معلم و معلومة: «المنزل الأحمر»... بيت أحد أعظم المصممين البريطانيين

TT
20

معلم و معلومة: «المنزل الأحمر»... بيت أحد أعظم المصممين البريطانيين

كان ويليام موريس أحد المصممين الأوائل للأثاث والتجهيزات الداخلية في القرن التاسع عشر. واستمرت الشركة التي أسسها حتى عام 1940، ولا يزال المنزل الذي شيده لنفسه وزوجته عام 1860 موجوداً على بُعد 10 أميال تقريباً جنوب شرقي وسط لندن. وتمثل زيارة المنزل تجربة انتقال من القرن الحادي والعشرين إلى قلب وعقل أحد أكثر المصممين الفنيين موهبة في القرن التاسع عشر.
وُلد ويليام موريس في عام 1834، وكان الابن الأكبر لسمسار أوراق مالية ثري. عاشت الأسرة في منزل كبير في منطقة والتهامستو، التي تقع الآن على أطراف شمال شرقي لندن.
التحق موريس بجامعة أكسفورد، وكوَّن صداقات مع زميله إدوارد بيرن - جونز. وكانت المباني القديمة في أكسفورد والتجول في كاتدرائيات العصور الوسطى في فرنسا في عام 1855 بمثابة الإلهام لموريس وبيرن - جونز، فقررا تكريس حياتهما للفن. بدأ موريس مشواره بالتدريب كمهندس معماري، لكن بعد بضعة أشهر، تخلى عن الهندسة المعمارية في سبيل الرسم، فعمل مع بيرن - جونز في لجنة كبرى لتزيين غرفة الاجتماعات للمبنى المسمى بـ«اتحاد أكسفورد». وفي أثناء عمله كفنان، اكتشف أن موهبته الحقيقية كانت عمله كمصمم، لا سيما في التأثيث وجميع أشكال التصميم الداخلي.
في عام 1859، تزوج من جين بوردن، التي كانت تعمل عارضة أزياء مع أحد أصدقائه الفنيين.
قرر موريس تشييد منزل ريفي، على مسافة معقولة ووسط لندن. وبعد شراء قطعة أرض فيما كانت وقتئذٍ قرية أُبتون بمقاطعة كِنت، طلب المساعدة من صديقه فيليب ويب في تصميم وتشييد المنزل، ومول المشروع من المال الذي ورثه عن أسرته الثرية. كان يحلم بأن يصبح المنزل «قصراً من الفن»؛ قصر حيث يمكن لأصدقائه الموهوبين تزيين جدرانه بقصص أساطير العصور الوسطى. اكتمل تشييد المنزل في عام 1860، لكن أسرته عاشت هناك فقط حتى عام 1865، تاركة لمحات رؤيته العذبة للزوار من أجل استكشافه.
أصبح «المنزل الأحمر» مركزاً لدائرة موريس الفنية، مع امتداد زيارة أصدقائه للمنزل لأسابيع في بعض الأحيان. وكثيراً ما كان موريس يحثهم على رسم الجدران والسقوف، فقد أراد موريس أن يبدو المنزل كصندوق جوهرة، وكتب عنه الفنان دانتي غابرييل روزيتي أنه أشبه بـ«قصيدة أكثر من كونه منزلاً».
في كل مساء، كان أصدقاء موريس يحتفلون في غرفة الطعام الكبرى بتتويجه كملك من العصور الوسطى على كرسيه القوطي المُلَوَّن. وكانت تتعالى أصوات الضحك، وألعاب الاختباء والبحث، وممازحة موريس بشأن وزنه المتزايد، والمعلقات المزخرفة المخيطة، وموسيقى البيانو.
وقد عزز عجز موريس عن العثور على أثاث ولوازم منزلية تناسب ذوقه إصراره على عدم امتلاك أي شيء في المنزل «لا تثق أنه مفيد أو تعتقد أنه رائع». ونتيجة لذلك، أنشأ موريس وعدد من أصدقائه شركة تصميم خاصة بهم للأثاث وتصميم الجدران. أصبحت الشركة معروفة باسم «موريس آند كومباني»، وأنتجت زخارف جدارية، وزجاج ملون، وأعمال معدنية، وأثاث، وأدوات معدنية وزجاجية، ومعلقات حائطية قماش وورقية، ومطرزات، وجواهر، وسجاد منسوج ومغزول، ومنسوجات.
باع موريس المنزل في عام 1866 ومر بأربعة تغييرات أخرى من حيث الملكية الخاصة؛ كان آخر مالكين تيد ودوريس هولامبي، وهما اللذان عاشا واعتنيا بالمنزل لأكثر من 50 عاماً. وفي عام 2004، انتقلت ملكية المنزل إلى مؤسسة التراث الوطني، وهي هيئة خيرية تعتني بمجموعة من الممتلكات التاريخية المهمة في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وعلى الرغم من أن الكثير من التجهيزات الداخلية والأثاث الأصلية أُزيلت عندما باع ويليام موريس المنزل، لا تزال هناك أشياء كثيرة مثيرة للاهتمام، وأفكار مثيرة متعلقة بمظهره الأصلي، فهناك ثلاث لوحات جدارية من قِبل صديقه ويليام بيرن - جونز، وبعض الأثاث «المدمج» الأصلي المهم من قِبل المهندس المعماري فيليب ويب، والزجاج الملون من قِبل ويب وموريس وبيرن - جونز، والزخارف السقفية من قِبل ويليام موريس وأصدقائه.
حافظ ويليام موريس على صداقات رائعة مع المعماري فيليب ويب. فكانا مهتمين بالنهج «المتشدد» الفيكتوري في الاعتناء بكثير من المباني التاريخية المهمة في المملكة المتحدة. كان الفيكتوريون حريصين بشكل كبير على إعادة بناء المباني التاريخية، بدلاً عن الترميم الدقيق لها. وقد أنشأ ويليام موريس وفيليب ويب جمعية حماية المباني القديمة في عام 1879 للدعوة إلى اعتماد نهج أكثر إعمالا للفكر في ترميم المباني التاريخية، وتواصل الجمعية الازدهار حتى الآن، بإسداء المشورة التي أثبت الزمن صحتها حول كيفية صيانة وترميم المباني التاريخية، وتوفير تدريب عملي للحرفيين.
ويُقال إن ويليام موريس كان «شديد الحب للعمل». وتمثل أحد أسباب انتقاله من «المنزل الأحمر» في رغبته في العيش مرة أخرى في وسط لندن، بالقرب من استوديوهات التصميم الخاصة به. وازدهر عمله واستمر في التداول حتى عام 1940. ولا تزال بعض تصاميم النمط الجداري تُنتج الآن بموجب ترخيص من قِبل شركة «ساندرسون آند كومباني». تُوفي ويليام موريس في عام 1896 بمرض السل. كان لويليام موريس ابنتان، واصلت إحداهما إدارة الأعمال بعد وفاته.


مقالات ذات صلة

خاص عقارات سكنية وتجارية في العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

خاص عقارات الرياض تشهد ركوداً ترقباً لمفاعيل إجراءات الحد من ارتفاع الأسعار

تعيش السوق العقارية في السعودية راهناً حالة من الترقب فرضتها قرارات غير مسبوقة تهدف إلى زيادة حجم المعروض، وإعادة التوازن إليها من أجل معالجة ارتفاع الأسعار.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد الحقيل: نعمل لضخ 70 ألف وحدة سكنية جديدة بالرياض بأسعار تبدأ من 66 ألف دولار

الحقيل: نعمل لضخ 70 ألف وحدة سكنية جديدة بالرياض بأسعار تبدأ من 66 ألف دولار

تعزز السعودية تملك المواطنين المساكن بدعم من القيادة، وتحقق إنجازات مبكرة في «رؤية 2030»، وتعمل لضخ 60 - 70 ألف وحدة سكنية جديدة في الرياض بـ66 مألف دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية كثير من سكان إسطنبول يمضون ليلتهم في العراء خوفاً من العودة إلى منازلهم (أ.ب)

كابوس زلزال الـ13 ثانية يخيم «نفسياً» على سكان إسطنبول وقلق من المقبل

لا يزال آلاف من سكان إسطنبول يعيشون حالة الرعب من كابوس الـ13 ثانية للزلزال القوي الذي ضرب المدينة الكبرى بالبلاد، وبلغت شدته 6.2 على مقياس ريختر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مستثمران في السوق المالية السعودية يراقبان شاشة التداول (أ.ف.ب)

ارتفاع أسواق الخليج بنهاية التداولات بعد تهدئة التوترات في أميركا وصعود الأسهم الآسيوية

صعدت أسواق الأسهم الخليجية في ختام تداولات الأربعاء بدعم من تصريحات ترمب بشأن باول والتجارة مع الصين، مع ارتفاع ملحوظ لأسهم البنوك والعقارات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أكثر 5 مدن ديناميكية حول العالم

جلسات خارجية في ساحات باريس الجميلة (أ.ف.ب)
جلسات خارجية في ساحات باريس الجميلة (أ.ف.ب)
TT
20

أكثر 5 مدن ديناميكية حول العالم

جلسات خارجية في ساحات باريس الجميلة (أ.ف.ب)
جلسات خارجية في ساحات باريس الجميلة (أ.ف.ب)

في عالم دائم التغير، قد يكون من الصعب تحديد المدن الناشئة والمهيئة للنجاح، وتلك التي قد يطويها النسيان قريباً. وعند اختيار مكان للعيش، أو بناء أسرة، أو الحصول على التعليم، أو بدء مشروع تجاري، من المهم فهم طبيعة أداء مدينة معينة، مقارنةً بنظيراتها على الصعيدين الوطني والعالمي.

تعدّ طوكيو من بين المدن دائمة الحركة (أ.ب)
تعدّ طوكيو من بين المدن دائمة الحركة (أ.ب)

وينبغي الانتباه إلى أن بعض أشهر المدن الكبرى في العالم، مثل نيويورك وبكين وملبورن، تعاني من أوجه قصور واضحة، رغم مكانتها الدولية وأهميتها الاقتصادية.

في هذا الصدد، صرّح البروفسور باسكوال بيروني، والبروفسور جوان إنريك ريكارت، في بيان: «سيعتمد مستقبل المدن ليس على حجمها أو ثروتها فقط، وإنما كذلك على قدرتها على الابتكار، وتوقع التحديات الناشئة، والاستجابة لها بمرونة. ويكمن مفتاح التقدم الحضري في الجمع بين الرؤية الاستراتيجية والمرونة التشغيلية».

تمثال الحرية من بين أكثر المعالم السياحية زيارة في نيويورك (أ.ف.ب)
تمثال الحرية من بين أكثر المعالم السياحية زيارة في نيويورك (أ.ف.ب)

جدير بالذكر أن بيروني وريكارت هما من توليا مسؤولية وضع «مؤشر المدن المتطورة» لعام 2025 (IESE). ويصنف المؤشر 183 مدينة كبرى على مستوى العالم، بحسب أدائها في 9 مجالات: التكنولوجيا، رأس المال البشري، التماسك الاجتماعي، الاقتصاد، الحكومة، البيئة، التنقل والنقل، التخطيط الحضري، المكانة الدولية.

بوابة براندنبيرغ في برلين (د.ب.أ)
بوابة براندنبيرغ في برلين (د.ب.أ)

ومن أبرز النتائج التي كشفت عنها الدراسة، الأداء المتناقض نوعاً ما للمدن الأميركية، فقد صُنّفت نيويورك وسان فرانسيسكو وشيكاغو وبوسطن وواشنطن العاصمة ضمن أفضل 20 مدينة ديناميكية في العالم.

ورغم التصنيفات القوية، عانت جميع المدن الأميركية تقريباً من انخفاض مستويات التماسك الاجتماعي. وقد حدّد الباحثون التصنيفات في هذه الفئة بناءً على مقاييس؛ مثل الشمولية، ورفاهية المجتمع، ورعاية المسنين، وجودة الرعاية الصحية، والمساواة في الوصول إلى بيئات آمنة.

برلين معروفة بوتيرتها السريعة (د.ب.أ)
برلين معروفة بوتيرتها السريعة (د.ب.أ)

ونبّه بيروني في التقرير إلى أنه في مواجهة الصراعات العالمية، تقع على عاتق المدن مسؤولية فريدة، تتمثل في تجاوز الدبلوماسية التقليدية وتعزيز السلام والاستقرار عبر التضامن والدعم الفعال للمجتمعات المتضررة. وتطرق كذلك إلى مسؤوليات القادة في ضمان مستويات عالية من التماسك الاجتماعي.

مبنى كاتدرائية القلب المقدس الشهيرة في باريس (رويترز)
مبنى كاتدرائية القلب المقدس الشهيرة في باريس (رويترز)

إليك لائحة أكثر 5 مدن ديناميكية في العالم بحسب التقرير المذكور...

5. برلين، ألمانيا

4. طوكيو، اليابان

3. باريس، فرنسا

2. نيويورك، الولايات المتحدة الأميركية

1. لندن، المملكة المتحدة

خدمة «تريبيون ميديا»