السيسي: مياه النيل حياة أو موت... وأدعو المصريين للاطمئنان

في أول تعليق رئاسي على وقف «المباحثات الفنية» بشأن سد النهضة الإثيوبي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتحدث في منتدى «الشباب» بشرم الشيخ الأسبوع الماضي (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتحدث في منتدى «الشباب» بشرم الشيخ الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

السيسي: مياه النيل حياة أو موت... وأدعو المصريين للاطمئنان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتحدث في منتدى «الشباب» بشرم الشيخ الأسبوع الماضي (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتحدث في منتدى «الشباب» بشرم الشيخ الأسبوع الماضي (أ.ب)

جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تأكيد عدم السماح بـ«المساس بحصة مصر من مياه النيل»، ومشدداً على أنه «لا يستطيع أحد» التأثير على مصدر المياه الرئيسي بالنسبة للبلاد.
وقال السيسي، أثناء افتتاحه عدداً من مشروعات الاستزراع السمكي بمحافظة كفر الشيخ (دلتا مصر)، أمس، إن «مياه مصر موضوع مفيهوش كلام (يقصد غير قابل للنقاش)»، وأضاف مخاطبا المصريين: «أنا أطمئنكم، ونحن تكلمنا مع الأشقاء في السودان وإثيوبيا منذ البداية عن 3 عناصر منها (عدم المساس بالمياه) وكنا نقول إننا نتفهم التنمية وهي أمر مهم، ولكن في المقابل المياه تساوي بالنسبة لنا (ليس فقط تنمية) ولكن حياة أو موت لشعب».
وتعد تصريحات السيسي، هي الأولى التي تصدر عن الرئاسة المصرية، منذ إعلان القاهرة، (الاثنين الماضي) تعثر الوصول إلى «اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات، والمقدم من الشركة الاستشارية المنوط بها إنهاء الدراستين الخاصتين بآثار سد النهضة على دولتي المصب».
وتطرق السيسي إلى مسألة «الحقوق التاريخية» في المياه التي حرص على وصفها بـ«مياه مصر»، وقال: «هذه مياه خلقها الله وليس أحد آخر، وتتدفق منذ آلاف السنين، وأنا فقط أريد طمأنة المصريين».
وتقدر حصة مصر من مياه النيل بـ(55.5 مليار متر مكعب)، ودأبت القاهرة على وصفها بـ«الحقوق التاريخية»، في مقابل مخاوف من تأثر تلك النسبة ببناء سد النهضة الإثيوبي (في دولة المنبع) الذي يحتاج إلى الملء وحجز المياه واستخدامها في تحريك التوربينات المولدة للطاقة الكهربائية المستهدفة من بناء السد.
وفي وقت سابق قال المتحدث الرسمي، باسم وزارة الموارد المائية والري في مصر، الدكتور حسام الإمام، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بموجب تعثر التفاوض، بسبب رغبة السودان وإثيوبيا، وطلبهما تغيير مراجع الإسناد الخاصة بالدراسات المتعلقة بأضرار (سد النهضة) على حصة مصر من مياه النيل، فقد قرر الفريق المفاوض وقف (المباحثات الفنية) ورفع الأمر إلى المستوى الحكومي للدول الثلاث الممثلة لأطراف التفاوض».
لكن الرئيس المصري، لم يوضح ما إذا كان هناك مسار آخر قررت مصر تبنيه، بخلاف «التفاوض الفني» الذي تم إعلان تعثره، غير أنه اكتفى بتعليقه، أمس، الذي جاء استطراداً خلال فعالية افتتاح عدد من المشروعات التي تنفذها القوات المسلحة المصرية.
ووقع قادة الدول الثلاث المعنية (مصر والسودان وإثيوبيا) وثيقة عرفت باسم «اتفاق المبادئ» في الخرطوم في مارس (آذار) 2015، الذي لم ينص صراحة على إلزام «أديس أبابا» بوقف العمل في بناء السد حتى انتهاء الدراسات المحددة لأضراره.
ورغم الطمأنة الرئاسية، دعا السيسي إلى ترشيد استخدام المياه، وقال إنه «ومع مراعاة مخاوف المصريين من خطورة المساس بالمياه، فإن من يزرع محاصيل كثيفة الاستخدام للمياه مثل الأرز بأكثر من الحد المسموح به وفق خطة الدولة، يكون قد تجاوز في حق مياه ومصر مصالح شعبها».
وتقدر وزارة الموارد المائية والري، حجم استهلاك المياه في مصر سنوياً بنحو 75 مليار متر مكعب، بينما لا تتجاوز حصيلة مياه النيل والأمطار والمياه الجوفية 60 مليار متر مكعب، ويتم توفير فارق العجز من إعادة تدوير «مياه الصرف».
وواصل السيسي، دعوته لترشيد المياه بالقول: «عندما نقول سيتم زراعة كذا ألف فدان يجب أن نلتزم بذلك، ونحن كدولة نعمل على تنظيم أنفسنا، لتكون الأمور مستقرة، ولا يحدث لدينا أي إشكاليات كما حدث خلال السنوات الماضية حيث كان هناك تجاوز في كل التعليمات والقواعد التي تنظم الدولة، لأن المياه تكون متاحة لهذا المقدار وعند التجاوز نستهلك مياه أكثر وهو ما يصعب علينا الأمر... فمن أين سنحصل على تلك المياه؟».
وفي سياق آخر، تعهد السيسي بتحقيق ما وعد به المصريين إبان ترشحه لرئاسة الجمهورية، والانتهاء من المشروعات التي تم الإعلان عنها قبل 30 يونيو (حزيران) 2018.
وأعلن السيسي في وقت سابق، أنه سيتقدم بـ«كشف حساب»، في غضون الشهرين المقبلين بشأن إنجازاته خلال الفترة الرئاسية الأولى.
وفي يونيو 2014 تسلم السيسي مهام منصبه بشكل رسمي؛ ووفق الدستور القائم، تبدأ إجراءات الانتخابات الرئاسية في فبراير (شباط) 2018، على أن تجرى الانتخابات وتعلن النتائج بحد أقصى في مايو (أيار) من العام نفسه.
وقال السيسي، إنه سيتم افتتاح «20 ألف فدان من صوب الإنتاج الزراعي، طبقاً للمواصفات والمعايير العالمية، قبل 30 يونيو المقبل، بتكلفة تقدر بـ20 مليار جنيه» ومضيفاً أنه سيتم كذلك «افتتاح مزارع إنتاج حيواني لـ200 ألف رأس ماشية لتحقيق الأمن الغذائي للمصريين... وكل هذا خطوة واحدة على الطريق، وإذا كنا نريد أن نصبح دولة ذات شأن فلا بد أن نمشي ألف خطوة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».