احتجاجات فنزويلا تفرز مسابقة في «فن الغاز المسيل للدموع»

الفن السياسي أمر شائع في جميع أنحاء البلاد

إسباغ لمسة فنية على الاضطرابات المناهضة للحكومة
إسباغ لمسة فنية على الاضطرابات المناهضة للحكومة
TT

احتجاجات فنزويلا تفرز مسابقة في «فن الغاز المسيل للدموع»

إسباغ لمسة فنية على الاضطرابات المناهضة للحكومة
إسباغ لمسة فنية على الاضطرابات المناهضة للحكومة

ستتحول آلاف عبوات الغاز المسيل للدموع التي أطلقت على المتظاهرين في شوارع كراكاس إلى تماثيل في إطار مسابقة تهدف إلى إسباغ لمسة فنية على الاضطرابات المناهضة للحكومة التي حصلت هذا العام في فنزويلا.
ودعا مجلس مقاطعة تشاكاو المؤيدة للمعارضة - والتي كانت مسرحا لاشتباكات عنيفة في العاصمة بين المحتجين الملثمين والقوى الأمنية - السكان المحليين لتقديم إبداعاتهم بحلول نهاية الشهر الحالي والتي ترتكز على العبوات الفارغة التي جمعوها من الشوارع.
وجاء في الدعوة التي وزعها المجلس - والتي تحمل رسما لعبوة فارغة زرعت فيها زهرة وردية اللون - أن «هذه المبادرة تسعى إلى تحويل وسائل القمع إلى أداة للاحتجاج السلمي»، حسب تقرير لـ«رويترز».
وأضافت الدعوة: «هذا تجسيد لرد سكان بلدية تشاكاو على أعمال القمع غير المتكافئة وغير الإنسانية التي ارتكبتها القوى الأمنية الحكومية في شوارعنا». ويحكم كل مقاطعة من كاراكاس رئيس بلدية يتمتع بحكم ذاتي وصلاحيات تسيير الأمور اليومية لمنطقته.
وقالت حركات حقوق الإنسان وخصوم الحكومة الاشتراكية للرئيس نيكولاس مادورو إن عناصر الحرس الوطني استخدموا القوة المفرطة لقمع احتجاجات شبه يومية تنظم على مدى الشهور الثلاثة الماضية وبدأت في فبراير (شباط) الماضي.
إلا أن المسؤولين الحكوميين يقولون إن هذه المظاهرات كانت غطاء لمحاولة انقلاب يدعمها الأميركيون ويصرون على أن القوى الأمنية أظهرت الكثير من ضبط النفس في وجه المحتجين الملثمين الذين كانوا يضمون بينهم مسلحين أحيانا ويرمون الحجارة وقنابل البنزين عليهم. وتوفي 42 شخصا وجرح 900 آخرون في العنف الذي شاب المظاهرات مع وقوع ضحايا من الطرفين.
وعلى الرغم من انحسار أعمال العنف فإن المتشددين لا يزالون ينزلون إلى الشوارع بشكل فوضوي. وقال خصوم الحكومة إن الأسباب الجذرية للمظاهرات، وهي الضائقة الاقتصادية والقمع، بقيت دون حل.
وأطلقت القوى الأمنية أعدادا كبيرة من القنابل المسيلة للدموع ليلة بعد أخرى عندما كان المتظاهرون يرمونهم بالحجارة أو يرفضون إخلاء الشوارع المقفلة.
وقال منظم المسابقة الفنية دييغو شاريفكر إن مجلس مقاطعة تشاكاو الغني بالموارد جمع نحو 200 عبوة في حين كان الطلاب يعرضون المئات في الشوارع.
وأصبح الفن السياسي أمرا شائعا في جميع أنحاء فنزويلا بين 2008 و2013 خلال حكم الرئيس الراحل هوغو شافيز. وتزين الجدران في أنحاء البلاد جداريات تمجده إلى جانب الزعيم الثوري الأرجنتيني ارنستو «تشي» جيفارا والقائد الكوبي السابق فيدل كاسترو وغيرهما من الأيقونات اليسارية في أميركا اللاتينية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».