بغداد: البرلمان يصوت ضد الإدارة المشتركة للمناطق المتنازع عليها

9 نواب كرد معرضون للمحاسبة بتهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام

TT

بغداد: البرلمان يصوت ضد الإدارة المشتركة للمناطق المتنازع عليها

كشف عضو كردي بمجلس النواب العراقي أن «اللجنة القانونية في المجلس شكلت لجنة تحقيق رسمية لمساءلة عدد من النواب الكرد الذين شاركوا في الاستفتاء الذي جرى الشهر الماضي، وهناك توجه لإحالتهم إلى القضاء بتهمة الحنث باليمين والدعوة للانفصال، وفقاً لقانون العقوبات العراقي»، مضيفاً أن «اللجنة قلصت عدد المتهمين بالقضية من 14 نائباً إلى 9 أعضاء فقط، وهم ينتمون إلى كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، بينهم رئيس كتلة الحزب بالمجلس النيابي، وعدد آخر من نواب الاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الإسلامي، وليس بينهم أي نائب من كتلة التغيير أو الجماعة الإسلامية».
وقال كاوة محمد، من كتلة التغيير النيابية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «برأيي، إن هؤلاء النواب المحالين على التحقيق يتحملون جزءاً من المسؤولية، وليس كلها، ويجب أن تكون الإجراءات موجهة تحديداً إلى القيادات السياسية التي أصدرت قرار الاستفتاء وأصرت عليه، وخصوصاً رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للاستفتاء الذي تشكل لهذا الغرض».
جدير بالذكر أن رئيس كتلة الاتحاد الإسلامي في مجلس النواب العراقي سبق أن أشار في تصريحات إلى أن البرلمان العراقي بصدد إحالة عدد من النواب الكرد الذين صوتوا بالاستفتاء إلى المحاكمة، وفق المادة 156 من قانون العقوبات العراقي التي تنص على أنه «يعاقب بالإعدام من ارتكب عمداً فعلاً بقصد المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها، وكان الفعل من شأنه أن يؤدي إلى ذلك».
وحول القرارات التي صدرت عن مجلس النواب العراقي، أمس، قال محمد: «صدرت 3 قرارات: الأول هو تمديد الدورة البرلمانية لكي يتمكن المجلس من استكمال مناقشة وتشريع القوانين المعروضة عليه، والثاني تجريم رفع العلم الإسرائيلي، والثالث هو منع وجود أية قوات أمنية خارج السلطات الاتحادية في محافظة كركوك». وبسؤاله عما إذا كان القرار ينص على ملاحقة الأطراف أو الأشخاص الذين رفعوا العلم الإسرائيلي في المظاهرات الأخيرة لدعم الاستفتاء التي نظمت أثناء الحملة الدعائية، قال النائب الكردي: «أعتقد أن القرار ليس له أثر رجعي، بل إنه شرع لتحريم هذا الأمر في المستقبل».
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت إدارة الملف الأمني في محافظة كركوك ستنحصر فقط بالقوات الاتحادية أو ستكون بإدارة مشتركة، قال النائب: «حسب القرار، فإن إدارة الملف الأمني ستكون محصورة بالقوات الاتحادية فقط، ولا يسمح لأي حزب كردي أو غيره أن يدير أية مؤسسة أو جهاز أمني في كركوك. ومع ذلك، فمن الممكن أن تبحث مسألة الإدارة المشتركة للملف الأمني في المفاوضات المقبلة بين الحكومة الاتحادية والوفد الكردي. وباعتقادي، فإن الأمر لن ينجح دون إشراك بقية الأطراف والمكونات في إدارة هذا الملف، خصوصاً أن الوضع الحالي في المناطق المتنازع عليها لا يتحمل مشكلات أمنية، وتحديداً بعد أن تم تحرير معظمها من تهديدات القوى الإرهابية وجماعات (داعش)، وليست هناك أية حاجة لانفراد جهة ما بالإدارة المقبلة، علماً بأن الحكومة الاتحادية وكذلك الإدارة الأميركية أكدتا على أهمية إدارة المناطق المتنازعة بصورة مشتركة».
بدورها، ترى رئيسة كتلة «التغيير» في البرلمان العراقي، سروة عبد الواحد، أنه إذا «كان القصد من القرار سحب قوات الحشد الشعبي، أو القوات التابعة لأحزاب سياسية (من كركوك)، فهو أمر طبيعي، فإدارة المناطق المتنازع عليها يجب أن توضع فيها قوات متفق عليها، سواء كانت قوات مشتركة أو اتحادية»، وأضافت أن «بعض قوات البيشمركة الكردية مشمولة بتوصيف القوات الاتحادية، لأنها ضمن منظومة الدفاع العراقية بحسب الدستور، وبالتالي ينطبق عليها توصيف القوات الاتحادية». وأشار إلى أن بعض الكتل الكردستانية حضرت جلسة مجلس النواب «لكنها لم تصوت على مشروع القرار».
وفي قرار آخر له صلة بملف الخلاف مع إقليم كردستان، صوت مجلس النواب على قرار تقدمت به كتلة «المواطن»، التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى، يقضي بـ«إلزام السلطات المختصة بتفعيل نصوص التشريعات النافذة بتجريم من يروح لمبادئ الصهيونية في الأوساط العراقية، ومنها رفع علم الكيان الصهيوني في التجمعات الجماهيرية»، في إشارة على ما يبدو إلى رفع بعض الشباب الكرد علم إسرائيل أثناء تجمع جماهيري قبل إجراء الاستفتاء في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.