البنوك الألمانية ترسل فروعها إلى المستهلكين على أربع عجلات

يسمونها «الحافلة المصرفية»

نسبة كبيرة جدا تلجأ إلى السحب عن طريق ماكينة الصراف الآلي (رويترز)
نسبة كبيرة جدا تلجأ إلى السحب عن طريق ماكينة الصراف الآلي (رويترز)
TT

البنوك الألمانية ترسل فروعها إلى المستهلكين على أربع عجلات

نسبة كبيرة جدا تلجأ إلى السحب عن طريق ماكينة الصراف الآلي (رويترز)
نسبة كبيرة جدا تلجأ إلى السحب عن طريق ماكينة الصراف الآلي (رويترز)

يذكر كبار السن في ألمانيا البائع الذي كان يجر عربته المحملة بكل أنواع الخضار والفاكهة، وحتى اللحوم والأسماك والأقمشة، ويأتي حتى باب البيت ليبيع بضائعه، ويريح ربة المنزل من الذهاب إلى السوق.
لكن من أراد يومها تسديد فاتورة أو إرسال تحويل مالي أو دفع الإيجار كان عليه الذهاب إلى البنك، وهو العبء الذي انتهى منذ أواخر القرن الماضي، عندما سمح التطور التقني بإنجاز أمور مصرفية كثيرة بسرعة وبحركة بسيطة على جهاز الكومبيوتر من المنزل أو المكتب.
وسعت المصارف مؤخرا للتفكير في طرق جديدة لتيسير المعاملات المصرفية بشكل أكبر حتى توصلت إلى فكرة «الحافلة المصرفية» الأشبه بعربة البائع المتجول التي كان الآباء يتعاملون معها.
ويصل طول تلك الحافلة إلى 13 مترا وارتفاع أربعة أمتار ووزنها يبلغ نحو 12 طنا وبقوة 217 حصانا وبتكلفة تصل إلى 750 ألف يورو. ومع انتشارها لم يعد أمرا غريبا مشاهدتها في ساحة القرية أو البلدة أو في شوارع المدن الكبيرة، وتلقى الفكرة ترحيبا خاصة من كبار السن الذين يجدون صعوبة في المشي للوصول إلى البنك.
المصرف يأتي إلى الزبون
وتحت شعار «المصرف يأتي إلى الزبون» أقدمت كل المصارف في ألمانيا اليوم على اعتماد الخدمات المتحركة عبر الحافلات، حيث يلصق على الحافلة اسم المصرف ومواعيد قدومه والتي عادة ما تكون من الاثنين وحتى الجمعة من 12 وحتى الثالثة بعد الظهر. ومن يدخل الحافلة يجد قاعة صغير فيها مقاعد مريحة، إضافة إلى كابينة صغيرة يجلس فيها موظف المصرف الذي يقوم بإنجاز المعاملات أو المساعدة على إنجازها أو تقديم النصائح اللازمة عندما يرغب الزبون في الحصول على قرض مصرفي أو فتح حساب، لكن لا يمكن سحب المال من الرصيد وذلك لأسباب أمنية، وتقف الحافلة عادة بالقرب من ماكينة صراف آلي.
ومنذ رواج فكرة المصرف على عجلات (أي المتحرك) تم في ألمانيا إلغاء العديد من الفروع المصرفية الثابتة، حيث تم إقفال 90 فرعا في برلين لوحدها خلال عامي 2016 و2017 ليحل مكانها المصرف المتحرك.
وتنافس المعاملات الرقمية للبنوك أيضا خدمات الفروع الثابتة، والتي جعلت كل واحد من أربعة عملاء للمصارف ينجز كل أعماله عبر الأون لاين، أي ما يعادل 14 مليون إنسان، يضاف إلى ذلك نسبة كبيرة جدا تلجأ إلى السحب عن طريق ماكينة الصراف الآلي.
هذا التحول في شكل المؤسسة المالية يعني توفير أموال طائلة وعدم وجوب استخدام الطاقة الكهربائية وإنفاق رسوم الإيجار وإمكانية تخفيض عدد الموظفين في الفروع التي لا يؤمها الكثير من الزبائن.
وفي سياق الإقبال على الخدمات المتطورة أغلق دويتشه بنك 43 فرعا له في برلين وأسس بدلا من ذلك مراكز استشارة فيها عدد بسيط من الموظفين يقدمون المشورة للزبائن عبر الهاتف أو الفيديو شات، ووجد هذا الأسلوب إقبالا كبيرا، بينما تقدم مصارف التوفير المسماة شبار بنك دورات تعليم كيفية التعامل مع الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.
أسباب أخرى وراء «المصرف على عجلات»
ويقول هانس غيرت بيزيل، مدير معهد الابتكارات في قطاع المصارف، في حديث له مع «الشرق الأوسط»، إن إغلاق المصارف فروعا لها سوف يستمر، وقد يزداد، حيث أشارت دراسة وضعها المعهد إلى أنه وحتى عام 2035 قد يختفي ثلاثة أرباع الفروع، ما يعني أنه بحلول هذه السنة سيقتصر عدد فروع المصارف في ألمانيا على 10 آلاف فرع فقط. وحسب قوله فإن في ألمانيا فروع مصارف أكثر ثلاث مرات تقريبا من محطات الوقود، والمستهلك يتعامل مع محطات التعبئة أكثر من البنوك، وهذا لا معنى له من الناحية الاقتصادية، خاصة أن عوائد البنوك منخفضة بالفعل بسبب انخفاض سعر الفائدة، وقد يرفعها المصرف المركزي الأوروبي خلال العامين أو الثلاثة القادمين ببطء، ما يعني أن على المصارف مواصلة تخفيض مصاريفها، وأكثر النفقات الممكن توفيرها في ميزانية البنوك هي مصروفات الفروع.
وفي سؤال حول ما إذا كان اعتماد عملاء البنوك على خدمات الأون لاين يفسح المجال أمام شركات صناعة التقنيات مثل آبل وغوغل لمنافسة المصارف عبر تطوير أنظمة معينة للخدمات المصرفية، رد الخبير الألماني «بالطبع إنها شركات قوية في الصناعة الرقمية، إلا أن المودع لن يثق بها عند إتمام معاملاته مثل ثقته بالمصرف، على الأقل في ألمانيا. فالمصارف لها ميزة واضحة فيما يتعلق بحماية البيانات ومتقدمة جدا على هذا النوع من الشركات، وهذا ينطبق أيضا على التقنيات الدقيقة».
مع ذلك إذا أرادت المصارف الاحتفاظ بالمودعين عليها أن تكون أفضل في مجال التقنيات الرقمية، وفي حال عدم تمكنها من ذلك لن تقدر على اقتحام السوق، فألمانيا فيها أعداد هائلة من فروع المصارف مقارنة مع عدد سكانها. وتشير بيانات رابطة المصارف في ألمانيا إلى التأثير الحقيقي للتقنيات المتطورة على حركة المال، فعدد فروع المصارف في ألمانيا تراجع من 47835 فرعا عام 2004 ليصبح عام 2013 ما يقرب من 37200 فرع، من دون المصارف الخاصة. والعاملون في المصارف كان عددهم عام 2004 نحو 710 آلاف وأصبح عام 2013 ما يقرب من 640 ألفا. وتركيز المودعين خاصة الشباب على التقنيات المتطورة يزداد بشكل مطرد، فنسبة مستخدمي خدمات الأون لاين كانت عام 2006 قرابة 34 في المائة ووصلت عام 2014 إلى أكثر من 58 في المائة.



عائدات سندات منطقة اليورو تصل لأعلى مستوياتها في أشهر

عملات يورو تغوص في الماء في هذه الصورة (رويترز)
عملات يورو تغوص في الماء في هذه الصورة (رويترز)
TT

عائدات سندات منطقة اليورو تصل لأعلى مستوياتها في أشهر

عملات يورو تغوص في الماء في هذه الصورة (رويترز)
عملات يورو تغوص في الماء في هذه الصورة (رويترز)

سجلت عوائد سندات حكومات منطقة اليورو أعلى مستوياتها في عدة أشهر يوم الجمعة، في ظل ترقب المستثمرين لبيانات الوظائف الأميركية المنتظرة في وقت لاحق من الجلسة، والتي من المتوقع أن توفر إشارات حول اتجاه السياسة النقدية لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي».

وارتفعت تكاليف الاقتراض، مدفوعة بمخاوف متزايدة بشأن التضخم على جانبي المحيط الأطلسي، في ضوء أرقام اقتصادية قوية واحتمال فرض رسوم جمركية أميركية، بحسب «رويترز».

وارتفع العائد على سندات الحكومة الألمانية لأجل عشر سنوات ثلاث نقاط أساس إلى 2.559 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ العاشر من يوليو (تموز). كما ارتفع مقياس رئيسي لتوقعات التضخم في الأمد البعيد إلى نحو 2.11 في المائة بعد أن هبط إلى ما دون 2 في المائة في أوائل ديسمبر (كانون الأول).

وارتفع العائد على السندات الألمانية لأجل عامين، وهو الأكثر حساسية لتوقعات أسعار الفائدة لدى البنك المركزي الأوروبي، بمقدار نقطة أساس واحدة إلى 2.23 في المائة. وقامت الأسواق بتسعير سعر تسهيل الودائع لدى البنك المركزي الأوروبي عند 2.15 في المائة في يوليو 2025، ارتفاعاً من 1.95 في المائة في بداية العام، في حين يبلغ سعر الودائع الحالي 3 في المائة.

ووصلت الفجوة بين عائدات السندات الفرنسية والألمانية - وهو مقياس لمدى تفضيل المستثمرين للاحتفاظ بالديون الفرنسية - إلى 85 نقطة أساس. وارتفع العائد على السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات ثلاث نقاط أساس إلى 3.74 في المائة، بعد أن سجل 3.76 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ السابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، ما أدى إلى اتساع الفجوة بين العائدات الإيطالية والألمانية إلى 115 نقطة أساس.