«أمطار جدة» تدفع النيابة العامة السعودية لملاحقة المقصرين

أغلقت طرقاً وأنفاقاً واحتجزت سيارات وأخّرت رحلات جوية

تسببت سيول جدة في إرباك حركة المرور في المدينة .. وفي الإطار رجل يقف على رصيف أحد الشوارع الغارقة (تصوير عدنان مهدلي-محمد المانع)
تسببت سيول جدة في إرباك حركة المرور في المدينة .. وفي الإطار رجل يقف على رصيف أحد الشوارع الغارقة (تصوير عدنان مهدلي-محمد المانع)
TT

«أمطار جدة» تدفع النيابة العامة السعودية لملاحقة المقصرين

تسببت سيول جدة في إرباك حركة المرور في المدينة .. وفي الإطار رجل يقف على رصيف أحد الشوارع الغارقة (تصوير عدنان مهدلي-محمد المانع)
تسببت سيول جدة في إرباك حركة المرور في المدينة .. وفي الإطار رجل يقف على رصيف أحد الشوارع الغارقة (تصوير عدنان مهدلي-محمد المانع)

بدأت النيابة العامة في السعودية مباشرة «الظرفية الجزائية المصاحبة لحالة السيول التي تعرضت لها محافظة جدة أخيراً (أمس)، لا سيما ما يتعلق بالمسؤولية التقصيرية وتبعاتها الجزائية».
ووفقاً لبيان أصدرته النيابة العامة أمس، فإن سعود بن عبد الله المعجب النائب العام، وجّه رئيس فرع النيابة العامة بمنطقة مكة المكرمة ورئيس دائرة محافظة جدة وجميع فروع ودوائر النيابة في جميع مناطق المملكة بأن «تكون النيابة العامة بكامل جاهزيتها على مدار الساعة لمباشرة كل ما يخصها نظاماً تجاه الظرفية الجزائية المصاحبة لحالة السيول التي تعرضت لها محافظة جدة أخيراً، لا سيما ما يتعلق بالمسؤولية التقصيرية وتبعاتها الجزائية وأن يكون ذلك بشكل عاجل، آخذاً طابع الأولوية، والعمل الناجز».
وشدّد النائب العام على مسؤولي الفرع - في ضوء صلاحيات النيابة المؤكد عليها بالتوجيهات - الاضطلاع بواجبهم النظامي على أكمل وجه مع أي كائنٍ مَنْ كان، وللنيابة العامة صلاحية القبض والتحقيق والادعاء، مشيراً إلى أنّ عمل النيابة العامة في إطار توصيفه القضائي حسب نظامها، يُمَثّل مرتكزاً مهماً من مرتكزات النظام العدلي في السعودية يقوم بدوره باستقلال تام عزز منه الأمر الملكي بارتباطها المباشر بخادم الحرمين الشريفين.
وطلب النائب العام أن يكون الفرع على صلة مباشرة به أولاً بأول للإحاطة بنتائج أعماله في هذا الشأن، مشدداً على أنّ النيابة العامة تمثل إحدى ركائز الأمن العدلي المستقل الذي يحظى بالدعم الكبير والمتابعة المستمرة من خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد.
وهطلت أمطار غزيرة على مدينة جدة أمس، ما أدّى إلى إغلاق طرق وأنفاق وتوقف الملاحة البحرية، وتأخر بعض الرحلات الجوية، فيما تعرض مبنى الأرصاد الجوية لصاعقة، وتوفي شخص نتيجة انهيار جزء من منزل. وتوقفت حركة السير في عدد من الشوارع والأنفاق، وسجلت حوادث مرورية واحتجاز لأشخاص داخل مركباتهم. وورد لمركز العمليات الموحد 911 بلاغاً بسبب الأمطار، وتعرضت بعض مستشفيات ومراكز جدة الطبية لتسريبات داخل مبانيها، بعد هطول الأمطار، وألغيت مواعيد مراجعين، إضافة إلى ذلك انقطاع التيار الكهربائي عن عدد من المنازل.
وأصدرت المديرية العامة للشؤون الصحية في محافظة جدة بياناً أكدت فيه أنّ طوارئ مستشفيات المحافظة استقبلت 29 حالة، منها 8 حالات صعق كهربائي، وحالة وفاة واحدة، في حين تراوحت بقية الحالات بين سقوط وحوادث مرورية في مواقع متفرقة نتيجة الأمطار، مشيرة إلى أنّها فعّلت خطط الطوارئ مع استمرار هطول الأمطار، وتتابع التحذيرات الواردة من الأرصاد وتتخذ الاحتياطات اللازمة.
وأوقف ميناء جدة الإسلامي الحركة الملاحية ابتداء من الساعة 8:10 صباحاً بتوقيت مكة المكرمة، بسبب التقلبات الجوية المصاحبة للأمطار، وارتفاع سرعة الرياح النشطة التي تجاوزت 35 عقدة، وانخفاض في مستوى الرؤية، واستؤنفت الحركة الملاحية عند الساعة 10:55 صباحا بعد انخفاض سرعة الرياح دون 25 عقدة وتحسن مدى الرؤية الأفقية.
وتعرض مبنى الأرصاد بمطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة لصاعقة رعدية أصابت جزءاً من الأجهزة الهوائية للمبنى، إلّا أنّ أعمال المركز تواصلت لاستقبال وإرسال التقارير المناخية من دون خلل عبر أجهزة بديلة لحين الانتهاء من إصلاح العطل.
ونظرا لما تسببت فيه الحالة المناخية من تأخير وتوقف بعض الرحلات القادمة والمغادرة لمطار الملك عبد العزيز لفترة قصيرة، أعفت الخطوط الجوية السعودية المسافرين على متن رحلاتها الذين يرغبون في تغيير حجوزاتهم أو إلغائها، واسترداد تذاكرهم من جميع القيود والغرامات تقديراً لظروفهم.
وتابع الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الحالة المطرية على منطقة مكة المكرمة من مركز الأزمات والكوارث بالإمارة.
وأوضح المركز الوطني للعمليات الأمنية في وزارة الداخلية أنّه استقبل 10902 اتصال، غالبيتها لمتابعة حالة الأمطار ومعرفة الطرق السالكة، وبلاغات لحالات اصطدام مركبات واحتجاز أشخاص بسبب الأمطار أسهمت الجهات المختصة في إنقاذهم.
وأعلنت المديرية العامة للدفاع المدني مباشرة 1989 بلاغاً جراء الأمطار والسيول على مناطق السعودية، وإنقاذ 481 شخصا، وإخراج 41 مركبة، وإخلاء وإيواء 10 أسر.
وأكّد مركز الأزمات بإمارة مكة المكرمة إغلاق أنفاق وطرق نتيجة ارتفاع منسوب المياه، وهي نفق فلسطين مع طريق السبعين، ونفق حراء مع طريق السبعين، ونفق الستين مع طريق الملك عبد الله ونفق السلام، وطريق المدينة وتقاطع طريق الملك عبد الله مع طريق المدينة، وطريق الأمير ماجد مع تقاطع الأمير سعود الفيصل، وطريق الملك عبد الله باتجاه الشرق، وطريق الحرمين من جسر فلسطين حتى جسر طريق الملك عبد الله في كلا الاتجاهين.
وكانت إدارات التعليم قد علّقت الدراسة أمس، في جميع مدارس جدة ورابغ وخليص، إضافة إلى جامعة الملك عبد العزيز وجميع فروعها في محافظة رابغ وجدة، حفاظا على سلامة الطلاب والطالبات. ونشرت إمارة منطقة مكة المكرمة مساء أمس تغريدة ذكرت فيها أنّ إدارة التعليم في جدة ستستأنف الدراسة اليوم في مدارس البنين والبنات التي لا يوجد فيها ما يعيق الدراسة.
وأكدت هيئة الأرصاد وحماية البيئة أنّ كميات الأمطار التي هطلت على مدينة جدة من المحطات التابعة للهيئة ابتداء من الساعة السابعة إلى الحادية عشرة صباحا مقدرة على الرادار من 25 إلى 35 مليمتراً، محذرة من استمرار الحالة المطرية حتى صباح اليوم.
وسبق أمطار أمس بأيام إعلان أمانة محافظة جدة استعدادها لاستقبال موسم أمطار العام الحالي، وتخصيص نحو 1600 عامل موزعين على فترتين صباحية ومسائية، وتجهيز 512 معدة منها مضخات شفط متعددة الأحجام موزعة على نطاق 14 بلدية فرعية و11 مركز إسناد، وتأكيدها جاهزية جميع فرق العمل والمعدات المشاركة في الخطة، بهدف ضمان سرعة تصريف ورفع مياه الأمطار المتوقع تجمعها في التقاطعات والشوارع الرئيسية والداخلية.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)