علماء أميركيون يكتشفون «ينبوع الشباب» لدى طائفة الآميش

اختبارات رائدة على عقار مطور لوقف الشيخوخة ومرهم لعلاج الصلع

عائلة من طائفة الآميش الدينية
عائلة من طائفة الآميش الدينية
TT

علماء أميركيون يكتشفون «ينبوع الشباب» لدى طائفة الآميش

عائلة من طائفة الآميش الدينية
عائلة من طائفة الآميش الدينية

قال باحثون في جامعة نورثويسترن الأميركية إنهم اكتشفوا أول الطفرات الجينية التي تحمي من سرعة الهرم والشيخوخة، لدى عائلة كبيرة من عائلات طائفة الأميش الدينية، والآميش، طائفة دينية تجديدية نشأت في أوروبا في العصور الوسطى وهرب أفرادها إلى العالم الجديد. ويبلغ عدد الآميش حالياً زهاء 249 ألف نسمة موزعين على 22 مستوطنة في الولايات المتحدة وفي ولاية أونتاريو في كندا.
جينات الشباب
ووجد العلماء في الدراسة التي أجريت على عائلة ممتدة كبيرة من الآميش في مقاطعة بيرن بولاية أنديانا، أن هذه الطفرات تحميها من جوانب كثيرة في عملية الشيخوخة، وأن الأفراد الذين يحملون هذه التحورات الجينية يعيشون لأعمار أطول بنسبة تزيد عن 13 في المائة عن الأفراد الذين لا يحملون تلك التحورات، إذ يعمرون حتى 85 سنة بدلاً من 75 سنة.
وأكد الباحثون أنهم طوروا عقارا تجريبيا لمكافحة الشيخوخة يعتمد على نتائج أبحاثهم، أي أنه يحاكي في عمله تأثير التحورات الجينية وأنهم يختبرونه حاليا على الإنسان، إضافة إلى تطويرهم لمرهم مماثل لعلاج الصلع.
وقال العلماء في الدراسة التي نشرت في مجلة «ساينس أدفانسيز» أول من أمس، إن أفراد العائلة الكبيرة الممتدة يعيشون لأعمار أطول بنسبة 10 في المائة وأن «تيلومير» لديهم كان أطول بمثل هذه النسبة مقارنة بالعائلات الأخرى التي تفتقد إلى تلك التحورات الجينية. والتيلومير - أو القطعة النهائية - هو الغطاء الواقي الموجود في نهاية الكروموسومات، يتآكل مع الزمن، ويعتبر مؤشراً بيولوجياً على الهرم والشيخوخة.
وتقل لدى هذه العائلة الممتدة الإصابات بمرض السكري بشكل ملموس. كما وجد العلماء تدنياً في مستوى الإنسولين أثناء الصوم. وقلت لديهم أيضاً المؤشرات على شيخوخة صحة الأوعية الدموية، وهو الأمر الذي يدل على المرونة الأكبر للأوعية لدى حاملي التحورات الجينية.
كما وجدت لديها مستويات متدنية من بروتين «بي إيه أي - 1 PAI - 1» الذي تؤدي زيادته إلى تكون خثرات الدم والجلطات وكذلك تصلب الشرايين. وكثف الباحثون جهودهم لدى دراسة عائلة الآميش من ذوي التحورات الجينية، للتدقيق في الأفراد الذين يحملون جينا متحورا واحدا منتجا لبروتين «بي إيه آي 1». ووجدوا أن هؤلاء تقل لديهم مستويات الإنسولين أثناء الصوم بنسبة 30 في المائة مقارنة بمستوياتها لدى الأفراد الآخرين الحاملين لنسختين غير متحورتين من نفس الجين.
وقال الدكتور دوغلاس فوغان البروفسور في طب القلب في الجامعة، المشرف على الدراسة: «أدهشتنا النتائج بشكل هائل لوجود سلسلة متواصلة من الفوائد المتحققة عبر كل أجزاء الجسم».
عقار الفتوة
وأضاف البروفسور فوغان: «رأينا للمرة الأولى أن المؤشرات المهمة على الشيخوخة كانت منحسرة، فقد وجدنا أن مؤشرا جزيئيا للشيخوخة، وهو طول التيليمير، ومؤشراً أيضياً - أي مرتبطا بالتمثيل الغذائي - للشيخوخة، وهو مستوى الإنسولين أثناء الصوم، ومؤشراً لشيخوخة القلب والأوعية الدموية، وهو ارتفاع ضغط الدم وتصلب الأوعية الدموية، كلها موجهة بحيث أن الأفراد حاملي هذه التحورات الجينية كانوا يتمتعون بالحماية من تأثيرات الشيخوخة على أجسامهم. وهذا ما أدى إلى إطالة أعمارهم وعيشهم بنمط حياة صحية.
وتعاونت الجامعة الأميركية مع جامعة توهوكو اليابانية لتطوير عقار لمكافحة الشيخوخة يتناول بالفم، واختباره. وأطلق على العقار الرمز TM5614 وهو يمنع نشاط بروتين «بي إيه آي 1». واجتاز العقار المرحلة الأولى من التجارب في اليابان وانتقلت اختباراته إلى المرحلة الثانية.
وقال الباحثون إن الجامعة ستطلب من إدارة الغذاء والدواء الأميركية إجازة البدء بإجراء تجارب داخل الولايات المتحدة في غضون الأشهر الستة المقبلة. وسوف يقوم الباحثون أثناء هذه التجارب باختبار تأثير العقار على حساسية الجسم للإنسولين لدى المصابين بالنوع الثاني من السكري، والمصابين بالسمنة.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».