الساعدي القذافي لم يغادر سجنه... وسيف الإسلام ينفي امتلاكه عقارات في لندن

نازحو تاورغاء يشتكون تجاهل «الوفاق» وصعوبة الحياة بالمخيمات

نازحون من تاورغاء يتظاهرون للمطالبة بإعادتهم إلى مدينتهم
نازحون من تاورغاء يتظاهرون للمطالبة بإعادتهم إلى مدينتهم
TT

الساعدي القذافي لم يغادر سجنه... وسيف الإسلام ينفي امتلاكه عقارات في لندن

نازحون من تاورغاء يتظاهرون للمطالبة بإعادتهم إلى مدينتهم
نازحون من تاورغاء يتظاهرون للمطالبة بإعادتهم إلى مدينتهم

وضع مكتب النائب العام الليبي حداً لمخاوف أسرة الرئيس الراحل معمر القذافي حول ما تردد عن اختفاء نجلها الساعدي، من سجنه في العاصمة طرابلس، وقال: «إنه موجود ولم يغادره، ويخضع للمحاكمة»، في وقت أرسل شقيقه سيف الإسلام القذافي، مذكرة إلى صحيفة «تليغراف» البريطانية يطالبها بحذف قصتين نشرتهما عنه في عام 2011، أو تصحيحهما، في حين حمّلت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان المجلس الرئاسي مسؤولية معاناة نازحي تاورغاء.
وأعلنت أسرة القذافي منتصف الأسبوع الماضي، أنها «فقدت الاتصال بالساعدي، منذ فترة، ولم تتمكن من معرفة مكانه، أو ظروف احتجازه»، لكنها قالت: «كل ما نعلمه هو أنه يقبع رهينة في سجن تديره الميليشيات في العاصمة».
ودعت عائلة القذافي، في بيان عمّمته على وسائل الإعلام المحلية: «كافة الجهات الحقوقية والقيادات الاجتماعية، والشرفاء والأحرار ضرورة التحرك لحماية نجلها»، وقال: إن «الميليشيات و(حكومات فبراير/شباط) والجهات القضائية المعنية يتحملون مسؤولية سلامته».
غير أن الصديق الصور، مدير قسم التحقيقات لدى النائب العام الليبي، قال: إن «المتهم الساعدي القذافي يخضع حالياً للمحاكمة في التهم الموجهة إليه وفق القانون الليبي»، مضيفاً وفقا لوكالة أنباء «شينخوا» الصينية، أمس، إن الأخير «بخير، ولا يزال داخل سجن في العاصمة طرابلس»، ولفت إلى أن «المعلومات والجدل عن اختفائه أمر غير صحيح».
والساعدي المولود في 23 مايو (أيار) 1973، هو النجل الثالث للقذافي، وشغل في السابق منصب معاون آمر ركن الوحدات الأمنية في النظام السابق، وتتهمه السلطات الحالية بالضلوع في إخماد «ثورة 17 فبراير» التي أطاحت بحكم والده.
وكان الساعدي تمكن عام 2011 من الهرب إلى النيجر، إلا أن نيامي سلمته لاحقاً إلى السلطات الليبية في عام 2014، وهو محتجز في أحد السجون بطرابلس، حتى الآن بعد تأجيل محاكمته مرات عدة.
في سياق قريب، أرسل سيف الإسلام القذافي، مذكرة إلى صحيفة «تليغراف» البريطانية عبر محاميه في لندن، كريم خان، يطلب فيها حذف قصتين نشرتهما عنه في عام 2011، أو تصحيحهما، وقال: إن القصتين «تخصان مزاعم عن امتلاكه منزلاً في إنجلترا بملايين الجنيهات الإسترلينية». وأضاف سيف، في المذكرة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها: إن «ما نشر غير صحيح».
ويعود تاريخ نشر القصتين إلى التاسع من مارس (آذار)، أي قبل مرور شهر من عمر الانتفاضة التي بدأت في 17 فبراير، ويظهر في الصور المرفقة على موقع الصحيفة البريطانية، منزل فخم ملحق به دار للسينما وحمامات سباحة، وفي صور أخرى ظهر مجموعة من المعارضين للقذافي أعلى سطح المنزل المزعوم نفسه، وهم يرفعون لافتات تدعو لرحيل القذافي.
وقال سيف الإسلام في المذكرة التي أرسلها لـ«تليغراف»، وتضمنت ديباجة تتحدث عن أنه «كان مقيد الحرية، ولا يستطيع الرد على ما نشر بحقه وقتها»، إنه «لا علاقة له بالمنزل محور القصتين الصحافيتين»، وأن «استمرار وجودهما على الموقع الإلكتروني للصحيفة يضر بسمعته»، مستطرداً: «ينبغي إزالتهما وتقديم الاعتذار»؛ لأنه «لا علاقة له بالبيت المذكور».
من الوجهة القانونية، كان ينبغي على نجل القذافي الرد على الصحيفة في غضون سنة من النشر، لكن المحامي، خان، قال: إن سيف الإسلام «كان محتجزاً منذ عدة سنوات، ولم يكن في وضع يسمح له بالرد».
وانتهي في مذكرته إلى الصحيفة: «يرجى التعامل مع هذه الرسالة كرسالة رسمية، قبل اتخاذ إجراء قانونية».
وخرج نجل القذافي من سجنه في منطقة الزنتان (غرب ليبيا)، في إطار عفو عام عن عشرات من سجناء النظام السابق، أصدره مجلس النواب، في طبرق شرقاً، بعد أن كان محكوماً بالإعدام في قضايا تخص الانتفاضة المسلحة ضد حكم والده في 2011.
وفي الرابع عشر من يونيو (حزيران) الماضي، دعت المحكمة الجنائية الدولية، إلى اعتقال سيف الإسلام أو تسليم نفسه.
في شأن آخر، ضرب طقس سيئ العاصمة الليبية، اليومين الماضيين، تسبب في تعطل كثير من الموانئ، والمرافق، كما ألحق أضراراً بآلاف النازحين من مدينة تاورغاء الذين يسكنون المخيمات في طرابلس، للعام السابع على التوالي.
وعبّر عشرات النازحين في وقفة احتجاجية، أمس، عن استيائهم الشديد من «معاناتهم اليومية، في ظل رداءة الطقس، وتجاهل حكومة الوفاق الوطني»، مطالبين المسؤولين بإعادتهم إلى مدينتهم.
وقالت إحدى النازحات، وفقاً لفضائية ليبيا: «تعبنا من تواجدنا بهذه المخيمات التي لا تصلح لحياة البشر، ونود من المسؤولين وكل منظمات المجتمع المدني أن يفوا بوعودهم بإعادتنا إلى منازلنا في تاورغاء، فالوضع لم يعد يحُتمل».
وقال الدكتور خيري الراندي، عضو مجلس بلدي جنزور: إن كل المساعي الخيّرة في ليبيا لم يحالفها النجاح لحل هذه القضية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف كلما يمر الوقت والنازحون في أوضاع سيئة يزداد الجرح عمقاً بين أبناء الوطن الواحد».
وتابع: «الأمر يستدعي تدخل بعثة الأمم المتحدة بقوة في هذه القضية، والدفع في اتجاه وضع حلول لها؛ لأنها الوحيدة التي تضمن عودة النازحين دون أن يتعرضوا للمضايقات من قبل الميليشيات التي تمتلك النفوذ والسلاح».
وأعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، عن قلقها البالغ إزاء تفاقم معاناة أهالي تاورغاء النازحين قسراً، بمخيمات النزوح بطرابلس وجنزور، نتيجة لسوء الأحوال الجوية وهطول الأمطار الغزيرة والبرد الشديد.
وطالبت اللجنة، في بيان نشرته عبر صفحتها على «فيسبوك» أمس، حكومة الوفاق، والمنظمات الإنسانية والخيرية الدولية والمحلية، سرعة التدخل وتقديم المساعدات الإنسانية والاحتياجات الأساسية، لمعالجة الظروف الصعبة التي تشهدها مخيمات النزوح، محمّلة المجلس الرئاسي المسؤولية القانونية والإنسانية تجاه معاناة هؤلاء النازحين.
إلى ذلك، حض الفريق عبد الرازق الناظوري، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، عناصر القوات الخاصة في بنغازي على «عدم القبض على أي شخص خارج إطار القانون، واحترام آدمية وكرامة الإنسان وحسن معاملة المواطنين».
وأمر الناظوري في بيان نشرته صفحة رئاسة الأركان، على «فيسبوك» مساء أول من أمس، بالقبض علي أي شخص يرتدي قناعاً ويتجول بسيارته، سواء كانت عسكرية أو مدنية، داخل بنغازي أو خارجها، ونبّه على ضرورة «إيداع المقبوض عليهم، وفق إجراءات قانونية، في أماكن حجز شرعية وبعلم ذويه والسلطات القضائية المختصة».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.