مصر تُوقف «المباحثات الفنية» مع إثيوبيا والسودان بشأن أضرار «سد النهضة»

TT

مصر تُوقف «المباحثات الفنية» مع إثيوبيا والسودان بشأن أضرار «سد النهضة»

دخل مسار «المباحثات الفنية» الثلاثية بشأن «سد النهضة» بين مصر، وإثيوبيا، والسودان منعطفاً حرجاً، بإعلان القاهرة «عدم التوصل إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات، والمقدم من الشركة الاستشارية المنوط بها إنهاء الدراستين الخاصتين بآثار سد النهضة على دولتي المصب». وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري في مصر، الدكتور حسام الإمام، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إنه «بموجب تعثر التفاوض، بسبب رغبة السودان وإثيوبيا، وطلبهما تغيير مراجع الإسناد الخاصة بالدراسات المتعلقة بأضرار (سد النهضة) على حصة مصر من مياه النيل، فقد قرر الفريق المفاوض وقف (المباحثات الفنية)، ورفع الأمر إلى المستوى الحكومي للدول الثلاث الممثلة لأطراف التفاوض».
وتخوض دولتا المصب (مصر، والسودان) ودولة المنبع (إثيوبيا)، مفاوضات انطلقت قبل 6 سنوات، في محاولة لتجنب الإضرار بحصة مصر من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، وتمكنت الدول الثلاث في سبتمبر (أيلول) عام 2016 من التوصل لاتفاق مع مكتبين فرنسيين لإجراء الدراسات الفنية اللازمة لتحديد الآثار الاجتماعية والبيئية والاقتصادية المترتبة على بناء السد الإثيوبي.
وأوضح المتحدث باسم الري أن «دور المكتب الاستشاري وفق العقود الموقعة من جانب أطراف التفاوض، يتمثل في دراسة الآثار المترتبة على بناء السد وتخزين المياه خلفه، واستهدفت جولة التفاوض الأخيرة، عرض الخبراء لـ(مراجع الإسناد) على ممثلي مصر والسودان وإثيوبيا، وبينما وافقت مصر على تلك المراجع، رفض الطرفان الآخران».
وشرح أن «مراجع الإسناد» هي تلك «القواعد الفنية والهندسية الدقيقة الحاكمة لعمل المكتب الاستشاري في إطار إعداد تقرير (الأضرار المحتملة)، وبناءً على تلك الضوابط سيتمكن من إنجاز عمله الموكل إليه». وأبدى متحدث «الري» المصرية، استغرابه من «رفض السودان وإثيوبيا لما جاء في (مراجع الإسناد) التي أعدها المكتب الفرنسي المكلف بإعداد الدراسة في مارس (آذار) الماضي، رغم أن أديس أبابا هي التي أيدت وبشدة اللجوء لهذا المكتب، ووجهت بعض الأطراف انتقادات للقاهرة لقبولها بالمكتب الذي تمسكت به إثيوبيا».
وهذه ليست المرة الأولى التي تعرب فيها مصر عن «القلق» من تعثر الوصول إلى اتفاق بشأن «التقرير الاستهلالي عن أضرار سد النهضة»، إذ قال وزير الخارجية سامح شكري، في سبتمبر الماضي، إن هناك «قلقاً مصرياً بالغاً من الجمود الذي يعتري عمل اللجنة الفنية الثلاثية نتيجة عدم حسم بعض الجوانب الخاصة بالتقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري، بما يؤدي إلى تعطيل البدء في إعداد الدراسات الخاصة بالآثار المحتملة لسد النهضة على دولتي المصب».
ويرى خبير الشؤون الأفريقية وحوض النيل بمركز الأهرام الدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب، أن إعلان «تعثر التفاوض الفني، يعتبر تأكيداً لنتيجة أساسية تتعلق بالرؤية السياسية الإثيوبية، التي تعتمد كسب مزيد من الوقت لفرض معادلة جديدة في التفاوض بحكم الأمر الواقع عن طريق إتمام دعائم سد النهضة والبدء في تخزين المياه، دون حسم التقرير الذي يجب مراعاته فيما يتعلق بالأضرار الناجمة عن السد». وأكد عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، أن «الموقف السوداني بات أقرب لإثيوبيا في التفاوض»، مشيراً إلى ضرورة انتباه القاهرة إلى أن «المدى الزمني المتاح المرتبط باكتمال بناء السد والدخول في مرحلة الملء بالمياه، يدور بين 3 و4 أشهر، وسنكون حينها أمام موقف شديد الخطورة، يستوجب البحث عن مخرج حاسم للأزمة».
وبشأن السيناريوهات المستقبلية المتوقعة لمسار التفاوض، أوضح عبد الوهاب أن «كل الأفكار ستكون مطروحة من قبل مصر، بما فيها مخاطبة المؤسسات المعنية بقضايا النزاع المائي، والأمم المتحدة، وأصحاب الاستثمارات في منطقة سد النهضة، باعتبار أن تعنت أديس أبابا يمثل خطورة على التوافق على بناء سد النهضة من وجهة النظر المصرية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.