كأس العالم بجيله الذهبي الذي ضم جاسم يعقوب وفيصل الدخيل صاحب أول هدف خليجي في كأس العالم، وعبد العزيز العنبري وعبد الله البلوشي ونعيم سعيد ووليد جاسم وفتحي كميل وأحمد الطرابلسي، حتى تسلم جيل جاسم الهويدي وبشار عبد الله وعبد الله وبران وبدر المطوع المهمة وقادوا الأزرق إلى منصات التتويج.
البطولة الحقيقية للكويتيين في هذه النسخة من بطولة الخليج هي نجاحهم في إظهار هذا المحفل الخليجي بالصورة المميزة على الرغم من قصر الوقت، والافتتاح المبهر الذي لقي إشادة سانغيوفان بالاسينغام المدير المسؤول عن اتحادات آسيا في الاتحاد الدولي لكرة القدم، وأعجب سانغيوفان بالشغف الكبير في كرة القدم في الدول العربية، وفي دول الخليج على وجه التحديد، كما نالت البطولة استحسان جميع الفرق المشاركة وجماهير المنتخبات الأخرى، كان فيها الجمهور الكويتي في مواجهة الافتتاح ومواجهة الكويت وعمان ملح البطولة.
وجسد الجمهور الكويتي روح المحبة والألفة بين المنتخبات الخليجية، ولم يؤثر الخروج المر لمنتخبهم المستضيف كأول المودعين بعلاقتهم بالجماهير الأخرى، إذ كانوا أول المهنئين للسعوديين والعمانيين، لافتين أن انتصار أي من المنتخبات الخليجية على شقيقه الآخر هو انتصار للجميع، متعهدين على إنجاح هذه البطولة بالحضور الجماهير الذي وصل في مواجهة الافتتاح إلى 60 ألف متفرج، ومثل هذا الرقم في مواجهة المنتخبين الكويتي والعماني، متحدين على الحضور ومؤازرة اللاعبين في مواجهة الإمارات الأخيرة التي تعبر بمثابة التحدي لإثبات الوجود وتسجيل انتصار شرفي.
وأسهمت الجماهير الكويتية بأهازيجها الجميلة والتي باتت موروثا تتعاقبه الأجيال في دورات الخليج في إثراء المباريات سواء التي يخوضها منتخب بلادهم أو حتى المباريات الأخرى في المجموعة الأولى والثانية، كما طغى الحضور النسائي في هذه النسخة على باقي النسخ الأخرى، وأصبحت النواعم من أوائل الجماهير التي تحضر للملعب ويشجعن بشغف، حاملات أعلام الكويت ولافتات ترحيبية بالدول الخليجية الأخرى، إلى الجانب الحضوري الشبابي الطاغي.
وعكست جماهير المنتخبات الأخرى الثقافة الخليجية بعد المباريات، إذ بادرت الجماهير السعودية والإماراتية والبحرينية والعمانية في مشاهد متكررة بتنظيف الملاعب قبل خروجهم من المدرجات، لتجد جماهير المنتخبات الأخرى المكان كما كان، وكأنها رسالة يقدمها الجمهور الخليجي للشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت على كرم الضيافة، وتكفله بشراء جميع تذاكر المباريات ودخول جميع جماهير المنتخبات الخليجية دون مقابل، فضلا عن تكفله بنفقات البطولة كاملة.
هل انتهى دور الجمهور الكويتي في خليجي 23؟
العقلاء اعتبروا الخروج الحزين للأزرق طبيعياً بسبب {ما قبل 6 ديسمبر»
هل انتهى دور الجمهور الكويتي في خليجي 23؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة