«مهرجان الفسطاط» بروح التراث المصري

يتيح عدداً من الورش التعليمية للسيدات

المعرض من الخارج («الشرق الأوسط»)
المعرض من الخارج («الشرق الأوسط»)
TT

«مهرجان الفسطاط» بروح التراث المصري

المعرض من الخارج («الشرق الأوسط»)
المعرض من الخارج («الشرق الأوسط»)

تشكيلات مختلفة من شغل الخرز والنحاس، وأعمال من فنون التطريز والديكوباج، ومنتجات ذات لمسات جمالية تعتمد بشكل كبير على الخامات المحلية وفنيات الإبداع البشري، هذا ما يحيط بزائر مهرجان «سوق الفسطاط للحرف والفنون اليدوية»، الذي يتيح لزواره من المصريين والأجانب، التسوّق بين منتجات تراثية ومشغولات يدوية مميزة صنعت بأيدي عشرات الفنانين الذين يشاركون في المهرجان.
يحمل المهرجان اسم المكان الذي يحتضنه وهو «سوق الفسطاط»، الكائن في منطقة مصر القديمة، الذي يعد أكبر سوق يجمع أرباب الفنون وأصحاب الصناعات اليدوية في القاهرة. فيما يعد المهرجان احتفالية تهدف إلى الحفاظ على الإبداع المصري والصناعات اليدوية من الاندثار، وتقديم تراث مصر للعالم من خلال الحرف التقليدية التي تُميز المحافظات المصرية المختلفة، إلى جانب دعم ورعاية أصحاب الحرف التراثية، بالإضافة إلى هدف تعليمي من خلال تدريب السيدات اللاتي يبحثن عن عمل لزيادة دخلهن عن طريق تعليمهن الحرف اليدوية البسيطة.
يستقطب المهرجان بجانب العارضين والحرفيين عدداً من المؤسسات الأهلية المهتمة بالحرف اليدوية، كما تشارك الجمعية الأفريقية من إريتريا والسودان، التي تدعم اللاجئين الأفارقة للاعتماد على النفس وتدربهم على حرف تساعدهم على المعيشة، خاصة الإكسسوارات اليدوية.
اقتربت «الشرق الأوسط»، في جولتها بالمهرجان، من عدد من المشاركين والزائرين، فقالت بدرية عماد خليل، إحدى المشاركات بالمهرجان تنتمي إلى محافظة أسوان: «إنها المرة الأولى التي أشارك بها في المهرجان، شجعتني على ذلك، الفرصة الكبيرة التي يتيحها التواجد في سوق الفسطاط لتسويق منتجاتنا والتعريف بها سواء للمصريين أو الأجانب». موضحة أنّها تعرض مشغولات يدوية مثل الطاقية النوبية والحقائب الكروشية، وبعض القطع الديكورية، بالإضافة إلى ما تشتهر به النوبة من مأكولات ومشروبات مثل الكركديه والتمر الهندي والدوم المطحون والبهارات والفول السوداني، إلى جانب ماسكات البشرة وكريمات التفتيح والحناء والبخور والعطور النوبية».
أمّا سوزان محمد، وتنتمي إلى جمعيات متخصصة في أعمال الكروشيه، فتوضح أنّها تعمل في الجمعية على تدريب السيدات المعيلات والمطلقات والأرامل على الأعمال اليدوية خصوصاً أعمال الكروشيه لتوفير دخل لإعالة أسرهن، مشيرة إلى أن مهرجان سوق الفسطاط يُعدّ نافذة لتسويق منتجات الجمعية وهؤلاء السيدات.
وسط أعمال ذات لمسات فنية؛ يقول وليد السيد عبده، المتخصص في الإكسسوارات الخشبية المنزلية: «هذه الأعمال تستخدم في الزينة والديكورات المنزلية، ومنها (التابلوهات)، والقطع الخشبية المدعمة بحديد الفورجية، ومعلقات الحائط، والأرفف، والطاولات مختلفة الأحجام، وهي الأعمال التي أحاول جذب الجمهور إليها عبر إبداع أفكار جديدة، أو توظيف ألوان غير معتادة للعين في الديكورات». ويذكر أنّها المرة الأولى التي يشترك فيها بأحد المهرجانات المخصصة للأعمال التراثية واليدوية، وما دفعه للاشتراك هو الخروج بأعماله إلى فئات جديدة من الجمهور.
من بين زوار المهرجان تقول مها شحاتة، خريجة جامعية، إنّها تعرفت على المهرجان عن طريق صفحته على موقع «فيسبوك»، وما دفعها للحضور هو الالتحاق بورشة تعليم إكسسوارات عيد «الميلاد»، التي يتيحها المهرجان خصوصاً مع اقتراب رأس السنة، وذلك لتعلّم تحويل بعض القطع البسيطة إلى قطعة فنية تستخدم في الاحتفالات من ناحية، ومن ناحية أخرى شغل وقت فراغها بعد التخرج من الجامعة.
يذكر أنّ المهرجان يتيح على هامش فعالياته، عدداً من الورش التعليمية للفتيات والسيدات، أبرزها ورشة الكروشية، وورشة فن الايتامين (التطريز السيناوي)، وتعليم الخزف، والديكوباج، والنول.


مقالات ذات صلة

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لوحة ألوان زاهية (أ.ف.ب)

مناطيد الهواء الساخن تُزيِّن سماء النيبال

أطلقت بوخارا أول مهرجان لمناطيد الهواء الساخن يُقام في النيبال، إذ تحوّلت سماء المدينة لوحةً من الألوان الزاهية ضمن مشهد شكّلت ثلوج قمم «هملايا» خلفيته.

«الشرق الأوسط» (بوخارا (النيبال))
يوميات الشرق حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

يقدم مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في مدينة الرياض، رحلة ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

عُرض «شرق 12» في السعودية والبرازيل وأستراليا والهند وشاهده جمهور واسع، ما تراه هالة القوصي غاية السينما، كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية» التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بتونس.

انتصار دردير (القاهرة )

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».