«مرونة المخ» أساس الذكاء البشري... وتطور الإدراك لا يرتبط بالغنى والفقر

في 3 أبحاث فريدة على الدماغ

«مرونة المخ» أساس الذكاء البشري... وتطور الإدراك لا يرتبط بالغنى والفقر
TT

«مرونة المخ» أساس الذكاء البشري... وتطور الإدراك لا يرتبط بالغنى والفقر

«مرونة المخ» أساس الذكاء البشري... وتطور الإدراك لا يرتبط بالغنى والفقر

يشهد العالم انفجاراً في دراسات الدماغ على غرار ما شهدته العقود السالفة من أبحاث على القلب. وضمن 3 أبحاث أميركية وصينية حديثة في هذا المجال، طرح العلماء نظرية جديدة تؤكد أن مرونة المخ هي أساس الذكاء لدى الإنسان، فيما شكك بحث ثانٍ في المعتقدات الرائجة في أميركا حول علاقة الدخل المادي للأسرة بتطور الإدراك لدى أبنائها، في حين أشار البحث الثالث إلى عثور العلماء على تغيرات غير طبيعية في أدمغة المصابين بالكآبة الشديدة.

مرونة الأعصاب
وقال باحثون في جامعة إلينوي الأميركية نشروا نتائج دراستهم في مجلة «تريندز إن كوغنيتيف ساينسز» المعنية بدراسات علوم الإدراك، إنهم توصلوا إلى نظرية جديدة تختلف عن النظريات السائدة حول أصل الذكاء.
وتتلخص نظريتهم في أن خصائص المخ الديناميكية - أي كيفية ارتباط توصيلاته العصبية، ومرونة تغيرات ذلك الارتباط عند الاستجابة للمتطلبات العقلية المتغيرة - هي أفضل المؤشرات على علامات الذكاء داخل المخ البشري.
وكانت الدراسات العلمية السابقة التي أجريت على مدى عشرات السنين قد طرحت نظريات كثيرة حول دور المخ في زيادة الذكاء، إذ افترض بعض علماء الأعصاب أن الذكاء ينبع من منطقة وحيدة من الشبكة العصبية، بينما افترض آخرون أن الذكاء يرتبط بدرجة كفاءة خلايا المخ في القيام بعملية الأيض (التمثيل الغذائي) من أجل تنفيذ مهماتها.
وقال آرون باربي البروفسور في علم النفس بالجامعة: «عندما نقول إن فلاناً ذكي فإننا نفهم معنى ذلك بشكل حدسي، إذ إننا نعتبر أنه ممتاز في اتخاذ القرارات ووضع الحلول لبعض المشكلات المحددة». إلا أن التوجه الأخير في علوم الأعصاب أخذ يركز على الأساس البيولوجي للذكاء، وهو الأمر الذي يتطلب دراسة خصائص بنية المخ وكذلك الخصائص الهيكلية له.
وأضاف باربي أن العلماء يعرفون منذ زمن أن المخ يتكون من وحدات ومناطق تدعم كل واحدة منها قابليات معينة. إلا أن تفسير ما نراه يحتاج إلى تكامل المعلومات من مختلف المناطق.
وقال إن الشبكات العصبية تستند إلى نوعين من الاتصالات التي تدعم، كما يعتقد، نوعين من أنواع معالجة المعلومات، «فهناك مسالك تقوم بترميز المعارف والتجارب المتوفرة التي نطلق عليها اسم (الذكاء المتبلور)». وهناك التفكير المتكيف ومهارات وضع الحلول، وهي تتمتع بالمرونة ويطلق عليها اسم «الذكاء الانسيابي».
وبالنسبة للذكاء المتبلور، فإنه يتضمن توصيلات متينة، وبالنتيجة فإنه يستند إلى أزمان تمتد لشهور وسنوات من تبادل المعلومات عبر مسالك معتمدة. أما الذكاء الانسيابي فإنه يتضمن مسالك أضعف، وهي عابرة، وتوصيلات تتشكل حالما يقوم المخ بالتعامل مع مشكلات غير معتادة، أو فريدة من نوعها.
وقال باربي إن الذكاء عموماً يتطلب وجود قابلية الوصول إلى ينبوع الذكاء المتبلور وكذلك قابلية التكيف للتوصل إلى حلول لمشكلات صعبة.

الذكاء والفقر
وفي دراسة ثانية نشرت في مجلة «أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم»، شكك باحثون في عدد من الجامعات الأميركية في المعتقدات السائدة في الولايات المتحدة التي تربط بين دخل الأسرة المادي وتطور الإدراك لدى الأطفال. وحسب هذه المعتقدات، فإن الجينات تلعب دوراً أكبر في تطور الأطفال من الأسر الغنية مقارنة بالفقيرة.
إلا أن الدراسة التي أجراها باحثون في جامعات نورث ويسترن وستانفورد وفلوريدا استناداً إلى شهادات الميلاد، وتسجيلات التلاميذ في المدارس، لم تجد تأثيراً من قبل الجينات في تطور الإدراك لديهم.
وقال ديفيد فيغيلو الباحث الاقتصادي في جامعة نورث ويسترن: «بينما يتمتع التلاميذ من الأسر الأميركية الأعلى دخلاً بمستوى إدراك أفضل في المتوسط من أقرانهم الأفقر حالاً، فإن الجينات تلعب دورها لدى كلتا المجموعتين»، أي أن الجينات لا تختص بالتأثير على زيادة الإدراك لدى التلاميذ الأكثر غنى فقط.
وأضاف أن «الجينات مهمة، والوسط المحيط مهم، إلا أننا لم نجد تفاعلاً فيما بينهما». وقال الباحثون إن من الضروري فهم التفاعل بين الجينات والوسط المحيط بشكل كامل. وعلق جيريمي فريز الباحث بجامعة ستانفورد المشارك في الدراسة أن «القول إن الجينات مهمة أكثر لهذه المجموعة مقابل تلك المجموعة، أمر جذاب لأنه يبسط الأمور». وأضاف: «إننا نعتقد أن الحقيقة أكثر تعقيداً: إذ يمكن لبعض الجينات أن تكون مهمة جداً لدى الأسر الغنية بينما يمكن لجينات أخرى مختلفة أن تكون مهمة لدى الأسر الفقيرة».

كآبة العقل
وفي البحث الثالث، اكتشف باحثون صينيون في جامعة تشينغدو نسقاً محدداً يحتوي على أنماط غير طبيعية داخل المخ لدى المصابين بالكآبة، وبالقلق الاجتماعي، عند فحصهم بجهاز التصوير بالرنين المغناطيسي.
وفي تقريرهم المقدم إلى مؤتمر جمعية الأشعة لأميركا الشمالية، قال العلماء إن الكآبة تمثل حالة صحية قوية يجب العناية بها، لأن المصابين بها يفقدون اهتماماتهم التي كانوا يتمتعون بها ولا يتمكنون أحياناً من مغادرة فراشهم.
أما اضطراب القلق الاجتماعي فيظهر على شكل مخاوف شديدة يعاني منها المصاب الذي يتصور أنه مراقب وأن الآخرين يحكمون على أفعاله. وقال العلماء إن هناك أعراضاً متشابهة في كلتا الحالتين.
وقال الدكتور يوجين زهاو المشرف على الدراسة، إن الفريق العلمي ركز اهتمامه على تقييم درجة الاختلاف في المادة الرصاصية للمخ لدى المصابين، وخصوصاً درجة سماكة قشرة الدماغ وهو الغلاف الخارجي للمخ. وأظهرت مقارنة مسوحات أدمغة 37 مصاباً بالكآبة الشديدة و24 بالقلق الاجتماعي مع 41 شخصاً سليماً، وجود تغيرات غير طبيعية في المادة الرصاصية داخل الشبكات الخاصة بالانتباه التي تلعب دوراً مهماً في تركيز الانتباه الشخصي والاهتمام، وكذلك في منطقة أخرى تحفز على اهتمام الإنسان.


مقالات ذات صلة

دراسة: كوب من الحليب يومياً يقلل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء

صحتك أكواب تحتوي على مخفوق الحليب بنكهات متعددة (أ.ب)

دراسة: كوب من الحليب يومياً يقلل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء

كشفت دراسة حديثة عن أن كوباً واحداً من الحليب يومياً يقلل من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء بنحو الخُمس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.