كابوس زلزال الـ13 ثانية يخيم «نفسياً» على سكان إسطنبول وقلق من المقبل

266 هزة ارتدادية... وآلاف فضلوا البقاء خارج منازلهم على مدى يومين

كثير من سكان إسطنبول يمضون ليلتهم في العراء خوفاً من العودة إلى منازلهم (أ.ب)
كثير من سكان إسطنبول يمضون ليلتهم في العراء خوفاً من العودة إلى منازلهم (أ.ب)
TT

كابوس زلزال الـ13 ثانية يخيم «نفسياً» على سكان إسطنبول وقلق من المقبل

كثير من سكان إسطنبول يمضون ليلتهم في العراء خوفاً من العودة إلى منازلهم (أ.ب)
كثير من سكان إسطنبول يمضون ليلتهم في العراء خوفاً من العودة إلى منازلهم (أ.ب)

لا يزال آلاف من سكان إسطنبول يعيشون حالة الرعب من كابوس الـ13 ثانية للزلزال القوي الذي ضرب المدينة الكبرى في البلاد، وبلغت شدته 6.2 على مقياس ريختر. واختار آلاف الناس قضاء الليل بالحدائق العامة أو أماكن خصصتها السلطات لاستيعاب من لا يرغبون في العودة إلى منازلهم التي فروا منها بعد الزلزال الذي ضرب إسطنبول، الأربعاء. وفضَّل من يخشون انهيار منازلهم، بسبب قِدَمها، أو من يعيشون الهلع النفسي والذكريات الأليمة للزلازل السابقة في تركيا الاستمرار بالشوارع والحدائق، الخميس، لليوم الثاني، متمسكين بفكرة الانتظار لمدة 48 ساعة بعد وقوع الزلزال.

خسائر طفيفة وتحذيرات

قال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، إنه تمت تلبية طلبات المأوى لـ101 ألف مواطن في إسطنبول، 51 ألفاً منهم في المساجد، و50 ألفاً في المدارس والمهاجع والمرافق الاجتماعية.

وزراء الداخلية والبيئة والصحة الأتراك خلال مؤتمر صحافي حول زلزال إسطنبول (الداخلية التركية - إكس)

وأضاف يرلي كايا، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيري البيئة والتحضر وتغير المناخ مراد كوروم، والصحة كمال ميميش أوغلو عقب اجتماع للتقييم في مركز الأزمات بمديرية الكوارث والطوارئ (آفاد) في إسطنبول، أن 266 هزة ارتدادية وقعت بعد زلزال إسطنبول الذي بلغت قوته 6.2 درجة، والذي شعر به سكان إسطنبول بشكل أساسي، بالإضافة إلى ولايات تكيرداغ ويالوفا وبورصة وسكاريا وباليكسير.

ولفت إلى أن أكبر هذه الهزات بلعت شدتها 5.9 درجة، وأن عدد الهزات الارتدادية التي بلغت شدتها 4 درجات فما فوق، بلغ 9 هزات، مضيفاً أن مركز الطوارئ (112) تلقى 16 ألفاً و712 مكالمة، منها 995 طلباً للمساعدة الطارئة المتعلقة بالزلزال، وبحسب المسوحات الميدانية والتقارير التي تلقاها المركز، لم تكن هناك خسائر في الأرواح أو إصابات بين المواطنين بسبب الزلزال.

بعض العائلات فضلت البقاء في الحدائق العامة خوفاً من الذهاب إلى المنازل بعد زلزال إسطنبول (أ.ب)

وطالب المواطنين بعدم دخول المباني التي تعد خطرة، والإبلاغ عن المنازل التي تظهر بها أي تصدعات، وعدم التخلي عن الاحتياطات ضد الهزات الارتدادية المحتملة، والاعتماد على تصريحات المؤسسات الرسمية وليس ما ينتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من القنوات.

وبدوره، قال وزير البيئة والتحضر والتغير المناخي، مراد كوروم، إن وزارته تلقت إخطارات بشأن 1399 مبنى، معظمها في إسطنبول، وتجري الفرق فحوصاً سريعة لها.

وأضاف: «حتى الآن، تضررت 7 مبانٍ بشكل طفيف، وباستثناء ذلك، لا توجد أي أضرار أخرى، سواء كانت متوسطة أو شديدة، وانهار مبنى مهجور في حي الفاتح، وتم الانتهاء من أعمال إزالة أنقاضه»، مشيراً إلى استمرار العمل الميداني في 963 حياً في 39 منطقة بإسطنبول».

وذكر كوروم أنه تم الانتهاء من مسح مساكن طلاب الجامعات بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة، ولم يتم رصد أي أضرار، كما يجري مسح جميع المستشفيات بالتعاون مع وزارة الصحة، وتتم مشاركة النتائج بشفافية مع الجمهور.

واقع زلزالي

ولفت كوروم إلى أن زلزال الأربعاء أثبت مجدداً أن أكبر حقيقة في تركيا، خصوصاً في إسطنبول، هي الزلازل، وأن 66 في المائة من مساحة البلاد و70 في المائة من سكانها موجودون في مناطق زلزالية.

وقال وزير الصحة، كمال ميميش أوغلو، إن هناك 60 مصاباً يتلقون العلاج حالياً في قسم الطوارئ، 55 منهم في إسطنبول، والباقي في سكاريا ويالوفا، وتكيرداغ، وقد أصيبوا جراء القفز من المنازل وقت الزلزال، وجميعهم بحالة جيدة». وحث ميميش أوغلو المواطنين على التصرف بوعي في فترة وقوع الزلزال.

بعض سكان إسطنبول يفضلون الاستمرار في الحدائق لليوم الثاني على التوالي خوفاً من تكرار الزلزال (أ.ب)

وعولج 236 شخصاً على الأقل من الإصابات التي تعرضوا لها أثناء محاولتهم القفز من المباني، أو بسبب نوبات الذعر، ومعظمهم في إسطنبول؛ حيث يعاني السكان من توتر شديد؛ نظراً لأن المدينة تعد معرَّضة لخطر كبير بحدوث زلزال كبير، يجري التحذير منه منذ أكثر عقد كامل. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أكد عقب اجتماع في مركز الطوارئ في إسطنبول، ليل الأربعاء - الخميس، أنه لا يوجد ما يقلق بشأن زلزال إسطنبول، لافتاً إلى أن عمليات المسح لم تُظهر أي وضع مقلق في المدن التي شعرت بالزلزال، ولا وجود لأي خسائر في الأرواح.

إردوغان خلال اجتماع لتقييم زلزال إسطنبول ليل الأربعاء (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان عقب الاجتماع الذي حضره وزراء الداخلية والبيئة والصحة والرياضة ومسؤولون من «آفاد» وولاية إسطنبول: «فليطمئن مواطنونا، نحن كدولة سنظل على أهبة الاستعداد على مدار الساعة طوال الأسبوع بكامل وحداتنا». وفي الوقت نفسه، عَدَّ خبير الزلازل الهولندي المشهور، فرانك هوغربيتس، الهزات الارتدادية لزلزال إسطنبول مقدمة لحدث أكبر، وقال عبر حسابه في «إكس»: «من المحتمل حدوث هزات ارتدادية، وربما تكون أيضاً بمثابة مقدمة لحدث أكبر، كن على أهبة الاستعداد تحسباً لأي طارئ».

وفجَّر زلزال إسطنبول تساؤلات حول وضع سوق العقارات في المدينة التي يقطنها 16 مليون شخص، وتشير بيانات هيئة التنظيم والرقابة المصرفية إلى أن رصيد قروض الإسكان في تركيا بلغ 551.7 مليار ليرة حتى منتصف أبريل (نيسان) الحالي، بزيادة بلغت 24.25 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وهي أعلى زيادة تُسجَّل على الإطلاق. ورغم أن بعض الانخفاضات الطفيفة في معدلات الفائدة أسهمت في تنشيط مبيعات المنازل بالقروض، فإنّ التضخم البالغ 39.1 في المائة جعل من قيمة هذه القروض أقلّ فاعلية، حيث لا يعوض هذا النمو في القروض التآكل في القوة الشرائية للمواطن

سجال سياسي

لم يغب السجال وحالة الاستقطاب السياسي في تركيا والتوتر الذي أعقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، عن مواجهة كابوس زلزال الـ13 ثانية، وفي تصريح حول الزلزال، استهدف رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي الشريك الأساسي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، إمام أوغلو، بشكل ضمني، قائلاً: «للأسف، فإن السنوات الأخيرة من حياة إسطنبول كانت ضائعة، إن من أهمل واجباته بوصفه رئيساً لبلدية المدينة مع الجدل السياسي اليومي وهدف الثروة والربح، سلَّم إسطنبول عمداً إلى دوامة المخاطر والتهديد والخط، لدينا الوقت، لكنه يتناقص يوماً بعد يوم. يجب أن يتم تحقيق التحول الحضري بسرعة. إن الوعي العام بشأن الاستعداد للزلازل له قيمة تاريخية». وأضاف: «هناك حاجة ماسَّة إلى التحرك بروح التعبئة للدفاع عن إسطنبول والحفاظ عليها. ومن الممكن التغلب على الكوارث المحتملة من خلال التضامن بين الدولة والأمة، وعلاوة على ذلك، من خلال تسليم إسطنبول إلى أيادٍ كفؤة ومستحقة، ويجب أن تكون الزلازل الآن البند الأول على جدول أعمال إسطنبول».

وبدوره، لفت إمام أوغلو، عبر حسابه في «إكس» الانتباه إلى الخسائر المالية التي نتجت عن اعتقاله في 19 مارس (آذار) الماضي واحتجازه في إطار تحقيقات فساد في بلدية إسطنبول، قائلاً: «إن التحقيقات أدت إلى خسائر اقتصادية كبيرة، وإن الضربة التي تعرضت لها إرادة الشعب صباح يوم 19 مارس كلفت الاقتصاد تريليونات الليرات».

وأضاف: «كان يمكن بهذه الميزانية الضخمة، تجديد ما يقرب من مليون مبنى، أو إنتاج الكمية نفسها على الأقل من المساكن الآمنة، لكن للأسف، فإن التقلبات التي حدثت نتيجة المؤامرة السياسية سوف تتوغل مع مرور الوقت في أسس الاقتصاد، وسوف يتباطأ النمو، وسوف يظل التضخم مرتفعاً، وستصبح الظروف المعيشية للأشخاص الذين يكافحون من أجل تلبية احتياجاتهم أكثر صعوبة».


مقالات ذات صلة

شعر به سكان مصر.... زلزال بقوة 6.1 درجة قبالة جزيرة كريت

أوروبا زلزال يضرب كريت (أرشيفية - رويترز)

شعر به سكان مصر.... زلزال بقوة 6.1 درجة قبالة جزيرة كريت

ضرب زلزال بقوة 6.1 درجة قبالة جزيرتَي كريت وسانتوريني اليونانيتين، الخميس، ما تسبب في هزات أرضية شعر بها سكان تركيا ومصر.

«الشرق الأوسط» (أثينا )
يوميات الشرق علماء استبعدوا تأثيرات تسونامي على سواحل شمال أفريقيا (تصوير: عبد الفتاح فرج)

هل تعود موجات «تسونامي» إلى سواحل شمال أفريقيا؟

أثار زلزال بقوة 6.1 درجة على مقياس ريختر ضرب سواحل اليونان، فجر الأربعاء، جنوب بحر إيجه، مخاوف من احتمال وقوع تسونامي في منطقة البحر المتوسط.

محمد السيد علي (القاهرة )
شمال افريقيا تسببت الهزة الأرضية التي شعرت بها بعض المناطق بمصر صباح الأربعاء في استعادة كارثة زلزال 1992 (أرشيفية - رويترز)

هل يجب أن تتحسب مصر من الزلازل؟

تسببت الهزة الأرضية التي شعر بها الناس في بعض المناطق بمصر، خلال الساعات الأولى من صباح الأربعاء، في تجدد المخاوف والجدل حول مخاطر الزلازل مستقبلاً.

هشام المياني (القاهرة)
العالم زلزال يضرب المتوسط (أرشيفية- رويترز)

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب اليونان وارتداداته تصل إلى مصر ولبنان والأردن

ضرب زلزال بقوة 6.1 درجة سواحل اليونان فجر الأربعاء، جنوب بحر إيجه، وفق ما أعلن معهد الزلازل الأميركي. وقد شعر به سكان في أماكن بعيدة مثل القاهرة.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
آسيا تحذير من حدوث تسونامي بعد الزلزال (أرشيفية - رويترز)

زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب جنوب غربي الصين

ضرب زلزال قوي بلغت شدته 5.6 درجات على مقياس ريختر، صباح اليوم (الاثنين)، مقاطعة لازي في مدينة شيجاز في منطقة زيزانج ذاتية الحكم بجنوب غربي الصين.

«الشرق الأوسط» (لاهاسا)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن

جماعة الحوثي قالت إنها استهدفت مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي (أرشيفية - رويترز)
جماعة الحوثي قالت إنها استهدفت مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن

جماعة الحوثي قالت إنها استهدفت مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي (أرشيفية - رويترز)
جماعة الحوثي قالت إنها استهدفت مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي (أرشيفية - رويترز)

دوت صافرات الإنذار في القدس، اليوم (الخميس)، حيث أفاد صحافيون في «وكالة الصحافة الفرنسية» بسماع دوي انفجارات قوية فيما أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن. وقال الجيش في بيان: «بعد دوي صافرات الإنذار منذ قليل في عدة مناطق في إسرائيل، تم اعتراض صاروخ أطلق من اليمن».

وقالت جماعة الحوثي اليمنية، اليوم، إنها استهدفت مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي.

وذكر المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، في بيان، أن الجماعة أطلقت أيضاً طائرتين مسيرتين على ما وصفهما بأنهما «هدفان حيويان» إسرائيليان في يافا وحيفا.