الأطفال الأفغان والحياة داخل زنزانة

333 طفلاً على الأقل مسجونين برفقة أمهاتهم

نساء داخل السجن في كابل (نيويورك تايمز)
نساء داخل السجن في كابل (نيويورك تايمز)
TT

الأطفال الأفغان والحياة داخل زنزانة

نساء داخل السجن في كابل (نيويورك تايمز)
نساء داخل السجن في كابل (نيويورك تايمز)

يعد الطفل ذكير الله، 9 سنوات، واحداً من مئات الأطفال الأفغان الذين يعيشون داخل السجون بسبب وجود أمهاتهم هناك، وحتى أحلامهم الخضراء يبدو أنها أصبحت رهينة زنزانة السجن.
في أحد الأيام القريبة، أخبر الصبي أحد حراس السجن بينما ظل يداعب بأنامله الصغيرة الحزام الذي يرتديه الرجل في محاولة لجذب انتباهه: «حلمت ليلة أمس أن شخصاً ما خطفني، وجئت أنت وأنقذتني، وخضت قتالاً معه حتى هزمته»، ووقف الطفل مرتدياً قميصاً تحول لونه الأبيض إلى البني بسبب عدم غسله، وسراويل مهترئة.
وأجاب الحارس وهو رجل طويل القوام يتميز وجهه بلحية فضية اللون معروف بتعامله الودود مع الأطفال داخل السجن: «أعتقد أن هذا الحلم يحمل بشارة طيبة».
جرى ذلك داخل الجناح المخصص للنساء من سجن ولاية ننكرهار، حيث يوجد 43 طفلاً برفقة أمهاتهم، 25 منهم في سن المدرسة.
من بين هؤلاء الأطفال مينا، 11 عاماً، ابنة سفاحة تدعى شيرين غول، وتقضي عقوبة السجن مدى الحياة، وترفض السماح لابنتها بالخروج من السجن لتبقي على حرية ابنتها بذلك رهينة لحريتها هي. ومثلما الحال مع مينا، وكثير من الأطفال الآخرين، من المحتمل أن يقضي ذكير الله جزءاً كبيراً من طفولته حبيساً برفقة والدته، الأمر الذي يجعل منهم جميعاً ضحايا لنظام يسمح للسجناء بتقرير مصير أطفالهم الصغار، الذين غالباً لا يتوافر أمامهم أي مكان آخر للجوء إليه.
من جانبها، أجرت صحيفة «ذي نيويورك تايمز» مسحاً هذا الشهر للسجون الأفغانية خلص إلى أن ثمة 333 طفلاً على الأقل مسجونين برفقة أمهاتهم على مستوى البلاد، تبعاً لمقابلات أجريت مع مسؤولين داخل 33 سجناً من إجمالي 34 سجناً محلياً على مستوى البلاد.
ومن بين الـ333 طفلاً، 103 دون الـ5، وهي سن يعتبر الأطفال مؤهلين عندها للانتقال إلى دور الأيتام. ولا يتضمن العدد الإجمالي سالف الذكر الأطفال المسجونين في سجون الأحداث بسبب جرائم اقترفوها.
من ناحية أخرى، فإن كثيراً من هؤلاء النساء الأفغان مسجونات بسبب ما يطلق عليه جرائم اجتماعية؛ وهي أفعال غالباً ما تكون غير مجرمة في معظم دول العالم، مثل الهروب من الزوج أو الزنا (أو أحياناً مجرد التعرض لاتهام بارتكابه)، أو رفض الخضوع لممارسات قمعية مثل الزواج القسري.
من جانبها، أوضحت دينيس شيبرد جونسون، رئيسة شؤون الاتصال والمشاركة المدنية في منظمة «اليونيسيف»، أن كثيراً من السجينات «تعرضن للسجن بسبب جرائم أخلاقية، غالباً ما تكون نتاجاً لزواج قسري أو عنف أسري».
وجدير بالذكر أنه خلال زيارة نادرة وغير مصرح بها أجرتها «ذي نيويورك تايمز» لسجن «بادامباغ» للنساء، المغلق حالياً، في كابل، وذلك عام 2014، توصلت إلى أن 65 في المائة من النساء الحبيسات مسجونات بسبب جرائم أخلاقية.
أما الأطفال الذين وجدوا أنفسهم محصورين داخل قضايا أمهاتهم، فليست هناك خيارات تذكر أمامهم. ورغم وجود 4 ملاجئ تقبل الأطفال أكبر عن 5 سنوات من أبناء السجينات، فإنها ممتلئة بالفعل عن آخرها. وبصورة إجمالية، يوجد 356 طفلاً، تتراوح أعمار الغالبية منهم بين 5 و18، داخل 4 منازل تعرف باسم مراكز دعم الطفل.
ولأسباب متنوعة، فإن كثيراً من مناطق البلاد لا ترسل الأطفال لهذه المراكز. وتعتبر ولاية ننكرهار الواقعة شرق البلاد، التي تضم خامس أكبر المدن الأفغانية جلال آباد، واحدة منهم.
من جهتها، أشارت ناجية ناسم، المديرة لمنظمة «المرأة من أجل المرأة الأفغانية» التي تتولى إدارة البرنامج، إلى أن جهود إقناع السلطات المحلية بالانضمام إلى برنامج ملاجئ الأطفال باءت بالفشل.
من ناحيته، ذكر العقيد محمد آصف، المسؤول عن جناح النساء داخل سجن ننكرهار، أنه في ديسمبر (كانون الأول)، ضم الجناح 42 سيدة و43 طفلاً، تتجاوز أعمار 25 منهم الخامسة.
كما يوجد أطفال في كثير من السجون الأخرى. على سبيل المثال، يضم سجن «ساربوسا» سيء السمعة في قندهار، المعروف بكونه بمثابة معسكر تجنيد لصالح «طالبان»، 22 طفلاً يعيشون مع أمهاتهم، تبعاً لما ذكره نائب مدير السجن سيف الرحمن أوراخيل. كما يضم سجن ولاية هلماند 12 طفلاً، حسبما ذكر نائب مديره، راز محمد. وفي ولاية هراة، يوجد 152 سجينة، إلى جانب 40 من أطفالهم، كثير منهم تفوق أعمارهم الـ5، تبعاً لما ذكره المسؤول الإعلامي بسجن الولاية محمد قابيل ساير.
وحتى في كابل، التي تضم أكبر مركز لدعم الأطفال على مستوى البلاد، يضم جناح النساء في سجن «بول إي تشاركي» 53 طفلاً، تفوق أعمار 25 منهم الـ5. وقد رفضت وزارة الداخلية الأفغانية التي تتولى إدارة السجن طلباً تقدمت به «ذي نيويورك تايمز» لزيارته، حسبما أفاد المتحدث الرسمي باسم الوزارة، نجيب دانيش.
واللافت أنه لم تظهر تقريباً أي أصوات تنديد دولية بهذه المشكلة على وجه التحديد، رغم الاستثمارات الضخمة الموجهة إلى جميع جوانب برامج المساعدات والإغاثة الأفغانية. وكانت حكومات غربية ووكالات دولية والحكومة الأفغانية قد شكلوا «شبكة حماية الطفل»، بهدف تناول القضايا المرتبطة بالأطفال الأفغان بوجه عام.
ومن جهته، أكد مدير الشبكة، بشير أحمد باشارات، أنه «ثمة حاجة كبرى لبناء المزيد من هذه المراكز، فمن الأفضل أن يعيش هؤلاء الأطفال في ملجأ. أما الآن، فإنهم ينشأون برفقة مجرمين، وبالتالي يتعلمون كيف يصبحوا مثلهم. وعندما يخرجون، سيشكلون خطراً على المجتمع».
إلا أن المشكلة تكمن في أن الحكومة الأفغانية لا تملك الموارد اللازمة لتوسيع دائرة مثل هذه المراكز، بينما لا يبدي المجتمع الدولي اهتماماً يذكر بهذه القضية.
- خدمة «نيويورك تايمز»



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».