«مركز المعرفة لأبحاث النرجيلة» يحطّ في الجامعة الأميركية ببيروت

هدفه تقوية برامج مكافحة تدخينها في لبنان والعالم العربي

نسبة تدخين النرجيلة في منطقة الشرق الأوسط تفوق غيرها في العالم
نسبة تدخين النرجيلة في منطقة الشرق الأوسط تفوق غيرها في العالم
TT

«مركز المعرفة لأبحاث النرجيلة» يحطّ في الجامعة الأميركية ببيروت

نسبة تدخين النرجيلة في منطقة الشرق الأوسط تفوق غيرها في العالم
نسبة تدخين النرجيلة في منطقة الشرق الأوسط تفوق غيرها في العالم

أسوة بمراكز مماثلة منتشرة في بلدان عدة في العالم، حطّ «مركز المعرفة لأبحاث النرجيلة» التابع لمنظمة الصحة العالمية رحاله في الجامعة الأميركية ببيروت، ليكون الأول من نوعه في لبنان والعالم العربي والثالث من نوعه في العالم.
يهدف هذا المركز إلى مكافحة التدخين عامة والمتعلق بالنرجيلة خصوصاً، بعد أن صار بمثابة آفة تتفاقم يوما بعد يوم لا سيما في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد تهافتاً على تدخين النرجيلة، ولا سيما لدى الأولاد الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و15 سنة. واللافت أنّ نسبة الأشخاص الذين يدخنون النرجيلة تتجاوز بمراحل تلك المتعلقة بتدخين السجائر.
«تكمن هذه المشكلة في عدم إدراك الناس لمخاطر هذه الآفة لا سيما أنها تلاقي تقبلاً اجتماعياً لاستعمالها». يقول الدكتور غازي زعتري مدير مركز المعرفة لأبحاث النرجيلة في بيروت: ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هدفنا وانطلاقا من برامج توعوية كثيرة، أن نقوم بدراسات علمية وإحصاءات دقيقة وحملة ضخمة حول مكافحة هذه الآفة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. فمن المؤسف أن تكون منطقة الشرق الأوسط في مقدمة المناطق المنتشرة فيها هذه العادة السيئة بشكل لافت، بينما في المقابل تتحرك بلدان كثيرة في هذا المجال، وبعضها قد أصدر قرارات حاسمة بهذا الشأن كما الأمر في رواندا مثلا التي أعلنت منع تدخينها بتاتاً في الأماكن العامة».
وحسب الدكتور زعتري فإنّ هناك خططاً مستقبلية تتّبعها دول كثيرة في هذه المسألة، كما في نيوزيلندا مثلا التي أعلنت مكافحتها التدخين بشكل جدي حتى ملامسة هدفها الذي يحمل العنوان العريض: «نيوزيلندا خالية من التبغ في عام 2030». فيما لجأت بلدان أخرى كأستراليا وأميركا إلى رفع سعر علبة السجائر لتتحدّد في الأولى بـ20 دولارا أستراليا وفي الثانية بسعر يتراوح ما بين 12 و15 دولارا. أمّا تركيا فقد اعتمدت تنبيه المواطن من مخاطر تدخين النرجيلة بعد أن طبعت على زجاجتها (التي تحتوي المياه) الأمراض التي تتسبب بها فيقرأها المدخن في كل مرة يطلبها في مقهى أو مطعم. وطرح «مركز المعرفة لأبحاث النرجيلة» من على صفحته الإلكترونية الرسمية في بيروت، إرشادات توعوية في هذا الشأن فاستهلها بطرح أسئلة تترك وقعها على مدخّن النرجيلة وتدفعه إلى إعادة حساباته في هذا الموضوع، كـ«هل تعتقد بأنّ تدخين النرجيلة هو أكثر أمانا من السجائر؟» ولترفقه بسلسلة توضيحات تحت عنوان «فكر مرة ثانية»، تظهر بأنّ تدخين النرجيلة لمدة ساعة كاملة من شأنه أن يضر بالصحة 200 مرة أكثر من عملية تدخين سيجارة واحدة. وبأنّ التبغ المستخدم فيها (أي النرجيلة)، هو مضر 38 مرة أكثر من حيث مادة القطران التي يحتويها، و8 مرات أكثر من مادة مونوكسيد الكربون من تلك الموجودة في السيجارة الواحدة.
ويوضح الدكتور زعتري قائلاً: «سنقيم ورشات عمل وحملات وحلقات توعوية تنتهي بإعداد تقارير رسمية تقدم إلى مؤتمر الأطراف (cop22)، الذي يعقد مرة كل سنتين حسب اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغيير المناخي». ويتابع: «هذه الورشات لن تقتصر على لبنان فقط بل على جميع دول منطقة الشرق الأوسط، علّها تسهم في حثّ الحكومات على أخذ قرارات حاسمة في هذا الشأن».
أمّا الأمراض التي يمكن أن يتسبب بها تدخين النرجيلة فتشمل السرطان وأمراض القلب والرئة والضعف الجنسي وأمراض جلدية مختلفة إضافة إلى تسببها بحالات الموت المبكر. وتشير الدراسات المتعلقة في تدخين النرجيلة بأنّ كل قسم منها (الفحمة والنربيج والمياه) يسهم في تسهيل دخول السّموم إلى مختلف أقسام الجسم ولا سيما تلك المتمثّلة باللسان والرئة، فتسبب في إصابتها بمرض السرطان وأحيانا كثيرة في فقدان الأسنان. ومن الأسئلة التي يطرحها هذا المركز على قراء صفحاته الإلكترونية الرسمية: «هل تحب أن تتنشق دخان عادم سيارتك؟» ولتوضح من خلال معلومات محدّدة مرفقة مع صورة سيارة سوداء مغطاة بالدخان، بأنّ تدخين السجائر يحتوي على نسبة سموم تفوق تلك الموجودة في دخان عادم السيارة بنسبة 10 مرات أكثر وبأنّ مادة مونوكسيد الكربون الموجود في جمرة النرجيلة هو 3 مرات أكثر من الذي تحتويه السيجارة الواحدة.
وأشار دكتور غازي زعتري إلى أنّ أوروبا كما أميركا وأفريقيا تعاني من آفة تدخين النرجيلة بعد أن حملها معهم المهاجرون إليها من منطقة المتوسط.
والمعروف أنّ عادة تدخين النرجيلة أو «الشيشة» كما هي معروفة في مصر، تعتمد على تمرير دخان التبغ المشتعل بالفحم بالماء قبل استنشاقه، كما يعتقد بأنّ هذا السمّ اللذيذ اختُرع في الهند من قبل طبيب هناك يُدعى حكيم عبد الفتح لاعتقاده بأنّه وسيلة غير ضارة لتدخين الحشيش.


مقالات ذات صلة

السجائر الإلكترونية تُضعف تدفق الدم

صحتك السجائر الإلكترونية هي أجهزة تنتج رذاذاً يُستنشق إلى الرئتين (رويترز)

السجائر الإلكترونية تُضعف تدفق الدم

كشفت دراسة أميركية عن وجود تأثيرات فورية لاستخدام السجائر الإلكترونية على وظائف الأوعية الدموية، حتى في حالة عدم احتوائها على النيكوتين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق المتجر يُلبِّي احتياجات الراغبين في الإقلاع بتوفير «دزرت» بجميع النكهات (واس)

«دزرت» تطلق أول متاجرها في السعودية للحد من التدخين

أطلقت «دزرت» (DZRT)، العلامة التجارية للمساعدة في الإقلاع عن التدخين، أول متاجرها داخل السعودية، وذلك في «منطقة بوليفارد سيتي»، بالتزامن مع انطلاق «موسم الرياض»

«الشرق الأوسط» (الرياض)
علوم يتيح اكتشاف التغيرات في بنية العظام بين بقايا مستخدمي التبغ لعلماء الآثار تصنيف بقايا دون أسنان لأول مرة (جامعة ليستر)

اكتشاف علمي: التدخين يترك آثاراً في العظام تدوم لقرون

التبغ يترك بصمات على العظام تستمر لقرون بعد الوفاة.

«الشرق الأوسط» (ليستر)
صحتك المدخنون لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في الفم مقارنة بغير المدخنين (رويترز)

دراسة: المدخنون لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في أفواههم

كشفت دراسة علمية جديدة أن المدخنين لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في الفم مقارنة بغير المدخنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)