اكتشاف 27 تمثالاً لـ«عين رع» في الأقصر

مصنوعة من الجرانيت الأسود

سخمت «عين رع» («الشرق الأوسط»)
سخمت «عين رع» («الشرق الأوسط»)
TT

اكتشاف 27 تمثالاً لـ«عين رع» في الأقصر

سخمت «عين رع» («الشرق الأوسط»)
سخمت «عين رع» («الشرق الأوسط»)

أعلنت بعثة ترميم تمثالي ممنون ومعبد أمنحتب الثالث بمنطقة كوم الحيتان بالبر الغربي بالأقصر جنوب مصر، اكتشاف 27 تمثالاً كاملاً وأجزاء للإلهة «سخمت» (التي لقبت بعين رع)، وذلك أثناء أعمال حفائر البعثة الأثرية المصرية الأوروبية العاملة بالمشروع.
وأكد الدكتور مصطفي وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن «التماثيل المكتشفة مصنوعة من الجرانيت الأسود، ويصل أقصى ارتفاع لها نحو مترين، وتصور التماثيل الإلهة (سخمت)، إما جالسة على العرش وفي يدها اليسرى علامة (العنخ) رمز الحياة، أو واقفة تمسك بصولجان من البردي أمام صدرها، في حين يزين رأسها قرص الشمس وحية الأورايوس».
و«سخمت» تعني القوية، وكانت دائماً ما تمثل كسيدة برأس لحيوان (اللبؤة)، أو بهيئة سيدة ورأس لبؤة جالسة على العرش الذي تزينه علامة توحيد شمال وجنوب مصر، وتمسك بيدها علامة مفتاح الحياة، يعلو رأسها قرص الشمس وثعبان الكوبرا، وكان مركز عبادتها في منف. وكانت تعتبر زوجة بتاح، ووالدة نفرتوم إله اللوتس، حيث مثلوا ثالوث منف (بتاح وسخمت وابنهما نفرتوم)، بحسب مصادر أثرية.
بينما أشار فتحي ياسين، مدير عام آثار البر الغربي بالأقصر، إلى أن البعثة الأوروبية بدأت أعمالها بالموقع منذ عام 1998 وحتى الآن، وقد تمكنت خلال فترة عملها من الكشف عن نحو 287 تمثالاً للإلهة «سخمت» أحد أعضاء ثالوث منف، ويعني اسمها «السيدة العظيمة محبوبة بتاح، وعين رع، وسيدة الحرب، وسيدة الأرضين (مصر العليا والسفلى)».
وأكدت الدكتورة هوريج سوروزيان، رئيس البعثة الأثرية المصرية الأوروبية العاملة بمشروع ترميم وحماية تمثالي ممنون بالأقصر، تباين حالة التماثيل، فبعضها في حالة جيدة من الحفظ، إذ عُثر عليها في الطبقات العليا من سطح الأرض، أما البعض الآخر ففي حالة سيئة من الحفظ، نتيجة العثور عليها داخل طبقات الأرض السفلى، مضيفة أن البعثة تقوم حالياً بأعمال التنظيف الأثري والترميم للتماثيل الـ27 المكتشفة، تمهيداً لعرضها بموقعها الأصلي، بعد الانتهاء من مشروع حماية معبد أمنحتب الثالث، والد أخناتون، الملقب بـ«فرعون التوحيد»، والكشف عن جميع أجزائه وترميمه.
في السياق ذاته، قال الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية، إن هذه التماثيل تؤكد براعة الفنان المصري القديم، حيث لا تزال تحتفظ بملامحها وصلابتها، رغم الزلزال الذي ضرب المعبد في عام 1200 قبل الميلاد، وأطاح بجدرانه وأعمدته.
يشار إلى أنه في مارس (آذار) عام 2006 عثرت بعثة ألمانية على 6 تماثيل للإلهة «سخمت» من الجرانيت الأسود، وقالت المصادر الأثرية إن «ظهور كل هذه التماثيل لـ(سخمت) وآخرها اكتشاف أمس بالأقصر، يؤكد الدور البارز الذي لعبته (سخمت) في عصر أمنحتب الثالث، الذي حرص على إقامة تماثيل تجسدها بغرض الحماية باعتبارها إلهة الحرب والدمار».
وحكم أمنحتب الثالث مصر بين عامي 1417 و1379 قبل الميلاد، وله تماثيل كثيرة في مدينة الأقصر، التي كانت عاصمة البلاد آنذاك، ويزين تمثالا ممنون الكبيران مدخل معبده الجنائزي غرب الأقصر.


مقالات ذات صلة

متاحف مصرية لاستقبال كنز أثري «غارق»

يوميات الشرق جانب من المضبوطات الأثرية الغارقة (وزارة الداخلية)

متاحف مصرية لاستقبال كنز أثري «غارق»

أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن ضبط 448 قطعة أثرية تعود للعصرين اليوناني والروماني بحوزة لصّين تحصّلا عليها عبر الغوص، وتم التحفظ على القطع المضبوطة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
علوم الماموث «إيانا» عمرها 50 ألف عام (رويترز)

روسيا تعرض بقايا ماموث محفوظة بشكل جيد عمرها 50 ألف سنة

عرضت روسيا، اليوم (الاثنين)، بقايا محفوظة بشكل جيد لماموث صغير عمرها 50 ألف عام، عُثر عليها خلال الصيف الفائت في أقصى الشمال الروسي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
يوميات الشرق القبقاب الذي تم العثور عليه عمره 500 عام (رويترز)

علماء آثار هولنديون يكتشفون قبقاباً نادراً عمره 500 عام

تشتهر هولندا عالمياً بأحذيتها الخشبية، لكن الاكتشاف النادر في الآونة الأخيرة لقبقاب عمره 500 عام بمدينة ألكمار أظهر مدى انتشار استخدام مثل هذه الأحذية بالماضي.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
سفر وسياحة رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)

نافورة تريفي في روما تستقبل زوارها بعد إعادة افتتاحها (صور)

أُعيد افتتاح نافورة تريفي الشهيرة رسمياً بعد أعمال تنظيف استمرت أسابيع، وقررت البلدية الحد من عدد الزوار إلى 400 في آن واحد.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي لقطة جوية تُظهر قلعة حلب (أ.ف.ب)

حلب «الشاهدة على التاريخ والمعارك» تستعد لنفض ركام الحرب عن تراثها (صور)

أتت المعارك في شوارع حلب والقصف الجويّ والصاروخي على كثير من معالم هذه المدينة المُدرجة على قائمة اليونيسكو، لا سيما بين عامي 2012 و2016.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».